بسم الله الرحمن الرحيم
صحيفة
العماد
الاستراتيجة
دينية * سياسية * مستقلة
22-
æËÇÆÞíÉ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا
بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ
يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن
كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي
وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ
بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ
سَوَاء السَّبِيلِ
الصفحة
الرئيسية
الاسلام السياسي
جرائم
الحكام العرب
استراتيجيات محو الاسلام
الصهيونية
والماسونية
عبدة الشيطان
الصليبية
الحرب الصليبية الحديثة الحرب الصليبية
الصلدة
الحرب
الصليبية الذكية
الحرب الصليبية الناعمة
سلب
الاطفال في أوروبا حرب الجنس
العدو الاسرائيلي
السيسي القاتل
اللعين
شهداء الأعتقالات
قانون
ولاعدالة بالغرب
محاربة الاسلام في الصين
محاربة
الاسلام في الهند
محاربة الاسلام في ميانمار
المؤامرة السنية الشيعية
التصوف الاستراتيجي
صراع
الاديان
حكمة وموعظة
وثائقية
المصور
أرشيف
بسم الله الرحمن
الرحيم
عقوبات على اشخاص وكيانات امريكية
لدعمها وتمويلها لاعمال ارهابية
طهران/ 2 مايو 2024 /ارنا – اعلنت وزارة خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية انه
تم وضع عقوبات على بعض الاشخاص والكيانات الامريكية ذات الصلة بالاجراءات الارهابية
والانتهاك الصارخ لحقوق الانسان عن طريق دعم الممارسات الوحشية للكيان الصهيوني ضد
الفلسطينيين لا سيما اهالي غزة.
وفي اطار تطبيق قانون "مواجهة انتهاك حقوق الانسان والمغامرات والاجراءات
الارهابية للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة" لا سيما استنادا الى
المادتين 4 و 5 من هذا القانون، فقد وضعت وزارة خارجية الجمهورية الاسلامية
الايرانية عقوبات على اشخاص وكيانات امريكية على خلفية دعمها وتمويلها للكيان
الصهيوني في ارتكابه الاعمال الارهابية والترويج للارهاب والانتهاك السافر
لحقوق الانسان في الحرب على الفلسطينيين لا سيما اهالي غزة.
وشملت العقوبات كلا من الشخصيات الاعتبارية التالية:
1. شرکة لوکهید مارتین (The Lockheed Martin Corporation) للاسلحة.
2. شرکة جنرال داینامیک (General Dynamics Corporation).
3.شرکة اسکایدیو (Skydio) .
4.شرکة شورون (Chevron Corporation).
5.شرکة خارون (Kharon Company) الاستخباراتية.
كما شملت العقوبات الشخصيات الطبيعية التالية:
1.جیسون غرینبلات (Jason Greenblatt): كبير مستشاري دونالد ترامپ الرئیس
الامريكي السابق.
2. مایکل روبین (Michael Rubin).
3.جیسون برادسکی :(Jason Brodsky).
4. کلیفورد می (Clifford D. May).
5.الجنرال برایان فنتون (Bryan P. Fenton).
6. براد کوبر(Brad Cooper).
7.غريغوري هایز (Gregory J. Hayes).
وعقوبات على اشخاص وكيانات
بريطانية لدعمها وتمويلها لاعمال ارهابية
طهران / 3 مايو 2024 /ارنا- اصدرت وزارة الخارجية الإيرانية، بيانا
اعلنت فيه فرض العقوبات على 8 أفراد و5 كيانات بريطانية بسبب اجراءاتها المتعمدة في
دعم وتسهيل ممارسات الكيان الصهيوني في ارتكاب أعمال إرهابية وانتهاك حقوق الإنسان
وشن الحرب واستخدام الأسلحة الثقيلة والاسلحة المحظورة ضد المدنيين، وفرض الحصار
البشري، وتشريد الشعب الفلسطيني.
وجاء في هذا البيان: في إطار تنفيذ قانون "مكافحة الأعمال العدائية التي يقوم
بها الكيان الصهيوني ضد السلام والأمن" الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي (عام
2020) ، قامت وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية الايرانية، وفقا لقرارات
السلطات المختصة، في إطار القواعد القانونية وآليات العقوبات ذات الصلة،
وكإجراء متبادل، بفرض عقوبات على عدد من الكيانات والأفراد البريطانيين بسبب
اجراءاتهم المتعمدة في دعم وتسهيل ممارسات الكيان الصهيوني، بما في ذلك ارتكاب
أعمال إرهابية ضد السلام والأمن الإقليميين والدوليين، والانتهاكات المنظمة
(المنهجية) لحقوق الإنسان، واشعال الحرب، واستخدام الأسلحة الثقيلة والأسلحة
المحظورة ضد المدنيين، وفرض الحصار البشري، وتشريد الشعب الفلسطيني، وبناء
المستوطنات غير القانونية، واستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية.
وجاءت قائمة العقوبات المفروضة على الكيانات والأفراد البريطانيين على النحو
التالي:
الكيانات:
• قاعدة أكروتيري الجوية التابعة لبريطانيا في قبرص
• سفينة "دياموند" التابعة للبحرية البريطانية في البحر الأحمر
• شركة "إلبيت سيستم" البريطانية
• شركة "ماجيت باركر" البريطانية
• شركة "رافائيل" البريطانية
الافراد:
• جرانت شابس، وزير الدفاع البريطاني
• جيمس هاكنهال، قائد القيادة الإستراتيجية للجيش البريطاني
• شارون سميث، نائب الأركان العامة للقوات المسلحة البريطانية
• بول ريموند غريفيث، مساعد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة البريطانية
• أدريان بيرد، مدير استخبارات الدفاع بوزارة الدفاع البريطانية
• ريتشارد كامب، قائد قاعدة "ريتشموند" البحرية البريطانية في البحر الأحمر
• سيمون كلاك، قائد قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية في قبرص
• بيتر إيفانز، قائد السفينة الحربية البريطانية "دياموند" في البحر الأحمر
واضاف البيان: إن جمهورية إيران الإسلامية، إذ تدين اجراءات النظام البريطاني
في دعم وتسهيل الأعمال التدميرية من قبل الأفراد والكيانات المذكورة أعلاه، بما
في ذلك دعم وتسهيل ارتكاب الأعمال الإرهابية من قبل الكيان الصهيوني، والتي
تعتبر انتهاكًا للالتزامات الدولية للنظام البريطاني في مكافحة الإرهاب، تعلن
أن تصرفات النظام البريطاني تعد انتهاكًا واضحًا للمبادئ الأساسية للقانون
الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.
وتابع البيان: ستتخذ كافة مؤسسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بناء على
موافقات الجهات المعنية، الإجراءات اللازمة، والتي تشمل حظر إصدار التأشيرات
ومنع الدخول إلى أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتجميد الحسابات
المصرفية في النظام المالي والمصرفي، ومصادرة الممتلكات والأصول في الأراضي
الخاضعة للولاية القضائية.
واضاف: من الواضح أن هذا الإجراء الجزائي لن ينفي الملاحقة الجنائية للأفراد
بسبب تورطهم في أعمال إجرامية في المحاكم القانونية المختصة.
وختم البيان: انه وضمن تطبيق هذه العقوبات، تعتبر جمهورية إيران الإسلامية،
النظام البريطاني مسؤولا وخاضعا للمساءلة عن دعم الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان.
دفاعا عن اسرائيل
" الأردن يسقط طائرات إيرانية مسيرة في طريقها لإسرائيل
"
وكان الملك الاردني قد طلب من الولايات المتحدة نشر منظومة الدفاع
الجوي باتريوت لديه لتعزيز دفاعاته الحدودية لحماية أمن اسرائيل فاستجابت لطلبه
الحرس الثوري
الايراني: اطلاق عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ نحو فلسطين المحتلة ومواقع
الكيان الصهيوني.
طهران / 14 ابريل
2024/ارنا-، أعلن الحرس الثوري إطلاق عشرات الطائرات المسيرة
والصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة ومواقع الكيان الصهيوني.
وجاء في بيان الحرس الثوري: رداً على الجرائم العديدة التي ارتكبها الكيان الصهيوني،
بما في ذلك الهجوم على القسم القنصلي في السفارة الإيرانية في دمشق واستشهاد مجموعة
من القادة والمستشارين العسكريين الايرانيين في سوريا، أطلقت القوة الجوفضائية
للحرس الثوري عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف محددة داخل الأراضي
المحتلة.
وأوضح البيان أنّ العملية تمت بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي وتحت إشراف
الأركان العامة للقوات المسلحة وبدعم من جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية واسناد
من وزارة الدفاع.
وفيما يلي نص البيان الصادر عن الحرس الثوري:
بسم الله الرحمن الرحيم
"إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِینَ مُنْتَقِمُونَ"
ايها الشعب الايراني الابي والمنجب للشهداء
رداً على جرائم الكيان الصهيوني الخبيث العديدة، بما في ذلك الهجوم على القسم
القنصلي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق واستشهاد عدد من القادة
العسكريين والمستشارين الإيرانيين، قام رجال القوة الجوفضائية للحرس الثوري البواسل
في الساعات الأولى من فجر اليوم (الأحد)، برفقة قوى أخرى من هذه المؤسسة الثورية
والشعبية، كجزء من معاقبة هذا الكيان غير الشرعي والمجرم ، وفي اطار عمليات "الوعد
الحق" بكلمة السر المقدسة "يا رسول الله (ص)"، بضرب أهداف داخل الأراضي المحتلة
بعشرات الصواريخ والطائرات المسيرة بنجاح.
سنعلن للشعب الايراني البطل واحرار العالم قريبا تفاصيل هذه العمليات التي تمت
بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي وتحت إشراف الأركان العامة للقوات المسلحة
وبإسناد ومرافقة رجال جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية الغيارى ودعم وزارة الدفاع
وإسناد القوات المسلحة.
"وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ"
واشار الحرس الثوري الإسلامي، في بيانه رقم 2،
إلى تدمير أهداف عسكرية مهمة للجيش
الإرهابي الصهيوني في الأراضي المحتلة، وحذر الحكومة الإرهابية الأمريكية من أي
دعم ومشاركة في استهداف مصالح إيران، وأكد: أن أي تهديد من قبل أميركا والكيان
الصهيوني، انطلاقا من أي دولة، سيواجه برد مضاد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية
على مصدر التهديد.
وجاء نص البيان كما يلي:
بسم الله قاصم الجبارين
ايها الشعب الايراني الابي والعظيم
بعد أكثر من 10 أيام من صمت وتجاهل المنظمات الدولية، وخاصة مجلس الأمن التابع
للأمم المتحدة، لإدانة عدوان وإجرام الكيان الصهيوني في مهاجمة القسم القنصلي
لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق كجزء من أراضي البلاد واستشهاد 7 من
المستشارين القانونيين للبلاد وعدم معاقبة الكيان المجرم بموجب الفقرة السابعة من
ميثاق الأمم المتحدة؛ لذلك فانه رداً على هذه الجرائم وتنفيذاً للتحذيرات السابقة
وتأميناً لمطالب إيران المحقة ومن أجل معاقبة المعتدي، قام ابطال الحرس الثوري
باستخدام قدراتهم الاستخباراتية والصاروخية والمسيرة الاستراتيجية، بمهاجمة الأهداف
العسكرية الهامة للجيش الإرهابي الصهيوني في الأراضي المحتلة وضربها وتدميرها بنجاح.
وفي متابعة للسياسات الاستراتيجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية:
1. نحذر الحكومة الإرهابية الأمريكية من أن أي دعم أو مشاركة في الإضرار بمصالح
إيران سيؤدي إلى رد حاسم وباعث على الندم من قبل القوات المسلحة للجمهورية
الإسلامية الإيرانية. كما أن أمريكا مسؤولة عن أفعال الكيان الصهيوني الشريرة، وإذا
لم يتم كبح جماح هذا الكيان القاتل للأطفال في المنطقة، فعليها أن تتحمل عواقبه.
2. مع التأكيد على سياسة حسن الجوار مع جيران ودول المنطقة، نذكر بأن أي تهديد من
قبل حكومة أمريكا الإرهابية والكيان الصهيوني انطلاقا من أي دولة، سيعقبه رد فعل
مضاد ومتناسب من جانب جمهورية إيران الاسلامية على مصدر التهديد.
نؤكد للشعب الإيراني البطل أن قوات الحرس الثوري الإسلامي والقوات المسلحة الأخرى
في البلاد ستقف حتى الموت دفاعًا عن المصالح الوطنية وستقوم باحباط جهود الأعداء
لزعزعة أمن واستقرار الشعب.
Diana Lin
ÔíÎ ÇáÃÒåÑ ÃÍãÏ ÇáØíÈ
ÍÇÕá Úáì ÇáÏßÊæÑÇå Ýí ÇáÚÞíÏÉ ÇáÅÓáÇãíÉ ãä ÌÇãÚÉ "ÇáÓæÑÈæä"
ÈÝÑäÓÇ
äÕ
ßáãÉ ÔíÎ ÇáÃÒåÑ ÃãÇã ÇáÈÑáãÇä ÇáÃáãÇäí
ÈÓã Çááå ÇáÑÍãä ÇáÑÍíã
ßáãÉ ÇáÈÑáãÇä ÇáÃáãÇäí
ÇáÈÑæÝíÓæÑ/ äæÑÈÑÊ áÇãÑÊ ÑÆíÓ ÇáÈÑáãÇä ÇáÃáãÇäí
ÇáÓíøöÏÇÊ æÇáÓøóÜÜÇÏÉ: ÃÚÖóÜÜÇÁ ÇáÈæäÏÓÊÇÌ ÇáãæÞøóÑõæä
ÇáÍõÖõÜÜÜæÑ ÇáßóÜÜÑöíã!
ÇáÓøóáÇãõ
Úóáíúßõã æóÑóÍúãóÉõ Çááåö æóÈÑóßóÇÊõå
æÇÓúãóÍõæÇ áöí Ýí ÈöÏÇíóÉ ÍóÏíËí Ãäú ÃÊÞÏøóã áóßõã ÈöÎóÇáöÕ ÇáÔøõßÑ¡ áÅöÊÇÍóÉ
ÇáÝõÑÕóÉ áöÃúä Ãóßõæä Èóíäßóã ÃÊÍóÏøóË Åáóìßã æÅáì ÇáÔøóÚÈ ÇáÃáãóÇäí ÇáÚóÑöíÞ
ãöäú ÎöáóÇáõßã ÃíøõåóÇ ÇáÓóøÇÏóÉ ÇáÈóÑáóãÇäíõøæä¡ æÇáÓøóÇÏóÉ ÇáÍõÖõæÑ.
æóßóãú
ÃäóÇ ÓóÚöíÏ ÈöæÌõæÏöí Ýí ãóÈúäóì ÇáÈõæäÏÓÊÇÌ ÇáÊóøÇÑöíÎíøö¡ ÇáøóÐöí ÊóÎúÊóÒöä
ÌõÏÑóÇäå ÐößúÑóíóÇÊ ÃÍúÏóÇËö ÚóÇáóãöíóøÉò ßóÇäóÊ äõÞúØóÉ ÊóÍæøõá Ýí ãöÓóÇÑ
ÇáÊóøÇÑöíÎ ÇáÃõæõÑÈøöí. æßóíúÝó Ãóäóø åóÐÇ ÇáÈóÑáóãóÇä ÇÓúÊóØóÇÚ Ãäú íóÚúÈõÑ
ÈöÇáÔóøÚúÈ ÇáÃáãóÇäí ãöä ÃÒóãóÇÊöå ÇáÓøöíÇÓöíøóÉ æÇáÇÞÊöÕóÇÏöíøóÉ
æÇáÇÌÊöãóÇÚíøóÉ Åáóì ÏóæáóÉ ãóÑãõæÞóÉ íõÔóÇÑ ÅáíåóÇ ÈöÇáÈóäóÇä ßóÃäãõæÐÌ íÍÊÐí
Ýí ÇáÊöøäãöíóÉ ÇáãõÓúÊóäöÏóÉ Åáì Þöíóã ÇáÍõÑíøóÉ æÇáÚóÏúá æÇáãõÓóÇæóÇÉ.
æóÈöåóÐöå
ÇáãõäóÇÓóÈÉ ÃõÍóíí ÇáãÓÊÔÇÑÉ ÇáÓíÏÉ/ ÃäÌíáÇ ãíÑßá¡ æÃÞÏøöÑ áåÇ ÈÇÓã ÇáÃÒåÑ
ÇáÔÑíÝ¡ ãæÞÝåÇ ÇáÅäÓÇäí ÇáäÈíá ãä ÇáÑÌÇá æÇáäÓÇÁ æÇáÃØÝÇá ÇáÝÇÑøöíä ãä ÌÍíã
ÇáÍõÑæÈ ææíáÇÊåÇ Ýí ÇáÔÑÞ¡ ÑÛã ãÇ ÞÏ ÊÚÇäíå åÐå ÇáÓíÏÉ ÇáÝÇÖáÉ ãä ÙÑæÝ ÖÇÛØÉ áã
ÊÓÊØÚ Ãä ÊËäíåÇ Úä åÐÇ ÇáãæÞÝ ÇáÔÌÇÚ ÇáÐí ÓíßÊÈå áåÇ ÇáÊÇÑíÎ ÈÍÑæÝò ãä äõæÑ¡ æÞÏ
ÃÕÏÑ ÇáÃÒåÑ ÈíÇäðÇ ÔßÑ Ýíå ÇáãÓÊÔÇÑÉ ãíÑßá Úáì ÃÑíÍíÊåÇ ÇáßÑíãÉ ÊÌÇå ÇáÅÓáÇã
æÇáãÓáãíä Ííä ÔÇÑßÊ ÓíÇÏÊåÇ Ýí ãÙÇåÑÇÊ ÈÑáíä ÇáãäÏøöÏÉ ÈÇáÅÓáÇãæÝæÈíÇ æËÈøóÊÊ –
Ýí ÔÌÇÚÉ ÇáÃÈØÇá – ãÞæáÉ ÇáÑÆíÓ ÇáÃáãÇäí ÇáÃÓÈÞ ßÑÓÊíÇä ÝæáÝ: Åä ÇáÅÓáÇã ÌÒÁ ãä
ÃáãÇäíÇ.
æÃÓÊÓãÍßã
-ÃíøõåóÇ ÇáÓóøÇÏÉ ÇáÈÑáãóÇäíæä!– Ãä ÃõÞóÏøöã äÝÓöí áÍÖÑÇÊßã ÈÍõÓúÈóÇäí ÑóÌõáðÇ
ãõÓúáöãðÇ ÊÎÕøóÕ Ýí ÏöÑÇÓóÉ ÇáÅÓáÇã¡ æÝóåãå ßãÇ ÃÑÇÏå Çááå ááäóøÇÓ¡ æßãÇ ÈáóøÛå
áåõã ÑóÓõæáå ãõÍóãøóÏ Õóáóøì Çááå Úóáóíå æÓóáóøã.. æÃäóøå áÇ ÇäÊöãóÇÁ áí Åáì
Ãíøö ÊíøóÇÑ ÓíÇÓíøö Ãæ ÊæÌå ÍöÒÈíøö¡ æáÇ ÃÊÈäøóì ÃíóøÉ ÃíÏíæáæÌíóøÉ ãä
ÃíÏíæáæÌíÇÊ Çáíãíä Ãæ ÇáíÓóÇÑ¡ Ãæ ÛíÑåÇ ãä ÃíÏíæáæÌíÇÊ ÇáÚÕÑ¡ æáÇ ÃÓÚì Åáì Ðáß¡
áÇ ÇÚÊÞÇÏðÇ æáÇ ÊÑæíÌÇð¡ æÅäøóãóÇ ÃäóÇ ãõÓúáöã ãõÍöÈø ááÈóÔÑíóøÉ ÌãÚóÇÁ¡ ãåãæã
ÈÞÖÇíÇ «ÇáÓóøáÇ㻡 Èßá ÃÈÚÇÏå ÇáÏøöíäíóøÉ æÇáÇÌÊãÇÚíøóÉ æÇáÚóÇáóãíóøÉ¡ ÃÈÍË Úä
åÐÇ ÇáÓóøáÇã æÃÊãóäóøÇå ááäóøÇÓ ßá ÇáäóøÇÓ¡ ãóåúãóÇ ÇÎÊáÝÊ ÃæØÇäåã æÃÌäÇÓåã
æÞæãíóøÇÊåã¡ æßíÝãÇ ßÇäÊ ÃÏíÇäåã æÚÞÇÆÏåã æãÐÇåÈåã.
ÃíøõåóÜÜÜÇ ÇáÓíÏÇÊ
æÇáÓÇÏÉ ÇáÃÌöÜÜáÇÁ:
ãÇ ÌÆÊßã
æÇÚöÙðÇ æáÇ ãÊÛäíÇ Èíäßã ááÅÓáÇã¡ æáßä ÌÆÊ ÃõÎÇØöÈ ÚóÏÇáÊßõã Ýí ÅäÕÇÝ åÐÇ
ÇáÏøöíä ÇáÐí íÓÊÍÞ ãäßã Ãä ÊÏÝÚæÇ Úäå ãÇ áÍÞ Èå ãä Ùáã æÊåã¡ íÈÑÄ ãäåÇ æíäßÑåÇ
ÃÔÏ ÇáÅäßÇÑ¡ ÈÓÈÈ ÊÕÑÝÇÊ ÞáÉ ãä ÇáãäÊÓÈíä Åáíå¡ ÝåãÊå ÝåãðÇ ÞÈíÍðÇ¡ æÞÏãÊå ááäÇÓ
Ýí ÕæÑÉ Ïíä Ïãæí íÚÇÏí ÇáÅäÓÇäíÉ æíÏãÑ ÇáÍÖÇÑÇÊ.
åÐÇ ÇáÏíä
– ßãÇ ÊÚáãæä ÍÖÑÇÊßã - Ïíä ãÑÊÈØ ÈÇáÃÏíÇä ÇáÓãÇæíÉ ÈÑÈÇØ ÚÖæí áÇ íäÝÕ㺠ÝäÍä
ÇáãÓáãíä äÄãä ÈÃäøó ßáÇð ãä ÇáÊæÑÇÉ æÇáÅäÌíá æÇáÞÑÂä¡ åõÏìð æäæÑ ááäÇÓ¡ æÃä
ÇááÇÍÞ ãäåÇ ãÕÏÞ ááÓÇÈÞ¡ æáÇ íÊã ÅíãÇääÇ ÈÇáÞÑÂä æáÇ ÈãÍãÏ ÅáÇ ÅÐÇ ÂãäÇ ÈåÐå
ÇáßÊÈ ÇáÓãÇæíÉ æÈãæÓì æÚíÓì æÈãä ÞÈáåã ãä ÇáÃäÈíÇÁ æÇáãÑÓáíä ÕáæÇÊ Çááå æÓáÇãå
Úáíåã¡ æäÞÑà Ýí ÇáÞÑÂä Þæáå ÊÚÇáì:"Åä ÇáÐíä ÂãäæÇ æÇáÐíä åÇÏæÇ æÇáäÕÇÑì
æÇáÕÇÈÆíä ãä Âãä ÈÇááå æÇáíæã ÇáÂÎÑ æÚãá ÕÇáÍÇ Ýáåã ÃÌÑåã ÚäÏ ÑÈåã æáÇ ÎæÝ Úáíåã
æáÇ åã íÍÒäæä" (ÇáÈÞÑÉ¡ ÂíÉ 26)
æáíÓ
ÕÍíÍðÇ ãÇ íÞÜÜÇá Úä ÇáÅÓáÇã ãä Ãäå Ïíä ÞÊÇá Ãæ Ïíä ÓíÝ¡ ÝáÝÙÉ «ÇáÓíÝ» åÐå áíÓÊ
ãä ÃáÝÇÙ ÇáÞÑÂä æáã ÊÑÏ Ýíå æáÇ ãÑÉ æÇÍÏÉ.. æíÄãä ÇáãÓáãæä ÈÃä Çááå ÃÑÓá ãÍãÏðÇ
ÑÍãÉ ááÚÇáãíä¡ æáíÓ ÑÍãÉ ááãÓáãíä ÝÍÓÈ¡ Èá ÃÑÓáå Çááå ÑÍãÉ ááÅäÓÇä æÇáÍíæÇä
æÇáÌãÇÏ æÇáäÈÇÊ¡ ÌÇÁ Ýí ÇáÞÑÂä ÇáßÑíã "æãÇ ÃÑÓáäÇß ÅáÇ ÑÍãÉ ááÚÇáãíä"¡ æÞÇá ãÍãÏ
Úä äÝÓå: "ÃíåÇ ÇáäÇÓ ÅäãÇ ÃäÇ ÑÍãÉ ãåÏÇÉ"¡ æãä íÝåã ÊÚÇáíã åÐÇ ÇáäÈí ÎÇÑÌ ÅØÇÑ
ÇáÑÍãÉ ÇáÚÇãÉ æÇáÓáÇã ÇáÚÇáãí¡ Ýåæ ÌÇåá Èå æÈÊÚÇáíãå æãÓíÆ Åáíå.
æÇáÅÓáÇã
áÇ íÈíÍ ÞÊÇá ÛíÑ ÇáãÓáã ÈÓÈÈ ÑÝÖå ááÅÓáÇã Ãæ áÃíøö Ïíä ÂÎÑ¡ ÝÇááå ßãÇ ÎáÞ
ÇáãÄãäíä ÎáÞ ÛíÑ ÇáãÄãäíä ÃíÖðÇ: ﴿åõæó ÇáøóÐöí ÎóáóÞóßõãú Ýóãöäßõãú ßóÇÝöÑñ
æóãöäßõã ãøõÄúãöäñ æóÇááøóåõ ÈöãóÇ ÊóÚúãóáõæäó ÈóÕöíÑñ﴾ {ÇáÊÛÇÈä: 2}¡ æãÇ ÎáÞ
Çááå ÛíÑ ÇáãÄãäíä áíÃãÑ ÈÞÊáåã æÇÓÊÆÕÇáåã¡ ÝåÐÇ ÚÈË áÇ íáíÞ ÈÍßãÉ ÇáÈÔÑ¡ ÝÖáðÇ
Úä ÇáÍßãÉ ÇáÅáåíøóÉ¡ æÍÑíøóÉõ ÇáÚÞíÏÉ ãßÝæáÉ Ýí ÇáÞÑÂä ÈäÕ ÕÑíÍ¡ æÐáß Ýí Þæáå
ÊÚÇáì: ﴿Ýóãóä ÔóÇÁ ÝóáúíõÄúãöä æóãóä ÔóÇÁ ÝóáúíóßúÝõÑú﴾ {ÇáßåÝ: 29}. æÞæáå
ÃíÖðÇ:﴿ áóÇ ÅößúÑóÇåó Ýöí ÇáÏöøíäö ÞóÏú ÊóÈóíóøäó ÇáÑõøÔúÏõ ãöäú
ÇáÛóíöø﴾{ÇáÈÞÑÉ: 256}¡ æÌÇÁ Ýí ÇáÏÓÊæÑ ÇáÐí ÈÚË Èå ÇáäÈí Õáì Çááå Úáíå æÓáã Åáì
Çáíãä: «ãóäú ßóÑöåó ÇáúÅöÓúáóÇãó ãöäú íóåõæÏöíòø æóäóÕúÑóÇäöíòø¡ ÝóÅöäóøåõ
áóÇ íõÍóæóøáõ Úóäú Ïöíäöåö»¡ æáã íÓÌá ÇáÊÇÑíÎ Úä ÇáãÓáãíä Ýí ÇáÈáÇÏ ÇáÊí ÍßãæåÇ
ÍÇáÉ æÇÍÏÉ ÎíÑæÇ ÝíåÇ Ãåá ÇáÈáÇÏ Èíä ÇÚÊäÇÞ ÇáÅÓáÇã Ãæ ÇáÓíÝ¡ Èá ßÇäæÇ íõÞöÑøõæä
Ãåá åÐå ÇáÈáÇÏ Úáì ÃÏíÇäåã æÚÇÏÇÊåã æÊÞÇáíÏåã¡ æáÇ íÑæä ÈÃÓðÇ ãä ÇáÚíÔ ÈÌæÇÑåã
æÇáÇÎÊáÇØ Èåã æÇáÊÒÇæÌ ãÚåã.
æÇáÌåÇÏ
Ýí ÇáÅÓáÇã áíÓ ãäÍÕÑðÇ Ýí ÇáÞÊÇá ÇáÐí åæ ÑÏ ÇáÚÏæÇä¡ ÈÏáíá Ãä ÇáÌåÇÏ ÇáÃßÈÑ Ýí
ÇáÅÓáÇã åæ ÌåÇÏ ÇáäÝÓ æÇáÔíØÇä æäæÇÒÚ ÇáÔÑ¡ æíÏÎá Ýí ãÝåæã ÇáÌåÇÏ ÇáÔÑÚí ßá ÌåÏ
íÈÐá ãä ÃÌá ÊÍÞíÞ ãÕÇáÍ ÇáäÇÓ¡ æÝí ãÞÏãÊåÇ ÇáãÌåæÏ ÇáÐí íÈÐá ãä ÃÌá ãÞÇæãÉ ÇáÝÞÑ
æÇáÌåá æÇáãÑÖ¡ æÅÛÇËÉ ÇáãÍÊÇÌ¡ æÎÏãÉ ÇáÝÞÑÇÁ æÇáÈÄÓÇÁ æãÓÇÚÏÊåã¡ æÇáÅÓáÇã áÇ
íÃãÑ ÇáãÓáãíä ÈÇáÌåÇÏ ÇáãÓáÍ æáÇ íÍÖåã Úáíå ÅáÇ Ýí ÍÇáÉ ÑÏ ÇáÚÏæÇä¡ æÇáÊÕÏøöí
ááÍÑæÈ ÇáÊí íÔäåÇ Úáíåã ÃÚÏÇÄåã¡ ÝåäÇ íÌÈ ÇáÞÊÇá ááÏÝÇÚ¡ æåÐÇ ÇáäæÚ ãä ÇáÌåÇÏ
ÊÞÑå ßá ÇáÃÏíÇä æÇáÃÚÑÇÝ æÇáÍÖÇÑÇÊ. æáíÓ ÕÍíÍðÇ¡ Èá ãä ÇáÎØà ÇáÝÇÍÔ ãÇ íÞÇá ãä
Ãä ÇáÌåÇÏ Ýí ÇáÅÓáÇã åæ Íãá ÇáÓáÇÍ áÞÊÇá ÛíÑ ÇáãÓáãíä æÊÚÞÈåã æÇáÞÖÇÁ Úáíåã¡
æããÇ íÄÓÝ áå ÃÔÏ ÇáÃÓÝ Ãä íõÑæøóÌ åÐÇ ÇáÝåã ÇáÎÇØÆ æÇáÊÝÓíÑ ÇáãÛÑÖ áäÕæÕ ÇáÞÑÂä
æÇáÍÏíË ááÅÓÇÁÉ Åáì ÇáÅÓáÇã æÇáãÓáãíä.
æÔÑíÚÉ
ÇáÅÓáÇã ÔÑíÚÉ ãÄÓÓÉ Úáì ãÈÇÏÆ ÇáÚÏá æÇáãÓÇæÇÉ æÇáÍÑíÉ æÍÝÙ ßÑÇãÉ ÇáÅäÓÇä¡ æÞÏ
ÃÚáä äÈí ÇáÅÓáÇã ãÈÏà ÇáãÓÇæÇÉ Èíä ÇáäÇÓ Ýí Òãä áã íßä ÞÏ äÖÌ Ýíå ÇáÚÞá ÇáÈÔÑí
áÃä íÓÊæÚÈ ÝÍæì åÐÇ ÇáãÈÏà Ãæ íÊÕæÑå¡ áÃäå áã íßä íÚÑÝ ãÌÊãÚðÇ ÛíÑ ãÌÊãÚ ÇáØÈÞíÉ
æÇáÚÈíÏ æÇáÓÇÏÉ¡ æÑÛã Ðáß ÃØáÞ ãÍãÏ Õáì Çááå Úáíå æÓáã ÕÑÎÊå ÇáÎÇáÏÉ : «ÇáäóøÇÓõ
ÓóæóÇÓöíóÉñ ßóÃóÓúäóÇäö ÇáúãöÔúØö»¡ æáã ÊãÖ Úáì æÝÇÉ ÇáäÈí ÚÔÑ ÓäæÇÊ ÍÊì ÌÇÁ
ÇáÎáíÝÉ ÇáËÇäí ÚãÑ Èä ÇáÎØÇÈ áíÕÑÎ åæ ÇáÂÎÑ Ýí æÌå ÃÍÏ ÇáæáÇÉ ÇáãÓáãíä¡ æåæ
íõÚäøöÝå: «ãÊì ÇÓÊÚÈÏÊã ÇáäÇÓ æÞÏ æáÏÊåã ÃãåÇÊåã ÃÍÑÇÑðÇ».
æÃÚÊÞÏ
Ãäå áÏíßã ÃíåÇ ÇáÓíÏÇÊ æÇáÓÇÏÉ åäÇ Ýí ÃæÑæÈÇ ãä ÇáÞæÇäíä æÇáÊÔÑíÚÇÊ ßËíÑðÇ ããÇ
íÊØÇÈÞ æÊÔÑíÚÇÊ ÇáÅÓáÇã –Ýí åÐÇ ÇáãÌÇá-¡ ÑæÍðÇ æäÕðÇ¡ æÈÎÇÕøóÉ Êáßã ÇáÊÔÑíÚÇÊ
ÇáÊí ÊÍÝÙ ááÅäÓÇä ßÑÇãÊå æÊÄãøöä áå ÍÑíÊå¡ æÊÍÞÞ áå ÇáÚÏÇáÉ æÇáãÓÇæÇÉ ãÚ ÛíÑå¡
ÈÛÖ ÇáäÙÑ Úä ÇäÊãÇÁÇÊå ÇáÏíäíÉ Ãæ ÇáÚÑÞíÉ.
æåäÇ ÃÞæá
áÃÈäÇÁ Ïíäí ãä ÇáãÓáãíä ÇáÐíä íÚíÔæä Ýí ÃæÑæÈÇ æÃÕÈÍæÇ ÌÒÁðÇ áÇ íÊÌÒà ãä ÇáäÓíÌ
ÇáÃæÑæÈí ÇáÇÌÊãÇÚí ÇáãÊãÇÓß¡ Ãä íÑÇÚæÇ åÐå ÇáÞöíóã ÇáÚõáíóÇ áãÌÊãÚÇÊåã ÇáÊí
íÚíÔæä Úáì ÃÑÖåÇ¡ æÃä íÝíÏæÇ ãäåÇ Ýí ÊÞÏíã ÕæÑÉ ããÇËáÉ¡ Úä ÇáÅÓáÇã æÊÚÇáíãå
ÇáÓãÍÉ ÇáÌãíáÉ¡ ÇáÊí ÊÍÊÑã ÇáÂÎÑ¡ ÈÛÖ ÇáäÙÑ Úä Ïíäå Ãæ ãöáøóÊå Ãæ ÌäÓå¡ æÃä
íßæäæÇ Úáì ÐßÑ ÏÇÆã áÞæáå ÊÚÇáì: ﴿áóÇ íóäúåóÇßõãõ Çááøóåõ Úóäö ÇáøóÐöíäó áóãú
íõÞóÇÊöáõæßõãú Ýöí ÇáÏøöíäö æóáóãú íõÎúÑöÌõæßõã ãøöä ÏöíóÇÑößõãú Ãóä
ÊóÈóÑøõæåõãú æóÊõÞúÓöØõæÇ Åöáóíúåöãú Åöäøó Çááøóåó íõÍöÈøõ ÇáúãõÞúÓöØöíäó﴾ {ÓæÑÉ
ÑÞã60¡ ÇáÂíÉ: 8}¡ æßã æÏÏÊ áæ Ãä ßá ãÓáã íÚíÔ Ýí ÃæÑæÈÇ ßÊÈ åÐå ÇáÂíÉ Ýí áæÍÉ
ÌãíáÉ ææÖÚåÇ Úáì ãßÊÈå Ãæ ãÊÌÑå¡ Ãæ Úáì ÔÇÔÉ åÇÊÝå ÇáäÞÇá¡ æÊÐßóøÑ Ýí ßá Ííä¡
Ãäøó ÇáÈöÑøó ÇáÐí åæ ÞöãøóÉ ÇáÃÏÈ æÇáÅÍÓÇä ãÚ ÇáæÇáÏíä¡ ãØáæÈ åæ ÈÚíäå ãÚ ãä
íÓÇáãäÇ æáÇ íÞÇÊáäÇ¡ æÃä ÇáÞÓØ æÇáÚÏá æÇáæÝÇÁ åæ ÎõáÞ ÇáãÓáã ãÚ ÃÎíå Ýí ÇáÅÓáÇã
æÃÎíå Ýí ÇáÅäÓÇäíÉ ÓæÇÁ ÈÓæÇÁ.
ÃãøóÇ
ÇáãÑÃÉ Ýåí Ýí ÔÑíÚÉ ÇáÅÓáÇã ÔÑíßÉ ÇáÑÌá Ýí ÇáÍÞæÞ æÇáæÇÌÈÇÊ¡ æÈÊÚÈíÑ äÈí ÇáÅÓáÇã
ãÍãÏ Õáì Çááå Úáíå æÓáã: «ÇáäöøÓóÇÁõ ÔóÞóÇÆöÞõ ÇáÑöøÌóÇáö»¡ æáÇ ÊÙäæÇ ÃíøõåóÇ
ÇáÓøóÇÏÉ Ãä ÈÚÖ ãÇ ÊÚÇäíå ÇáãÑÃÉ ÇáÔÑÞíóøÉ ãä ÊåãíÔ åæ ÈÓÈÈ ÊÚÇáíã ÇáÅÓáÇã¡ ÝåÐÇ
ÒÚã ÈÇØá¡ æÇáÕÍíÍ Ãä åÐå ÇáãÚÇäÇÉ ÅäøóãÇ áÍÞÊåÇ ÈÓÈÈ ãÎÇáÝÉ ÊÚÇáíã ÇáÅÓáÇã
ÇáÎÇÕÉ ÈÇáãÑÃÉ¡ æÅíËÇÑ ÊÞÇáíÏó ÚÊíÞÉ æÃÚÑÇÝ ÈÇáíÉ áÇ ÚáÇÞÉ áåÇ ÈÇáÅÓáÇã¡ æÊÞÏíã
åÐå ÇáÊÞÇáíÏ Úáì ÇáÃÍßÇã ÇáãÊÚáÞÉ ÈÇáãÑÃÉ Ýí ÇáÔÑíÚÉ ÇáÅÓáÇãíÉ æÞÏ ÝÞÏ ÇáãÌÊãÚ
ÇáãÓáã ßËíÑðÇ ãä ØÇÞÇÊå ÇáÎáÇÞÉ æÇáÅäÊÇÌíÉ Ííä ÓóãóÍúäÇ – äÍä ÇáãÓáãíä - ÈÊåãíÔ
ÏæÑ ÇáãÑÃÉ æÅÞÕÇÆåÇ Úä ãæÇÞÚ ÇáÊÃËíÑ Ýí ãÌÊãÚÇÊäÇ ÇáÔÑÞíÉ.
ÃíøõåóÜÜÇ
ÇáÓíÏÇÊ æÇáÓÇÏÉ
ÇáÊÚóÏøõÏíøóÉ Èíäó ÇáäóøÇÓ æÇÎÊáÇÝõåã ØÈíÚÉ ÞÑøóÑåÇ ÇáÞõÑÂä ÇáßóÑíã¡ æÑÊøóÈ
ÚáíåÇ ÞóÇäõæäó ÇáÚóáÇÞóÉ ÇáÏøóæáíøóÉ Ýí ÇáÅÓáÇã¡ æåæ «ÇáÊøóÚóÇÑõÝ» ÇáÐí
íóÓúÊóáÒã ÈÇáÖóøÑæÑóÉ ãÈÏà ÇáÍæÇÑ ãÚ ãä äÊÝÞ æãä äÎÊáÝ ãÚå¡ æåÐÇ ãÇ íóÍÊÇÌå
ÚÇáóãõäÇ ÇáãõÚÇÕöÑ -ÇáÂä- ááÎÑæÌ ãä ÃÒãÇÊå ÇáÎÇäÞÉ¡ æãä åäÇ ßÇä ãä ÇáÕÚÈ Úáì
ÇáãÓáã Ãä íÊÕæøóÑ ÕóÈøó ÇáäóøÇÓ æÇáÃõãóã æÇáÔÚæÈ Ýí Ïíä æÇÍÏ Ãæ ËÞÇÝÉ æÇÍÏÉ¡ áÃä
ãÔíÆÉ Çááå ÞÖÊ Ãä íÎáÞ ÇáäÇÓ ãÎÊáÝíä ÍÊì Ýí ÈÕãÇÊ ÃÕÇÈÚåã¡ íÞæá ÇáÞÑÂä: "æáæ ÔÇÁ
ÑÈß áÌÚá ÇáäÇÓ ÃãÉ æÇÍÏÉ æáÇ íÒÇáæä ãÎÊáÝíä"¡ æÇáãÄãä ÈÇáÞÑÂä áÇ íÑÊÇÈ Ýí Ãäå
áíÓ Ýí ÅãßÇä ÞæøóÉ æáÇ ÍÖÇÑÉ Ãä ÊõÈÏøöá ãóÔöíÆÉ Çááå Ýí ÇÎÊáÇÝ ÇáäóøÇÓ¡æíäÙõÑ
Åáì ÇáäøóÙóÑíøóÇÊ ÇáóøÊí ÊÍáã ÈÌãÚ ÇáäÇÓ Úáì Ïíä æÇÍÏ Ãæ ËÞÇÝÉ ãÑßÒíÉ æÇÍÏÉ
äÙÑÊå Åáì ÃÍáÇã ÇáíÞÙÉ Ãæ ÇáÚÈË ÇáÐí íõÏÇÚöÈ ÃÍáÇã ÇáØÝæáÉ.
æóãöäú
åõäóÇ ßÇä ãä ÇáØÈíÚí æÇáãäØÞí Ãä íäÝÊÍ ÇáÅÓáÇã Úáì ÇáãÓíÍííä æÇáíóåõæÏ ÇäÝÊÇÍðÇ
áÇÝÊðÇ ááäÙÑ¡ æíãÏ ãÚåã ãä ÌÓæÑ ÇáÚíÔ ÇáãõÔúÊóÑß æÇáÓøóáÇã ÇáãõÊÈÇÏóá¡ ãÇ íÕá
Åáì ÅÞÑÇÑ ÒæÇÌ ÇáãõÓúáöã ãä ãóÓöíÍíøóÉ Ãæ íóåõæÏíøóÉ ÊÈÞì Úáì ÏíäåÇ ãÚ ÒæÌåÇ
ÇáãõÓúáöã¡ æáÇ íÌæÒ áÒæÌåÇ ÇáãÓáã Ãä íÍæá ÈíäåÇ æÈíä ÇáÐøöåÇÈ Åáì ßäíÓÊåÇ Ãæ
ãóÚúÈóÏåÇ¡ Ãæ íãäÚåÇ ãä ãõãóÇÑÓÉ ÔÚÇÆÑåÇ Ýí ÈíÊ ÒæÌåÇ ÇáãÓáã.
æáóÚóáøó
ÈÚÖ ÍÖÑÇÊßã ÃíøõåóÇ ÇáÓóøÇÏÉ ÇáäæÇÈ ÇáãÍÊÑãæä! – íÊåÇãÓ ãõÚÊÑÖðÇ Úáì ãÇ ÃÞæá¡ Ãæ
ãõÊÓÇÆáöÇð ãõÓÊäßöÑðÇ ÝíãÇ ÓãÚ: ÅÐÇ ßÇä ÇáÅÓáÇã æÇáãÓáãæä ÈåÐå ÇáÕæÑÉ ÇáæÑÏíóøÉ
ÇáãõÖíÆÉ¡ ÝßíÝ ÎÑÌÊ ÇáÍÑßÇÊ ÇáÏøöíäíøóÉ ÇáãõÓóáøóÍóÉ ãä ÚÈÇÁóÉ ÇáÅÓáÇã
æÇáãÓáãíä¡ ãËá «ÏÇÚöÔ» æÃóÎæÇÊåÇ. ÊóÞúÊõá æÊõÏóãøöÑ æÊÞØóÚ ÇáÑøöÞóÇÈ ÈöÇÓúãö
Çááå æÈöÇÓúãö ÇáÅÓáÇã æÔÑíÚÊå¿ ÃáÇ ÊåÏã åÐå ÇáãÔÇåÏ ÇááÇÅäÓÇäíøóÉõ ÇáãõÑÚÈÉ ßáøó
ãÇ ÞõáÊóå Úä ÇáÅÓáÇã ãä Ãäóøå Ïíä ÇáÓóøáÇã æÇáÃÎæÉ ÇáÅäÓÇäíóøÉ æÇáÊÑÇÍã Èíä
ÇáäóøÇÓ¿
æÅÌÇÈÊí
Úáì åÐÇ ÇáÓøõÄÇá – ÈÇÎÊÕÇÑ- åí: áæ Ãäøó ßá Ïíä ãä ÇáÃÏíÇä ÇáÓøóãóÇæíóøÉ Íõæßöã
ÈãÇ íÞÊÑÝå ÈÚÖ ÃÊÈÇÚå ãä ÌÑÇÆã æÇáÞÊá æÇáÅÈÇÏÉ áóãóÇ Óóáöãó Ïíä ãä ÇáÃÏíÇä ãä
ÊõåãóÉ ÇáÚõäÝ æÇáÅöÑåÇÈ¡ Ðáß Ãäøó ÇáÅÑåÇÈííä ÇáøóÐíä íõãÇÑÓæä ÌÑÇÆãåã ÈÇÓã
ÇáÃÏíÇä áÇ íãËáæä åÐå ÇáÃÏíÇä¡ Èá åã – Ýí ÍÞíÞÉ ÇáÃãÑ - ÎÇÆäæä áÃãÇäÇÊ ÇáÃÏíÇä
ÇáÊí íÒÚãæä Ãäåã íÞÇÊáæä ãä ÃÌáåÇ.
Åäóø
ÇáÃÏíÇä ÅäóøãÇ ÊõÝåóã ãä ÊÚÇáíãåÇ ÇáÅáåíóøÉ æãä ÊØÈíÞÇÊ ÇáÃäÈíÇÁ ÇáóøÐíä ÍãáæÇ
åÐå ÇáÊÚÇáíã æÈáøóÛæåóÇ ááäóøÇÓ æÏÚóæåã ÅáíåÇ.. åßÐÇ ßÇäÊ ÑÓÇáÉ ÓíÏäÇ ãÍãÏ¡
æåßÐÇ ßÇäÊ ÑÓÇáÉ ÓíÏäÇ ÚíÓì æÓíÏäÇ ãæÓì æßá ÑÓÇáÇÊ ÇáÓóøãóÇÁ Åáì ÇáÈóÔÑ..
Ëõãøó
Åäóø åÐÇ ÇáÅöÑåÇÈ ÇáóøÐí äÚÇäíå ÌãíÚðÇ ÇáÂä ÃÏóÇäóå ÇáÚóÇáóã ÇáÅÓáÇãí ßáå:
ÔÚæÈðÇ æÍßæãÇÊ æÃÒåÑðÇ æßäóÇÆöÓ æÌÇãÚÇÊ æãÝßÑíä æãËÞÝíä æÛíÑåã¡ æÚáíäÇ ÌãíÚðÇ –
ãÓáãíä æÛíÑ ãÓáãíä - Ãä äÞÝ ÕÝðÇ æÇÍÏðÇ áãÌÇÈåÉ ÇáÊØÑÝ æÇáÅÑåÇÈ æÇáÙáã
ÈÌãíÚ ÃÔßÇáå¡ æÃä äÈÐá ÃÞÕì ãÇ íãßä ãä ÃæÌå ÇáÊÚÇæä ãä ÃÌá ÇáÞÖÇÁ Úáì åÐÇ ÇáæÈÇÁ
ÇáÞÇÊá.
Ëãõø
Åäóø ÇáÅÑåÇÈ áÇ íõÝóÑøöÞ Èíä ÖóÍÇíóÇå ãÇ ÏÇãæÇ áÇ íÚÊäÞæä ÃíÏíæáæÌíÊå æÃÝßÇÑå
ÇáãõÊØÑøöÝÉ¡ æÅÐÇ ßÇä ÇáÈÚÖ áÇ íÒÇá íÚÊÞÏ Ãä ÇáÅÓáÇã íÈÑÑ ÌÑÇÆã ÇáÅÑåÇÈ ÝÚáì åÐÇ
ÇáÈÚÖ Ãä íÊÐßÑ Ãäøó ÇáãõÓúáöãíä åã ãä íÏÝÚæä Ëãä åÐÇ ÇáÅÑåÇÈ ãä ÏãÇÆåã¡ æÃÔáÇÁ
ÃÌÓÇÏåã æäÓÇÆåã æÃØÝÇáåã ÃÖÚÇÝ ÃÖÚÇÝ ãÇ íÏÝÚå ÛíÑ ÇáãÓáãíä ãä ÖÍÇíÇ åÐÇ ÇáæÈÇÁ..
ÝßíÝ íÕÍ Ýí ÇáÃÐåÇä Ãä íäÓÈ ÇáãÓáãæä Åáì åÄáÇÁ ÇáÞÊáÉ ÇáÐíä íÈÑÄ ãäåã ÇáÅÓáÇã
æÇáãÓáãæä ÃäÝÓåã.
æáÚáßã
ÊÊÝÞæä ãÚí Ýí Ãäøóå áÇ ãÝÑ ááÔÑÞ æÇáÛÑÈ ÍíÇá åÐÇ ÇáÅÑåÇÈ ÇáÚÇÈÑ ááÞÇÑøóÇÊ ãä
ÇäÝÊÇÍ ÍÞíÞí ãÊÈÇÏá Èíä ÇáÃÏíÇä æÇáãÄãäíä ÈåÇ¡ Èá áÇ ãÝÑ ãä ÕäÚ ÇáÓáÇã ÃæøóáðÇ
Èíä ÑÌÇá ÇáÃÏíÇä æÚáãÇÆåÇ¡ æÃäÇ ãöãóøä íÄãäæä ÈÞæÉ ÈÇáÔÚÇÑ ÇáÐí ÃØáÞå ãäÐ æÞÊ
ÞÑíÈ ÇááÇåæÊí ÇáãÚÇÕÑ åÇäÓ ßæäÌ æÃÚáä Ýíå Ãäå: «áÇ íãßä Ãä íßæä Ëã ÓÜáÇã Èíä
ÇáÔÜÜÚæÈ ãÇÏÇã áÇ íßæä Ëóãøó ÓÜÜáÇã Èíä ÇáÃÏíÜÜÇä»
æåæ äÝÓ ÇáÔÚÇÑ ÇáÐí ÃØáÞå ÔíÎ ÇáÃÒåÑ ãÍãÏ ãÕØÝì ÇáãÑÇÛí Ýí áäÏä ÚÇã
(1936) ÚäÏãÇ äÇÏì ÈÇáÒãÇáÉ ÇáÚÇáãíÉ æÇáÝåã ÇáÕÍíÍ ÇáãÊÈÇÏá Èíä ÍÖÇÑÉ ÇáÛÑÈ
æÍÖÇÑÉ ÇáãÓáãíä.
æÇÓãÍæÇ
áí ÃíøõåóÇ ÇáÓíÏÇÊ æÇáÓøòÇÏÉ Ãä ÃÞæá: Åäøóäöí Ííä ÃÊÍÏøóË Úä ãÌÊãÚÇÊßã ÈÔíÁ ãä
ÇáÅÚÌÇÈ ÈÓíÇÓÇÊßã ÇáÊí ÊÞæã Úáì ÇáãõÓóÇæÇÉ æÇáÏøöíãõæÞÑÇØíøóÉ æÑÚÇíÉ ÍõÞõæÞ
ÇáÅäÓÇä¡ íóÓÃáäí ÇáÈÚÖ ãõÓÊäßöÑðÇ: ÅÐÇ ÕÍóø ãÇ ÊÞæá ÝíãÇ Èíä ÇáÔÚæÈ ÇáÃæÑæÈíóøÉ
ÝÅäóøäóÇ áÇ äóÑì ÔíÆðÇ ãä Ðáß Ýí ßËíÑ ãä ãæÇÞÝ ÇáÛóÑÈ ÍöíÇá ÇáÈáÇÏ ÇáÅÓáÇãíóøÉ¡
ÝÇáßËíÑæä Ýí ÇáÔøóÑÞ ÇáÚóÑÈíøö æÇáÅÓáÇãíøö áÇ íÚÑÝæä ãä ÇáÛÑÈ ÅáÇ ÓíÇÓÉ Çáßíá
ÈãßíÇáíä¡ æÓíÇÓÉ ÇáãÕÇáÍ ÇáÎÇÕÉ ÇáÊí áÇ ÊÑÇÚí ãÕÇáÍ ÇáÔÚæÈ¡ æíÖÑÈæä ãä
ÇáÃãËáÉ Úáì Ðáß ãÇ ÍÏË Ýí «ÇáÚÑÇÞ» æ«áíÈíÇ» æÛíÑåãÇ¡ æÑÓÇáÊí Åáíßã Ãæ ÑÌÇÆí
ÇáßÈíÑ åæ Ãäú ÊÚãáæÇ – ÈÇåÊãÇã – Úáì ÊÛííÑ åÐå ÇáäóøÙÑÉ ÇáÞÇÊöãÉ ÇáãÊÔÇÆãÉ¡
æáóÚóáóäÇ äÈÏà ãÚðÇ ÕÝÍÉ ÌÏíÏÉ äÚãá ÝíåÇ Úáì ÊÑÓíÎ ÇáÓóøáÇã ÇáÚóÇáãíøö¡ æÅÎãÇÏ
äíÑÇä ÇáÍÑæÈ ææÞÝ ÔáÇáÇÊ ÇáÏãÇÁ æÇáÝÑÇÑ ãä ÇáÃæØÇä¡ æÍá ÇáÞÖíÉ ÇáÝáÓØíäíÉ ÍáðÇ
ÚÇÏáÇð íÖãä ÇáÓáÇã æÇáÇÓÊÞÑÇÑ Ýí ÇáãäØÞÉ. ÝåÐå íÏí ããÏæÏÉ Åáíßã ááÚãá ÓæíøðÇ ãä
ÃÌá åÐå ÇáÃåÏÝ ÇáÅäÓÇäíÉ ÇáäÈíáÉ.. Ýåá ãä ãõÌíÈ¿
ÇáÓíÏÇÊ æÇáÓÇÏÉ:
Åäøó
ÇáÏíãæÞÑÇØíóøÉ ÇáóøÊí äÊØáÚ áÃä ÊÑÝÑÝ ÃÚáÇãåÇ ÚÇáíÉ ÎÝÇÞÉ Ýí ÈáÇÏäÇ ÇáÚÑÈíóøÉ
æÇáÅÓáÇãíóøÉ¡ áóÇ íãßä Ãä ÊÊÍÞóøÞ ÈÇáÍÑæÈ æÕÑÇÚ ÇáÍÖÇÑÇÊ æÇáÝæÖì ÇáÎáóøÇÞÉ
æÃäåÇÑ ÇáÏøöãÇÁ æÞÚÞÚÉ ÇáÓøöáÇÍ¡ Èá ÈÇáÊÈÇÏá ÇáÍÖÇÑí ÈíääÇ æÈíäßã¡ æÇáÍæÇÑ
ÇáãÊßÇÝÆ ÛíÑ ÇáãÓÊÈÏ¡ æÈÑÇãÌ ÊÈÇÏá ÇáÊÚáíã æÇáÕäÇÚÉ æÇáÊßäæáæÌíÇ.
æóãóÚó
Ãäóø ÇáÃÒåÑ ÏÇÆã ÇáÇåÊöãÇã ÈÊÌÏíÏ ÎØÇÈå æãäÇåöÌå ÇáÊÚáíãíóøÉ¡ ÅáøóÇ Ãäøóå ÖóÇÚóÝ
ãä åÐå ÇáãõåöãøóÉ Ýí ÇáÓóøäæÇÊ ÇáÃÎíÑÉ¡ æíÖíÞ ÇáæÞÊ Úä ÓóÑÏ ÇáÎØÉ ÇáÔóøÇãáÉ
ááÊÌÏíÏ æÇáÊØæíÑ¡ æíßÝí Ãäú ÊóÚúáóãõæÇ Ãäóø ÚõáóãóÇÁ ÇáÃÒåÑ íÊÕÏæä ÇáÂä Ýí ßá
ãßÇä ááÃÝßÇÑ ÇáãóÛáõæØÉ¡ ÇáÊí ÊóÍÑøöÝ ÇáÏøöíä æÊÓÊÛáå Ýí ÇáÏÚæÉ Åáì ÇáÝöÊäÉ
ÇáÚóãúíóÇÁ ÇáøóÊí ÊóÓúÊóÍöáø ÇáÏøöãóÇÁ æÊõÏóãøöÑ ÇáÃæØóÇä¡ æÐáß ãä ÎáÇá æÓÇÆá
ÚÏÉ ãäåÇ ÇáÞæÇÝá ÇáÊí ÊÌæÈ ÇáÚÇáã ááÏÚæÉ Åáì ÇáÓáÇã ÇáÚÇáãí¡ æÊõÍÕøöä ÚÞæá
ÇáÔÈÇÈ ãä ÇáÊÑÏí Ýí ÈÄÑÉ ÇáÅÑåÇÈ¡ æßÐáß ãä ÎáÇá ãÑÕÏ ÇáÃÒåÑ ÇáÅáßÊÑæäí ÇáÐí íÚãá
ÈáÛÇÊ ÚÏÉ¡ æäÊæÞÚ áå ÇäÊÔÇÑðÇ ÚÇáãíðÇ Ýí ÇáãÓÊÞÈá ÇáÞÑíÈ.
æÞÏ ÚÞÏ
ÇáÃÒåÑ ãÄÊãÑðÇ Ýí ÏíÓãÈÑ ãä ÚÇã 2014 ÏÚÇ Åáíå ÚáãÇÁ ÇáãÓáãíä ãä ÇáÔíÚÉ æÇáÓäÉ
æÑÄÓÇÁ ÇáßäÇÆÓ ÇáÔÑÞíÉ æÈÚÖ ÇáßäÇÆÓ ÇáÛÑÈíÉ æããËá ÇáÅíÒíÏííä ãä ÇáÚÑÇÞ¡ æÇäÊåì
Ýí ÈíÇäå ÇáÌãÇÚí Åáì ÅÏÇäÉ ßá ÇáÝÑÞ æÇáÌãÇÚÇÊ ÇáãÓáÍÉ æÇáãáíÔíÇÊ ÇáÊí ÊäÊåÌ
ÇáÚäÝ æÇáÅÑåÇÈ æÊÑæÚ ÇáÂãäíä¡ æÃä ÇáãÓíÍííä æÇáãÓáãíä Ýí ÇáÔÑÞ ÅÎæÉ ÚÇÔæÇ ãÚðÇ
Úáì ãÏì ÞÑæä ÚÏíÏÉ æÇáÌãíÚ ÚÇÒã Úáì ãæÇÕáÉ ÇáÚíÔ Ýí ÏæáÉ æØäíÉ ÊÍÞÞ ÇáãÓÇæÇÉ
æÊÍÊÑã ÇáÍÑíÇÊ¡ æÃä ÇáÊÚÑÖ ááãÓíÍííä æÛíÑåã ÈÇÓã ÇáÏíä åæ ÎÑæÌ Úä ÊÚÇáíã
ÇáÅÓáÇã¡ æÃä ÇáÊåÌíÑ ÇáÞÓÑí ÌÑíãÉ ãÓÊäßÑÉ äÌãÚ Úáì ÅÏÇäÊåÇ¡ æÞÏ äÇÔÏ ÇáÃÒåÑ
ÇáãÓíÍííä Ãä íÊÌÐÑæÇ Ýí ÃæØÇäåã ÍÊì ÊÒæá ãæÌÉ ÇáÅÑåÇÈ ÇáÐí äÚÇäí ãäå ÌãíÚðÇ.
æÇáíæã íÏíä ÇáÃÒåÑ ÌãíÚ ÇáÃÚãÇá ÇáæÍÔíÉ ÇáÊí íÞÊÑÝåÇ ÏÚÇÉ ÇáÅÑåÇÈ æÇáÊí ßÇäÊ ßæÊ
ÏíÝæÇÑ ÂÎÑ ãÓÇÑÍåÇ ÇáßÑíåÉ¡ æáÇ íÝæÊäÇ åäÇ Ãä äÚÒí ÇáÔÚÈ ÇáÃáãÇäí Ýí ÖÍíÊåã Ýí
åÐÇ ÇáÍÇÏË ÇáãÄÓÝ.
ÇáÓóøÜÜÜíÏÇÊ æÇáÓÇÏÉ:
íÚíÔ Ýí
ÃæÑæÈÇ Çáíæã ãÇ íóÞúÑõÈ ãä ÚÔÑíä ãáíæä ãõÓúáöã¡ ãÚÙãåã æáÏ Ýí ÃæÑæÈÇ æÃÕÈÍ
ÃæÑæÈíøðÇ ¡ æÃÞæá: íÌÈ Ãäú íÊãÊÚ åÄáÇÁ ÌãíÚðÇ ÈÇáãõÓóÇæÇÉ Èíäåã æÈíä ÇáãõæÇØöäíä
ãä ÃÕæá ÃæÑæÈíÉ¡ æÃáøóÇ ÊÊÑßæåã íÔÚÑæä ÈÃäøóåõã ãõåóÇÌöÑæä íóÚíÔõæä Úáì åÇãöÔ
ÇáãõÌÊóãóÚ¡ æíÝÊÞÏæä æáÇÁåã áãÌÊãÚåã ÇáÐí íäÊãæä Åáíå¡ ÝÇáæáÇÁ ááÃæØÇä åæ
«ÇáãóäÇÚóÉ» ÇáÞóæíóøÉ ÇáóøÊí ÊóÞöÝ ÖöÏóø ÇáÇäÒöáÇÞ Åáì ÇáÊóøØóÑøõÝ æÇáÚõäÝ.
åÐÇ æÅäóø
ÔõÚæÈ ÇáÔóøÑÞ ÇáÚóÑÈíøö æÇáÅÓáÇãíøö áÊäÙõÑ Åáì ÃæÑæÈÇ ÈÇÚÊÈÇÑåÇ ÇáÔøóÑíß ÇáÃÞÑÈ
Ýí ÍÖÇÑÉ ÇáÈÍÑ ÇáãõÊæÓØ¡ æãä Ëóãøó ÝÅäóø åÐå ÇáÔÚæÈ ÊÚæøöá Úáíßã ßËíÑðÇ Ýí
äåÖÇÊåÇ ÇáÊäãæíóøÉ æÇáÚáãíóøÉ¡ æáÇ íßæä Ðáß ÅáÇ ÈÇáÊÚÇæä ÇáãËãÑ æÈÇÍÊÑÇã ÅÑÇÏÉ
ÔÚæÈåÇ Ýí ÇÎÊíÇÑ ãÕÇÆÑåÇ æÑÓã ãÓÊÞÈáåÇ.
æãÑóøÉ
ÃõÎÑì ÃõßóÑøöÑ ãÇ ÞõáÊå ÂäÝðÇ ãä Ãä ÇáÃÒåÑ ÅäãÇ ÌÇÁ áíãÏ íÏå Åáíßã¡ æÅáì
ÇáÅÊøöÍÇÏ ÇáÃæÑæÈíøö ãä ÎáÇáßã.. ãä ÃÌá ÊÑÓíÎ ÚáÇÞÇÊ ÇáÅÎÇÁ ÇáÅäÓÇäí¡ æÇáÓóøáÇã
ÇáÚÇáóãíøö Èíä ÇáÔøóÑÞ æÇáÛóÑÈ ÈÕÝÉ ÚÇãóøÉ æÈíä ÇáÃÒåÑ æÇáãæÇØäíä ÇáãõÓúáöãíä Ýí
ÃæÑæÈÇ¡ ÇáøóÐíä ÃÊæÌóøå Åáíåã Ýí ÎÊÇãí ßóáöãóÊöí ÃãÇã åÐÇ ÇáÈóÑáãóÇä ÇáÚóÑíÞ
ÈÃäú íãËáæÇ ÇáäãæÐÌ ÇáÅäÓÇäí ÇáÑóøÇÞí ááÏøöíä ÇáÅÓáÇãíøö æáäÈíåã ÇáøóÐí ÈõÚËó
ÑóÍúãóÉð ááÚÇáóãíä ÌãíÚðÇ æáíÓ ááãõÓúáöãíä æÍÏåã.. æÇáÃÒåÑ ãÓÊÚÏ áÊÞÏíã ÇáãäÇåÌ
ÇáÊí ÊÚÕãßã ãä ÇáÇÓÊÞØÇÈÇÊ ÇáãäÍÑÝÉ¡ æÊÚíäßã Úáì ÊãËíá Ïíäßã ÇáÅÓáÇãí
ÈÍÓÈÇäå ÏíäðÇ ÕÇáÍÇð ááÊÚÇíÔ Ýí ßá ÒãÇä æãßÇä¡ æÊÐßøóÑæÇ Ãä Ïíäßã åÐÇ ßÇäÊ áå Ýí
ÞáÈ ÃæÑæÈÇ ÅÖÇÁÇÊñ ÅäÓÇäíÉñ æÍÖÇÑíÉñ¡ áÇ íÒÇá ÕÏÇåÇ íÊÑÏÏ Ýí ÃÑæÞÉ ÇáÌÇãÚÇÊ
ÇáÃæÑæÈíÉ ÍÊì íæã ÇáäÇÓ åÐÇ¡ æÍÓÈäÇ ãÇ ÔåÏ Èå ÇáÃÏíÈ ÇáÃáãÇäí¡ ÌæÊå æãä ÞÈáå
ÇáÃÏíÈ æÇáäÇÞÏ ÇáãÓÑÍí áíÓäÌ ááÅÓáÇã æÍÖÇÑÉ ÇáãÓáãíä..
áÞÏ ÃØáÊ
Úáíßã¡ æÚÐÑí Ãääí ÌÆÊ Åáíßã æÝí ÞáÈí Ããá¡ íÊÑÏÏ ãËáå Ýí ÞáæÈ ãáíÇÑ æÓÈÚãÇÆÉ
ãáíæä ãÓáã¡ Ýí ÇáÊÚÇíÔ ÇáÓáãí æÇáÍæÇÑ ÇáÍÖÇÑí Èíä ÇáÔÑÞ æÇáÛÑÈ¡ æáíÓ ÃÞÏÑ Úáì
ÊÍÞíÞ åÐå ÇáÃãäíÉ ãä åÐÇ ÇáÈÑáãÇä ÇáÚÑíÞ¡ ÇáÐí íãËá ÔÚÈðÇ íÞÏÑ ÇáÍÑíÉ
æÇáÏíãæÞÑÇØíÉ ÊÞÏíÑðÇ ÍÞíÞíðÇ¡ ÌÚáäÇ äÍÊÝÙ áÃáãÇäíÇ Ýí ÞáæÈäÇ ÈÔÚæÑ ÎÇÕ æËÞÉ
äÚÊÒ ÈåÇ. æäÚæá ÚáíåÇ Ýí ÚáÇÞÇÊ ãÊãíÒÉ Ýí ÇáãÓÊÞÈá Åä ÔÇÁ Çááå..
æÇáÓáÇã Úáíßã æÑÍãÉ Çááå æÈÑßÇÊå.
كلمة
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أمام الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة
للأمم المتحدة حول "ثقافة السلام"
استُعيض بالإسلام بوصفه عدواً مفترضاً
للغرب بدلاً من الشيوعية
مقر الأمم المتحدة ـ نيويورك
12 - 13 نوفمبر 2008
اليوم والجمعية العامة تتناول ملف "ثقافة السلام"، نرى
بجلاء تام أن هناك بوادر مقلقة تلوح في الأفق وتنذر بعدم الاستقرار والتوتر، بل
وحتى العداء. وما من شك في أن الواقع الحالي يتناقض بصورة كاملة مع الواقع الذي كان
سائداً في الماضي القريب. فطوال النصف الثاني من القرن المنصرم، تم طرح مجموعة من
المناهج ومحاولات الدعوة إلى الحوار بين الأديان. وتؤكد جميع هذه المناهج مجموعة من
المعتقدات والقيم المشتركة. وقد تم تفعيل هذه الأنشطة انطلاقاً من ضرورة معارضة
الردة التي كان التيار الشيوعي يروّج لها. وعقب تفكك الاتحاد السوفياتي في المراحل
الأخيرة من القرن المنصرم، تعرضت جهود الحوار بين الأديان لانتكاسة خطيرة، حيث
استُعيض بالإسلام بوصفه عدواً مفترضاً للغرب بدلاً من الشيوعية.
كما كان الإسلام في طليعة الجهود الرامية إلى تعبئة الحملة الموجهة لإلحاق
الهزيمة بالشيوعية. ومن المفارقات اللافتة أنه بعد هزيمة الإيديولوجية الشيوعية، تم
اختيار الإسلام كعدو جديد محتمل للغرب.
وعلى مدى العقدين المنصرمين، انتقل محور تركيز السياسة العالمية من الصراعات
السياسية والإيديولوجية بين القوى العظمى في العالم إلى ما يُسمى صراع الثقافات
والأديان، مما من شأنه أن يؤدي إلى إحداث شروخ خطيرة بين الحضارات العالمية على
نطاق دولي واسع.
ونحن نتطرق اليوم إلى هذه القضية الجوهرية، نلاحظ أن
هناك تركيزاً على توتر العلاقة بين المسيحية والعالم الإسلامي، وذلك على أساس
افتراض زائف ومغلوط يسود في الغرب، مفاده أن هناك خصومة أو عداوة أساسية وجوهرية
بين هاتين الحضارتين.
ويبدو أن نظرية صراع الحضارات المعروفة ونبوءتها المتحققة ذاتياً قد اكتسبت
الشرعية، وتأكدت بفضل سلسلة من الأحداث المؤسفة والصراعات في منطقة الشرق الأوسط
ومناطق أخرى من العالم. وقد
تم حشد أدوات وسائل
الإعلام التعبوية من أجل صياغة مفاهيم تربط بين الإسلام والإرهاب إلى حد أصبحت معه
عبارات من قبيل "المسلمين الإرهابيين" أمراً شائعاً. وقد غدت هذه الصورة المسيئة من
خلال ترويجها في وسائل الإعلام وتشويه صورة الإسلام والمسلمين، أكثر الروافد خطورة
وضراوة التي تغذي ظاهرة الإسلاموفوبيا أو "التخويف من الإسلام"، مما أفرز ممارسات
مقيتة وتحريضية ضد كل المسلمين دون أي تمييز. والمحصلة أن الإسلام، وهو دين
إبراهيمي يدل اسمه على معنى السلام، أصبح مرتبطاً في كثير من الأحيان بالعنف.
إن هذا الوضع لا يبشر بالخير بالنسبة للوئام والاستقرار على صعيد العلاقات
الدولية. وفي الواقع، فإن هذا الوضع يدعو إلى ضرورة اتخاذ تدابير فورية وملموسة
وبصورة جدية من أجل وضع حد لهذه الادعاءات والتوجهات المغلوطة.
وفي ظل هذه الأجواء المفعمة بالضبابية والهواجس، لا بد من الإقرار بحكمة
ومواءمة توقيت المبادرة التي أطلقها العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز.
إننا نرحب من أعماق قلوبنا بهذا النهج باعتباره رافداً يثري الجهود العالمية
المبذولة حالياً في سبيل إعادة أجواء السكينة والوئام على الساحة العالمية.
وبالمعنى نفسه، فإننا نؤيد هذه المبادرة وجميع الأنشطة والجهود المتصلة بها.
ولا ريب في أن هذه المبادرة التي اقترحها عاهل مرموق سوف تلقى القبول لدى كل من
يحرص على إشاعة وتكريس مبادئ التعايش السلمي والعلاقات الودية بين معتنقي مختلِف
أديان العالم.
أود أن أشير في هذا المقام إلى أن الأهداف الرئيسية التي تؤطر المبادرة لا
تدعو إلى وحدة دينية، بل تسعى إلى تبادل المعرفة ورفع مستوى الوعي بالقواسم
المشتركة بين جميع الأديان وتصحيح كل المفاهيم الخاطئة والرؤى المغلوطة من أجل
إحلال السلام والأمن والاستقرار في العالم بأسره. كما تدعو المبادرة إلى التركيز
على تجسيد توافق الأديان وتعزيز منظومة أخلاقية عالمية. كما أن الهدف من هذه
المبادرة لا يتمثل بجعل الأديان متشابهة أو متماثلة، بل الهدف الأسمى هو الإقرار
بالاختلافات باعتبارها تصب في خدمة احتياجات شعوب من مختلِف المعتقدات وتُجْلي
كيفية التفاعل بصورة خلاقة وفعالة مع تلك الاختلافات.
إن المبادرة السعودية تحث المجتمع الدولي على التركيز على القواسم المشتركة بين
الأديان، وأبرزها الإيمان العميق بالله سبحانه وتعالى وبالمبادئ السامية والقيم
الأخلاقية النبيلة. إن المبادرة تسعى إلى استئصال مشاعر الكراهية من خلال تكريس
مشاعر الحب، وإزالة التعصب الأعمى من خلال تعزيز التسامح، وتقويض الشر من خلال
ترسيخ قيم الفضيلة، وقطع دابر ممارسات الظلم من خلال توطيد العدالة، وإنهاء
الصراعات والحرب من خلال تجسيد مبدأ السلم والسلام، وتقويض التمييز العنصري من خلال
تكريس مبادئ الأخوة بين البشر.
ونحن نثمّن النجاحات الأولية التي سجلها منتدى تحالف الحضارات ونقدر أنشطته
الواقعية القائمة على مبدأ تحقيق الإنجازات، ونعتقد على الرغم من ذلك أن التحالف
يوفر عاملاً محفزاً للجهود الرامية إلى التعاطي مع عملية الحوار بين الثقافات. وفي
هذا السياق، يمكن لمنتدى تحالف الحضارات الاستفادة إلى حد كبير من مبادرة العاهل
السعودي. لكن الخطاب الذي تبناه العالم الإسلامي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر
2001 لتأكيد أن الإسلام دين سلام ووئام وحوار جدي، غير أنه هذا غير كافٍ. كما أن
المبادرة السعودية تسعى إلى تجاوز هذا النهج وتتطلع إلى إطلاق حوار وخطاب جديد
ينبني على أساس الحوار بين الأديان في مرحلتنا الراهنة.
وأود أن أؤكد هنا أن التسامح كان ولا يزال جوهر الدين الإسلامي، لأن مبدأ
التسامح ينبع من طبيعة هذا الدين العالمي. فالإسلام ليس ديناً جديداً أو إقصائياً،
بل هو جزء لا يتجزأ من تاريخ الأديان كلها، إذ إنه يمثل استمراراً وتأكيداً للحقائق
المدرجة ضمن الكتب المقدسة السابقة. وقد مر باختبار طوال 1400 عام وأثبت أنه دين
سلام وتعددية واعتراف بالآخر.
إن منظمة المؤتمر الإسلامي، ومن خلال سعيها الدائب إلى تعزيز روح الحوار بين
الثقافات قد اقترحت في عام 1998 مبادرة للحوار بين الحضارات باعتبارها تمثل رداً
متمدناً وحضارياً لنظريات صدام الحضارات. وقد لقيت هذه المبادرة تأييد الجمعية
العامة للأمم المتحدة التي شرعت في تفعيلها خلال عام 2001. كما أن هذه المبادرة
أفرزت آثاراً عميقة على السلام والأمن الدوليين.
وباعتبار منظمة المؤتمر الإسلامي هي المنظمة الحكومية الدولية الرسمية الوحيدة التي
تمثل العالم الإسلامي، فإننا نؤمن إيماناً راسخاً بأن تنوع الثقافات والأديان يمثل
جزءاً لا يتجزأ من العالم الذي نعيشه. وينبغي لنا أن نعتبر هذه الحقيقة رافداً
جوهرياً بإمكاننا استثماره لجعل عالمنا أكثر إنسانية وإنصافاً وتجانساً.
إننا نعتقد في المنظمة أنه من واجبنا جميعاً أن نبذل قصارى جهدنا لتثقيف الناس
العاديين للتعاطي مع الثقافة والحضارة باعتبارهما تراثاً إنسانياً عالمياً أسهمت في
بنائه البشرية جمعاء والذي ينبغي للجميع أن يساهم في توسيعه وإثرائه. إن هذا
المفهوم يتلاءم إلى حد كبير مع واقع عصرنا، وتمثل مواءمته شرطاً لإجراء حوار مجدٍ
ومثمر بين الأديان ودعم العلاقات المتبادلة بين الأديان، مما من شأنه أن يؤدي إلى
تعميق التفاهم والوفاق والوئام بين جميع الأمم وتدشين عهد جديد من السلام المتين
والمستدام.
عشرات المحتجزين الذين يخضعون لتحقيق تجريه لجنة سعودية جديدة
لمكافحة الفساد
الموقوفون في السعودية من امراء ووزراء بتهم فساد
2017-11-5 عمون - أوقفت لجنة مكافحة الفساد السعودية التي شكلت
مساء 11-4
بأمر صادر عن الملك سلمان، والتي يرأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عدداً
من الأمراء والوزراء السابقين.
كما أعادت فتح ملف سيول جدة والتحقيق في قضية وباء كورونا.
وقال تلفزيون العربية إن اللجنة أمرت باحتجاز 11 أميرا وأربعة وزراء حاليين
وعشرات الوزراء السابقين.
وكان سلمان بن عبدالعزيز، أصدر مساء
11-4 أمراً
بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد، وعضوية رئيس هيئة
الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة
العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، من أجل متابعة قضايا المال العام ومكافحة
الفساد.
وألقت السلطات السعودية القبض على أمراء ووزراء ومسؤولين ورجال أعمال على خلفية
قضايا فساد وأخرى تتعلق باستغلال السلطة وغسل الأموال، ولم تكشف المصادر عن عدد
المقبوض عليهم حتى الآن.
وذكر نص الأمر الملكي السعودي في بيان مهمة اللجنة المكلفة برئاسة ولي العهد
كالتالي:
- حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام.
ـ التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ
وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل
الأشخاص والكيانات أيا كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها
حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب
الأحوال.
ـ اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص
والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات
الدولة، ولها تقرير ما تراه محققا للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا
تجاوبهم معها.
والموقوفون بحسب وكالة سبق السعودية هم:
- إيقاف الأمير تركي بن ناصر الرئيس العام السابق للأرصاد بتهمة توقيع صفقات سلاح غير نظامية وصفقات في مصلحة الأرصاد
والبيئة .
- إيقاف الأمير الملياردير الوليد بن طلال، الذي
يملك شركة المملكة القابضة، في قضايا غسيل للأموال .
- إيقاف الأمير 'م .ع' بتهم اختلاسات وصفقات وهمية وترسية عقود على شركات تابعة له
، إضافة إلى صفقات سلاح في وزارته .
- إيقاف رجل الأعمال الوليد البراهيم؛ مالك مجموعة قنوات 'إم بي سي' المجموعة التلفزيونية الأكبر عربيا بعدة تهم
تتعلق بالفساد .
- إيقاف عادل فقية وزير الإقتصاد والتخطيط بتهم الفساد وقبول الرشاوي وسيول جدة .
- إيقاف خالد التويجري؛ رئيس الديوان الملكي السابق بتهم الفساد وأخذ الرشاوي.
- إيقاف محافظ هيئة الاستثمار الأسبق عمرو الدباغ؛ بعدة تتهم تتعلق بالفساد والتلاعب في
أوراق المدن الاقتصادية.
- إيقاف الأمير تركي بن عبدالله؛أمير الرياض السابق بتهم فساد .
- إيقاف رجل الأعمال الشهير
صالح كامل
وابنيه عبد الله ومحيي الدين، بتهم الفساد وتقديم الرشاوى.
- إيقاف وزير المالية السابق
إبراهيم العساف؛ بتهم الفساد وقبول الرشاوي في عدة مواضيع من
ضمنها توسعة الحرم الشريف .
- إيقاف محمد
الطبيشي؛ رئيس المراسم الملكية في الديوان الملكي سابقاً، بعدة تهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال السلطة .
- إيقاف المقاول المعروف
بكر بن لادن؛ رئيس مجلس إدارة مجموعة بن لادن بعدة تهم تتعلق بالفساد بمشاريع عديدة وتقديم
الرشوة لعدد من المسؤولين في توسعة الحرم .
- إيقاف خالد الملحم مدير عآم الخطوط السعودية السابق بتهم الفساد والاختلاس.
- إيقاف سعود الدويش؛ رئيس مجلس إدارة شركة الإتصالات السعودية بتهم الفساد وترسية عقود
على شركاته الخاصة واختلاس أموال الشركة .
- إيقاف رجل الأعمال
المعروف محمد العمودي بعدة تتهم تتعلق بالفساد وتقديم الرشاوي
والاحتيال.
- إيقاف الأمير فهد بن
عبد الله بن محمد نائب وزير الدفاع وقائد البحرية السابق بعدة تهم تتعلق
بالفساد .
- إيقاف عبدالله السلطان؛ قائد القوات البحرية المعفى
- الأمير متعب بن عبد الله،وزير
الحرس الوطني المعفي.
مجتهد : بن سلمان يريد سرقة اموال ابناء عمومته وشعار
مكافحة الفساد ضحك على اللحى
2017-11-8 - كشف المغرد الشهير “مجتهد” تفاصيل جديدة عن
حملة الإعتقالات التي طالت عدداً من الأمراء والوزراء في السعودية، مشيراً إلى أن
الخطوة التالية في أعقاب هذه الحملة تتمثل في إقالة عدد من أمراء المناطق منهم امير
تبوك ومكة والشرقية والرياض وتعيين خواص ولي العهد محمد بن سلمان.وقال
“مجتهد” إن وصف الحملة بأنها “ضد الفساد” ليس لها من الحقيقة نصيب وأن ابن سلمان
يريد تحقيق هدفين من هذه الحملة، أولهما “الاستيلاء على أكبر كمية من المال
للاستحواذ عليها له شخصيا من خلال صندوق الاستثمارات العامة ومشاريع شركة نسما
والفتات للميزانية”. أما الهدف الثاني -بحسب مجتهد- فهو
“استخدام محاربة الفساد مبررا لإرهابهم وغيرهم ممن قد قد يتمردوا عليه ولو بالكلام
ويتحقق بذلك إزالة العقبات أمام وصوله للملك”.
ويوضح “مجتهد”: “بعد أن بين التقرير التريليونات التي بحوزة الأمراء قرر شن الحملة
بزعم محاربة الفساد وأن يتزامن مع إعفاء متعب حتى يقدّم متعب كأحد الفاسدين”.
وأردف: “لم تكن الفكرة لتنفذ لولا إقالة متعب وهي تغيير طاقم الداخلية بطاقم أمن
الدولة وفريق ضخم من المصريين ومرتزقة البلاكووتر”.
وبسبب هذا التغيير فإن الجهاز الأمني متماسك ودقيق في التنفيذ رغم ضخامة المهمة
وخطورة المستهدفين ولم تسجل اعتراضات ولا حالات تمرد أو تردد.. بحسب -مجتهد-.
ويؤكد مجتهد أن الحملة تجاوزت إيقاف المستهدفين إلى محاصرة شخصيات أخرى
وإبقائهم تحت الإقامة الجبرية والتحري عن آخرين لم يتضح إن كانوا في الداخل أو
الخارج. وذكر أن “ابن سلمان” تعمد تضخيم الحملة إعلاميا
بطريقة مرعبة وذلك لتخويف من لم يستهدف بأن ينطوي على نفسه ولا يفكر بعمل شيء وإلا
فسيأتيه الدور.
وختم “مجتهد” سلسلة تغريداته بالإشارة إلى أنّه سيكشف غدا
معلومة خطيرة عن العلاقة الخاصة بين ابن سلمان وترامب
تفسر تصرفات ترامب المخالفة “لمصلحة أمريكا “مثل دعمه ضد
ابن نايف ودعمه ضد قطر.
الرئيس الأمريكي ترامب
قال إن الموقوفين
في الحملة كانوا "يستنزفون بلدهم لسنوات".
وقالت الخارجية
الأمريكية إنها حثت السعودية على إجراء أي مقاضاة للمسؤولين الموقوفين بطريقة "عادلة
وشفافة".
الرئيس المصري محمد مرسي يكرم السادات
الرئيس المصري الراحل
كيف ولماذا تفشل الدول؟
أسئلة تجيب عليها فورين
بوليسي
الدول "الفاشلة" وتحميلها
مسئولية انتشار الظواهر الأمنية السلبية في العالم.
ازداد الاهتمام الأكاديمي بالدول الفاشلة وبتصنيفاتها وبطرائق التعامل معها
واحتواء أخطارها المباشرة وغير المباشرة.
الدول
الفاشلة ..،الفساد وسوء
الإدارة هما حجر الأساس
تقرير واشنطن ـ رنا أبو عمرة
منذ عام 2005 تصدر مجلة السياسة الخارجية مقياسها
السنوي للدول الفاشلة (Failed State )، وهو ثمرة جهد مشترك بين المجلة مع صندوق
السلام وفي عددها الأخير الصادر عن شهري يوليو/ أغسطس أصدرت المجلة تقريرها السنوي
الخامس عن الدول الفاشلة
عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 زادت أهمية مصطلح
"الدول الفاشلة"، فأضحى يُنظر إلى تلك الدول من منظور أمني دفاعي بحت بمعزل عن
المنظور التنموي الذي كان المعني بهذه الظاهرة؛ لاتهام تلك الدول "الفاشلة" بتفريخ
الإرهاب والتطرف الذي لم يضر بمجتمعها فحسب، بل أضر بالأمن الأمريكي على أرضه،
ناهيك عن تحميلها مسئولية انتشار الظواهر الأمنية السلبية في العالم. ولذا ازداد
الاهتمام الأكاديمي بالدول الفاشلة وبتصنيفاتها وبطرائق التعامل معها واحتواء
أخطارها المباشرة وغير المباشرة.
يتم تعريف "الدول الفاشلة" على أنها تلك الدولة التي لا
تستطيع القيام بالوظائف الأساسية المنوطة بها (توفير الأمن، تقديم الخدمات العامة،
إدارة آليات السوق، الإدارة الكفء للتنوع الاجتماعي في الداخل بل وتوظيفه) بالإضافة
إلى معاناة مؤسساتها من الضعف الهيكلي والوظيفي.
باختصار هي الدولة غير القادرة على القيام بمسئولياتها
السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية
والدولية. وتزداد خطورة هذه الدول مع ازدياد حدة الأزمات لأن الدولة الفاشلة غير
مهيأة لمواجهة المستجدات والمخاطر الداخلية والخارجية، تلك الأزمات التي تبرز عوامل
"الفشل" الكامنة في الدولة، وتزيد من احتمالات تحول هذه الدولة إلى تهديد للسلام
والاستقرار الدوليين.
يرتب المقياس 177 دولة حسب درجة إخفاقها في أداء
وظائفها. ويعتمد التصنيف على تحديد مؤشرات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية قابلة
للقياس الكمي تُعبر عن وضع الدول في هذه المجالات. كما تعبر تلك المؤشرات عن كفاءة
أداء ووظيفية نظام الحكم القائم وقدرته على القيام بالمهام المنوطة بالدولة.
كثر في الآونة الأخيرة
الحديث عن الشفافية دون التطرق الى المساءلة وذلك في أحاديث العديد من المسؤولين
بالدول العربية .. فماذا تعني هذه الكلمة .. الشفافية ؟ وأين ذهبت المساءلة ؟
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي :الشفافية
والمساءلة مقوم أساسي من مقومات الحكم الصالح
الشفافية والمساءلة مقوم أساسي من مقومات الحكم الصالح
الذي يشكل شرطا مسبقا من شروط تحقيق التنمية البشرية والتي تمثل بدورها الهم
الرئيسي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والهدف النهائي لجميع برامجه وأنشطته.
الشفافية والمساءلة مفهومان مترابطان
يعزز كل منهما الآخر. ففي غياب الشفافية لا يمكن وجود المساءلة، وما لم يكن هناك
مساءلة فلن يكون للشفافية أية قيمة. ويسهم وجود هاتين الحالتين معا في قيام إدارة
فعالة وكفؤة ومنصفة على صعيد المؤسسات العامة والخاصة.
الشفافية ظاهرة تشير الى تقاسم
المعلومات والتصرف بطريقة مكشوفة. فهي تتيح لمن لهم مصلحة في شأن ما أن يجمعوا
معلومات حول هذا الشأن قد يكون لها دور حاسم في الكشف عن المساوئ وفي حماية مصالحهم.
وتمتلك الأنظمة ذات الشفافية إجراءات واضحة لكيفية صنع القرار على الصعيد العام،
كما تمتلك قنوات اتصال مفتوحة بين أصحاب المصلحة والمسؤولين، وتضع سلسلة واسعة من
المعلومات في متناول الجمهور.
تقوم الشفافية على التدفق الحر
للمعلومات. وهي تتيح للمعنيين بمصالح ما أن يطلعوا مباشرة على العمليات والمؤسسات
والمعلومات المرتبطة بهذه المصالح، وتوفر لهم معلومات كافية تساعدهم على فهمها
ومراقبتها. وتزيد سهولة الوصول الى المعلومات درجة الشفافية. ولكي تكون المؤسسات
المستجيبة لحاجات الناس ولمشاغلهم منصفة، عليها أن تكون شفافة وأن تعمل وفقا لسيادة
القانون. فإصلاح مؤسسات الدولة
وجعلها أكثر كفاءة ومساءلة وشفافية ركن أساسي من أركان الحكم الصالح. وتعتمد
شفافية الجهاز البيروقراطي اعتمادا كبيرا على توفر المعلومات وصحتها. ويتطلب النقاش
النشط حول قضايا السياسات العامة، وهو نقاش من صلب الإدارة العامة الصالحة، من
الحكومات توفير البيانات المتعلقة بالحسابات القومية وميزان المدفوعات والعمالة،
وتكلفة المعيشة. وترتبط نوعية عملية صنع القرار والمخاطر والتكاليف المترتبة عليها
بطبيعة المعلومات التي يتم تزويدها لصناع القرار. فمن الواضح أن الحكومة مصدر رئيسي
للمعلومات ومستخدم رئيسي لها في آن واحد.
فسياسات الحكومات عرضة للتأثر
بمعلومات ذات نوعية رديئة بنفس القدر الذي تشكل فيه المعلومات المتعلقة
بالاقتصاد وبأوضاع السوق عنصر أساسي لقدرة القطاع الخاص على إجراء حسابات صحيحة.
الشفافية عنصر رئيسي من عناصر المساءلة
البيروقراطية يترتب عليه جعل جميع الحسابات العامة وتقارير مدققي الحسابات متاحة
للفحص العمومي الدقيق. فالشفافية
تقي من الاخطاء الحكومية، ومن ارتكاب خطأ في تقدير الموارد،
ومن الفساد. وقد تمّ توجيه
جهود المساهمين الخارجيين في عملية تعزيز الشفافية نحو مساعدة الحكومات على جعل
الموازنات وبرامج الإنفاق العام أكثر شفافية. تشكل حماية البيئة وجميع أشكال
الإدارة المالية مجالات أخرى يكون فيها للشفافية دور حاسم على صعيد الفعالية وعلى
صعيد احتواء الفساد. فالإدارة أو الوكالة المالية بوجه خاص تتيح فرصة كبيرة لارتكاب
المخالفات من جانب الموظفين والإخلال بالأمانة في العمل. وتستطيع وسائل الاعلام
إحداث قدر كبير من التأثير في هذا الميدان.
المساءلة: يعرّف برنامج الأمم المتحدة
الإنمائي المساءلة على أنها الطلب
من المسؤولين تقديم
التوضيحات اللازمة لأصحاب المصلحة حول كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم،
والأخذ بالانتقادات التي توجه لهم وتلبية المتطلبات المطلوبة منهم
وقبول (بعض) المسؤولية عن
الفشل وعدم
الكفاءة أو عن الخداع والغش.
يمكن لآليات
وضع المسؤولين موضع مساءلة
أن تكون فيما بين المؤسسات الحكومية المختلفة؛ أو داخل المؤسسات بين المشرفين
والمرؤوسين؛ أو أن تتعدى المؤسسات، مثلا عندما يتوجب على مؤسسة وموظفيها الإجابة
مباشرة على أسئلة الزبائن أو كل من لهم مصلحة في المؤسسة. ويمكن لآليات المساءلة أن
تتناول قضايا تبحث في من هم الذين يحتلون مواقع المسؤولية في المؤسسات
وفي طبيعة القرارات التي يتخذونها.
تتطلب المساءلة وجود حرية معلومات وأصحاب مصلحة قادرين على تنظيم أنفسهم وسيادة
القانون.
تشكل المساءلة البيروقراطية، خصوصا من
حيث علاقتها بإدارة الأموال العامة، معيارا آخرا من معايير الإدارة العامة السليمة.
وتتطلب المساءلة وجود نظام لمراقبة وضبط أداء المسؤولين الحكوميين والمؤسسات
الحكومية، خصوصا من حيث النوعية وعدم الكفاءة أو العجز وإساءة استعمال الموارد. ومن
الضروري أيضا وجود نظم صارمة للإدارة والوكالة المالية، وللمحاسبة والتدقيق،
ولجباية الإيرادات (الرسوم الجمركية، مثلا) جنبا إلى جنب مع عقوبات تطبّق بحق
مرتكبي المخالفات المالية والإدارية.
من أجل إحراز شكل أكثر كفاءة وأكثر
إنصافا من أشكال الإدارة، تجري معظم حكومات الدول النامية إصلاحات جارفة لأجهزتها
البيروقراطية. فإصلاح مؤسسات
الدولة لكي تصبح أكثر كفاءة
ومساءلة وشفافية هو ركن من أركان
الحكم الصالح. ويتطلب الإصلاح الفعّال إلتزاما سياسيا يجب أن يحظى بمساندة
القطاع الخاص والمجتمع المدني. وقد امتدت تجربة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في
مجال المعرفة الفنـّية لإصلاح الإدارة العامة ولإدارة عملية التنمية من العمل
الريادي في مجال تقييم التعاون الفنـّي على الصعيد الوطني وبرامجه إلى دعم جهود
الإصلاحات الشاملة لسلك الخدمة المدنية. وسعى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في
العديد من الدول إلى إيجاد شركاء أساسيين وإلى التعامل مع ائتلافات قوية سياسيا،
وعثر على مداخل ملائمة إلى هذه الدول، وأطلق حوارا حول السياسات المتبعة جمع ما بين
أصحاب المصلحة والمستفيدين، وأدخل الإصلاحات بطريقة ممرحلة وشاملة.
شددت جهود برنامج الأمم المتحدة
الإنمائي في الكثير من هذه الدول على تدخلات تستند إلى مستويات التعليم العالية
للناس ومساعدتهم على اكتساب سبل الوصول إلى المعرفة والمعلومات والتجارب والخبرات
من الخارج التي تعينهم على تطوير قدرات تعكس أولويات الإصلاح. وكانت تلك الإصلاحات
شاملة تدمج أحيانا عدة عمليات مترابطة، وتؤكد بوجه عام على الحكم الصالح وعلى إطار
مستقر للإقتصاد الكلي. كما أن تطوير مؤسسات ديمقراطية وقابلة للمساءلة (بما فيها
الأحزاب السياسية والاتحادات المهنية الحرة ووسائل الإعلام) مسألة حاسمة بالنسبة
للإصلاح الإداري. ويعتبر تقديم الدعم لمنظمات القطاع الخاص والمجتمع المدني الناشئة،
خصوصا في مجال تطوير قدراتها الإدارية وفي مجال المساءلة، من الأولويات.
يجب أن يكون صناع القرار في الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني
عرضة للمساءلة من قبل الجمهور، فضلا عن مسؤوليتهم
أمام أصحاب المصلحة في المؤسسات المختلفة. وتتفاوت العمليات التي تضمن حصول
المساءلة تبعا لنوع المؤسسة أو المنظمة وما إذا كانت عملية صنع القرار تتخذ في داخل
المؤسسة أو تأتي من خارجها
حول
قانون الولايات المتحدة الأميركية للمنح
حضرة
العزيزات الكريمات،
تحياتنا من الصندوق العالمي للمرأة. نكتب لنشارككن آخر المستجدات فيما يتعلق
بالأجواء السياسية والقانونية في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أّثرت على قدرة
الصندوق العالمي لتقديم المنح الداعمة لتعزيز حقوق المرأة في العالم. نعتقد أنه من
الضروري أن نكون منفتحون وشفافون مع شركائنا، حتى يستطيعوا فهم الظروف والتقييدات
التي علينا العمل في ظلها بشكل كامل وواضح.
كما
تعلمن، الصندوق العالمي للمرأة هو مؤسسة عالمية للنساء تتمركز في الولايات المتحدة،
وتقدم الدعم لمجموعات حقوق المرأة في 160 دولة. خلال 17 عامًا من تاريخ الصندوق
العالمي، تم تقديم أكثر من 38 مليون دولار كدعم، لأكثر من 2600 مؤسسة. إن فلسفة
الدعم لدينا تستند للاحترام والثقة لشركائنا وللمؤسسات الممولة لعملنا. لا نقبل أي
دعم حكومي سواء من حكومة الولايات المتحدة او من أية حكومة أخرى. وهذا منحنا في
السابق قدرًا من الاستقلالية في قدرتنا لدعم المجموعات بناء على توجهاتها وبرامجها
التي تمكن النساء من تعزيز حقوقهن بطرق خلاقة ومبدعة.
منذ
الاعتداء على الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2001 ، أصبحت الأجواء التي يعمل
فيها الصندوق العالمي للمرأة تطرح تحديات متعاظمة. هنا في الولايات المتحدة تعاظمت
الرقابة والأمن من قبل حكومة الولايات المتحدة للمؤسسات المختلفة كالصندوق العالمي،
اللذين يقدمون الدعم المالي لجماعات خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي
مسعاها لمنع استخدام التمويل الخيري لدعم ما يسمى "بالإرهاب"، مع أنه لم يعرف حتى
الآن بوضوح، فإن حكومة الولايات المتحدة أصدرت قوانين وتعليمات جديدة تمنع وتعاقب
أية مؤسسة أمريكية تدعم، علمًا أو عن غير قصد، مجموعات أو أفراد مدرجة على قائمة
الحكومة الأمريكية "للإرهاب" ( تحديدا: " قائمة المواطنون والشخصيات المعروفة
المحظورة) والتي يمكن الحصول عليها عبر الانترنت على:
http://www.treas.gov/offices/enforecement/ofac/sdnl/.
العقوبات المفروضة لتزويد الدعم لأفراد او مجموعات على هذه القائمة، يمكن أن تتراوح
بين تجميد ممتلكات وأموال المؤسسة إلى فقدان صفة المؤسسة غير الربحية، إلى التجريم
القانوني.
من اجل
تجنب عقوبات كهذه، طلبت حكومة الولايات المتحدة من كافة المؤسسات الأمريكية، التي
تقدم الدعم والمنح المالية لمجموعات أو أفراد خارج الولايات المتحدة، وبشكل "طوعي"،
التوجه لفحص أسماء المجموعات " المتقدمة للمنحة" والطاقم الرئيسي العامل فيها، وفق
" قائمة الإرهاب".
نحن
قلقون جدًا من هذه الإجراءات، والتي يظهر أنها تحد وتقيد جهود مهمة لتحقيق العدالة
الاجتماعية في الولايات المتحدة وفي العالم اجمع. وفي الوقت نفسه، ندرك أن مئات
المجموعات النسوية في العالم تعتمد على الدعم المالي المستمر للصندوق العالمي. هذه
المنح أصبحت أكثر صعوبة في ظل الأجواء العالمية حيث مصادر الدعم لحقوق المرأة تتقلص،
ويتم تحويلها للحروب ومكافحة الإرهاب. نعتقد أنه في ظل أجواء التحدي هذه، من
الضروري جدًا أن يستمر الصندوق العالمي بتقديم الدعم لحقوق المرأة، ولا نريد أن
نعرض هذا العمل للخطر. لذلك بعد استعراض جاد قرر الصندوق العالمي حاليًا أن يستعرض
تلك القائمة كما أوصي به، وقد قمنا بذلك منذ إصدار التعليمات في العام 2003 ، من
أجل حماية عملنا المشترك ولتأمين فرص لأغلبية مجموعاتنا النسوية بالاستمرار الحصول
على الدعم المناسب.
بروح
هذه الشفافية، يود الصندوق العالمي للمرأة أن يعلم كافة المستفيدين وطالبي الدعم
والمنح، أننا ارتأينا تطبيق متطلبات "قائمة الفحص" كجزء من إجراءات المنح والدعم.
الرجاء التأكد والثقة أن الصندوق العالمي غير مطلوب منه التبليغ، وسوف لن يبّلغ، عن
أية تطابقات قد تظهر عند فحص القائمة. وفي جهودنا لتأمين تعاوننا المشترك، فإن أية
معلومات حول كافة المؤسسات الشريكة لنا ستبقى في منتهى السرية. إضافة لذلك، يترافق
مع عمل الصندوق العالمي استراتيجية التعليم العام والتعبئة والضغط، بالتعاون مع
مؤسسات عالمية تتفق وتوجهاتنا. نعمل معًا من اجل تحدي وتغيير هذه القوانين والأنظمة
التي لها تأثير واضح على الدعم العالمي. وقد تضمن ذلك تقديم منحة مالية للمساهم في
مشروع إسمه " تقوية العطاء الإجتماعي في عصر الإرهاب". هدف المشروع هو توعية حكومة
الولايات المتحدة حول دور العطاء الإجتماعي وتقديم المنح في تعزيز العدالة
الإجتماعية وبالتالي معالجة الجذور الأساسية لما يسمى بالإرهاب.
نتفهم
أن الكثير منكن قد تساوره الشكوك والأسئلة حول هذا الوضع الناشئ، ونحن نرحب بأية
ملاحظات. أيضًا نأمل دعمكن وتفهمكن لهذه الخطوات المتعلقة بقرارنا الصعب. أخيرًا
نود التأكيد على التزامنا بالحركة النسوية العالمية، وللإعلان العالمي لحقوق
الإنسان كإطار يرشد عملنا.
المخلصين ،كافيتا ن. رامدس الرئيسة
مدونة لقواعد سلوك
الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين
المؤرخ في 17 كانون
الأول/ديسمبر 1979 - بموجب
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/169
المادة 1
على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، في جميع
الأوقات، أن يؤدوا الواجب الذي يلقيه القانون على عاتقهم، وذلك بخدمة المجتمع
وبحماية جميع الأشخاص من الأعمال غير القانونية، على نحو يتفق مع علو درجة
المسؤولية التي تتطلبها مهنتهم.
التعليق
(أ) تشمل عبارة "الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين"
جميع الموظفين المسؤولين عن تنفيذ القانون الذين يمارسون صلاحيات الشرطة، ولا سيما
صلاحيات الاعتقال أو الاحتجاز، سواء أكانوا معينين أم منتخبين،
(ب) في البلدان التي تتولى صلاحيات الشرطة فيها السلطات العسكرية، سواء أكانت بالزي
الرسمي أم لا، أو قوات أمن الدولة، يعتبر تعريف "الموظفون المكلفون بإنفاذ
القوانين" شاملا لموظفي تلك الأجهزة،
(ج) يقصد بخدمة المجتمع أن تشمل، بوجه خاص، تقديم خدمات لمساعدة أفراد المجتمع
المحتاجين إلى مساعدة فورية لأسباب طارئة، شخصية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو
من أي نوع آخر،
(د) يقصد بهذا الحكم أن لا يقتصر على تغطية جميع أعمال العنف والسلب والأذى وحدها
بل أن يتخطى ذلك ليشمل كامل مجموعة المحظورات التي تقع تحت طائلة القانون الجنائي.
وهو يشمل أيضا سلوك الأشخاص غير القادرين على تحمل المسؤولية الجنائية.
المادة 2
يحترم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، أثناء قيامهم
بواجباتهم، الكرامة الإنسانية ويحمونها، ويحافظون على حقوق الإنسان لكل الأشخاص
ويوطدونها.
التعليق
(أ) إن حقوق الإنسان المشار إليها محددة ومحمية
بالقانون الوطني والدولي. ومن الصكوك الدولية ذات الصلة: الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإعلان حماية جميع
الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو
اللاإنسانية أو المهنية، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز
العنصري، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية
الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، واتفاقية منع جريمة الإبادة
الجماعية والمعاقبة عليها، والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، واتفاقية
فيينا للعلاقات القنصلية،
(ب) ينبغي أن تذكر التعليقات الوطنية على هذه المادة الأحكام القانونية الإقليمية
أو الوطنية التي تحدد هذه الحقوق وتنص على حمايتها.
المادة 3
لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال
القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وفى الحدود اللازمة لأداء واجبهم.
التعليق
(أ) يشدد هذا الحكم على أن استعمال القوة من قبل
الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ينبغي أن يكون أمرا استثنائيا، ومع أنه يوحي
بأنه قد يكون من المأذون به للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يستخدموا من
القوة ما تجعله الظروف معقول الضرورة من أجل تفادى وقوع الجرائم أو في تنفيذ
الاعتقال القانوني للمجرمين أو المشتبه بأنهم مجرمون، أو المساعدة على ذلك، فهو لا
يجيز استخدام القوة بشكل يتعدى هذا الحد،
(ب) يقيد القانون الوطني في العادة استعمال القوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ
القوانين وفقا لمبدأ التناسبية. ويجب أن يفهم أنه يتعين احترام مبادئ التناسبية
المعمول بها على الصعيد الوطني في تفسير هذا الحكم. ولا يجوز بأية حال تفسير هذا
الحكم بما يسمح باستعمال القوة بشكل لا يتناسب مع الهدف المشروع المطلوب تحقيقه،
(ج) يعتبر استعمال الأسلحة النارية تدبيرا أقصى. وينبغي بذل كل جهد ممكن لتلافي
استعمال الأسلحة النارية، ولا سيما ضد الأطفال. وبوجه عام، لا ينبغي استعمال
الأسلحة النارية إلا عندما يبدى الشخص المشتبه في ارتكابه جرما مقاومة مسلحة أو
يعرض حياة الآخرين للخطر بطريقة أخرى وتكون التدابير الأقل تطرفا غير كافية لكبح
المشتبه به أو لإلقاء القبض عليه. وفى كل حالة يطلق فيها سلاح ناري ينبغي تقديم
تقرير إلى السلطات المختصة دون إبطاء.
المادة 4
يحافظ الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على سرية ما
في حوزتهم من أمور ذات طبيعة سرية ما لم يقتض خلاف ذلك كل الاقتضاء أداء الواجب أو
متطلبات العدالة.
التعليق
يحصل الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، بحكم
واجباتهم، على معلومات قد تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد أو يمكن أن تضر بمصالح
الآخرين، وبسمعتهم على وجه الخصوص. ولذلك ينبغي توخي الحرص الشديد في الحفاظ على
هذه المعلومات واستخدامها، ولا ينبغي إفشاء هذه المعلومات إلا بحكم أداء الواجب أو
خدمة العدالة. وأي إفشاء لهذه المعلومات لأغراض أخرى أمر غير مشروع على الإطلاق.
المادة 5
لا يجوز لأي موظف من الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين
أن يقوم بأي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو
اللاإنسانية أو المهينة، أو أن يحرض عليه أو أن يتغاضى عنه، كما لا يجوز لأي من
الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يتذرع بأوامر عليا أو بظروف استثنائية كحالة
الحرب، أو التهديد بالحرب، أو إحاقة الخطر بالأمن القومي، أو تقلقل الاستقرار
السياسي الداخلي، أو أية حالة أخري من حالات الطوارئ العامة، لتبرير التعذيب أو
غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
التعليق
(أ) هذا الخطر مستمد من إعلان حماية جميع الأشخاص من
التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو
المهينة، وهو الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة، والذي جاء فيه:
"(أن أي عمل من هذه الأعمال) امتهان للكرامة الإنسانية ويجب أن يدان بوصفه إنكارا
لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص
عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (وغيره من الصكوك الدولية الخاصة بحقوق
الإنسان)"،
(ب) يعرف الإعلان التعذيب كما يلي:
"يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عناء شديد، جسديا كان أو عقليا، يتم إلحاقه
عمدا بشخص ما بفعل أحد الموظفين العموميين أو بتحريض منه، لأغراض مثل الحصول من هذا
الشخص أو من شخص آخر على معلومات أو اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في
أنه ارتكبه، أو تخويفه أو تخويف أشخاص آخرين. ولا يشمل التعذيب الألم أو العناء
الذي يكون ناشئا عن مجرد جزاءات مشروعة أو ملازما لها أو مترتبا عليها، في حدود
تمشي ذلك مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء"،
(ج) لم تعرف الجمعية العامة تعبير "المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو
المهينة"، ولكن ينبغي تفسيره بشكل يضمن أكبر حماية ممكنة من جميع أشكال الإساءة،
جسدية كانت أو عقلية،
المادة 6
يسهر الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على الحماية
التامة لصحة الأشخاص المحتجزين في عهدتهم، وعليهم، بوجه خاص، اتخاذ التدابير
الفورية لتوفير العناية الطبية لهم كلما لزم ذلك.
التعليق
(أ) توفر "العناية الطبية"، التي يقصد بها الخدمات التي
يقدمها أي من الموظفين الطبيين، بمن فيهم الأطباء والمساعدون الطبيون المجازون، عند
الاقتضاء أو الطلب،
(ب) ولئن كان من المحتمل أن يكون هناك موظفون طبيون ملحقون بعملية إنفاذ القوانين،
فإنه يجب على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يأخذوا بعين الاعتبار رأي هؤلاء
الموظفين عندما يوصون بتوفير العلاج المناسب للشخص المحتجز من قبل موظفين طبيين من
خارج عملية إنفاذ القوانين أو بالتشاور معهم،
(ج) من المفهوم أن على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أيضا أن يوفروا العناية
الطبية لضحايا انتهاك القانون أو ضحايا الحوادث التي تقع خلال حالات انتهاك
القانون.
المادة 7
يمتنع الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين عن ارتكاب أي
فعل من أفعال إفساد الذمة. وعليهم أيضا مواجهة جميع هذه الأفعال ومكافحتها بكل
صرامة.
التعليق
(أ) إن أي فعل من أفعال إفساد الذمة، مثله في ذلك مثل
أي من أفعال إساءة استخدام السلطة، أمر لا يتفق ومهنة الموظفين المكلفين بإنفاذ
القوانين. ويجب أن ينفذ القانون تنفيذ كاملا فيما يتعلق بأي موظف مكلف بإنفاذ
القوانين يرتكب فعلا من أفعال إفساد الذمة، لأنه ليس للحكومات أن تتوقع إنفاذ
القانون على رعاياها إذا لم يكن في مقدورها أو نيتها إنفاذ القانون علي موظفيها
أنفسهم وداخل أجهزتها ذاتها،
(ب) ولئن كان تعريف إفساد الذمة يجب أن يكون خاضعا للقانون الوطني، فينبغي أن يكون
مفهوما انه يشمل ارتكاب أو إغفال فعل ما لدي اضطلاع الموظف بواجباته، أو بصدد هذه
الواجبات، استجابة لهدايا أو وعود أو حوافز سواء طلبت أو قبلت، أو تلقى أي من هذه
الأشياء بشكل غير مشروع متي تم ارتكاب الفعل أو إغفاله،
(ج) ينبغي أن تفهم عبارة "فعل من أفعال إفساد الذمة" المشار إليها أعلاه على
أنها تشمل محاولة إفساد الذمة.
المادة 8
على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين احترام القانون
وهذه المدونة. وعليهم أيضا، قدر استطاعتهم، منع وقوع أي انتهاكات لهما ومواجهة هذه
الانتهاكات بكل صرامة.
وعلى الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، الذين يتوفر لديهم ما يحملهم على الاعتقاد
بوقوع أو وشك وقوع انتهاك لهذه المدونة، إبلاغ الأمر إلى سلطاتهم العليا وكذلك، عند
اللزوم، إلى غيرها من السلطات والأجهزة المختصة التي تتمتع بصلاحية المراجعة أو رفع
الظلامة.
التعليق
(أ) يعمل بهذه المدونة بمجرد إدماجها في التشريع أو
الممارسة الوطنية. فإن تضمنت التشريعات أو الممارسات أحكاما أصرم من تلك الواردة في
هذه المدونة يعمل بتلك الأحكام الأصرم
(ب) تتوخى هذه المادة المحافظة على التوازن بين الحاجة إلى الانضباط الداخلي للهيئة
التي تتوقف عليها السلامة العامة إلى حد كبير من جهة، والحاجة إلى معالجة انتهاكات
حقوق الإنسان من جهة أخري. ويجب على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يبلغوا
عن الانتهاكات التي تقع في إطار التسلسل القيادي وألا يقدموا على اتخاذ أية إجراءات
قانونية أخرى خارج نطاق التسلسل القيادي إلا في الحالات التي لا يوجد فيها طرق رجوع
أخرى متاحة أو فعالة. ومن المفهوم أنه لا يجوز تعريض الموظفين المكلفين بإنفاذ
القوانين لأية عقوبات إدارية أو غير إدارية بسبب قيامهم بالإبلاغ عن وقوع انتهاك
لهذه المدونة أو عن وشك وقوع مثل هذا الانتهاك
(ج) يقصد بعبارة "السلطات أو الأجهزة المناسبة التي تتمتع بصلاحية المراجعة أو رفع
الظلامة" أية سلطة قائمة أو جهاز قائم بمقتضى القانون الوطني، سواء داخل هيئة إنفاذ
القوانين أو على نحو مستقل عنها، وتكون لها أو له صلاحية، مستمدة من القانون أو
العرف أو من أي مصدر آخر للنظر في التظلمات والشكاوى الناجمة عن انتهاكات تدخل في
نطاق أحكام مدونة قواعد السلوك هذه
(د) يمكن في بعض البلدان، اعتبار أن وسائط الاتصال الجماهيري تضطلع بوظائف مماثلة
للوظائف المبينة في الفقرة الفرعية (ج) أعلاه بشأن النظر في الشكاوى. ومن ثم فقد
يكون هناك ما يبرر قيام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين. كوسيلة أخيرة وبما يتفق
مع قوانين وأعراف بلدانهم وكذلك مع أحكام المادة 4 من هذه المدونة، بتوجيه انتباه
الرأي العام إلى الانتهاكات عن طريق وسائط الاتصال الجماهيري
(هـ) يستحق الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، الذين يتقيدون بأحكام مدونة قواعد
السلوك هذه، أن ينالوا الاحترام والدعم الكامل والتعاون من قبل المجتمع ومن قبل
الهيئة المسؤولة عن تنفيذ القوانين التي يعملون فيها، وكذلك من قبل جميع العاملين
خطاب الأخ القائد
معمر القذافي
من أمام بيته
الصامد في طرابلس
مساء
الخير اليوم أيها الشباب في الساحة الخضراء ، وصباح الثورة الغد :
أحييكم أيها الشجعان ، أحييكم شباب الفاتح ، شباب القومية ، شباب الفاطمية ، شباب
التحدي ، جيل التحدي ، جيل الغضب .
أحييكم وأنتم تقدمون للعالم ،الصورة الحقيقية للشعب الليبي الملتف حول الثورة على
بكرة أبيه .
أنتم من الساحة الخضراء ، تقدمون الحقيقة التي تحاول أجهزة الخيانة والعمالة و
النذالة والرجعية والجبن أن تغطيها وتشوه صورتكم أمام العالم .
أجهزة عربية للأسف شقيقة ، تغدركم وتخونكم ؛ وتقدم صورتكم بشكل يسيء إلى كل ليبي
وليبية ، يقولون لهم " انظروا إلى ليبيا لا تريد العز , لا تريد المجد , لا تريد
التحرير , لا تريد الثورة ، انظروا إلى ليبيا تريد الدروشة، تريد الَّلحَي , تريد
العمائم ،انظروا إلى ليبيا تريد الاستعمار ،تريد الانتكاسة ؛ تريد الحضيض ".
بينما أنتم هنا في الساحة الخضراء ، تقولون ليبيا تريد المجد ، تريد القمة , قمة
العالم ، ليبيا تقود القارات : آسيا , وإفريقيا , وأمريكا اللاتينية ، وحتى أوروبا
.
كل القارات تعقد قممها في ليبيا ، هذا مجد لليبيين والليبيات , أصبح الليبي الآن
يُشار إليه بالبنان في جميع أنحاء العالم ، بعد أن كان الليبي بالأمس ليس له هوية ،
فعندما تقول " ليبي" , يقولون لك " ليبيريا ؟ ، لبنان ؟ "، لا يعرفون ليبيا .
أما اليوم فعندما تقول " ليبيا" ، يقولون لكم آه ليبيا القذافي ؛ ليبيا الثورة .
كل الشعوب الإفريقية , وشعوب أمريكا اللاتينية , وشعوب آسيا ، تعتبر ليبيا قبلتها .
وحكام العالم كلهم بقواهم الكبرى النووية ، يتقاطرون على ليبيا , على بلدكم , على
طرابلس , على سرت , على بنغازي .
شوّهوا صورتكم في إذاعات عربية شقيقة للأسف ، يخدمون الشيطان ، يريدون إهانتكم ،
ونحن نريد أن نرد الآن
بالفعل , فوق الأرض في الميدان .
"معمر القذافي" ماعنده منصب ، حتى يزعل ويستقيل منه كما فعل الرؤساء.
"معمر القذافي" ليس رئيسا ،هو قائد ثورة ، والثورة تعني
التضحية دائما وأبدا حتى نهاية العمر .
هذه بلادي، بلاد أجدادي وأجدادكم ، غرسناها بيدنا وسقيناها بدماء أجدادنا.
نحن أجدر بليبيا من تلك الجرذان وأولئك المأجورين ، من هم هؤلاء المأجورون المدفوع
لهم الثمن من المخابرات الأجنبية ؟!، لعنة الله عليهم تركوا العار لأولادهم إذا
عندهم أولاد ,تركوا العار لعائلاتهم إذا كان عندهم عائلات ، تركوا العار لقبائلهم
إذا كان عندهم قبائل .
ولكن هؤلاء ليس عندهم قبائل ، فالقبائل الليبية ، قبائل شريفة ومجاهدة ومكافحة ،
تتقاطر عليّ في هذا الشهر .
كل القبائل من البطنان ، إلى الجبل الغربي ، إلى فزان ، كلهم يهتفون هتافا واحدا ،
كلهم يتحدون ، تحدينا أمريكا في هذا المكان بجبروتها وقوتها ، تحدينا الدول الكبرى
النووية في العالم واتصرنا عليها ، طأطأوا رؤوسهم ، إيطاليا قبّلت يد ابن الشهيد
شيخ الشهداء " عمر المختار" ، وهذا مجد ما بعده مجد ليس لـ "المنفه" فقط ، ولا
للبطنان فقط رولا لبنغازي فقط ، بل لليبيين وللعرب وللمسلمين .
هذا هو المجد ، الذي يريدون أن يشوهوه .
إيطاليا الإمبراطورية في ذلك الوقت ، تحطمت فوق الأرض الليبية بجحافلها .
أنا أرفع من المناصب التي يتقلدها الرؤساء والأبهات ، أنا مقاتل ، مجاهد ، مناضل ،
ثائر من الخيمة .. من البادية ، والتحمت معي المدن والقرى والواحات ، في ثورة
تاريخية جاءت بالأمجاد لليبيين ، سيتمتعون بها جيلا بعد جيل ، وستبقى ليبيا في
القمة ، تقود إفريقيا ، وتقود أمريكا اللاتينية ، وتقود آسيا بل تقود العالم .
لا يمكن أن يُعطّل هذه المسيرة الظافرة ، حفنة من شذاذ الآفاق المأجورين من هؤلاء
القطط والفئران التي تقفز من شارع إلى شارع ، ومن زنقة إلى زنقة ، في الظلام.
أنا دافع ثمن بقائي هنا ، أنا جدي " عبدالسلام أبومنيار" أول شهيد سقط فوق الخمس في
أول معركة عام 1911 .
أنا لا يمكن أن أسيء إلى هذه التضحية العظيمة،لا يمكن أن أترك رفات جدي الطاهرة في
المرقب .
أنا سأموت طاهرا وشهيدا في النهاية .
ها هو رفات والدي في الهاني ، مجاهد بطل من أبطال القرضابية وتالا .
وهاهو جدي .. عمي الشيخ " الساعدي" في مقبرة منيدر .
لا أترك هذا الرفات الطاهر ؛ هؤلاء المجاهدين.
قال بشير السعداوي " الحرية شجرة لا يتفيأ ظلالها ، إلا من غرسها بيده وسقاها بدمه
".
ليبيا شجرة نحن نتفيأ ظلالها ؛لأننا غرسنا بيدنا وسقينا بدمنا .
أخاطبكم من هذا المكان الصامد,هذا البيت في طرابلس الذي أغارت عليه "170" طائرة ؛
تقودها الدول النووية الكبرى أمريكا وبريطانيا والحلف الأطلسي.
"40" طائرة بوينج ، تزود هذه الحملة بالوقود ، تخطت كل القصور ,وكل المنازل ,وكل
بيوتكم ، كل بيوتكم تركتها ، تبحث عن منزل "معمر القذافي" ، لماذا ؟!هل لأن "معمر
القذافي" رئيس جمهورية ؟ لو كان رئيسا لعاملوه مثلما عاملوا رؤساء الدول الأخرى ،
ولكن لأن "معمر القذافي" تاريخ مقاومة ، تحرر ،مجد، ثورة ، وهذا اعتراف من أكبر
القوى في العالم ، بأن "معمر القذافي " هو ليس رئيسا إما نقتله بالسم أو نعمل ضده
مظاهرة تسقطه .
لما كانت القنابل هنا في هذا المكان ، تدق بيتي ، وأولادي تقتلهم ، أين كنتم أنتم
يا شذاذ؟!أين أنتم يا ذوي اللحي يا من تتشدقون في أحقاف درنة ، وفي أحقاف الجبل
الأخضر ؛ وفي أي حقفة أخرى ؟ أين كنتم ؟! .
كنتم مع أمريكا تصفقون لأسيادكم الأمريكان ، عندما كان "معمر القذافي" وعائلته في
هذا المكان تقصفهم القنابل .
"170" مائة وسبعون طائرة ، تخطت الملوك ؛ وتخطت الرؤساء ، وتخطت القصور في كل الوطن
العربي ، وجاءت إلى خيمة "معمر القذافي" وبيت "معمر القذافي" ، هذا مجد لا تفرط فيه
ليبيا ، ولا يفرط فيه الشعب الليبي ، ولا الأمة العربية ، ولا الأمة الإسلامية ،
ولا إفريقيا ولا أمريكا اللاتينية ، ولا كل الشعوب التي تريد الحرية والكرامة
للإنسان وتقاوم الجبروت .
نحن قاومنا جبروت أمريكا ، جبروت بريطانيا، الدول النووية ، قاومنا جبروت حلف
الأطلسي ، لم نستسلم ، وكنا نحن صامدين هنا .
الآن مجموعة قليلة من الشبان المعطى لهم الحبوب ، يغيرون على مراكز الشرطة هنا
وهناك مثل الفئران ، يهاجمون ثكنة آمنة غافلة ، لأننا نحن لسنا في حالة حرب ؛ حتى
نشدد الحراسة على مخازننا وعلى معسكراتنا .
نحن بين أهلنا وفي أمان وسلام ، وليبيا تنعم بالسلام ، استغلوا هذا السلام وهذا
الأمان وهذه النعمة التي فيها ليبيا ، وأغاروا على بعض المعسكرات وبعض المراكز ،
وحرقوا الملفات التي فيها جرائمهم ،وهاجموا المحاكم التي فيها ملفاتهم ومراكز
الشرطة التي فيها التحقيق معهم على جرائمهم .
لكن هؤلاء الشبان ، ليس لهم ذنب أبدا ؛ فهم صغار السن " 16 سنة ، 17 ، 18 "، أحيانا
يقلدون ما يجري في تونس وما يجري في مصر ، وهذا شيء عادي ، وأحيانا يسمعون أن في
مدينة ما في ليبيا هناك شبانا سطوا على محكمة؛ فيقولون " حتى نحن نمشوي نسطو على
المحكمة التي عندنا " تقليد .. قالوا " حصلوا على سلاح ، لماذا حتى نحن ما نحصل على
سلاح " !.
لكن هناك مجموعة قليلة مريضة مندسة في المدن ، تعطي الحبوب ؛ وأحيانا حتى النقود ،
هؤلاء الشبان الصغار اليافعين ؛ وتزج بهم في هذه المعارك الجانبية .
الذين قُتلوا هم من الشرطة والجنود ومن هؤلاء الشبان ، وليس من الذين يحركونهم ،
الذين هم قاعدون في بيوتهم أو قاعدون في الخارج ، يتمتعون بالأمان وبالراحة والمتعة
هم وأولادهم ، ويحركون أولادكم ويعطونهم الحبوب ، ويقولون لهم "اذهبوا هاتوا سلاحاً
أغيروا ، أحرقوا يا أبطال" ؛ لكي يموت أولادكم ولكي نصبح نحن نقاتل بعضنا .
عبد الفتاح يونس " بطل من أبطال ثورة الفاتح العظيم ، كان تحت إمرتي عندما داهمنا
إذاعة بنغازي ، وأعلنت البيان الأول لتحرير ليبيا التي كانت محتلة في تلك اللحظة ،
"5" قواعد أمريكية في تلك اللحظة لما دخل " عبد الفتاح " معي مدينة بنغازي .. "5"
قواعد أمريكية، " 20 " ألف إيطالي يحتلون الأرض الليبية ، من مصراته"إلى ترهونة إلى
صبراته"،تحت السيطرة المدنية الطليانية إلى جانب كل الدكاكين وكل الورش وكل الخدمات
، وعندهم أعضاء في مجلس النواب ليبيون مرتشون ، وكانت البطنان محتلة بالكامل
بالقوات البريطانية ، طبرق ترزح تحت السيطرة البريطانية الكاملة .
لما قمنا بدخول بنغازي لتحريرها ، لا تعرفون معسكر الفويهات الذي كان سمه "
ديغادوستا " وكان إنجليزيا مائة في المائة .
لما كنت أنا و" عبد الفتاح " نهاجم إذاعة بنغازي ، لكي نعلن منها التحرير ، وليس
لنعلن منها الآن النكسة والعودة إلى الوراء والخزي والعار .
معسكر " المستشفى" في بنغازي ، هذا كان معسكر " ويفل " ؛مكتوباً عليه اسم " ويفل" ،
ولم يتجرأ أحد على أن يشطب على كلمة "ويفل " .
أين كنتم ؟! أين كان آباؤكم وأجدادكم أنتم يامرتزقة عندما كانت " 5" قواعد أمريكية
فوق الأرض الليبية ؟! من منكم فقس وجه بارود ؛ فجّر قنبلة واحدة ؟!.
نحن ضحينا بأنفسنا ، كنا نعد العدة للدخول في معركة مع أمريكا ومع بريطانيا فوق
الأرض الليبية ،وأعلنت من ميدان الجلاء في طرابلس أن ما لم يتحقق الجلاء ، فإن
القتال سيكون من شارع إلى شارع، ومن بيت إلى بيت ، ضد القوات الأمريكية ، ولم
تقولوها أنتم أبدا ، ولا آباؤكم يا شذاذ الآفاق ، أين كنتم أنتم ؟!.
تفتكرون أن ليبيا سهلة ؟!.
ليبيا دفعنا ثمنها غاليا ، وبنينا لها مجدا عظيما لا يدانى .
نحن تركنا السلطة للشعب الليبي من عام 77 ، أنا والضباط الأحرار ، ولم يعد لنا أي
منصب ولا أي صلاحية ولا نصدر أي قانون ولا أي قرار ، وتركنا السلطة للشعب الليبي
للمؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية ، أحسنها ما أحسنها ، سقمها ما سقمها ، أساء
إليها ما أساء إليها ، فسد ما فسد ، هذه تهم الليبيين جميعا ، في المستشفى ، وفي
المدرسة ، وفي الإدارة ، وفي المكتب ، في السيارة ، في الطيارة ، في الإسكان ، في
الزراعة ؛ في الصناعة ، هذه كلها تدار بالليبيين الذين هم تحت اللجان الشعبية
المصعدة من المؤتمرات الشعبية ، والمؤتمرات الشعبية هي كل الشعب الليبي .
انحلت في ليبيا نهائيا مشكلة الصراع على السلطة التي استلمها الشعب الليبي بالكامل
عام 77 .
أنا وزملائي لم نعد مسؤولين عن أي شيء إلا عن القتال عن ليبيا وأمسكنا السلاح فقط ،
ولما أغارت علينا أمريكا قاتلناها ، وفرنسا في الجنوب قاتلناها ، والسادات قاتلناه
، وهبري قاتلناه ، وهيلاسيلاسي قاتلناه ، وحتى بورقيبة والنميري قاتلناهما ، وسقطت
الرجعية وعملاء الإستعمار ، وسقط الاستعمار .
كانت معنا بنادقنا فقط ، تركنا لكم كل شيء ، حتى فلوس البترول عييت وأنا أقول لكم
خذوها بيدكم ، كل شهر خذوا فلوس البترول وتصرفوا فيها ، فلا يضحكواعليكم الآن
ويقولوا لكم أين فلوس البترول ، أنتم قلتم :لا ، دع فلوس البترول عند الدولة .. عند
اللجان الشعبية ، أنتم الذين صعدتم اللجان الشعبية العامة ، وصعدتم اللجان الشعبية
كلها ، أنتم مسؤولون عنها .
هل أنتم سذج إلى هذه الدرجة حتى يضحكوا عليكم ؟!.
أنا أساند السلطة الشعبية وأدعو الشعب الليبي إلى تشكيل الشعبيات الجديدة والبلديات
الجديدة ، غدا ، حسب البرنامج الذي وضّحه لكم "سيف الإسلام" .
أنا أعرف أن العبيدات الذين منهم " عبدالفتاح يونس " الذي أمس أطلقوا عليه النار في
بنغازي ، ومصيره مجهول ، وقالوا له:أنت " عبيدي " ما الذي أحضرك إلى بنغازي ، ليلة
الثورة كان معي يحرر بنغازي ، لماذا لم يقولوا له أنت " عبيدي " لا تأت إلى بنغازي
؟!، أين كنتم عندما كان " عبدالفتاح " ببندقيته ومعرضا نفسه للخطر ؟!، ولما كان
يقاتل السادات وإسرائيل على الحدود ، لما كانوا سيجتاحونكم ؟!.
عندما كان سيجتاحكم السادات هو وأمريكا ، كان " عبدالفتاح " هو بطل المعارك على
الحدود ، وأمس يضربونه بالرصاص ومصيره مجهول ,ويقولون له:أنت "عبيدي " ما الذي جاء
بك إلى بنغازي ،هذه آخرتها !!هذه آخرتها يأهل بنغازي؟! من أنتم ؟ هؤلاء ليسوا أهل
بنغازي أبدا !!.
أعود لأتكلم عن الشعبيات :
أنا أعرف أن العبيدات في القبة ، لايريدون الانضمام إلى درنه ، يريدون شعبية وحدهم
، وأنا إلى جانب إرادة الشعب ، فلتكن شعبية للعبيدات ، شعبية للقبة ، ومن غد يمكن
أن يعلنوا الشعبية ويعملوا فيها السلطة الشعبية ، ويطهروها ويقيموا فيها كل شيء
بأنفسهم.
وأعرف أن بني وليد ، لا تريد الانضمام إلى مصراتة ، وتعتبر ضمها جبرا وعسفًا، تتحرر
بني وليد .. بني وليد تريد أن تشكل شعبية ؟ .. حرة حسب إرادة شعبها ، أولاد الرصيفة
، أولاد صوله ، قادرون على أن يعملوا شعبية ، قادرون على أن يسيروا أنفسهم ولا
يردوا على أحد ولايستعينوا بأحد .
هي " دردنيل طرابلس " ، كما قال الطلياني ، إن بني وليد أصبحت دردنيل طرابلس ،
لأنها كانت خط الدفاع المقاوم لتوجه القوات الإيطالية إلى الجنوب.
وأعرف أن ترهونة لا تريد الضم إلى الخمس أو إلى مسلاتة ، حرة .. أهل ترهونة أحرار ،
يستطيعون من الغد أن يقيموا شعبية ، ويعملوا فيها سلطة شعبية .
مصراتة حرة ، زليتن حرة ، الخمس حرة ، مسلاتة حرة .
ومتأكد أن بعد هذا النداء ، ستنطلق الجماهير من الغد ، وتشكل شعبيات جديدة ، وأنا
متوقع أن الشعبيات التي عددها الآن " 23" شعبية ، من الممكن ستصل إلى " 30" شعبية
أو أكثر .
وأعتقد أنه ستُشكل بلديات للإدارة المحلية ، متوقع أن تكون من "50" بلدية إلى "150"
بلدية ،لأن كل واحد يريد أن تكون له بلدية .
هذا هو الشيء الصحيح ، هذا الذي يخدم الإنسان ، يخدم حياتنا وتاريخنا ، ولا يحشمنا
أمام العالم ، وليس احرق عجلة ؛ اسرق بندقية .
(عيّل) في بنغازي ، وأخذ قنابل ، أعطوه قواذف "آر. بي .جي "التي ضد الدبابات ، وماش
بهم في مدينة بنغازي !!.
الرعب في بنغازي ؛ الـ " آر. بي . جي " يا عالم في مدينة بنغازي !! هل دخلها
الأمريكان ، هل دخلها الطليان ، حتى نقاتلهم ؟!.
(عويلة) صغار أعطوهم دبابات ، يجوبون بهم شوارع بنغازي ، بعد أن دوخوهم ، أسكروهم ،
أعطوهم الحبوب ، وعزلوهم عن أهلهم .
من الغد ، تبدأ العائلات في جمع أولادها ، وأنتم الذين تحبون " معمر القذافي "
رجالا نساء بنات أطفالا ، وأنتم الذين مع " معمر القذافي الثورة " ، مع" معمر
القذافي المجد العزة لليبيا للشعب الليبي في القمة " ، والذي يريد المجد يتذكر جلاء
الطليان وجلاء ، الأمريكان وجلاء الإنجليز ، والنهر الصناعي العظيم ، والسلطة
الشعبية وعودة النفط الذي كان " 90" في المائة منه للشركات الأمريكية وأنتم عندكم "
10" في المائة ، والآن "90 "في المائة لكم و"10" في المائة للشركة الأمريكية فقط ،
الذي يريد العزة والكرامة والمجد اخرجوا من بيوتكم ، اخرجوا إلى الشوارع ، أمّنوا
الشوارع ، امسكوا الجرذان ، لا تخافوا منهم .
نحن لم نستخدم القوة بعد ، والقوة تساند الشعب الليبي .
إذا وصلت الأمور إلى حد استخدام القوة ، فسنستخدمها وفقا للقانون الدولي ووفقا
للدستور الليبي و القوانين الليبية .
من غد أو من الليلة تخرجون، كل المدن الليبية والقرى الليبية والواحات الليبية التي
هي تحب "معمر القذافي "، لأن "معمر القذافي" هو المجد .
أنا لو عندي منصب ، سو أني رئيس ، لكنت رميت الاستقالة على وجوه هذه الجراثيم ، لكن
أنا ليس عندي منصب ؛ ليس عندي حاجة أستقيل منها ، أنا عندي بندقية ؛ أنا سنقاتل إلى
آخر قطرة من دمي ومعي الشعب الليبي .
أنا كمّلت عمري ؛ لست خائفا من شيء ، أنتم تواجهون صخرة صماء ، صخرة صلبة تحطمت
عليها أساطيل أمريكا ، ألا تتحطم عليها شراذمكم أنتم؟!.
اخرجوا من بيوتكم وداهموهم في أوكارهم ، اسحبوا أطفالكم من الشارع ، اسحبوا أطفالكم
منه ، فلقد أخذوا منكم أطفالكم ، يعبئونهم ، يسكرونهم ويقولون لهم " اذهبوا إلى
النار لكي يموت أولادكم " .
أولادكم يموتون لأي سبب ، لأي غرض؟! لا لشيء ، إلا تدمير ليبيا ، حرق ليبيا .
شرطة ماتوا ، أولادكم ماتوا ، لكن أولادهم هم لم يموتوا ، أولادهم في أمريكا وفي
أوروبا !!.
ماذا أصابكم ؟ ما هذا الخوف ؟ ما هذا الرعب من هذه العصابات؟ إنها عصابات مثل
الجرذان ، لا تمثل شيئا ، لا تمثل واحداعلى المليون من الشعب الليبي ، لا تساوي
شيئا ، فهم حفنة من الشبان الذين يقلدون الذي يجري في تونس وفي مصر ، والذين أعطوهم
الحبوب ، والذين أمروهم من الداخل وقالوا لهم " احرقوا ؛ اسلبوا ؛ اعملوا " تقليد ،
جرذان .
من الغد ، يُفرض الأمن بالشرطة وبالجيش ، من الغد تُفتح الحواجز ، أي حواجز لابد أن
تُشال ،أشيلوها أنتم من مدنكم ، اقبضوا عليهم ، طاردوهم في كل مكان ، اصحوا ،
اخرجوا من بيوتكم .
أهكذا تريدون أن تصبح بنغازي دمارا؟!، ستقطع عليها الكهرباء ، وتقطع عليها المياه ،
إذ من الذي سيأتي إليكم بالكهرباء والماء ، لقد انتهى ، وهذه الجرذان يمكن أن تصل
إلى البترول ، وتنسف البترول ، وتعودون إلى الظلام ؛ إلى عام 52 .
ما الذي أجبرنا على ذلك ؟! سبحان الله !بنغازي أنا بنيتها بنفسي طوبة طوبة ،
اوفرحتي بها ونبنيها من جديد ، يأتون ليدمروها بأولادكم ؟!.
من الذي يخطر عليه الرصاص في بنغازي ، قنابل في بنغازي ، حرائق في بنغازي ، دبابات
في شوارع بنغازي الآن ، هي كلها ثلاث دبابات محروقة روّعت بنغازي .
يذهبون إلى المطار ، يحاولون أن يخرّبوه ، الطائرات خلاص توقفت ، الطيران المدني
توقف ، ما الطائرة التي مازالت ستنزل في مطار بنينة ؟! ، والسفن قالت " لا يمكن أن
نرسو في ميناء بنغازي ، لأن فيه جرذانا، ولما نصل يأتون ليهاجمو ويأخذوا الذي في
السفن".
درنة، أصبحت خرابا، وحاكمها الآن واحد عامل لحية ، ويقول للنساء " لا تخرجن اعتبارا
من اليوم " ، رأيتم هذه النكسة ؟!، وقال لهم " هاتوا لي التبرعات ، أنا خليفة وتبع
بن لادن وتبع الظواهري"!!.
والله هذا الذي مازال !!آخرتها يحكم فيهم الظواهري ؟!.
كل العائلات ، كل الجماهير في درنة، اذهبوا ازحفوا عليه ، طهّروا درنة.
هل أنتم تريدون أن تأتي أمريكا إليكم ، تحتلكم وتعمل لكم مثل أفغانستان ، ومثل
الصومال ، ومثل الباكستان ، مثل العراق ؟!.
أيعجبكم هذا ؟!أن بلادنا ستصبح مثل أفغانستان ؟!.
إذن اخرجوا إذا كان لا يعجبكم ، اخرجوا إلى الشوارع ، أقفلوها كلها ، وأمسكوا بهم
كلهم وطاردوهم وفكّوا منهم سلاحهم ، واعتقلوهم وحاكموهم وسلموهم إلى الأمن في أي
مكان سمعتم بأن فيه حركة ، هم قلة إرهابية تريد أن تحول ليبيا إلى إمارات تبع
الظواهري أو تبع بن لادن ، أهذه آخرتها ، لكي تدخل أمريكا ، وتقول إنها لن تسمح
بأفغانستان جديدة هنا في شمال إفريقيا ؟!. يريدون أن يأتواإلينا بالاستعمار ، وتصبح
بلادنا قنابل.
لقد تم توزيع الضباط الوحدويين الأحرارعلى كل قبائلهم ومناطقهم ، ليقودوا هذه
القبائل وهذه المناطق ، ويؤمنوها ويطهروها من هذه الجرذان ، ويحاولوا القبض على
الذي غرر بأولادنا الصغار ، ويقدمواهم للمحكمة .
هؤلاء عقوبتهم في القانون - اسمعوا الهتافات في الشوارع " بالروح بالدم نفديك
ياقائدنا " ، أنا لا أحد يستهدفني ، هم يستهدفون ليبيا - عن جرائمهم في قانون
العقوبات الليبي الصادر قبل الثورة ، تقول :
" - رفع الليبيين السلاح ضد الدولة : عقوبته الإعدام ، يُعاقب بالإعدام كل ليبي رفع
السلاح على ليبيا.
- دس الدسائس مع الدول الأجنبية لإثارة الحرب ضد ليبيا : يُعاقب بالإعدام كل من فعل
ذلك .
- المساس بأراضي الدولة وتسهيل الحرب ضدها : يُعاقب بالإعدام ؛ كل من سهّل دخول
العدو البلاد أو سلمه مدناأو حصوناأو منشآت أو مواقع أو موانيء ".
هذا العمل سيؤدي إلى تسليم هذه المواقع إلى أمريكا ، لأن أمريكا لا ترضى بأن تصبح
درنة تابعة بن لادن ، ولا البيضاء تابعة بن لادن ، ولا بنغازي تابعة بن لادن .
أمريكا لن تسمح بذلك أبدا .
- التسلل إلى الأماكن العسكرية : إذا استفاد العدو من ذلك بالفعل ، فتكون العقوبة
الإعدام .
الذي يتسلل إلى الأماكن العسكرية ، هذا مرتكب كل هذه الجرائم .
- يُعاقب بالإعدام ، كل من زوّد حكومة أجنبية ، أو أحد عملائها أو أي شخص آخر يعمل
لمصلحتها على أي وجه من الوجوه ، وبأي وسيلة ما يتعلق بالدفاع عن البلاد ، أو أي سر
مماثل له .
وهؤلاء أعطوا كل أسرارنا للعدو .
ليس ذنب الأطفال ، نحكي عن ذنب اللَّحى التي وراء الأطفال ، الذين يضحكون عليكم ،
الذين سيكون مصيرهم غدا أمام المحاكم ، هو أنهم يبكون ويرفعون أيديهم ويقولون "
سامحونا "، ولن نسامحهم هذه المرة .
-الاعتداء على الدستور : يُعاقب بالإعدام كل من شرع بالقوة أو بغيرها من الوسائل
التي لايسمح باستعمالها النظام القانوني أوالدستوري في تغيير الدستور أو شكل الحكم
.
هؤلاء سيغيّرون سلطة الشعب ، عقوبتهم الإعدام بحكم القانون .
- استعمال المفرقعات في ارتكاب الجريمة السابقة : يُعاقب بالإعدام كل من استعمل
قنابل أو آلات مفرقعة أخرى .
نجد أن ارتكاب الجريمة مثل الذي هجم على المخازن ، عقوبتها الإعدام = أرجوكم كلكم
الذين تستمعون إليّ كلكم متحمسون ، أن توقفوا الرمي .. أرجوكم أن توقفوا الرمي كي
تسمع الناس الكلام الذي سأقوله لأنه كلام خطير يبدأ من الليلة ومن الغد ، عمل آخر
غير هذا الرصاص ، الرصاص مازلت لم أأمر به ، لما يصدر أمر باستعمال القوة عندئذ
نكون نحن أهلها.
- اغتصاب قيادة عسكرية مثلما حصل في البيضاء ومثلما حصل في بنغازي ، اغتصاب قيادة
عسكرية أو التمسك بها بدون حق : يعاقب بالإعدام كل من فعل ذلك .
- استعمال القوة ضد سلطات الدولة ، عقوبته الإعدام ، أفعال التخريب والنهب والتقتيل
، يُعاقب عليها بالإعدام.
كل جرائمهم التي عملوها ؛ منذ ذلك اليوم حتى الآن ، عقوبتها الإعدام في قانون
العقوبات الليبي الموضوع قبل الثورة .
- الحرب الأهلية : يُعاقب بالإعدام ، كل من يرتكب فعلا غايته إثارة حرب أهلية في
البلاد.
هذا العمل سيؤدي إلى حرب أهلية ، ومثلما قال لكم "سيف الإسلام" أمس ، نحن قبائل
كلها مسلحة ، وليست هناك قبيلة تحكمها قبيلة ، ولا أحد يستطيع أن يحكمنا لا من درنة
ولا من هونولولو .
نحن مسلحون ونستطيع أن نتمرد مثل الصومال ، وتصبح ليبيا تطبخ ، أتريدونها أن تكون
هكذا ؟. هذا يقود إلى الحرب الأهلية ، إذا أنتم لم تمسكوهم من الآن.
-الحرب الأهلية : يُعاقب بالإعدام ، كل من يرتكب فعلا غايته إثارة حرب أهلية في
البلاد ؛ أو تفتيت الوحدة الوطنية .
لما يعمل درنة إمارة إسلامية، والبيضاء إمارة إسلامية ، وبنغازي لاأعرف جمهورية ،
يفتت الوحدة الوطنية ، عقوبته الإعدام .
عبث ولعب بوحدة الأوطان ، يا سلام !!.
- يلتسن رئيس روسيا ، عندما اعتصم مجلس الدوما ، النواب اعتصموا في مجلس النواب
اعتصاما فقط ، قال لهم "اطلعوا" ؛ قالوا له " لا ، نحن محتجون" ، وظل يقول لهم "
اطلعوا ،اطلعوا " لم يرضوا .. يوما، اثنين ؛ ثلاثة ؛ أربعة ، أمام العالم يساومونهم
" اطلعوا " ، وهم يقولون لن " نخرج ".
أحضر الدبابات - وقد كانت منقولة بالإذاعة المرئية ، بالتلفزيون - ، ودكّ مبنى مجلس
النواب والأعضاء موجودون بداخله .
دكّهم بالدبابات حتى خرجوا مثل الفئران ، والغرب لم يحتج ؛ بل قال " أنت تقوم بعمل
قانوني .
وحدة روسيا الاتحادية ؛ وهيبتها ؛ وقانونها ، واحترام دستورها وحل مشاكلها بالطرق
السلمية ، أهم من كمشة النواب الذين في البرلمان ، اضربهم بالدبابات ، والغرب قالوا
له " صحّ عندك حق. فهذا الاعتصام ، تمرد داخل الدولة " ، وقد كان
غير مسلح ، نواب لا يوجد
معهم سلاح ، فقط اعتصموا في مكان ما.
- الطلاب في بكين ، اعتصموا في ميدان السماء ؛ وبقوا كم يوم، ورفعوا شعار "الكيتي
كولا" وقالوا "نريد أن نكون مثل أميركا "، وبعدها جاءهم "دينغ " وأحضر الدبابات ،
الدبابات تسحل الطلبة في الميدان ،وكل الذي أمام الدبابة مات إلى أن خرجت الدبابات
من الجهة الأخرى ، والذي حي روّح ومازال إلى الآن حيا ومفجوعا، والذي مات مات.
قال لهم " إن وحدة الصين أغلى من المجموعة التي في هذا الميدان ".
- الفرع الداوودي في أميركا ، وهم أطفال ونساء ؛ ومعهم مهووسون آخرون اسمهم " الفرع
الداوودي " مجموعة دينية متطرفة ، اعتصمت في مستودع كبير داخل أميركا ، حاولوا معهم
، حاولوا معهم بدون فائدة ، فأحضر لهم " كلينتون " الدبابات والغازات السامة
ودمرهم.
-المدرسة التي اعتصمت في روسيا ، أحضروا لهم الغازات السامة ، وقتلوهم جميعا .
- "الزرقاوي" الذي يعتبر تبع "بن لادن" ، قالوا إنه دخل بعصابته في الفلوجة.
أميركا مسحت الفلوجة بالطيران مسحا ، وضربت المساجد ..لماذا ؟ قالوا إنهم يقاومون
الإرهاب ، وقالوا "إنه ليس مسجدا ، إنه مقر للإرهابيين" ، وإنهم " يبحثون عن
الزرقاوي وعصابته الذين تحصنوا في هذه المدينة التي اسمها الفلوجة ، وبالتالي لازم
أن يدمروها " ، وقد فتشوها بيتا بيتا بالقنابل ، بالطيران ، ودمروها .
ولا تستطيع أمريكا أن تحتج على واحد مثل الذي في درنة ، لما أنت تدمره ، لأن
الأمريكان هم نفسهم عملوها .
بغداد دُمرت بالكامل ، كم من مدنيين ماتوا ، عائلات ماتت ، ومناسبات أفراح ضُربت
قالوا إنهم حسبوا أنها تجمع معادِ ، وعمارة قالوا إن فيها إرهابيا، دمروها على من
فيها ، وسوق دمروه قالوا إن فيه إرهابيين اندسوا في السوق ، وضربوا كل الذين في
السوق .
مليون ، مليونان ، ثلاثة ، ماتوا في بغداد بالطائرات الأمريكية ، لأن الأمريكان
قالوا إنهم يريدون القضاء على الإرهاب ، على حزب البعث ، وعلى القاعدة ، وبالتالي
قالوا إنهم أحرار يستخدمون القوة المفرطة .
ورأيتم ماحدث لغزة ، ولا أحد أدان الإسرائيليين ، والأمريكان يدافعون عنهم حتى الآن
، وقالوا إن الإسرائيليين عندهم الحق ، دفاع عن النفس ، يجب أن يحاصروها بالبر
وبالبحر والجو ، ويجب أن يدكوها بالقنابل ، دبابات تسحل داخل شوارع غزة وتقتل كما
تشاء .
وترون ما يحدث في الصومال ، هل تريدون بلادكم ، مثل الصومال ، مثل العراق ؟!.
نفس المجموعة التي خرّبت هذه البلدان ، هي التي دخلت إلى ليبيا الآن ، هي التي تريد
أن تُلحق ليبيا بأفغانستان وبالصومال ، وتصبح درنة مثل الفلوجة ، أو تصبح البيضاء
أو بنغازي مثل الفلوجة ، نفس العصابة ، لأنهم نفس المجموعة .
يبدأ من الليلة وغدا ، الشباب كل الشباب ، ليس الجرذان المرضى ذووا الحبوب الذين
أخذوهم منكم ، كل الشباب من غد يشكل لجان الأمن الشعبي المحلي .
والآن من الليلة ، يبدؤون في خياطة شعار أخضر وعليه كتابة بالأحمر " لجان الأمن
الشعبي المحلي " وتؤمّن كل المدن الليبية حتى يعاد تنظيم الأمن .
لأن الأمن قلنا لهم لا تقاتلوهم ، قالوا "مادمنا لن نقاتل ، إذن نذهب إلى بيوتنا "،
قلنا لهم اذهبوا ، قالوا "جاؤوا يهاجموننا بالرصاص "، سيقتلونهم ، قلنا لهم "لا ،
لا تقاوموهم "، قالوا "مادام ليست هناك مقاومة فنحن سنروَّح".
إلى غاية أن يعود رجال الأمن من جديد ويأخذوا سلاحهم ، ويفرضوا الأمن في الشوارع ،
الآن الضباط الأحرار يتوزعون في كل قبائلهم ، والحمدلله كل قبيلة منها ضابط حر في
ليبيا ، تلتف حوله قبيلته ، وليسواعملاء أمريكا ، عملاء بن لادن ، أتباع الزرقاوي ،
المقملين .
أولادكم ، من بكرة ، الشباب - ليس الشباب الذين قلنا إنهم اشتروهم وأخذوهم ؛وهؤلاء
انتهى أمرهم إلى أن نرى ماذا سيفعل أولياء أمورهم ، إذا فكوهم أولياء أمورهم
وسلموهم إلى الأمن ودربناهم وعالجناهم من الحبوب ، يمكن أن يطلعوا شباباً صالحين ،
أما إذا كانوا بهذا الشكل ، كل مرة يغيرون على مكان ، فلا، هذه كما ترون نهاية ،
كيف؟! - ..
كل النساء اللائي عندهن أولاد يطلعن بسرعة ، والتي عندها أخ تطلع بسرعة ، والتي
عندها قريبها والتي حبيبها تطلع بسرعة .
والرجال الذين عندهم أولاد يطلعون بسرعة ، والأمهات والأخوات والبنات كلهن يطلعن
بسرعة إلى الشوارع .
اطلعوا بسرعة إلى الشوارع ، سيطروا على الشوارع .
أنا أقود السلطة الشعبية ، نريد الشعب الليبي أن يسيطر على ليبيا من أقصاها إلى
أقصاها .
أنا على رأس الثورة الشعبية ، نريهم الثورة الشعبية كيف شكلها ، الثورة الشعبية هي
وعي ، هي عمل بناء ، هي أمن ، احترام السلطة الشعبية ، مؤتمرات شعبية ، لجان شعبية
.
أروهم السلطة الشعبية كيف تكون ، أروهم الثورة الشعبية كيف تكون ، اطلعوا من بيوتكم
اعتبارا من الآن .
ومن الغد ، يتنظم الشباب أيضا في لجان الدفاع عن الثورة ، الثورة تعني كل المكتسبات
المادية والمعنوية ، تعني المجد تعني العزة ، تعني " معمر القذافي " ؛ تعني تاريخ
الأجداد ، الشهداء .
غدا كل الشباب ، يحمل شعار لجان الدفاع عن الثورة ، في كل المدن الليبية والقرى
الليبية والواحات الليبية ، وتُشكل اللجان ، وتلبس هذا الشعار كله على اليد .
لجان الدفاع عن المكتسبات ، يعني الدفاع عن النفط ، الدفاع عن النهر الصناعي العظيم
، الدفاع عن مشروع الإسكان العملاق الذي تكاليفه "71" مليارا الذي يُسّكن (3)
ملايين ليبي ، المطارات ،الموانيء ، الطرق ، الجسور ، المكتسبات المادية .
غدا تُشكل لجان من الشباب ، لجان الدفاع عن المكتسبات الثورية ولجان الدفاع عن
الثورة ، لجان الأمن الشعبي المحلي ، ولجان الدفاع عن القيم الاجتماعية والآداب ،
وهذه ستتشكل من حملة القرآن الكريم الذين هم مليون شخص في ليبيا .
حملة القرآن الكريم في ليبيا وأئمة المساجد النظفاء ، الذين يعرفون السنة ، ويعرفون
الأصول ، ويعرفون السلفية الحقيقية ، وليس أقتل أقتل ، من قتل نفسا بريئة كأنه قتل
البشرية كلها .
وغدا تتشكل منهم لجان الدفاع عن القيم الاجتماعية والآداب ، تحمي الآداب في الشارع
حيث تمشي البنت وتمشي المرأة ، وحتى التي رأسها عريان ، لا أحد يعاكسها ، ولا أحد
يخطفها مثل الخطف الذي يجري الآن .
عشرات البيوت تُنتهك حرماتها في كل المدن التي فيها هذه العصابات ، الناس عايشة في
جحيم ، فلا هو جيشا تحاربه بالدبابات والطائرات ، وإلا لكنا استخدمنا الطائرات
والدبابات والمدفعية ، ولا هو ناس جبهة من الجبهات أبدا. اطردوهم منذ الليلة ،
ابدؤوا فيهم حتى تمسكوهم .
أعتقد أن من غد ، ستبدأ إدارة جديدة في الجماهيرية ، جماهيرية جديدة ، شعبيات جديدة
، وبلديات جديدة ، وسلطة شعبية جديدة حقيقية .
أما الدستور ، وما يخص الصحافة ، ومنظمات المجتمع المدني وما إليه ، وهذه تحدث لكم
فيها "سيف الإسلام " ، وهي تخص "سيف الإسلام " والمحامين والقضاة والمدونين والكتاب
والصحفيين والشباب الآخرين ،
فهذه كلها تهم "سيف الإسلام" ، وتهم هذه المجموعات ، ويتفاهمون فيها مع المحامين ،
ومع الذين يتكلمون عن الدستور .
ليس عندي مانع أن الشعب الليبي يعمل دستورا ، ويعمل قانونا أساسيا ، يعمل مرجعية ،
يعمل أي نظام قانوني .
نريد أن يسود القانون ، ياليت القانون في ليبيا ، نريد أن يكون القانون هو السائد .
سلطة الشعب ، تصنع القانون الذي يحترمه كل واحد ، لأنني أنا "معمر القذافي "لا عندي
قصر ، ولا فلوس ، ولا عندي مستقبل ، فلقد أنهيت عمري في الثورة ، لا أريد أي شيء ،
كل شيء أريده لليبيا .
أريدها أن تعيش في أمان ، وفي عزة ، وفي رخاء ، يُصان بترولها والنهر الصناعي
العظيم ومشروعها الإسكاني العظيم وموانئها ومطاراتها ، وتُطهّر من الذين يحرقون
الآن المدن .
بسرعة ، خلوا عندكم شجاعة ، أنتم أكثر منهم ، أنتم ملايين وهم (100) شخص ، أمسكوهم
في الشوارع ، وافتحوا المطارات ، أفتحوا الموانئ ، أرجعوا السلطة الشعبية ، أرجعوا
الأمن .
وهاهم الضباط الأحرار متوزعون عندكم ، والأمن متوزع ، ووحدات الشعب المسلح جاهزة.
وفي إمكانكم أن تقرروا توزيع الثروة من جديد .
وأنا مازلت مُصّرا على أن البترول الليبي يجب أن يكون لليبيين ، أنتم لم تعد عندكم
ثقة باللجان الشعبية " خلاص " خذوا البترول في يدكم ، وتصرفوا فيه حتى لا يقول أحد
أنك أخذت حصتي .
كل واحد يأخذ حصته ، أنت حر ، تريد أن تعمل بها شجرة حر ، تريد أن تتصدق بها حر ،
المهم أن حصتك أخذتها ، وتصرف كيفما تريد.
وأعتقد أن "سيف الإسلام " سيهتم بالسفراء والصحفيين ، وسيتمكنون من نشر كل الحقائق
عن ليبيا ؛ لأن ليبيا في العالم الخارجي لايرونها إلا عن طريق المحطات القذرة
لأشقائنا الأعزاء الذين خانونا ؛ فبدل أن ينقلوا الحقيقة يزورنها وينشرون صورا من
كم سنة فاتت.
والإذاعة الليبية للجماهيرية العظمى ، هي التي يجب أن العالم يتابعها ، هي التي
سترد على كل شيء ، سترى ما يُقال في الإذاعات القذرة ، وترد عليه إذاعة الجماهيرية
العظمى .
الذي تسمعونه يقال في الإذاعات القذرة ، شاهدوا الذي سترد به عليه الإذاعة الليبية
.
مطارات معطلة،موانئ معطلة ،الحياة توقفت ، الوقود تعطل ، الهواتف تعطلت ، الإذاعات
تعطلت .. الناس خافت .
مرّة شخص واحد ، أرهب واشنطن ، شخص إرهابي خطر جدا ، لم يستطيعوا أن يمسوه إلا بعد
فترة ، كان يداهم مدرسة يصليها ويقتل منها ويختفي ،ويذهب إلى مدرسة أخرى ويختفي ،
فالمدارس خافت ،والطلبة في أميركا لم يعودوا يذهبون إلى المدارس ، سألوهم : لماذا ؟
فقالوا عندما نذهب يقولون اعتداء على مدرسة .
هو شخص واحد ، وقد توقفت المدارس ، ويأتي إلى السوق يرمي به إطلاقة ، ويهرب إلى سوق
آخر ، وقالوا: إن الأسواق كلها عليها هجوم إرهابي ، فأقفلت الأسواق.
الشارع نفس الشيء ، هذا شيء حصل الآن .
أميركا " كبدها درهت" من مجرم واشنطن هذا ، فجندوا كل ما عندهم إلى أن وجدوه ،
وجدوه شخصا واحدا أرهبهم.
وأنتم حفنة على الأصابع ، تُرهب بنغازي ؟! .
المظاهرات السلمية التي تكلم عنها العالم ،هذا شيء آخر ، نطلع مظاهرة سلمية على شأن
غزة ، مظاهرة سلمية على شأن العراق .
أما مشكل ليبي ، فلا نذهب إلى الشارع ، بل إلى المؤتمر الشعبي أواللجنة الشعبية ؛
لكي تنحل المشاكل ، فيها الفلوس ، وفيها القرارات ، وفيها التوقيعات ، وفيها
الإدارة .
لانذهب إلى الشارع ، فالمشكل الليبي عند الشعب ، عند المؤتمرات وعند اللجان الشعبية
، أماالمظاهرة السلمية فنعملها ضد قضية أخرى ، وليست هناك مظاهرة سلمية يتصدى لها
أحد ويضربها بالرصاص ،مستحيل مادامت سلمية تسير من شارع إلى شارع .
أنا نفسي قدت مظاهرات سلمية كثيرة في العهد المباد ، لكن لاحرقت ، ولا كسرت ، ولا
شيء ، وكانت الشرطة يميني ويساري ، ونحن نسير مع الشوارع ، وفي الميادين ، ونخطب
إلى أن نتعب ، ونعمل برقيات احتجاج ونرجع ، ونؤيد " جمال عبد الناصر " ، نؤيد
الوحدة العربية والثورة الجزائرية ضد تفجير القنابل في الجزائر .
المظاهرات السلمية شيء ، والتمرد المسلح وقطع أجزاء من تراب الوطن شيء آخر .
على العالم أن يفهم أن المظاهرات السلمية شيء ، وعمل مشروع في الدول المضطرة إلى
المظاهرات .
الشعب الليبي غير مضطر إلى المظاهرات ، فمشاكله تنحل في السلطة الشعبية.
ولكن مظاهرات سلمية حتى لو كانت في ليبيا شيء ، والتمرد المسلح الذي يجري الآن ،
ومحاولة فصل درنة أو فصل البيضاء أو فصل بنغازي ، فهذا شيء آخر ..من يسمح به؟!.
تمرد في البرلمان بدون سلاح ، ضربه " يلتسن " بالدبابات ، وصفق له الغرب .
الفرع الداوودي ، تمرد في أمريكا ،اعتصم بدون سلاح ، ضربه " كلينتون " بالدبابات .
التمرد المسلح في الفلوجة ، اعتبروه تمردا مع أن الفلوجة عراقية ليست أمريكية ،
لكنهم قالوا "لا ،هذا تمرد الزرقاوي" ، ودكوها بالطيران ، فتتوها .
شاهدوا ماذا حدث في بغداد ، من الدك بالمدافع والطائرات ؛ لأن فيها تمردا مسلحا ،
وحتى التمرد غير المسلح مثلما في الفرع الداوودي ، وفي برلمان الدوما الروسي ضربوه
بالدبابات .
لما السود تمردوا في كاليفورنيا بأمريكا ، وهجموا على المتاجر ، نيلسون أنزل الجيش
بالقوة ومسحهم .
لما تمرد الطلاب في ميدان السماء في بكين بالصين ، الصين مسحت الميدان بالدبابات .
ليس هناك أحد يسمح بأن تكون بلده مضحكة ، وأن يفصل واحد مخبول جزءا من أجزائها . .
والآن في درنة ، قال لهم "النساء لا يسمح لهن بالخروج ، وهاتوا لي التبرعات فأنا
السلطان "، وكل مرة يأتون له بواحد يذبحه ، على نفس طريقة الزرقاوي .
المظاهرات السلمية شيء ، والتمرد المسلح وقطع أجزاء من الدولة شيء آخر .
المطالب الداخلية شيء ، والتآمر مع الخارج شيء آخر .
عندنا مطالب داخلية نريد دستورا ، نريد شعبيات ، نريد بلديات ، نريد منظمات مجتمع
مدني ، عادي جدا جدا ، شيء سلمي ومقبول ، أما التآمر مع الخارج باسم هذه الأشياء
فهذا شيء آخر مختلف .
نحن يا إخواننا يعرف بعضنا بعضا ، سبحان الله! كيف سأتصرف أمام شبان في الزنتان
مثلا ، وعيب أن تقولوا الزنتان خونة .
معقولة الزنتان أحفاد وأبناء أبطال وشهداء معركة الكردون الذين داسوا بأقدامهم
الحافية على العلم الإيطالي ، تقولون إنهم خونة !!.
هؤلاء أطفال من الزنتان متمردون ، مثلما يتمردون في أي بقعة أخرى ، متمردون على
أهلهم ، عيب تشوهون الزنتان .
ويا زنتان عيب يشوهونكم ، اذهبوا إلى أولادكم اقبضوا عليهم بالواحد ، نربيهم ،
نعلمهم ، نقرئهم ، نشغلهم ليكونوا أمنا ، ليكونوا فنيين .
لكن مثلما قال الشاعر في مناسبة للزنتان هذه ، قال " واحد زنتاني غلط فيه شاب من
بني وليد ، فزعل وقال شعرا ، ردّ عليه الزنتان " ، تنطبق على الحالة لأني سأقول هذه
الأبيات لأنها تنطبق على الوضع الذي فيه إخوتي في الزنتان الآن .
قال " غلطة وغلطها شاب من الإعدادي * لا يعرف التاريخ لا هو إنساني " ، يعني قالوا
له " يا أخانا يا زنتاني لا تؤاخذنا ، هذا الذي غلط فيك ليس ورفلّيا كبيرا ، هذا
الذي غلط فيك هو شاب صغير ؛غلطة غلطها شاب من الإعدادي لا يعرف التاريخ ولا هو
إنسانيا ، مضبوط الآن الشباب هم لا يعرفون التاريخ ولا يعرفون معركة الكردون .
أنا أعرفها وأقدر من أجلها الزنتان ، لكن هم نسوا أمجاد آبائهم وأجدادهم ،"لا هي
مقصودة ولا غلطتنا "، شباب من الذين ياكلون " الباناني " أي الجيل الجديد الذي يأكل
الموز .
بالضبط ، الشباب الذين في الزنتان هم من هذا النوع ، ليسوا الزنتان ، هل رأيتم واحد
بشواربه ؟ هل رأيتم واحدا بعائلته ؟ واحدا بوظيفته ؟ واحدا عنده دكان ؟ واحدا عنده
مزرعة ؟ واحدا عنده مقهى ؟عنده مطعم ؟عنده حيوانات مشتركا في هذه العملية ؟ ! أبدا
.
من درنة لا أحد مشترك فيها ، فالمشتركون فيها الشباب الصغار الذين من (البناني)
الذين أخذهم من أهلهم ، ذوو الهلوسة .
والعقوبة ليست على الشبان ، فحتى القانون لاينطبق عليهم لأن عمرهم أقل من 16 .
العقوبة على الذين جندوا هؤلاء الشباب ، وضحكوا عليهم ، هؤلاء هم الذين يجب أن
تقبضوا عليهم ،وتقدموهم إلى العدالة ، قدموهم إلى المحاكم .
أنا لو أذهب إلى الزنتان ، فسيهتفون " الفاتح ؛ الفاتح " ، وسيقولون " كل الروس فدا
لراسك ".
أنا متأكد من أن شباب الزنتان هتفوا .
مشيت مرة إلى اجدابيا ، شباب أجدابيا مجانين بالثورة ، يهتفون " كل الروس فدا لراسك
".
إجدابيا أبناء وأحفاد أبطال وشهداء معركة الكراهب الشهيرة ، حراس عمر المختار ، عمر
المختار عندما أتى إلى إجدابيا ، حرسوه ليس لأنه يوزع عليهم بيوتا أو سيعطيهم فلوسا
، ولكن لأنه "عمر المختار ".أنا لما أذهب ، تحرسني اجدابيا.
ولو أذهب إلى الزنتان ، يحرسني الزنتان .
وأعطوني فرصة ، اجمعوا لي هؤلاء الشبان ، وأتكلم معهم ، شوفوا كيف يتغيرون .
أعطوني فرصة ، أحضروهم ، خلّ الزنتان يحضروا أولادهم ، أو أي مكان آخر يحضر أولاده.
أنا أقود ثورة الشباب وأنا طالب ، الثورة الشعبية هذه ثورتنا ، أنا أتمنى الثورة
الشعبية ، أن الشعب يستلم كل شيء .
وأنا الذي قلت اعملوا إذاعات في كل مكان ،وهي التي استغلوها الآن ، أنا الذي عملت
هذه الإذاعات لأني أريد أن كل منطقة تستقل على حالها داخل الجماهيرية مثل الولايات
الأمريكية ، مثل الولايات الألمانية.
نحن نعرف بعضنا بعضا بالاسم ؛ سبحان الله ! أنا أعرف الزنتان " أولاد أبوالليل
،الهول ، أولاد عيسى ، بن زويد ، بلقاسم .
لوأن الحاج "محمد الصغير العايب" يرحمه الله من أولاد امحمد موجود الآن لما كانت
حصلت هذه العملية ، ولكنت أتصل به على طول وأقول له "خذ هؤلاء العويلة " ؛ فيأخذهم
.
وكم من مرة كان وسيطا ، لماذا لايوجد أحد مثله ؟ أكيد يوجد ، كانوا خائفين مساكين.
الزنتان خائفون من أولادهم ، حسنا ، خلوا الشرطة والأمن يقبضوا عليهم ، ويفهموهم
ويربوهم "كويس" ويسلموهم لكم .
الآن العبيدات هم أيضا أعرفهم ، وقد جاؤوا إليّ أول أمس ، وكانوا يهاجون ويقولون "
تمنّيت في ألفين فوق جوايد عبيدات بوشولات فيهن قائد" ؛ والنساء يزغردن ، كيف
ينقلبون ؟! غير معقولة أنهم ينقلبون!!
أول أمس كانوا معي هنا ، وفي الإذاعة قلت لهم : اعرضوا ماذا كانت تقول عرب درنة لما
جاؤوا إلي ،وماذا كانوا يقولون ، عرب بنغازي والبيضاء والعبيدات والقبة وهذه
المنطقة كلها لما جاؤوا إليّ أول أمس في العرس منذ حوالي أسبوع .
أين هم هؤلاء ؟! أين راحوا ، ليطلعوا كي ينفذوا الكلام الذي قالوه ويحترموه.
أنت من أين ؟ من عائلة غيث ، أنت من عائلة مريم ، أنت من ارفاد ، أنت من امزين ،
يعرف بعضنا بعضا، ونرى هذا الولد ولد من ، من عائلة امزين ، أو من عائلة ارفاد، أو
من عائلة مريم ، أو من عائلة غيث ، والله حالة !!.
لما نأتي إلى الدرسة : أنت من عائلة محمد ، من عائلة برغل ، من عائلة عبد الجواد ،
من عائلة السريري ابو عوينة ، شلمان ، شعيب ، يعرف بعضنا بعضا.
من الذين في العالم يعرف بعضهم بعضا بهذا الشكل ، قيادة أو غيرها أو شعب .
نحن يعرف بعضنا بعضا ، أنت ولد فلان ولد فلان وفلان ، نصبح نقتل بعضنا بعضا ؟! .
مصراتة رمضان السويحلي وسعدون السويحلي بطل معركة المشرك ، شهيد معركة المشرك ، يا
سلام، معارك قوز التيك ، المعارك المجيدة هذه كلها ، كيف تسيء إلى تاريخها ؟! غير
ممكن.
لما نأتي إلى الزاوية : أنت لعائلة أبوحميرة ؟ أنت لعائلة أبوزريبة ؟ أنت لصلاب ؟
أنت بلعزي ؟ أنت ولد صقر ؟ أنتم الأشراف ؟ أنتم قبيلة الزاوية أم القبائل الزاوية
.. أم القبائل ، أنت من الرمّاح ؟ أنت من الكورغلية ، يعرف بعضنا بعضا.
لو نذهب إلى الحاسة نقول لهم : أنتم خلابطة ، خلبط ، أنتم شبارقة ، بلقاسم ؟.
هذا الكلام الذي قلته ، انظروا كيف حرّفه إخوانكم العرب ؟!.
إحدى المحطات العربية قالت " أصدر الأوامر في الجيش والشرطة ، بالقضاء على
المتمردين " .
تصوروا .. انظروا ، أنا قلت كلاما مثل هذا ؟! ، أنا طلبت من الجماهير ، أن تأخذ
أولادها وتقبض على الذين غرروا بأولادهم .
لكن اليوم الذي تصبح فيه ليبيا في خطر ، ووحدتها الوطنية في خطر ،
وتصبح القاعدة ستتمركز في ليبيا ، حتى مجلس الأمن يؤيدني في استخدام القوة .
الآن عمليات قبض عادية ، لكن الآن تخرجون من بيوتكم ، الآن كلكم الرجال والنساء
الذين معي ، أمّنوا المدن ، وأمّنوا الواحات والقرى ، وكذبوهم ، ودعوهم يتفرجوا
عليكم .
الآن اعترفوا أنهم متمردون ، وقبل كانوا يقولون:متظاهرون ، هناك مظاهرات في ليبيا ؟
، كلها مظاهرات تأييد ، حسنا أنهم اعترفوا بأنهم متمردون.
المطلوب تسليم الأسلحة فوراً التي روعت الناس .
بنغازي تحتضر ، تموت ، مرعوبة من الأسلحة التي في يد الأطفال الصغار ، ستموت ، ليس
لديها ماء ، ولاأكل ، ولا كهرباء ، ولا أي شيء .
أخرجوا يا بنغازي ، يا بنغازي أنقذوا أنفسكم ، وحرروا " عبدالفتاح " الذي حرر
بنغازي معي ليلة الثورة ، واتركوه، هو من تتفاهمون أنتم وإياه لتديروا البلد إلى
غاية أن يعود الأمن إلى نصابه ، وتعود السلطة الشعبية .
اعتبارا من الغد ، يمكن أن يبدأ تشكيل الشعبيات الجديدة ، والبلديات الجديدة ،
والمؤتمرات الجديدة واللجان الشعبية الجديدة ، من غد تبدأ ، وهو يساعدكم .
حرروه ، عيب عليكم عصابة ، أنتم بنغازي معقولة ؟!.
- تسليم الأسلحة فورا وإعادتها إلى الجهات التي أخذوها منها ، وإلا فسترعب البلاد
وتسبب مجازر ، أطفال مهووسون سكارى ؛ وعندهم سلاح ورشاشات.
- تسليم الأسرى من الشرطة والجيش .
- أي أحد قبضوا عليه ، فليسلموه فورا ، والقبض على المشاغبين وتسليمهم للأمن ؛ حتى
تتم تربيتهم وإعادتهم إلى رشدهم ، ويمروا بفترة نقاهة حتى يبرءوا من الحبوب التي كم
يوم يأخذونها لأنها مضرة جدا بالقلب .
- إزالة كل معوقات الحياة في الشوارع ، الدكاكين يجب أن تُفتح ، المخابز تُفتح ،
المطارات تُفتح ، الموانئ تُفتح.
لماذا تريدون أن تخربوا بلادكم بلا مبرر ، ماهو السبب؟ ما الذي دهاكم؟ !.
هذه عين كما يقولون ،"خلاص" أنا آمنت بالعين ، بلاد آمنة وتعينت " أصابتها العين ".
وجدنا أنفسنا في أمان ، وفي رخاء ، وبترولنا وماءنا في سلام وهناء ، والدنيا تحترق
حولنا ، نحرق نحن بلادنا ؟!.
طبعا أنا أقول لكم في النهاية ، لايمكن لأحد عاقل أن يسمح بأن تتمزق بلاده ، أو
تصبح في يد قبضة من المجانين .
عفوا .. لقد بلغوني أن الشعر الذي قلته عن الزنتان ، كان في وقت به انقطاع فني فلم
يسمعوه ، وسامحوني سأعيده مرة ثانية إذا كان الإرسال الآن يسير جيدا ، قلت لكم :
" شاب ورفلي غلط في واحد زنتاني ، والزنتاني زعل وحسبها على ورفلة كلهم ، وقال إنه
لن يذهب إليهم ، ولم يعودوا أصحابا ، ولن يأتي لبني وليد ، وزعل وقالها في قصيدة
شعر .
ردوا عليه ورفلة قالوا له " غلطة غلطها شاب من الإعدادي * لايعرف التاريخ ولاهو
إنساني" .
يعني قالوا له هذا شاب من الإعدادي ، مدرسة إعدادية ،لايعرف التاريخ ، ولامعركة
الكردون مثلما قلت أنا الآن أن الشباب الموجودين الآن لايعرفون أهلهم وأجدادهم ،
ولم يعرفوا معركة الكردون ولا المرحوم " محمد الصغير العايب" الذي كان يحل المشاكل
في الزنتان ، وكنا نعتمد عليه .
قالوا له"ياودي"لا تؤاخذنا .
قصدي حتى نحن يجب ألا نؤاخذ الزنتان ، وأنا لا أؤاخذهم ، الزنتان الأبطال ؛ لأنهم
قالوا له " غلطة غلطها شاب من الاعدادي * لايعرف التاريخ لا هو إنساني .
لاهيش مقصودة ولا غلطتنا * شباب طيش من وكّالة الباناني ".
قال هذا شباب طائش من الذين يأكلون الباناني ، أي الموز .
الجماعة قالوا لي إن هذا الشعر ، لم يسمعه الجماعة في الزنتان ، نرجو أن تعيده ،
وأنا أعدته على شأنهم .
حتى الآن الشباب الموجودون في الزنتان ، هم الآن شباب الطيش ، لكن أحضروهم إليّ
؛ياليتهم يحضرونهم إليّ فقط .
كل الشباب هؤلاء ، أنا أريدهم ، أريد الشباب الثائر ، أنا سميته جيل الغضب ، معقولة
شباب الفاتح يترك الأمجاد ويضحي بها ويحرق الجماهيرية ، دولة الجماهير ، من أجل
مقملين متسخين يتبعهم عملاء المخابرات الأجنبية والدراوشة ؟!.
من يصدق هذا ؟!.
لايمكن ، من غير الممكن أن شبابنا يقودهم أحد آخر ،
هم إذا لم
يتبعوا "معمر القذافي" فسيتبعون واحدا مقملا بلحيته ؟! غير ممكن .
الشباب معنا نحن ، هؤلاء شبابنا هذا جيل الغضب الذي أنا ربيته ، وهم يهتفون في كل
مكان يقولون "نحن جيل بناه معمر * واللي يعادينا يدمر" .
أخيرا ياسادة ، مالم تتحقق هذه الأشياء :تسليم الأسلحة ، تسليم الأسرى ، تسليم
المشاغبين ، القبض على الذين غرروا بأولادنا ، وإزالة كل شيء وإعادة الحياة
الطبيعية إلي الموانئ والمطارات والطرق والمخابز والتموين والمواصلات والإتصالات ،
وتعد الحياة هانئة ، والعائلات عائشة في أمان ، وأطفالنا عايشون في أمان ويذهبون
إلي الشارع وإلي المقهى وإلي الملاهي وإلي المطاعم ، مالم يتحقق هذا ، ونرى أن وحدة
ليبيا تتعرض للخطر ، أو أن قوى معادية للديمقراطية معادية للحرية
تريد أن تشوه الإسلام ؛ القاعدة بالذات نراها
، إذا كانا سنرى أن هذا سيتحقق فسنحول دون تحقيقه .
عندئذ نقول لكم ، سيعلن الزحف ، سيعلن الزحف المقدس ، مثل مسيرة ألف ميل التي قادها
"ماو تسي تونغ" ، وحرر بها الصين حتى اليوم ، وجعلها دولة تملك القنبلة
الهيدروجينية .
نعم .. سأقود أنا مسيرة الزحف ، وتصوروا هذا الزحف من أين يأتي ، تعرفونه ، وسنكون
مضطرين بعدها إلي أن نطّهر المدن ، ونطّهر الشوارع ، ونطّهر البيوت ؛ ونطّهر كل شيء
.
الذي سيسلم نفسه نادما ومعترفا بذنبه من الذين حركوا شبابنا ، أما شبابنا فسيندمون
.
هؤلاء الشباب ، دعوهم يسلموا أنفسهم وليس عليهم ، سنعالجهم أولاً من الحبوب لصحتهم
لأنهم كم يوم يأخذون الحبوب ، لكن أمهاتهم يذهبن ليأتين بهم ، ونسمح لهن بأن يذهبن
ليأتين بهم .
إذا كان الرجال خائفين من العصابات ، فالنساء والبنات يذهبن يأخذن إخوتهن وأولادهن
، ويأتين بهم إلي البيوت ، ندربهم ، نعلمهم ، نحن أهلهم ، نؤهلهم للعمل الصالح
والخدمة ، الصالحة ويأتون بدخل و برواتب ويؤمنون البلاد .
معقولة شبابنا يخربون البلاد ؟! أبداً هؤلاء ليسوا شبابنا ، هؤلاء الذين وراءهم ،
أما الذين يقومون بهذا العمل فهم أعطوهم حبوبا وليس بإرادتهم .
إذا لم يتحقق كل هذا ،- صوت أذان المغرب- الله أكبر - ، فأنا بعد ذلك سنعلن الزحف
المقدس .
نعم.. أنا "معمر القذافي" قائد أممي ، أنا تدافع عني الملايين .
أنا سنوجه نداء للملايين من الصحراء إلى الصحراء ، وسنزحف أنا والملايين ، لتطهير
ليبيا شبرا شبرا ، بيتا بيتا ، دارا دارا ، زنقة زنقة ، فردا فردا ، حتى تتطهر
البلاد من الدنس والأنجاس .
لا يمكن أن نسمح بأن تضيع ليبيا من بين أيدينا بدون مبرر،في غوط الباطل،من يسمح
بهذا ؟!.
أنا معي الملايين ، ومعي الله الذي نصرني على القوى العظمى الكبرى .
معي الملايين ليس من الداخل ، معي الملايين من الأمم الأخرى .
أنا أستطيع توجيه نداء إلى كل ملايين الصحراء ، من الصحراء إلى الصحراء ستزحف
الملايين .. الملايين تزحف ، ولن يستطيع أحد أن يوقفها .
بسرعة أنقذوا أنفسكم قبل أن نعطي إشارة الزحف المقدس .
الليلة زحف سلمي من الداخل ، من داخل المدن ، من داخل القرى ، من داخل الواحات ،
لإنقاذ أطفالنا والقبض على الذين غرروا بأطفالنا .
الذي تعملونه هذه الليلة وغدا ، أن تطلعوا للشوارع .
أما بعدها -إذا لم يكن هذا - فهناك زحف من الداخل ، تعرفون هذا الزحف من أين يأتي ،
وبعدها هناك الزحف الأممي الذي سأقوده لأن ليبيا تهم
كل الأمم ، ليبيا مثابة عالمية.
أنا باق هنا ، لا يكذبون عليكم .
أنا نمشي إلى فنزويلا ..والله ؟ !!.
أنا أترك جثمان الشهيد " عبد السلام بومنيار " أول شهيد سقط في الخمس عام 1911 ،
وأذهب إلى فنزويلا ، والله يكتبها علي التاريخ ؟!!.
أترك المجاهد " محمد عبد السلام بومنيار " قبره في الهاني ، والمجاهد الشيخ "
الساعدي بومنيار " قبره في " منيدر " ، والله ونمشي ؟!! .
أتصدقون ؟!.
هاهي أول حاجة ، كذبتهم هذه ، انظر ألم يقولوا لكم يوم أمس إن " القذافي " في
فنزويلا ؛ وهأنا موجود .
هذه المحطات العربية ، أكبر عدو ، شامتة بكم .
تريدكم أن تدمروا النفط ، وتدمروا الحرية ، وتدمروا السلطة الشعبية ، وتدمروا ليبيا
، وأن لا تبقى ليبيا قلعة عالمية .
مغتاظون منكم ، لذلك يشوهونكم.
بارك الله فيكم يا إخوتنا في قطر .
بارك الله فيكم يا إخوتنا في قطر .
هذه آخرتها ، هذا الماء والملح الذي بيننا وبينكم .
أهذا الدم والأخوة التي بيننا وبينكم ، تزورون كل شيء علينا ، بدل أن تكونوا معنا ،
تكونون ضدنا .
لمصلحة من بالله ؟! لمصلحة من ؟! .
قد تندمون يوم لا ينفع الندم ، والذي بيته من الزجاج لا يرجم الناس بالحجارة .
من أنتم ؟!.
دقت ساعة العمل ، دقت ساعة الزحف ،دقت ساعة الانتصار ، لا رجوع .
إلى الأمام .
إلى الأمام .
إلى الأمام .. ثورة ، ثورة
الكتاب الثاني: البدائل عن الحضارة
الغربية المادية
عمون - بقلم محمد ماهر مكناس 22 -9 -2017
ãáÎÕ áÈÚÖ ãÍÊæíÇÊ ÃåÊãÇãÇÊ صحيفة العماد 30 -3- 1990 / 30 -3 -2022
البدائل عن الحضارة الغربية
الدعوات القومية والوطنية
الدعوات العنصرية
الدعوات العلمانية
الدعوة الإنسانية العالمية كبديل عن الدين
الدعوة الرأسمالية
الدعوات الديمقراطية
الشيوعية
الوجودية
الحركات السرية .. الماسونية
العقيدة البوذية كأساس حضاري
العقيدة الهندوسية كأساس حضاري
الديانة المجوسية
العقيدة اليهودية كأساس حضاري
العقيدة النصرانية كأساس حضاري
العقيدة الإسلامية وحتمية الحل الإسلامي
الدعوات العلمانية :
** الدعوات العلمانية اللادينية .
** الدعوات الإنسانية العالمية .
** الدعوات الإلحادية والوجودية .
** الحركة الماسونية العالمية ..
الدعوات الإنسانية العلمانية :
يحاول بعض المغرضين وخاصة من الديانات الأخرى يتبعهم في ذلك بعض المضللين
والمهزومين روحياً أن يطلقوا دعوى الإنسانية كبديل للدين بشكل عام وللدين الإسلامي
بشكل خاص ويحاولون من خلال هذه الدعوة أن يبعدوا الدين وبخاصة الدين الإسلامي عن
واقع الحياة بأن يقتصر على العبادة في الأديرة والمساجد بينما تختص هذه الدعوة
الخبيثة بالعلاقات الإنسانية على مستوى العالم بعيدا عن الأديان والمعتقدات لأن
الدين لله والكرة الأرضية للجميع ولأن الدين يجب أن يكون بين العبد وربه فقط لا أن
يكون فاعلاًَ ومؤثراً في جميع شؤون الحياة ولأن الإنسان يجب أن يرتقي فوق الفوارق
الدينية أو الاعتقادية ليسمو ويرتفع إلى مستوى العلاقات الإنسانية والأخوة
الإنسانية فوق الحواجز التي تفرق بين بني البشر على سطح الأرض هذا هو إدعائهم وهكذا
يقولون .. إنها دعوة براقة ولكنها خبيثة ومغرضة والهدف منها تهميش الأديان بشكل عام
والدين الإسلامي بشكل خاص من أبناء المسلمين بعد أن عجزت كل الحملات التنصيرية
والتشويهية والشبهات في النيل من هذا الإسلام العظيم .. دعوة خبيثة براقة تدعوك أخي
المسلم لتكون كبير القلب واسع الأفق كريم المشاعر إنساني الأحاسيس .. إنها دعوة
شيطانية خبيثة ماكرة لا رصيد لها في عالم الواقع ولا رصيد لها حتى في الأوهام
والأحلام ونريد أن نسأل هؤلاء الإنسانيون أين طبقت هذه الدعوات الإنسانية ...؟ هل
طبقها المحتلون الفرنسيون في الجزائر وسوريا ولبنان ..؟.. أم طبقها المحتلون
الإيطاليون في ليبياوالصومال وإيريتيريا ..؟.. هل طبقها النازي هتلر في أوربا ..؟..
أم طبقها ستالين في الإتحاد السوفيتي ..؟.. أم طبقها ماوتسي تونغ في الصين ..؟.. هل
طبقها الهندوس الوثنيون في الهند ..؟.. أم طبقتها حكومة تايلاند والفلبين ..؟.. هل
طبقها بوش في العراق وأفغانستان ..؟.. أم طبقها اليهود المجرمون في فلسطين ولبنان
..؟.. لست أدري أي إنسانية خيالية هذه التي يتحدثون عنها .. روسيا الشيوعية قتلت
أربعة ملاين مسلم .. يوغوسلافيا قتلت مليون مسلم .. وفي الفلبين وأوغندا وتنزانيا
والصين والهند وفي المجر ورومانيا ملاين المسلمين يذبحون ولا تجد تلك الدعوات
الإنسانية الكاذبة ترفع حتى صوت استنكار.. الصرب قتلوا من المسلمين عدة ملايين في
حرب إبادة وتطهير عرقي فهل سمعنا صوت أولئك الإنسانين ولو بكلمة استنكار .. لقد كان
الحكام الرومان في مصر قديماً يلهبون ظهور الأقباط المسيحيين بالسياط لمخالفتهم
إياهم في المذهب فلا يتحرك الأقباط لرد العدوان ولم يجدوا ملجأً يلجؤون إليه يمنحهم
الحرية الاعتقادية ويمنحهم العدل والكرامة الإنسانية إلا عندما حررهم الإسلام من
الرومان فأعطاهم كامل حريتهم الدينية استطاعوا أن يقاضوا حاكم مصر كلها أمام أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب وقصة القبطي مع ابن عمرو بن العاص معروفة ومشهورة حيث توجه
هذا القبطي الفقير إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب واشتكى ابن عمرو بن العاص حاكم
مصر وقاضاه عمر بن الخطاب وحكم عليه بأن يقتص منه ويضربه كما ضربه وقال كلمته
المشهورة التي تهز أركان التاريخ ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً
) .. إنها دعوة خبيثة لإخراج المسلمين عن دينهم وسلخهم من عقيدتهم بأسلوب حضاري
متمدن ولكنه خبيث وماكر.. إن تمسك المسلم بإسلامه أمر يغيظ أعداء الإسلام وخاصة
الصهيونيين والصليبين الجدد المتعصبين بصورة جنونية لذلك فهم يحاولون فك هذا
الارتباط بين المسلم وإسلامه بأية طريقة كانت حتى ولو كانت خسيسة دنيئة .. فإذا ترك
دينه وتمسك بمبادئ الغرب احتقروه وأهملوه ونبذوه كما حصل للأتراك بعد أن تخلو عن
دينهم واتبعوا ملة الغرب الصليبين حيث نراهم اليوم يتزلفون حتى لقبرص اليونانية تلك
الدولة المسخ من أجل الموافقة على انضمامهم للإتحاد الأوربي وما أجمل قول أمير
المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب حيث قال: ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا
ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) .. إن ما يخشاه أعداء الإسلام اليوم هو تمسك
المسلمين بدينهم وتمسكهم بعقيدتهم وتمسكهم بروح الجهاد الإسلامي .. لنستمع ماذا
يقول هؤلاء الإنسانيون :
** يقول أحد المبشرين في كتاب " الغارة على العالم الإسلامي" : ( إن أوربا كانت
تفزع من الرجل المريض لأن وراءه ثلاثمائة مليون من المسلمين مستعدون أن يقاتلوا
بإشارة من يده ) .. طبعا يقصد بالرجل المريض الخلافة العثمانية ..
** ويقول المستشرق الكندي المعاصر" ولفرد كانتول سميث" : ( إن أوربا لا يمكن أن
تنسى الفزع الذي ظلت تزاوله عدة قرون من الفتوحات الإسلامية وإن هذا الفزع لايدانيه
شيء في العصر الحديث
)
** ويقول المستشرق الأمريكي روبرت باين في كتابه " السيف المقدس" : ( إن لدينا
أسبابا قوية لدراسة العرب والتعرف على طريقتهم فقد غزو الدنيا كلها من قبل وقد
يفعلوها مرة ثانية .. إن النار التي أشعلها محمد-صلى الله عليه وسلم- ما تزال تشتعل
بقوة وهناك ألف سبب للاعتقاد بأنها شعلة غير قابلة للانطفاء أبداً ) ..
** ويقول ربنا جل شأنه:
( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )...
إنه الخوف والفزع من قبل أعداء الإسلام في الشرق والغرب من روح الجهاد بل من مجرد
كلمة الجهاد لذلك أرادوا أن يطمسوا معالم الدين الإسلامي وأن يشوهوا صورة الجهاد
الإسلامي بالإدعاءات والافتراءات والشبهات والأكاذيب إن أوربا لم تصل إلى الرفاهية
الناعمة التي تعيش بها الآن إلا باستعمار واستغلال العالم الإسلامي ونهب خيراته
وثرواته واستعباد أهله وإخضاعهم لنفوذها فماذا يكون إذا ما استيقظ المسلمون وعرفوا
طريقهم وتمسكوا بعقيدتهم وحملوا راية الجهاد في كل أصقاع العالم الإسلامي ماذا
سيكون لو استيقظ العملاق الإسلامي النائم كما يشبهونه اليوم ..؟ لاشك أن النتائج
ستكون مذهلة حقاً للغرب الصليبي المتربص يوميا بالإسلام والمسلمين .؟.. وفي مقابل
هذا الخوف والحقد والفزع لنستمع ماذا تقول تعاليم الإسلام :
ففي أخلاقيات الحرب والجهاد لم يسمح الإسلام لأية بادرة ظلم أواعتداء .. حيث يقول
الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( اغزوا باسم الله وقاتلوا من كفر بالله،
اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ) .. إن الإنسانية
الحقيقية والسماحة الحقيقية لا تكون إلا من خلال الإسلام المنهج الرباني الذي لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أما تلك الإنسانية المدعاة في ظل المناهج
المادية البشرية الكافرة الملحدة فهي وهم وكذب وخواء لم يعرفها التاريخ في أي عصر
من عصوره وهي مجرد شعارات خادعة كاذبة لا رصيد لها من الواقع .. إن هذه الدعوة
اعلمانية الإنسانية التي يطلقونها هي دعوة لا رصيد لها من الواقع فهي تفتقد إلى
الرصيد الفكري الذي يستطيع تجميع كل الأعراق والأفكار والشعوب في منظومة واحدة ..
كما تفتقر إلى إمكانية التطبيق العملي في واقع مليء بالظلم والفساد والأحقاد
والجرائم .. كما تفتقر أيضا إلى التأثير الفعلي على ضمائر وسلوكيات الناس الفردي
والاجتماعي .. لقد فشلت هذه الأنظمة والدعوات وهي بعيدة عن الدين فشلا ذريعا في
تطبيق أية مفاهيم حضارية سامية .. إن مثل هذه الدعوات العلمانية التي تدعي
الإنسانية لايمكنها بحال من الأحوال أن تقيم في عالم الواقع حضارة إنسانية عالمية
الدعوات الإلحادية الوجودية اللادينية :
يقول " جوليان هيكسلي " الذي انسلخ من الإيمان بالله في كتابه " الإنسان في العالم
الحديث " : ( إن الإنسان قد خضع لله يسبب عجزه وجهله والآن وقد تعلم وسيطر على
البيئة فقد آن له أن يأخذ على عاتق نفسه ماكان يلقيه من قبل في عصر الجهل والعجز
على عاتق الله وبالتالي يصبح هو الله ) .. نعوذ بالله ... ولاأريد أن أناقش هنا هذا
الكلام السخيف ولكن أريد أن أسأل هيكسلي مادام الإنسان هو الله فلماذا لايدفع عن
نفسه شبح الموت ولماذا لم يستطع الإنسان أن يحول المادة الميتة إلى خلية حية مادام
يعرف تركيب الخلية الحية بأدق التفاصيل ... لاشك أن الذين كفروا عاجزون عن خلق
ذبابة أو بعوضة لابل خلق خلية واحدة حية تستطيع أن تتزاوج وتتكاثر وقد تحداهم
القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا أن يخلقوا ذبابة ومرت القرون الأريعة عشر
ولم يصلوا إلى خلق خلية واحدة من الذبابة وسيستمر هذا التحدي آلاف وملايين السنين
حتى يقر الإنسان بعجزه ويقر بأن هناك قدرة الله التي تخلق كل شىء بكلمة كن فيكون
يقول ربنا جل شأنه : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي
بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون ) ...
** وفي هذا المجال يثير الفيلسوف (وول ديورانت ) في كتابه القيم ( مباهج الفلسفة )
تساؤلات كثيرة يمكن أن نطرحها على هيكسلي وأمثاله من الملحدين والتي لم يسنطع العلم
الحديث أن يجد لها أي تفسير حتى يومنا هذا يقول ديورانت : ( ماطبيعة العالم ...؟
مامادته وماصورته ...؟ مامكوناته وهيكله ...؟ ومامواده الأولى وقوانينه ...؟
مالمادة في كيفها الباطن وفي جوهر وجودها الغامض ...؟ وماالعقل ...؟ أهو على الدوام
متميز عن المادة وذوسلطان عليها ... أم هو أحد مشتقات المادة ...وعبد لها ...؟
أيكون كلا العالمين الخارجي الذي ندركه بالحس والباطني الذي نحسه بالشعور عرضة
لقوانين ميكانيكية ... أو حتمية أم ثمة من المادة ...؟ أو في العقل أو كليهما عنصر
من الاتفاق والتلقائية والحرية ...؟ إننا نؤثر معرفة الإجابات عن هذه الأسئلة على
امتلاك سائر خيرات الأرض .. ولنسلم أنفسنا في الحال لإخفاق لامناص منه .. لالأن هذا
الباب من الفلسفة يحتاج في إتقانه إلى معرفة كاملة ومناسبة بالرياضيات والفلك
والطبيعة والكيمياء والميكانيكا وعلم الحياة وعلم النفس فقط بل لأنه ليس من المعقول
أن نتوقع من الجزء أن يفهم الكل .. فهذه النظرية الكلية هي فتنتنا في هذه المغامرات
اللطيفة ستبعد عن فكرنا جميع الفخاخ والمفاتن ويكفي أن نأخذ أنفسنا بقليل من
التواضع وشىء من الأمانة لنتأكد أن الحياة في غاية التعقيد والدقة بحيث يصعب على
عقولنا الحبيسة إدراكها .. وأكبر الظن أن أكثر نظرياتنا تبجيلا وتعظيما قد تكون
موضع السخرية والأسف عند الإله العليم بكل شىء .. فكل مانستطيع أن نفعله هو أن نفخر
باكتشاف مهاوي جهلنا وكلما كثر علمنا قلت معرفتنا لأن كل خطوة نتقدمها نكشف عن
غوامض جديدة وشكوك جديدة فالجزىء ينكشف عن الذرة والذرة عن الالكترون والالكترون عن
الكوانتوم ويتحدى الكوانتوم سائر مقولاتنا وقوانينا وينطوي عليها والتعليم بحد ذاته
هو تجديد في العقائد وتقدم في الشك ... وآلاتنا كما ترى مرتبطة بالمادة وحواسنا
بالعقل ... ومن خلال هذا الضباب يجب علينا نحن الزغب الطافي على الماء أن نفهم
البحر .. إلى أي نجم بعيد ذهبت نظريتنا السديمية المشهورة .. هل يؤيدها علم الفلك
الحديث اليوم أو يسخر من وجهها المغبر ...؟ وأين ذهبت قوانين نيوتن العظيم حين قلب
انيشتاين وميكوفيسكي وغيرهما لقوانين الكون رأسا على عقب بمذهب النسبية ...؟ وأين
مكان نظرية عدم فناء الماء ومصونية الطاقة في الفيزياء المعاصرة ومايكتنفها من فوضى
وتنازع ...؟ وأين إقليدس المسكين اليوم وقد كان أعظم مؤلف للمراجع العلمية ليرى كيف
يصوغ الرياضيون لنا أبعادا جديدة بحسب أهوائهم ويبتدعون لامتناهيات وينعتون أن الخط
المستقيم هو أطول مسافة بين نقطتين ...؟وأين علم الأجنة ليرى أن البيئة الناشئة تحل
محل الوراثة التي كانت إله العلم ...؟ وأين غريغوري ومندل ليشهدا انصراف علم
الوراثة عن وحدة الصفات ..؟وأين داروين الهدام الدقيق ليرى كيف حلت طريقة التغيرات
السريعة محل الاختلافات الذاتية المتصفة بالتطور ...؟ وماذا نصنع ايوم بمعمل
الأستاذ ( فوندت ) وباختبارات (ستانلي هول ) حين لايستطيع أي عالم نفساني أن يكتب
صحيفة واحدة في علم النفس الحديث دون أن يلقي بمخلفات أسلافه في الهواء ...؟ وأين
علم التاريخ .. وماذا أصاب علومنا ...؟ هل فقدت فجأة قداستها ومافيها من حقائق
أزلية ؟ أيمكن أن تكون قوانين الطبيعة ليست سوى فروض إنسانية تفتقر إلى اليقين
والاستقرار العلمي ...؟ ) .. وإلى آخر ماهنالك من تساؤلات يقف الإنسان أمامها عاجزا
ولاأريد أن أطيل من الاقتباس من فلسفة (ديورانت ) وسخريته من الإنسان الذي لايزال
جاهلا غافلا عن كل ماحوله ورغم ذلك يدعي أنه أصبح هو الله كما يقول جوليان هيكسلي
الوجودي وأمثاله من المعتوهين ...
يقول " برتراندراسل " : ( يقترب علم الطبيعة من مرحلة الكمال وجميع الدلائل تدل على
عكس ذلك ) .. يقول هنري بوانكاريه فيرى : ( إن علم الطبيعة الحديث في حالة من
الفوضى فهو يعيد بناء أسسه من جديد وفي أثناء ذلك لايكاد يعرف أين يقف .. وقد تغيرت
الأفكار الأساسية عن الطبيعة تغيرا تاما في العشرين سنة الأخيرة ) .. ويقول " يوري
غاغارين " أول رائد فضاء روسي بعد عودته من رحلته الفضائية : ( حين صعدت إلى الفضاء
أخذتني روعة الكون فمضيت أبحث عن الله ) .. وهذا الكلام بعد أن غرست الشيوعية
مبادىء الكفر والإلحاد في نفوس أبناء الاتحا د السوفياتي منذ أن فتحت عيونهم على
الحياة .. ويقول " كريسي موريسون " رئيس أكادمية العلوم في نيويورك : (في خليط
الخلق قد أتيح لكثير من المخلوقات أن تبدي درجة عالية من الذكاء فالدبور مثلا يصيد
الجندب ويحفر حفرة في الأرض ويخز الجندب في المكان المناسب تماما حتى يفقده وعيه
دون أن يموت فيعيش كنوع من اللحم المحفوظ الطازج .. والعلم لايرى تفسيرا لهذه
الظاهرة الخفية ولكنها مع ذلك لايمكن أن تنسب إلى المصادفة ) ...
** الدعوات الديمقراطية .
** دعوة اللامنتمي ..
** الفكرة الإليوتية ..
الديمقراطية .
الديمقراطية كلمة يونانية الأصل مشتقة من كلمتين كلمة ( ديموس ) التي تعني الشعب
وكلمة ( كراتوس ) والتي تعني الحكم والسلطة .. وبالتالي يكون معنى الديمقراطية سلطة
الشعب أو حكم الشعب حيث كانت هذه الكلمة تطلق على نظام الحكم الذي يكون الشعب فيه
رقيبا على أعمال الحكومة بواسطة المجالس النيابية المنتخبة من الشعب والتي تمثل
الشعب ويعتبر اليونانيون القدماء الإغريق أول من مارس نظام الحكم الديمقراطي بشكله
البدائي وذلك في مدينتي أثينا وإسبارطة حيث كان أفراد الشعب في المدينة يجتمعون في
ساحة عامة مخصصة لذلك يشاركون في إصدار الأحكام وانتخاب الحكام ويصدرون القوانين
ويشرفون على تنفيذها ويضعون العقوبات على المخالفين وهذه الطريقة تخص طبقة الأسياد
فقط أما العبيد فلم يكن لهم في المجتمع اليوناني القديم أي كلمة أو رأي .. إلا أن
هذه الطريقة اضمحلت وزالت مع توسع المدن والدول وتعقد أمور الحياة بشكل عام حيث
استبدل النظام الديمقراطي القديم بأسلوب جديد إبان الثورة الفرنسية يعتمد على
انتخاب الحكومات التي تحكم البلد نيابة عن الشعب دون الرجوع إلى الشعب في كل قضية
وكان هذا الأسلوب هو الحل الجديد بدلا عن الظلم والطغيان والطبقية والإقطاع وبدلا
عن حكم رجال الدين الظالم الجائر آنذاك وذلك حين رفضت الثورة الفرنسية الحل
الإسلامي العادل المتطور الذي حكم العالم فترة طويلة من الزمان كحل بديل متزرعة
بصلفها وكبريائها وحقدها على الإسلام والمسلمين وكان هذا الخطأ الجسيم هو بداية
الإنحراف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والروحي ليس في فرنسا وحدها بل في القارة
الأوربية كلها .. أخذت فرنسا بعد الثورة الفرنسية الشهيرة تنبش في الجذور الرومانية
واليونانية حتى وجدت ضالتها في تلك الصورة البسيطة الناقصة التي كانت تسمى
بالديمقراطية فقامت بعملية تحوير وتطوير لهذا النظام البدائي البائد الذي عفا عليه
الزمان ثم تتابعت عمليات التحوير والتبديل والتطوير حتى وصل الأمر إلى مايسمى الآن
بالديمقراطية الحديثة .. فالدمقراطية إذن نظام رجعي متخلف يعيد البشرية آلاف السنين
إلى الوراء إلى العهود اليونانية الوثنية لولا ماجرى عليه من التعديل والتحوير
والتطوير .. وعلى الرغم من أن النظام الدمقراطي الحديث نظام رجعي متخلف إلا أنه قام
بخطوة تعتبر هامة وجريئة حيث ألغت الثورة الفرنسية بنظامها الديمقراطي الجديد الحق
الإلهي المقدس في الحكم الذي كانت تدعيه الكنيسة في تسلطها واضطهادها للناس والذي
كانت تدعم فيه سلطة الحكام المستبدين الظالمين وبهذا أحرزت الديمقراطية تقدما هائلا
لما كان عليه الحال في عهود الإقطاع وعهود الحق الإلهي المقدس الذي تدعمه الكنيسة
.. إنه مما لاشك فيه أن الديمقراطية الحديثة استطاعت أن تحقق الكثير من الإصلاحات
والضمانات والحقوق للشعب ولكنها لم تصل إلى الكمال ولم تصل إلى العدل المطلق الذي
تحققه الشريعة الإسلامية بمنهجها الإلهي السامي .. كما أنني أريد أن أؤكد أن
الديمقراطية التي نراها اليوم لم تأت هكذا دفعة واحدة وإنما تغيرت قوانينها مئات
المرات وتبدلت قراراتها ألوف المرات ولا بد أن تتغير وتتبدل ملايين المرات في
المستقبل ولن تصل إلى المستوى الذي وصل إليه النظام الإسلامي المنبثق عن الشريعة
الإلهية السمحاء .. وهذه طبيعة المنهج البشري يلغي ما أثبته في الأمس ويعدل ما أقره
اليوم ولن يصل في النهاية إلى العدل المطلق بحال من الأحوال إلا بتطبيق المنهج
الإلهي العادل .. ولا أريد هنا أن أسهب في ذكر مراحل التطور للنظام الديمقراطي عبر
مئات السنين فهذا أمر تاريخي له مجال آخر في غير هذا الكتاب وإنما أريد أن أناقش
الديمقراطية من خلال الواقع الحالي الذي وصلت إليه ومن خلال الواقع العملي في الدول
التي تنادي بالديمقراطية .. وللرد على الديمقراطيين المتعصبين أنقل وجهة نظر
الشيوعيين أعداء الديمقراطية الغربية يقول الشيوعيون عن الديمقراطية : ( إن الذي
يملك هو الذي يحكم في الأنظمة الديمقراطية وإن الطبقة التي تملك وتحكم هي التي تضع
التشريعات لحسابها الخاص على حساب الطبقات الأخرى .. وإنه في الديمقراطية
اللبيرالية يكون المال في يد الطبقة الرأسمالية فهي التي تملك وهي التي تحكم وهي
التي تضع القوانين والتشريعات لحسابها الخاص والتي تحمي مصالحها ضد مصالح الطبقة
الكادحة ) وكلام الشيوعيين هذا صادق إلى حد بعيد رغم كذبهم وضلالهم فلم نجد في يوم
من الأيام سواء في أوربا أو أمريكا أن اعتلى سدة الحكم رجل فقير كادح وإن امتلك
أعلى الدرجات العلمية أو الحقوقية رغم وجود الملايين من الفقراء ..
** إن مفهوم الديمقراطية مفهوم قديم ولكنه تم تنظيمه وتأصيله بوضع الأسس والقوانين
والأنظمة التي تحدد مفهوم الديمقراطية خلال القرون الأربعة الماضية وكثيرًا ما يخلط
المهزومون روحيًا في بلاد الإسلام بين النظام الإسلامي والديمقراطية حتى أن بعضهم
أصبح ينادي بشيء غريب عن الإسلام اسمه ( ديمقراطية الإسلام ) .. وأريد هنا أن أصحح
هذا المفهوم الخاطئ لأنه لا توجد ديمقراطية في الإسلام وإنما نقول إسلام وحسب دون
ترقيعات من الشرق أو من الغرب فتارة يرقع بعضهم الإسلام بالاشتراكية فيقول (
اشتراكية الإسلام ) وتارة يرقع بعضهم الإسلام بالديمقراطية فيقول ( ديمقراطية
الإسلام ) وتارة يقولون ( القومية الإسلامية ) وتارة ( التقدمية الإسلامية ) حتى
نحصل في النهاية على إسلام مرقع من هنا وهناك مزقت أصالته وملامحه وقوانينه وشخصيته
المميزة .. الإسلام هو الإسلام فقط دون أي إلصاق أو ترقيع لهذا الإسلام وذلك لأن
هذا الدين قد أكمله الله وأتمه لنا يقول ربنا جل شأنه : [ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ
دِينًا ] {المائدة:3} وبعد أن أكمل الله هذا الدين وأتمه علينا نعمة الإسلام لا
يجوز لنا بعد ذلك أن ننسب شريعة الله الكاملة التامة إلى شرائع البشر الضعيفة
القاصرة لأن في هذا النسب إهدار لسمو الإسلام وشموليته وإلهيته بشكل كامل ...
** بعد القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية على يد الصليبيين الجدد وأتباعهم في
بلاد المسلمين أخذت تظهر على الساحة ادعاءات وأفكار شتى حاول أصحابها تزيينها
وتزييفها لتظهر كبديل على الفكر الحضاري الإسلامي الذي انتشر في طول البلاد وعرضها
وانتشر في جميع بلاد العالم كفكر عالمي إنساني رباني قدم للعالم أجمع أروع الأمثلة
الإنسانية الحية .. وبذلك ظهر الفكر الشيوعي وظهر الفكر الوجودي وظهر الفكر
الاشتراكي والفكر القومي وغير ذلك من الأفكار التي انتشرت لطمس معالم الفكر
الإسلامي الأصيل الذي ارتضاه الله سبحانه للعالمين .. إن الإسلام فقط بشكله
المتكامل الشامل الذي أنزله الله تبارك وتعالى وهو النظام المتميز المتفرد لا يمكن
أن يكون مرقعاً برقع الاشتراكية ولا برقع القومية أو التقدمية أو الديمقراطية .. إن
النظام الإلهي الإسلامي الذي ارتضاه الله سبحانه لعباده حتى تقوم الساعة ليس نظاماً
اشتراكياً ولا نظامًا ديمقراطيًا أو شيوعيًا وإنما هو النظام الإسلامي الرباني الذي
أنزله الله سبحانه وتعالى لصالح البشرية جمعاء ...
** إن محاولة استبدال أو خلط مفهوم الديمقراطية بمفهوم الحضارة الإسلامية إنما هو
مؤامرة على الإسلام والمسلمين لطمس معالم الحضارة الإسلامية وأنه مما يؤسف له أن
كثيراً من المفكرين الإسلاميين قد تبنوا مبادئ الديمقراطية الغربية وألصقوها
بالإسلام وما هي من الإسلام في شيء .. وأخذوا يناقشون ما يسمى ( ديمقراطية الإسلام
) وذلك لتشويه حقيقة الإسلام .. فالحضارة الإسلامية كل لا يتجزأ ومبدأ وشريعة
متكاملة ومنهج متكامل لا يحتاج أن ننسبه تارة إلى الاشتراكية وتارة إلى الديمقراطية
وغير ذلك من المفاهيم الغريبة كل الغرابة عن هذا الدين .. وحتى لو التقت بعض
المفاهيم الإسلامية مع بعض المفاهيم الغربية أو الشرقية فهذا لا يعني أن نتخلى عن
أصالتنا ونتخلى عن إسلامنا لنصفه تارة بتلك الصفة وتارة بصفة أخرى علماً بأن
الإسلام هو النظام الشامل المتكامل الجامع لكل صفات الخير الناهي عن كل صفات النقص
والشر فالإسلام كل لا يتجزأ لأن الله خالق الكون هو الذي وضع أسس هذا الدين ومناهجه
وحدد له الأطر العامة التي تسمح للمسلمين التحرك ضمنها دون إفراط أو تفريط .. أما
الأنظمة والأفكار الأخرى القادمة من الشرق أو الغرب فنقول لهم : [ لَكُمْ دِينُكُمْ
وَلِيَ دِينِ ] {الكافرون:6} وذلك لأن الإسلام بمنهجه المتكامل لا يقبل التغيير
والتبديل في الأسس والشرائع والمناهج إنما يتطور ضمن الأطر الثابتة التي وضعها الله
سبحانه وتعالى ...
** إن جميع الأمور في الدول الغربية الديمقراطية تسير بشكل عام في مصلحة
الرأسماليين وطبقة الأغنياء بينما الفقراء لايحصلون إلا على الفتات فكيف يصل إلى
الحكم رجل فقير والحملة الإنتخابية تكلف مئات الملايين من الدولارات .
** إن الديمقراطية الحديثة سمحت لأصحاب رؤوس الأموال بتضاعف أموالهم أضعافا كثيرة
على حساب طبقة العمال والفلاحين الكادحين المنتجين الفعليين وأريد هنا أن أنوه إلى
أنه من الخطأ إلغاء دور رؤوس الأموال وأصحاب العمل بشكل كامل كما تصور الشيوعية
ولكني أريد أن أؤكد على مبدأ العدل في توزيع الثروة في المجتمع بين العمال
والمالكين وأصحاب رؤوس الأموال ..
** إن الديمقراطية الغربية قد أجازت استغلال رب العمل للعمال أبشع استغلال حين وضعت
قوانين تحديد الأجور القائم على أسوأ أنواع الإستغلال ..
** الديمقراطية الغربية الحديثة أجازت استغلال وقت العامل بشكل بشع فقد فرضت عليه
العمل ساعات طويلة ومرهقة ولم تستجب هذه الديمقراطيات لحقوق العمال إلا نتيجة صراع
مرير وإضرابات خانقة حتى حصلت الطبقات الفقيرة على جزء بسيط من حقوقها وليس على
كامل حقوقها ..
** إن الديمقراطية الغربية سمحت بتضخم زؤوس الأموال بشكل هائل وذلك على حساب طبقات
الشعب الفقيرة ولم تضع في حسابها أبدا مبدأ تفتيت هذه الثروات وتوزيعها على أكبر
عدد ممكن من أبناء الشعب ..
** إن النظام المالي في الدول الديمقراطية الغربية هو نظام ربوي ظالم جائر يستغل
ظروف الناس الضعفاء وحالتهم السيئة لامتصاص أكبر قدر ممكن من الأرباح لصالح الشركات
والبنوك الرأسمالية وأصحاب رؤوس الأموال وهنا أريد أن أضرب مثالا بسيطا جدا على
الظلم والاستغلال وفق هذا النظام الربوي والذي يعاني منه أكثر الفقراء في المجتمعات
الغربية ألا وهو بطاقات الإئتمان حيث تقوم الشركات الرأسمالية بإغراء الفقراء
والبسطاء باستخدام هذه البطاقات التي ظاهرها التيسير على الناس وباطنها الظلم
المحتم ومن خلال التسهيلات في السحب والدفع على مستوى العالم يقع كثير من الناس في
المصيدة فما تلبث هذه البطاقة أن تصبح عبئا ثقيلا على هؤلاء الناس البسطاء حيث
تتراكم الفوائد البنكية يوما بعد يوم وبنسب قد تصل إلى أكثر من 20 % ويصبح الفرد
الفقير عاجزا عن تسديد الفوائد البنكية فقط والمبلغ الرئيسي يدور كل شهر دون أدنى
فائدة بينما فوائد هذا المبلغ اصبحت قسطا شهريا واجب الدفع وهكذا يقع ملايين البشر
هناك في هذه المصيدة الأكيدة التي يعاني منها كل الفقراء والبسطاء في الغرب ومن عاش
في بلاد الغرب يعرف مدى الظلم والإجحاف الذي يقوم به أصحاب رؤوس الأموال على أبناء
الغرب الكادحين .. هذا مثال بسيط جدا أما عمليات التمويل الكبرى فحدث عن المآسي
والظلم ولا حرج ...
** قام البرفسور الاقتصادي الألماني ( شاخت ) منذ أكثر من ستين عاما .. بدراسة
اقتصادية للنظام الربوي الغربي الذي تقوم عليه الحضارة الغربية والديمقراطيات
الغربية فخلص إلى النتيجة التالية : ( إن النتيجة الحتمية للنظام الربوي هي تزايد
رؤوس الأموال في يد فئة من أفراد المجتمع يتناقص عددها مع الزمن وبشكل مستمر دائم
مما يؤدي إلى زيادة الفقر في فئة من الناس يتزايد عددها مع الزمن بشكل مستمر ) ..
وهذا مانراه اليوم في أعتى البلاد الديمقراطية الغربية ..
** إن الديمقراطية بنظامها الحر هي التي توجه رؤوس الأموال نحو التضخم عن طريق
إعطاء الحرية الكاملة للفعاليات التافهة غير المنتجة والتي تمتص من الناس وعلى شكل
نزيف دائم مستمر يتلقاه الرأسماليون ليزيد من أرباحهم وثرواتهم .. أذكر هنا بعض
الأمثلة للتوضيح وليس للحصر لأن هناك عدد كبير من الفعاليات البشرية يمكن اعتبارها
بشكل كامل أوجزئي عمليات سرقة أو ابتزاز للأموال .. فمن الصناعات التافهة الغير
منتجة التي تدخل في حيز الكماليات وتبتز أموالا طائلة من ملايين البشر أذكر صناعة
السينما وصناعة أدوات التجميل وبيوت الأزياء والموضة العالمية والتفنن في تطوير
السلم الإستهلاكي لابتزاز أكبر قدر من أموال الناس في جميع أنحاء العالم وما صرعة
الهواتف المحمولة والتي تقذف إلى الأسواق كل يوم بمظهر جديد أو شكل جديد أو مميزات
جديدة أو أنغام موسيقية جديدة أو غير ذلك من أشكال التطوير والتحديث التي تهدف
وبشكل أساسي لابتزاز أموال الناس .. إننا كدول فقيرة أو نامية على أقل تقدير يجب أن
لا ننصاع وننجرف وراء هذا التيار الجارف ونحاول الحد قدر الإمكان من عملية الابتزاز
هذه فالطالب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية ليس بحاجة إلى هاتف جوال بقيمة ألف
دولار حيث يكفيه أبسط أنواع الجوالات التي تسمح له بالإتصالات الضروية أو ربما لا
يحتاج أصلا إلى جوال .. أما الجوالات الحديثة جدا والمتطورة جدا فلا يستفيد منها
إلا عدد قليل جدا من الناس أضف إلى ذلك أن عددا كبيرا من الناس لا يعرف كيف يستفيد
من مثل هذه الميزات فلماذا تهدر الأموال في أمر لا فائدة منه إلا الشهرة والتكبر
والتعالي على عباد الله .. ومثال آخر من أمثلة الإبتزاز أيضا أجهزة الكمبيوتر حيث
تخرج شركات الكمبيوتر كل يوم بشكل جديد و لون جديد وذاكرة جديدة وسرعة تردد عالية
فهذه الأجهزة ربما تفيد الباحثين والشركات الكبرى وطلاب الدراسات المتخصصة
بالكمبيوتر أما صاحب بقالة أو طالب في المرحلة الإبتدائية أو الإعدادية فلماذا يخصص
له كمبيوتر من أحدث الأنواع والذي قيمته تزيد على عشرة أضعاف الكمبيوتر الذي يكفي
إحتياجاته بشكل عام .. أليس من الجريمة تبزير الأموال فيما لا فائدة منه ..
** إن الديمقراطية الغربية المقيتة في العصر الحديث أوصلت إلى سلم القيادة العليا
رجلا معتوها مختل العقل ورجلا إرهابيا مجرما ورجلا تابعا عميلا ورجلا لصا من عصابات
المافيا ورجلا يؤمن بالخرافات والعرافين والمشعوزين .. ولو فتشنا في جميع الزعامات
الديمقراطية لما وجدنا فيهم الرجل المناسب الكفؤ الذي يسعى لخير بلده أولا ولخير
الإنسانية جمعاء في نهاية المطاف ..
** إن عمليات التطوير والتحديث والتغيير وسد الثغرات التي جرت على المبادئ
الديمقراطية منذ أن بدأت وحتى اليوم قد تغيرت مئات بل ألوف المرات مما يثبت عجزها
وضعفها أضف إلى ذلك الاختلاف الكبير في المفاهيم الديمقراطية بين بلد وآخر وبين شعب
وشعب آخر وبين مفكر ومفكر آخر إذ لا يوجد حتى يومنا هذا دستور شامل كامل ثابت لهذه
الديموقراطية التي يودون نشرها وتصديرها ضمن قوالب تضمن أول ماتضمن مصالح
الديمقراطيات الغربية ومصالح تجار السياسة والحروب والمستعمرين ...
** لقد اقترنت الديمقراطيات الغربية المادية ومنذ نشأتها الأولى إبان الثورة
الفرنسية بنشر الفساد والفسق والفجور والمخدرات والخمور والتفلت والشذوذ حتى وصل
الأمر إلى حافة الانهيار للمجتمعات الغربية التي تدعي الديمقراطية وذلك تحت شعار
الحرية الفردية وحقوق الإنسان المزعومة ..
** إن التقدم المادي العلمي للديمقراطيات الحديثة بعيدا عن التقدم الروحي والأخلاقي
والإنساني جعل الحضارة المادية الغربية كالهيكل الجميل الجذاب الخاوي من كل المعاني
والقيم السامية فهي كتمثال عظيم أجوف لابد وأن ينهار أمام الزوابع والأعاصير في
فترة ليست بعيدة في عمر التاريخ ...
** قامت الديمقراطيات الغربية بمحاولات عديدة لتشويه الفكر الإسلامي والعقيدة
الإسلامية وإضعاف الصلة والارتباط بهذا الدين الإلهي القويم الذي لايأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد .. وقاموا بتشويه سيرة الرسول الكريم صلى
الله عليه وسلم ومن محاولاتهم الماكرة تشبيه الرسول بالبطل والعبقري الفذ والفيلسوف
وأنه هو الذي صنع العقيدة الإسلامية وهو الذي كتب القرآن الكريم من بنات أفكاره
وذلك في خطة خبيثة لإبعاد فكرة إلهية هذا الدين وربانية هذا التشريع المحكم المنزل
من عند الله جل وعلا ونسوا أو تناسوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن فيلسوفا
ولا كاتبا ولا مؤلفا وإنما كان عبدا ورسولا لله أميا لا يكتب ولا يقرأ وهنا تكمن
المعجزة الخالدة لهذا الدين وأن هذا الدين منزل من عند الله .. وأن هذا القرآن هو
كلام الله المنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يقول كنت بيللي في كتابه "
موسوعة الأبطال الحديثة " : ( محمد هو مؤسس الدين المحمدي .. ولد في مكة التي أصبحت
فيما بعد مدينة مقدسة بالنسبة للمسلمين .. يتخيل أنه نبي الإله .. والذي سماه
القرآن هو الكتاب المقدس المحتوي على أقواله ) .. هكذا يقوم كتابهم بتشويه الحقائق
** إن الديمقراطية هي مجموعة أفكار ومفاهيم علمانية لادينية لاتنبثق من الدين ولا
تخضع لتعاليم الدين ولا تتفق مع مبادئ الدين ..
** الديمقراطية هي نتاج فكر بشري قاصر ومحدود عاجز عن الإحاطة بكل الوجود فهو
بالتالي نظام قاصر عاجز لايتماشى مع حاجات الإنسان ولا يتوافق مع كل الأعراق
والشعوب وهو بالتالي نظام إقليمي محلي لا يمكنه بحال من الأحوال إقامة حضارة عالمية
إنسانية ...
** الديمقراطية دعوة إقليمية قطرية عنصرية ذات نهج ميكيافيلي تعطي الحق لدول الغرب
باستعباد الناس واحتلال بلادهم ونهب ثرواتهم وقتل وسحق وتعذيب شعوب الأرض مادام ذلك
يصب في مصلحة الشعوب الغربية ..
** إن الديمقراطية التي يتشدق بها أصحابها ليست نظامًا كاملاً شاملاً صالحًا
للتطبيق قد تغير وتبدل مئات المرات حتى وصل اليوم إلى هذه الصيغة التي يمكن أن تكون
ملائمة لمجتمع مادي لا يملك شريعة ومنهاجًا ودستورًا إلهيًا ساميًا .. ولا أدل على
زيف هذا النظام من أن لكل دولة من الدول التي تتبناه مفهومًا خاصًا لهذه
الديمقراطية.
** إن الديمقراطية لا يمكن أن تكون مجدية وفعالة بدون بناء الفرد بناءً خاصًا بحيث
تكون الأنانية والغيرية متعادلتان في نفسه على أقل تقدير بحيث تولد هذه الغيرية
المفعمة كل المبررات والتسهيلات الكفيلة بتحقيق العدل والإيثار وحب الآخرين في جميع
أفراد المجتمع وبالتالي تحقيق المؤسسات والمنظومات الديمقراطية الحقيقية وتضمن
استمراريتها وحمايتها على جميع الأصعدة.
** إن الديمقراطية التي تسوق الشعوب الضائعة المضللة بأهداف مادية ولأهداف مادية
وتسعى للحصول على أصوات الناخبين بأساليب مادية لا أخلاقية في كثير من الأحيان إن
هذه الديمقراطيات لهي أسوأ الأنظمة التي عرفها التاريخ لأنها تتصرف دون وازع ديني
أو خلقي وتسعى لإشباع أنانيتها وحب ذاتها بأية طريقة مهما كانت دنيئة أو خسيسة.
** ولو نظرنا إلى عملية الانتخابات التي يقال عنها ديموقراطية لوجدنا مثلاً استغلال
الأقليات العرقية مثلاً يزور الصين ويعقد معها صفقات معينة وذلك من أجل كسب أصوات
الجالية ذات الأصول الصينية في بلدٍ ما واستغلال اللولبي الصهيوني وذلك بتقديم
خدمات جليلة للصهيونية العالمية أو لما يسمى دولة إسرائيل .. وذلك من أجل كسب أصوات
الناخبين اليهود واستغلال عواطف الجماهير وحاجات الجماهير بالوعود الكاذبة والإعلام
المضلل وتشويه الحقائق .. وهناك العديد من نقاط الاستغلال الكثيرة جدًا مثل استغلال
الجنس أحيانًا بالسماح لأسراب الشاذين اللوطيين بممارسة سفالتهم تحت حماية القانون
أو استغلال المراهقين بإعطائهم الوعود بتسهيل موارد المتع المحرمة وهناك أمور عديدة
جداً وأساليب كثيرة جداً وأكثرها أساليب هابطة لا أخلاقية ..
** كل هذه الأمور وغيرها كثيرة هي أساليب الديكتاتورية في قشرة واهية من
الديمقراطية إذ أن دور المواطن ينتهي عند الإدلاء بصوته فقط حيث يتم تجميع الأصوات
بطرق ملتوية في أغلب الأحيان وبوعود مختلفة للناخبين قد تصدق وتنفذ بعد استلام
الحكم وقد لا تصدق ولا تنفذ ذلك لأن النظام الديمقراطي يجب أن يضاف إليه معايير
أخلاقية تلزم المرشح الواصل إلى السلطة بأخلاقيات معينة لا يمكن تجاوزها كما تلزم
المرشح الواصل إلى الحكم بتنفيذ وعوده وطروحاته وسياساته التي طرحها أثناء العملية
الانتخابية على أقل تقدير.
** إن الديمقراطية لا تجلب الأصلح للدولة ولكنها تجلب الأكثر خبثًا ودهاءً
وكذباوضحكًا على الجماهير واستغلال عواطفهم وحاجاتهم وضروراتهم.
** الديمقراطية نظام علماني لاديني لايعتمد مبدأ دينيا أو شريعة إلهية أو منهجا
ربانيا صحيحا ..
** على الرغم من أن النظام الديمقراطي يعطي الحرية الكاملة لأفراد المجتمع بممارسة
الشعائر الدينية بشكل شخصي إلا أنه يمنع أو يحد من حرية الدعوة الدينية ونشر
الأفكار الدينية بل لا يسمح في بعض الأحيان حتى إظهار الشعائر الدينية خارج المعابد
والكنائس والمساجد ...
** النظام الديمقراطي يعطي للحرية الشخصية نوعا من القداسة حتى لو أدت هذه الحرية
إلى الفساد والفسق والفجور وهذا ما نلاحظه بشكل واضح وجلي في المجتمعات الديمقراطية
الحديثة حيث تفشى فيها الفسق والفجور والدعارة والمنكرات في جميع البلاد التي تنتهج
المبادئ الديمقراطية ..
** الديمقراطية لم تكتف بنشر الفواحش والمنكرات في بلادها وإنما قامت بنشر وتوزيع
هذه الموبقات والمنكرات في جميع بلاد العالم وبصورة خاصة البلاد الإسلامية .. وذلك
عبر وسائل الإعلام والإتصالات الحديثة وذلك لنهب وسرقة خيرات البلاد مقابل هذه
التوافه ...
** النظام الديمقراطي غير محدد المعالم ذلك لأنه خاضع للتغيير والتبديل والتطور ..
ولأنه خاضع أيضا للآراء والأفكار المختلفة فهو نظام متذبذب متغير غير مستقر ..
** إن عمليات تصحيح وتعديل القوانين الديمقراطية المتكررة كثيرا مايصاحبها موجات
عنف ومعارضة شديدة قد تؤدي إلى صدام مسلح في كثير من الأحيان مع السطات الحاكمة
وهذا ما نلاحظه في هذه الأيام عندما أرادت الحكومة الفرنسية تعديل قانون العمل
بطريقة برلمانية ديمقراطية إلا أن الشارع الفرنسي لم يرضه هذا التعديل وتصدى له مما
أدى إلى صدام وأعمال عنف مع السلطات الحاكمة ..
** النظام الديمقراطي غبر شمولي فما يصلح لشريحة معينة من الشعب قد لايصلح لشريحة
أخرى وما يصلح لبلد معين قد لا يصلح لبلد آخر ولا يمكن بحال من الأحوال وضع نظام
ديمقراطي شمولي يرضي جميع فئات الشعب ويراعي مصالح كل الشعوب في آن واحد ...
** النظام الديمقراطي غير عالمي حيث وبعد قرون عديدة من تطبيق النظام الديمقراطي
ورغم التعديلات المتتالية لم تستطع الدول التي تنتهج النهج الديمقراطي أن تضع نظاما
ديمقراطيا موحدا يمكن تعميمه على الدول الديمقراطية ناهيك عن تعميمه على دول العالم
أجمع .. لأن مايصلح من النظام الديمقراطي للشعب الفرنسي مثلا قد لا يصلح للشعب
الهندي أو الصيني وما يصلح منه للشعب الأمريكي قد لا يصلح للشعب الصومالي أو
السوداني .. والجدير بالذكر أنه رغم هذا الاختلاف الشديد بين الشعوب في نظرتها
وقابليتها لتطبيق الديمقراطية نجد أن الدول الغربية تعلن وتؤكد عزمها على نشر
الديمقراطية رغم إرادة الشعوب ..
** لقد أثبتت الأيام أن الديمقراطية التي يريد الغرب نشرها في الشعوب المغلوبة على
أمرها هي ديمقراطية خاصة تابعة للغرب بل عميلة لدول الغرب وخائنة لشعوبها وأي
ديمقراطية تنحرف عن مسار الخيانة والعمالة للغرب فهي ديمقراطية مرفوضة يجب أن تقاوم
بالقوة وهذا ماحصل في تركيا حيث تم إسقاط حكومة الدكتور نجم الدين أربكان أكثر من
مرة رغم وصولها إلى الحكم بطريقة ديمقراطية وتم إسقاط حكومة عباسي مدني في الجزائر
وتعطيل الحكومة الفلسطينية المنتخبة ديمقراطيا واعتقال زعماء البرلمان الفلسطيني في
سجون العدو تالإسرائيلي وفي سجون السلطة الفلسطينية العميلة للغرب رغم وصولهم إلى
سدة الحكم بطريقة ديمقراطية نزيهة .. وكل ذلك تم بالضغط والقوة والانقلابات
العسكرية وبدعم من الدول الغربية الديمقراطية ...
** الديمقراطية الغربية التي يريدون نشرها في ربوع العالم هي ديمقراطية عنصرية تخدم
مصالح الدول الغربية وهذا ما نلاحظه في العملية الديمقراطية في أفغانستان والعراق
وفلسطين المحتلة وغيرها من الدول ...
** الديمقراطية باعتبارها نظاما هيوليا غير محدد المعالم يمكنها التعايش مع أي فكر
أو نظام آخر فيمكن أن تتعايش مع الاشتراكية أو مع الشيوعية أو مع الفكر الرأسمالي
الجائر أو مع الفكر العنصري المستبد فالدولة الصهيونية العنصرية المجرمه في فلسطين
المحتلة هي دولة ديمقراطية في مقاييس الغرب رغم كونها عنصرية لا تعترف إلا بالعنصر
الإسرائيلي اليهودي فلم نجد حتى اليوم وزيرا حقيقيا واحدا فلسطينيا أو عربيا أو
مسلما في الحكومة الإسرائيلية منذ نشأتها وحتى اليوم رغم أن غير الإسرائيليين
يشكلون أكثر من ثلث السكان .. وقس على ذلك كثير من الدول الديمقراطية ..
** إن العملية الانتخابية في الأنظمة الديمفراطية غير عادلة ففي مجال الانتخاب
والترشيح للمناصب البرلمانية نجد أنها تساوي بين العالم المفكر وبين الإنسان الفاسق
الشاذ جنسيا مثلا .. وتساوي بين الإنسان الأخلاقي المخلص لوطنه وبين الإنسان السافل
المتفلت المجرم الذي لايهمه إلا المادة والشهوات كما أنها تساوي بين صوت الإنسان
المراهق الذي لايفقه عن اللعبة السياسية شيئا وبين أستاذ العلوم السياسية أو
الاقتصادية في أرقى جامعات هذا البلد .. أضف إلى أن عمليات التزوير والغش
والمحسوبيات وشراء الأصوات بالمال وهذا قد يحدث حتى في أرقى الدول وهذا ماحدث فعلا
في فضيحة ووترغيت والتي أسقطت الرئيس الأمريكي نيكسون عن منصب الرئاسة ...
** الأنظمة الديمقراطية موجهة ومنحازة وليست نزيهة حيث لم نجد أن وصل إلى قمة الحكم
رجل من أصل صيني أو عربي أو من ديانة بوذية أو رجل مسلم رغم وجود أعداد كبيرة من
هؤلاء في المجتمعات الغربية الديمقراطية ..
** كثيرا ماتكون عملية التصويت منخفضة لاتصل فيها نسبة المصوتين على ( 40 % ) أو (
50 % ) وهذا يعني أنها لاتمثل رأي الأغلبية العظمى للشعوب ..
** كثيرا مايكون الفارق بين الأصوات التي اكتسبها المرشحون متقاربة بفارق صوت أو
صوتين فهل هذا الفارق يكفي لتقديم الأفضل إلى سدة الحكم ..
** إن الأجهزة الإعلامية تسخر لصالح فئة من المرشحين بينما يحرم كثير من الناس من
هذه الميزة الهامة وبذلك تكون العملية الانتخابية غير عادلة ..
** البرامج الانتخابية التي يطرحها المرشحون كلها كاذبة بشكل كلي أو جزئي إذ أن هذه
البرامج تطرح لاصطياد الناخبين وبعد الوصول إلى السلطة لا ينفذ أغلب هذه البرامج
...
** الحرية الانتخابية حرية فوضوية عددية لا تميز بين الصالح والطالح وبين الطيب
والخبيث وبين الخير والشر ...
** الديمقراطية الغربية كثيرا ما تعتمد على الأهواء والمصالح المادية والشخصية
وقلما اعتمدت على الغيرية ومصلحة الوطن ...
** الديمقراطية الغربية كثيرا ماتعتمد على الرشاوى والمحسوبيات والتي قد توصل إلى
الحكم من هو ليس أهلا للحكم وهذا أمر ملاحظ وملموس في كل العمليات الانتخابية
المتبعة في الديمقراطيات الغربية ..
** الديمقراطيات الغربية وفق المعطيات السابقة ووفق الطبيعة المعقدة المختلفة
المتضاربة لأفراد المجتمع لايمكن أن تقدم الأفضل والأصلح لقيادة البلد ولمصلحة
المواطنين ولكنها قد توصل الأسوأ إلى سدة الحكم في كثير من الأحيان ...
** الديمقراطية الغربية تعتمد على الأنانية الشخصية للفرد لأن كل فرد في المجتمع
ينظر إلى الديمقراطية من وجهة شخصية مصلحية فالحاكم قد يتصرف لصالح شريحة من
المجتمع من أجل إعادة انتخابه مثلا وإن كان هذا الأمر يضر بمصلة الوطن ككل ...
** في الديمقراطية الغربية من السهل تضليل عدد كبير من الناس من أفراد المجتمع
بالحملات الإعلامية الماكرة الخبيثة والدعايات المضللة والأباطيل والوعود الكاذبة
والمناقشات التلفزيونية والمهرجانات الخطابية والولائم والهدايا التذكارية .. وهذا
ما نراه بأعيننا وما نسمعه بآذاننا صباح مساء ..
** العملية الديمقراطية تكرس الحزبية البغيضة إذ نادرا ما ينجح مرشح فردي لا ينتمي
إلى حزب معين .. وهذه الحزبية البغيضة كثيرا ماتجعل المجتمعات الديمقراطية مشتتة
مضطربة متذبذبة تارة نحو أقصى اليمين وتارة نحو أقصى الشمال وهذا مايؤدي إلى عدم
الاستمرارية في النهج البناء والخطط والتوجهات السياسية والاقتصادية والتعليمية
وغير ذلك في المجتمع إذ سرعان ماتنقضي الفترة الدستورية لحكومة معينة لتبدأ فترة
دستورية لحكومة أخرى قد تتناقض مع الأولى في التوجهات والخطط وأسلوب العمل ..
* الدول الغربية التي تدعي الديمقراطية هي أبعد الناس عن الديمقراطية حيث يتناوب
على الحكم ومنذ مئات السنين حزبين أو ثلاثة أحزاب أو أربعة والتي لايشكل عدد
أعضائها عشر سكان البلد بينما تسعة أعشار السكان في هذا البلد ليس لها في الكعكة
السياسية أي شيء ..
** إن التركيبة الحزبية هذه والتكتل على أساس حزبي يؤدي في كثير من الأحيان إلى
التناقضات والصدامات التي تعبث بمصير الأمة وأمنها واستقرارها ..
** الحرية المطلقة التي تعطيها الديمقراطيات للفرد في المجتمع كثيرا ماتؤدي إلى
نشوء أفكار متضاربة متناقضة متصارعة وكثيرا ماتكون هذه الأفكار ضارة ومنحرفة .. إذ
لابد من ضوابط لحرية الفكر ولحرية الفرد في المجتمع وهذا ما تفتقدة الديمقراطيات
الحديثة .. إن الحريات الشخصية في الديمقراطيات الحديثة والتي تسير دون ضوابط وأطر
محددة ستؤدي غالبا إلى تفكك المجتمعات وتضارب المفاهيم ..
** إن عدم وجود دين أو عقيدة سماوية صحيحة تهذب الأخلاق وتصحح الضمائر سيؤدي إلى
زيادة الأعباء الأمنية والاجتماعية على الدولة .. ذلك لأن الرادع الأخلاقي الناتج
عن الإيمان بعقيدة سماوية أقوى من كل قوى الأمن مهما بلغت من القوة والدقة .. إذ
لايمكن وضع شرطي يراقب كل فرد في المجتمع في كل لحظة في حين أن العقيدة تستطيع وضع
شرطي ضابط في ضمير الإنسان .. وهذه الميزة تفتقدها كل الأنظمة الديمقراطية ..
وقبل أن أختم هذه الفقرة أريد أن أقدم للقارئ الكريم نموذجا واحدا من آلاف النماذج
على مستوى العالم عن نتاج الديمقراطية الحديثة والذي أثر وبشكل سلبي على مقدرات
شعوب العالم كله ألا وهو الرئيس جورج بوش الإبن الذي ترافق عهده بالظلم والقهر
والقتل والمصائب والتدمير وإشعال الحروب المجرمة القذرة وذلك في الفقرة التالية :
جنون أم التظاهر بالجنون :
عند وقوع حادث الحادي عشر من سبتمبر وخلال دقائق معدودات وقبل معرفة الفاعل الحقيقي
خرج بوش الإبن ليصرح بتصريحات نارية هوجاء مجنونة فقال : ( إن أمريكا تتعرض لحرب
حضارية من نوع جديد .. إنه هجوم على العالم الحر المتحضر .. إن الهجوم وقع على
الأرض الأمريكية ولكنه كان هجوما على قلب وروح العالم المتحضر .. وقد اتحد العالم
لخوض حرب جديدة ومختلفة .. هذه الحرب الجديدة هي حرب صليبية .. يمكننا بما لا يدع
مجالا للشك أو التخمين معرفة إلى أين ستتجه هذه الحرب ومن هم أطرافها ) .. وعن
المجاهدين الفاسطينيين قال : ( إنهم يقومون بحرب على الحضارة وما يقوم به هؤلاء
القتلة هو فصل من فصول الحرب على الحضارة التي بدأت فصولها في الحادي عشر من سبتمبر
) .. وقال مخاطبا كل دول العالم في لفة جنونية لم يعرف لها التاريخ مثيلا : ( ينبغي
على كل طرف أن يختار إما أن تكونوا مع العالم المتحضر وإما أن تكونوا مع الإرهابيين
.. يجب على كل الأطراف في الشرق الأوسط أن تختار أيضا بصورة حاسمة قولا وفعلا ضد
الأعمال الإرهابية ) .. ويقول عن دول الشرق الأوسط : ( إنها مكمن التخلف الذي يحارب
الحضارة الغربية .. والشرق الأوسط طالما تخلف إلى الوراء في مسيرة التقدم السياسي
والاقتصادي في العالم .. هذا التخلف الذي ينبع من الإرهاب الذي ينبغي على الجميع أن
يحاربه ) .. وهكذا يمضي بوش الإبن في تصريحاته المضطربة المتناقضة الغبية في كثير
من الأحيان مما يثير أمامنا سؤالا هاما وخطيرا . .سؤالا محيرا هل كان بوش متدينا
فعلا أم أنه كان يستغل الدين والمتدينين الإنجيليين لمصالحه السياسية ..؟!! .. هل
تصرفاته وتصريحاته وأقواله جنون أم تظاهر بالجنون ؟!!!..
الحقيقة أن بوش الإبن لم يكن متدينا بالمعنى الصحيح للتدين ولكنه كان الأكثرصليبية
وحقدا وتطرفا من بين رؤساء الولايات المتحدة بعد الرئيس القسيس رونالد ريغان وكان
يردد عند نجاحه بالانتخابات : ( الله أرادني رئيسا ) .. ( الله اختارني ) .. هكذا
دفعة واحدة .!!!.. ولقد كان للمسيحيين الإنجيليين أثر كبير في نجاحه .. ولقد بدأ
بوش رحلته الدينية بعد حياة عاصفة بالفساد والمراهقة والإدمان على الخمور وتعاطي
المخدرات وغيرذلك من صفات الفساد والفجور فقد كان يشرب حتى الإدمان وكان إهماله
لزوجته وولديه سببا رئيسيا للكثير من الأزمات العائلية .. وكانت حيانه العائلية
مضطربة لإهماله عائلته وانغماسه في الشهوات وإدمانه للكحول بشكل مسف وقيل أنه كان
يتعاطى المخدرات أو مدمن على المخدرات مما ترك آثارا واضحة على تفكيره حتى آخر
حياته رغم أنه عولج في أرقى المصحات في أمريكا .. كان بوش الإبن على خلاف كبير مع
توجهات والده ووالدته الذين كانا يعارضان سلوكه غير المتزن وتصرفاته المشينة إلا
أنه بدأ عملية التحول إلى التدين في كنيسة ميدلاند الإنجيلية حيث التقى بجماعة
ميدلاند الكنسية التي تعنى بدراسة الكتاب المقدس وذلك في عام 1985 م .. قال لكاهن
الكنيسة مرة : ( سأطرق باب الرب وأترك الإدمان وأحافظ على أسرتي وأرعاها ) .. انتقل
فجأة إلى التدين المتطرف وترك المفاسد والإدمان وقال : ( إن المسيح قد قبله لدخول
الجنة ) .. !!! جنون أم تخريف .. دخل كنيسة ميدلاند مع الجماعة الإنجيلية وأخذ يدرس
الكتاب المقدس بجدية وعمق وأخذ يقرأ الإنجيل كل يوم مع زملائه في الجماعة الإنجيلية
ثم مالبث أن أقنع زوجته لورا واصطحبها معه إلى الكنيسة وهو يقول : ( لقد غيرت
الجماعة الإنجيلية حياتي كلها ) .. وعلى الرغم من أن بوش الإبن كان من عائلة ثرية
جدا إلا أنه اضطر إلى بيع إحدى شركات أبيه لفشله في إدارة حياته العملية ولانغماسه
بالفساد والإدمان في تلك الفترة .. كانت عائلة بوش من البروتيستانت ولكنهم لم
يكونوا من المتدينين وكان اهتمامهم بأمور الدين ضئيلا جدا على عكس بوش الإبن في
الفترة المتأخرة من حياته .. حيث كان اهتمام الأب بالسياسة والاقتصاد والأمور
العملية .. بدأ بوش الإبن حياته السياسية في مدينة تكساس ونشط فيها حتى أصبح حاكما
لمدينة تكساس وذلك بفضل مركز عائلته القوي و بدعم من الإنجيليين البروتستانت وهذا
مما أثار هذا التساؤل هل هو متدين حقا أم أنه يستغل المتدينين الإنجيليين المتعصبين
لأغراضه السياسية ..؟.. كان يردد دائما : ( الإنجيل يعني البشارة ونشر الدعوة ونحن
جميعا في خدمة واحد أعظم منا هو المسيح ) .. انخرط مع الإنجيليين البروتستانت وكان
يردد عباراتهم الكنسية في كل مناسبة وكان يقول : ( شكرا لك يا يسوع لأنك غيرت حياتي
) .. ( الكنيسة منهجنا وهدفنا .. الله يريدني أن أكون رئيسا لبلادي .. المسيح هو
الذي غير حياتي ) .!!!. . لقد كان اعتناقه للمسيحية المحرفة بشدة وكان يؤمن
بالتعاون بين الكنيسة والدولة وقد حمل هذه الفكرة معه في جميع مناصبه الحكومية حتى
وصوله إلى منصب الرئاسة .. وبسبب هذا التدين الظاهر حاز على ثقة الإنجيليين
وتأييدهم مما كان له أكبر الأثر في فوزه بمناصب متعددة آخرها منصب الرئاسة لفترتين
وعند فوزه هتف الإنجيليون : ( فليباركه الله ) .. عندما وصل إلى منصب الرئاسة كان
يتبنى المسائل الأخلاقية والدينية بشكل لافت للنظر .. مثل الصلاة والعبارات الدينية
المسيحية ومنع الإجهاض وكان يردد في المناسبات : ( هذه أمريكا الحقيقية التي نبحث
عنها .. أمريكا الإنجيلية .. إنني مسيحي وابن مسيحي ) .. وكان يقول عن الإنجيل : (
هذا هو الدليل المرشد وليس الأنظمة الفيدرالية ) .. مخالفا في هذا الكلام دستور
الدولة العلماني رغم أنه أقسم على هذا الدستور الذي يخالف الكتاب المقدس في أمور
كثيرة .. وصل عدد الكنائس الإنجيلية في عهد بوش الإبن إلى أكثر من ( 45000 ) كنيسة
والتي تشكل جمعية الكنائس الإنجيلية حيث تصرف الحكومة الأمريكية أموالا طائلة في
بناء هذه الكنائس رغم مخالفة ذلك للدستور العلماني ورغم قلة عدد روادها أو ندرتهم
في كثير من الأحيان وفي عهد بوش الإبن تم إصدار المجلة المسيحية الإنجيلية المتعصبة
للدين المسيحي وللكتاب المقدس بعهديه القديم ( التوراة ) والحديث ( الإنجيل ) ومن
هنا نستطيع أن نفهم العلاقة الحميمة بين الإنجيليين واليهود الصهاينة والتي تجاوزت
كل الحدود المنطقية ووصلت إلى مناصرة الظلم والإرهاب والإجرام الصهيوني بعيدا عن
منطق الحق والعدل والإنصاف .. كان بوش ومجموعته المتعصبين يشكلون الإدارة الحكومية
الفاعلة في المجتمع الأمريكي انطلاقا من فكرة التدين المتعصب وذلك في جميع الوزارات
والإدارات وكان يدفع الأموال والمخصصات الضخمة لما يسمى بمجموعات الإيمان المسيحية
الإنجيلية المتعصبة مخالفا بذلك دستور الدولة الديمقراطي العلماني .. شكل ما يسمى
صندوق الرحمة الخاص بالإنجيليين ودفع له مليون دولار من صندوق الدولة بينما بقية
الأديان والمجموعات الأخرى لم تحصل على أي دعم من الدولة رغم أن هذا العمل مخالف
لدستور الدولة العلماني .. في مسرحية الحادي عشر من سبتمبر خصص يوما للصلاة لإرضاء
الرب وقداسا دينيا للضحايا رغم أن الضحايا ليسوا كلهم من المسيحيين الإنجيليين وكان
يردد آنذاك : ( الخير والشر كما هو في الكتاب المقدس .. يجب أن نقضي على أعداء
الحرية .. سنحرر العالم من الأشرار .. يجب أن نحارب أعداء اليسوع .. يجب أن نزيل
الشر من العالم وفق الكتاب المقدس .. يجب أن نحارب أعداء الصليب وأن نشن حربا
صليبية جديدة ) ... وهكذا قام بوش ومن ورائه كل الدول الغربية بشن حرب صليبية حاقدة
ضد الآمنين العزل من الناس فقتل من المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال والشباب
العزل في أفغانستان والعراق مايزيد على مليون شخص وذلك ليرضي حقده الصليبي الدفين
على حساب ملايين القتلى والأيتام والثكالى دون أن تهتز في قلبه بارقة من رحمة أو
أثارة من إنسانية ونحن نتساءل في ذهول شديد هل هذه حقا تعاليم الكتاب المقدس أم
تعاليم إلاه الحقد والتعصب والدمار ..؟!!! وبعد جريمة الحادي عشر من سبتمبر التي
تشير كل الدلائل على أنها من تدبير المخابرات الأمريكية ظهرت على ساحة الأحداث
الكثير من الشعارات العنصرية الصليبية المقيتة التي تتجاوز كل المفاهيم الإنسانية
والمنطقية والحضارية مثل : ( إما أن تكونوا معنا أو مع الإرهابيين .. الله منحاز
للحرية والديمقراطية .. إني أرى النور المشع في الظلام .. هذه امبراطورية الخير
والله اختارنا لننقذ العالم .. الحرب الدينية الصليبية ضد قوى الشر .. صدام
الحضارات .. إن أمريكا ترفض كل أسباب التعصب الديني والعرقي لذلك يجب أن نعود إلى
الله ) .. وهكذا كانوا يستغلون هذه الشعارات وهذه المفاهيم في حروب إجرامية لم يعرف
التاريخ لها مثيلا .. قام بوش الإبن بتعيين العديد من القضاة الإنجيليين في مناصب
مرموقة في الدولة مما كان له أكبر الأثر في توجيه دفة الحكم في الإتجاه الصليبي
العنصريالمتعصب المنحاز .. بعتقد الإنجيليون حسب تعاليم العهد القديم " التوراة "
بأن نزول المسيح لا يتم إلا إذا قامت الدولة اليهودية وسيطرت على كل ماحولها وقامت
ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى .. وبناء على هذه المعتقدات الضالة
يقومون بدعم الظلم والإرهاب والإجرام الصهيوني بأمر من الرب يسوع لتعجيل نزوله إلى
الأرض .. ونظرا لأن بابا الفاتيكان الكاثوليكي عارضه في حربه المجرمة على العراق أو
في أمور أخرى فإن بوش يعتقد أن هذا مخالف لإرادة الرب يسوع المسيح ذلك لأن بوش مكلف
بمهمة إلاهية من الرب يسوع المسيح .. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم القرارات
التعسفية الظالمة المجرمة المنحازة بشكل كامل للإجرام الصهيوني ذلك لأن كل هذه
التوجهات إنما تنطلق من اعتقادات توراتية تلمودية إجرامية متعصبة .. وبهذا الدعم
اللامحدود للصهيونيين وللمسيحيين الإنجيليين من قبل الحكومة الأمريكية فقد ازداد
عددهم بشكل كبير وملحوظ علما بأن هذا الدعم الحكومي لطائفة دون طائفة في المجتمع
الأمريكي أمر عنصري مخالف للدستور الأمريكي العلماني ..
** أعلن الرئيس الأمريكي بوش الإبن قبل إعلانه الحرب على العراق : ( أن الله أوحى
إليه بغزو العراق وأنه هو موسى العصر ) .. وقال أيضا : ( إن الله كلمني هو أيضا
وأمرني بتحرير العراق ) ...
** عندما طلب بوش من إسرائيل وبشكل مؤدب جدا وقف حملتها الإجرامية ضد الفلسطينيين
في الضفة الغربية وقطاع غزة ... وصل إلى البيت الأبيض أكثر من ( 100000 ) رسالة
إلكترونية تشجب هذا الطلب ..
** تفيد التقارير والمعلومات الأمريكية أن خسائر أحداث الحادي عشر من سبتمبر تجاوزت
تريليون دولار أمريكي ..
** وردت إشارات من العهد القديم ( التوراة ) تفيد بأن شخصا من العرق البابلي أو
الآشوري يقيم مملكة في بلاد مابين النهرين سيقوم بتدمير اليهود والقضاء عليهم وهذا
أحد أسباب ضرب وتدمير واحتلال العراق ومن ثم القضاء على صدام حسين الذي يمكن أن
يكون هو ذلك الرجل ...
** وهناك إشارات أيضا في العهد القديم ( التوراة ) إلى تدمير بلاد مابين النهرين
مقابل تدمير نبوخذ نصر البابلي لبلاد اليهود في فلسطين وقتلهم وتشريدهم وسبي نسائهم
...
** يقول القس المسيحي مورتن : ( إن الصهيونية التوراتية التي هي أمنية كل مسيحي
والتي تتعلق بكل مسيحي هي جزء من اللاهوت الديني وإن دولة إسرائيل في فلسطين هي
مجرد البداية ...
** يتساءل المرء أمام الدعم اللامحدود من قبل بوش الإبن للدولة العبرية الصهيونية
هل هو يهودي فعلا حيث استصدر قانونا سماه معاداة السامية والذي يجرم كل قول أو فعل
يسيء إلى اليهود أو إلى الدولة العبرية المجرمة فعلا .. وهذا القانون لم يتجرأ حتى
اليهود أنفسهم بالمطالبة به وذلك أمام الجرائم البشعة التي ارتكبتها إسرائيل في حق
الشعوب العربية وبحق الفلسطينيين بشكل خاص ..
** يقول بوش بعد محاولاته فرض قانون تجريم معاداة اليهود : ( لن أدع لأعداء اليهود
موطئ قدم في العالم ) ..!! أمر عجيب هذا الحب العنيف من قبل بوش لليهود رغم كل
جرائمهم ورفضهم لقرارات المجتمع الدولي والمحاكم الدولية ورغم اعتقاد أكثر
المسيحيين بتورطهم بصلب المسيح عليه السلام واعتقاد معظم النصارى أن اليهودي يهوذا
الأسخريوطي هو الذي دل على مكان المسيح عليه السلام لاعتقاله وصلبه ولا يزول هذا
التعجب إلا إذا كان بوش يهوديا متعصبا فعلا ..
** يقول أستاذ اللاهوت في جامعة ماريمونت جيفري سيكر : ( إن الرئيس بوش لديه
القناعة الكاملة بأنه موسى العصر الذي كلمه الله هو أيضا وأمره بإنقاذ شعبه
الأمريكي كما أنقذ موسى شعب الله الإسرائيلي من فرعون .. ويعتقد تماما أن أمريكا هي
إسرائيل الجديدة التي أرادها الله أن تكون صاحبة رسالة إلى العالم ) ..
** يقول بوش : ( إن لشخصية موسى أثر كبير في قناعاته الدينية وقيادته السياسية ..
وقد جاءه نداء من الله في مدينة أوستين وهو يسمع إلى الواعظ " مارك كريغ " فأحس
بأنه يخاطب قلبه وعقله ويعد له المعجزات .. ومن آيات ذلك أن الشمس انكشفت له من
وراء السحب بينما كان يؤدي اليمين لتولي حاكمية ولاية تكساس تعبيرا عن مباركة
السماء ) ...
هذه المعاني تم نقلها بتصرف من كتاب ( كابتن أميريكا ) للمؤلفين ( روبرت جويت ــ
وجون لورنس ) والكتاب مليء بمثل هذه الخرافات والأكاذيب المضللة .. فهل هذا جنون أم
أنه تظاهر بالجنون لغاية في نفس بوش ..!! ..
** يقول الكاتب " ك . م . أبنهايمر " : ( حين يريد الإنسان أن يتصرف وكأنه الله ..
فإنه سيتصرف وكأنه الشيطان ) .. وهذا ماحصل فعلا للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش
فكانت تصرفاته الإجرامية يعجز عنها حتى الشيطان إبليس عليه لعنة الله ..
** يقول أدولفو بيرير راسكوفيل الحائز على جائزة نوبل للسلام في خطاب موجه إلى
الرئيس بوش : ( تتحدث عن الله وأنت تكفر بالله .. وتتحدث عن الحرية وأنت تدمر
الحرية وتتحدث عن الديمقراطية والكرامة وأنت لا تتردد بالتضحية بهما على مذبح مولوخ
إله الدمار والدم الذي لاتعبد إلا إياه ) ...
** في مقال للأستاذ أحمد منصور تحت عنوان " الرجل الذي قاد العالم إلى الهاوية "
والذي تحدث فيه عن جرائم بوش الذي يعتبر نفسه موسى العصر نقتطف وبشكل مختصر بعض
الفقرات الهامة حيث يقول : ( بعض الأحيان ينسى الناس أن هناك إلها يسير الكون وذلك
حين يظهر حاكم متجبر ظالم يتحدث إلى الناس وكأنه هو الذي يسير شؤون الدنيا ثم يفتتن
الناس به حين يرون شيئا من البطش الظاهر أو النفوذ الطاغي .. ولقد لعب الرئيس بوش
الإبن هذا الدور خلال السنوات الثماني التي انقضت من حكمه فقد سير الأساطيل ودمر
حياة شعوب كاملة وانهى حياة الاستقرار التي كانت تنعم بها دول كثيرة وجعل الدول
الكبرى قبل الصغرى تهاب من جنونه وبطشه وتنصاع لسياسته الأحادية المتغطرسة ولكن
خالق الكون ومسير شؤونه أراد أن يخذيه ويلحق به العار قبل أشهر قليلة من نهاية
رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية .. جورج بوش الذي قضى فترة حكمه يهدد ويتوعد
ويمارس كافة أشكال جرائم الحرب ظهر في صورة مخزية أمام شعبه وهو يتحدث عن الانهيار
المالي الذي أوصل إليه بلاده بل العالم كله فيقول : إن الوضع خطير للغاية ولأول مرة
في تاريخ الولايات المتحدة يجمع رئيس أمريكي على وشك الرحيل من البيت الأبيض مرشحي
الرئاسة ليضع أمامهم الحقائق وأبسط هذه الحقائق أن الحلم الأمريكي قد انتهى وأن
الولايات المتحدة شاءت أم أبت سوف تنكفئ على نفسها في الفترة القادمة في محاولة
لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد الذي وصل إلى مرحلة الانهيار .. يقول جاكوب
هايلبرون مراسل صحيفة " ديرتاج شبايجل " الألمانية في مقال تحت عنوان " نهاية الحلم
الأمريكي " : ( إلى وقت قريب ظلت منطقة كانساس الغنية في ولاية فرجينيا من أبرز
مفاخر الولايات المتحدة لارتباطها بانتصارالخيرعلى الشر في الحرب الأهلية الأمريكية
وإنهاء نظام الرق والعبودية لكن هذا بات شيئا من الماضي بعد تحول مانساس الواقعة
على مشارف العاصمة الأمريكية واشنطن من شاهد على تحقيق الحلم الأمريكي إلى رمز
لكابوس الفزع الذي تعيشه الولايات المتحدة لأن المنازل المشهورة بأناقتها وحدائقها
أصبحت خرائب مهملة رفعت عليها لافتات " محجوز عليها " بعد طرد ملاكها المثقلين
بديون باهظة .. أغلقت محطات الوقود أبوابها وأفلست مطاعم الوجبات السريعة وبلغ
الفقر مداه بتسليم السكان قططهم وكلابهم إلى دور رعاية الحيوانات لعجزهم عن إطعامها
.. ونحن نتساءل إذا كان هذا ما حدث في واحدة من أغنى مناطق الولايات المتحدة فما
الذي يحدث في بقية المدن الأمريكية .. إن مايحدث في أمريكا هو بداية الطوفان ومهما
بذلت الإدارة الأمريكية فلن يكون كافيا لإنقاذ الحلم الأمريكي .. لقد انتهى الحلم
الأمريكي على يد جورج بوش ليدخل التاريخ من أسوأ أبوابه ) ..
من فضائح الديمقراطية :
** وزير الخزانة الأمريكية السابق فجر قنبلة في وجه الرئيس بوش عندما كشف النقاب عن
قصور كبير في صفات بوش الشخصية وفي عملية صنع القرار داخل الحكومة الأمريكية يقول
أونيل : ( إن الرئيس بوش يحضر إجتماعات الحكومة كرجل أعمى في غرفة مملوءة بالصم ..
إن بوش لا يستطيع التواصل مع وزرائه وأنه لا يستطيع التعبير بوضوح أو بدقة عما
يريده من الحكومة وبالتالي فإن كبار مساعديه ومستشاريه يتحركون لتنفيذ ما يعتقدون
أو مايخمنون أن الرئيس يريده ولا يعرف من المسؤولين على وجه الدقة ما إذا مايفعله
هو ما يريده بوش .. واشتهر أونيل خلال فترة توليه وزارة الخزانة الأمريكية
بتصريحاته اللاذعة التي أوقعته مرارا في خلافات مع مساعدي بوش .. حتى قرر بوش
إقالته من منصبه في ديسمبر 2002 م .. ويقول أونيل أنه اجتمع مرة مع بوش ليعرض عليه
اقتراحات اصلاحية فخلال هذا الاجتماع أصيب بخيبة أمل عندما وجد بوش لا يتكلم مطلقا
ولا يحاوره طيلة ساعة كاملة بل اكتفى بالاستماع مما جعل اللقاء يبدو وكأنه حوار من
طرف واحد أمام شخص أصم ) .. هذا هو م نتاج الديمقراطية التي يريدون فرضها على
العالم بالقوة ويريدون استبدال النظام الإسلامي الإلهي المحكم المنزل من عند رب
العالمين رحمة للعالمين بالأنظمة البشرية التي أوصلت إلى سدة الحكم العديد من
المجانين والمعتوهين والمجرمين والظالمين والديكتاتوريين أمثال بوش وهتلر واستالين
وأتاتورك وميلوزوفيتش وغيرهم كثير ...
** دعت الولايات المتحدة زعيمة الديمقراطية في العالم إلى مصادرة كل أسباب العلم
والمعرفة والقوة من شعوب العالم تحت دعاوى باطلة مختلقة باسم الإنسانية تارة وباسم
الإخاء الإنساني وباسم العولمة وباسم القضاء على الإرهاب فلو كانت الولايات المتحدة
صادقة في دعواها فلماذا لا تدمر أسلحتها النووية والكيميائية والجرثومية تدميرا
كاملا لتكون قدوة لغيرها ولماذا تمتلك الولايات المتحدة رؤوسا نووية قيل أنها
تستطيع تدمير العالم كله ستة مرات ..!! ألا تكتفي بتدمير العالم مرة واحدة ..؟!!
دون أن تسمح لأحد أن يمتلك مثل هذه القوة أو جزء منها
** إن الولايات المتحدة التي تطالب العالم بالديمقراطية وتطلب العالم باحترام تنفيذ
القرارات الدولية هي التي رفضت الانصياع للإرادة الدولية وهي التي رفضت الانصياع
لقرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ورفضت الانصياع للمحكمة الدولية ومنظمات
العدل الدولية وضربت بمبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط تريد الآن أن تفرض على العالم
دورا امبراطوريا ديكتاتوريا قسريا لم ير العالم مثله عبر تاريخه الطويل وذلك من
خلال الأسس والمبادئ التالية :
* العدوان من طرف أمريكا ديمقراطية أما من طرف الدول الأخرى فهو إرهاب ..
* الإرهاب من طرف أمريكا وربيبتها إسرائيل عدلا ومن طرف الدول الأخرى جريمة كبرى
يجب أن تعاقب عليه أشد العقاب .. * فرض القيم الأمريكية المنحرفة الفاسد على شعوب
العالم بالقوة ومحو جميع القيم والأعراف والتراث والعادات والتقاليد الأخرى
* التدخل في مناهج الدول الأخرى التعليمية والثقافية وتوجيهها بما يخدم المصالح
الغربية ...
* محاولة تغيير وتبديل وتشويه الكتب المقدسة بغرض توجيهها وفق الخط الغربي المنحرف
والتركيز على القرآن الكريم ليصبح القرآن الكريم الذي حفظه الله محرفا مبدلا مشوها
مثل التوراة والإنجيل التي بين أيدى الناس اليوم ...
* احتكار القوة بكل أشكالها وأنواعها ومنع الآخرين من امتلاكها .. وتكريس مبدأ
الهيمنة والتسلط على العالم وذلك باستخدام جميع الوسائل العسكرية والسياسية
والإعلامية والاقتصادية والدبلوماسية المتغطرسة حتى ولو كانت هذه الوسائل لاأخلاقية
لا إنسانية
* العدوان على الأمم والشعوب واحتلال أراضيها وقتل وتشريد شعوبها وسلب خيراتها
واستغلال ثرواتها ..
* فرض نظام ثقافي جديد على العالم يعتمد سياسة الصرف والبذخ واستهلاك نواتج الحضارة
بشكل جشع ...
الديانات السماوية كأساس حضاري :
** الديانة اليهودية .
** الديانة المسيحية .
** الإسلام وحتمية الحل الإسلامي ..
الديانة المسيحية كأساس حضاري :
أبدأ هذه الفقرة بقول المسيح عليه السلام مأخوذة من إنجيل متى : ( طوبى للمساكين
بالروح .. فإن لهم ملكوت السماوات .. طوبى للحزانى فإنهم سيعزون .. طوبى للودعاء
فإنهم سيرثون الأرض .. طوبى للجياع والعطاش إلى البر فإنهم سيشبعون .. طوبى لأنقياء
القلب فإنهم سيرون الله .. طوبى لصانعي السلام فإنهم سيدعون أبناء الله .. طوبى
للمضطهدين من أجل البر فإن لهم ملكوت السماوات .. طوبى لكم متى أهانكم الناس
واضطهدوكم وفالوا فيكم من أجلي كل سوء كاذبين .. افرحوا وتهللوا فإن مكافأتكم في
السماوات عظيمة .. فإنهم هكذا اضطهد الأنبياء من قبلكم ) .. إنني لأقرأ هذه الكلمات
وغيرها مما نسب إلى المسيح عليه السلام وأتعجب من حقد الصليبيين وإجرامهم وحقد
العديد من رجال الدين المسيحي ومؤامراتهم وإجرامهم .. إنني لأسأل النصارى الذي
يدعون أنهم أتباع المسيح عليه السلام ألا يقرأون كلام المسيح عليه السلام .. ألا
يقرأون الأناجيل .. ألا يقرأوة الكتب المقدسة عندهم والتي تحتوي على العديد من
توجيهات السيد المسيح عليه السلام .. لماذا الحقد والمسيح يأمر بالتسامح ؟.. لماذا
الغدر والمسيح يأمر بالإنصاف ؟.. لماذا الظلم والمسيح يأمر بالعدل ؟.. لماذا هذه
الحروب ولماذا القتل والإجرام والإبادات الجماعية والمسيح يأمر بالسلام ؟.. لا شك
أن هؤلاء الصليبيين الحاقدين ليسوا من أتباع المسيح عليه السلام ولا يعرفون شيئا عن
تعاليم المسيح عليه السلام .. إننا ورغم تحريف الكتب المقدسة لنستشف روح المسيح
وتعاليم المسيح الإنسانية السامية رغم كل الركام الذي ران على الكتب المقدسة ورغم
كل التحريف والتبديل الذي طرأ على تلك الكتب المقدسة وأعود لأسأل النصارى لماذا لا
تقرأون الأناجيل ولماذا لا تتبعون رسول الله المسيح بن مريم عليه أفضل الصلاة
والتسليم ؟...
وقبل البدء بمناقشة الأسس الحضارية للديانة المسيحية المحرفة أود هنا أن ألقي نظرة
مبسطة على عقيدة النصارى لقد جاء المسيح عليه السلام بعقيدة سماوية سمحاء ترفع
الظلم وتضع الموازين القسط وتنشر المحبة والسلام في ربوع المناطق التي استطاع
المسيح عليه السلام أن يصل إليها .. ولكن حدث في أواخر عهد المسيح عليه السلام هزة
عنيفة للنصرانية فقد تواطأ اليهود والرومان على الكيد للمسيح عليه اللام وأتباعه
وأخذوا بملاحقتهم والكيد لهم وقتلهم وتعذيبهم بأشد أنواع العذاب فكانت أول
مؤامراتهم ملاحقة المسيح عليه السلام لقتله .. وقام اليهودي يهوذا الأسخريوطي
بالدلالة على مكان اختباء المسيح ومن ثم اقتياده إلى ساحة الإعدام .. ويعتقد
النصارى بأنه تم صلب المسيح عليه السلام حقيقة بينما يعتقد المسلمون أن الله نجاه
من هذه المحنة العظيمة وألقى على يهوذا الأسخريوطي نفسه الشبه ليصلبوه بدلا عن
المسيح الذي رفعه الله إلى السماء يقول ربنا جل شأنه : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن
شبه لهم ) وقوله تعالى أيضا ( وما قتلوه حقيقة بل رفعه الله إليه ) .. ومنذ ذلك
التاريخ بدأ الاضطهاد الشديد لأتباع المسيح عليه السلام من قبل الدولة الرومانية
الوثنية .. وطبق عليهم أشد العذاب لأنهم لا يدينون بدين القيصر ففي الفترة ( 249 ـ
251 ) ميلادية قام أتباع ( ويديسيون ) بالتنكيل والتعذيب والقتل لكل من يثبت أنه
على دين المسيح عليه السلام كما حصل اضطهاد شديد للنصارى في عهد ( دقليديانوس ) عام
280 ميلادية قيل أنه قتل أكثر من 140,000 نصراني وقيل 300,000 نصراني .. ولإعطاء
فكرة عن الاضطهاد الذي تعرض له أتباع المسيح ننقل النص التالي من كتاب تاريخ
الحضارة : ( لقد كتب بلين وكان واليا في آسيا إلى الإمبراطور تراجان يقول : جربت مع
من اتهموا أنهم نصارى الطريقة الآتية وهو أني أسألهم إذا كانوا مسيحيين فإذا أقروا
أعيد عليهم السؤال ثانية وثالثة مهددا لهم بالقتل .. فإن أصروا أنفذت عقوبة الإعدام
فيهم مقتنعا أن غلطهم الشنيع وعنادهم الشديد يستحقان هذه العقوبة .. وقد وجهت
التهمة إلى كثيرين ممن أنكروا أنهم نصارى وكرروا الصلاة على الأرباب الذين ذكرت
أسماؤهم أمامهم وقدموا الخمور والبخور للتماثيل التي أثبت أمامهم بل إنهم شتموا
المسيح .. والحقيقة أنه من الصعب إكراه النصارى الحقيقيين ) .. ولكن بعد الإمبراطر
تراجان خف الظلم والاضطهاد حتى جاء عهد الإمبراطور الروماني ( ديسيوس ) فلاقى
المسيحيون في عهده من الوحشية والظلم ما تقشعر له الأبدان .. حتى جاء عهد
الإمبراطور قسطنطين حيث كان عهده عهد رحمة وانفراج للمسيحيين إلا أنه منذ ذلك العهد
بدأ التحريف والتبديل في الديانة النصرانية وإدخال الأفكار الوثنية والطقوس الشركية
ثم قاموا بإدخال الفلسفة الرومانية واليونانية في العقيدة النصرانية مما أخرجها
وبشكل شبه كامل من أن تكون عقيدة التوحيد الإلهية التي جاء بها المسيح عليه السلام
من عند رب العالمين .. ولقد دخل كثير من الوثنيين إلى النصرانية وقاموا بعملية خلط
ومزج بين عقيدة التوحيد التي جاء بها المسيح وبين عقائد الشرك والوثنية التي كانت
سائدة في الدولة الرومانية .. ولقد دخل عدد كبير من الرومانيين والمصريين في
المسيحية بعد عمليات المسخ والتشويه والتحربف والتبديل وذلك في الفترة بين القرنين
الثالث والرابع الميلاديين .. فأثر دخول هذا العدد الضخم من الوثنيين تأثيرا كبيرا
في عقيدة النصارى التي جاء بها المسيح عليه السلام وكانت فلسفة الرومان الذين
اعتنقوا المسيحية هي عملية مزج للديانة الوثنية واليهودية والمسيحية واستمر هذا
الخلط والتحريف والتشويه للعقيدة النصرانية حتى يومنا هذا ...
ولعل من أغرب ما يلاحظ على عقائد النصارى أنهم يقدسون الصليب والمسامير التي سمرت
بها يدا المسيح ورجلاه والمفروض عقلا ومنطقا أن يحتقروا هذا الصليب إذا كانوا فعلا
يحبون المسيح عليه السلام ويقدسونه ويمجدونه .. وأنا أتساءل هنا إذا تم الحكم
بالإعدام شنقا على شخص عزيز وحبيب فهل من المنطقي أن نقدس المشنقة أو المقصلة التي
قامت بإعدام هذا الشخص الحبيب .. الحقيقة إنه منطق غريب وعجيب .. إن قصة صلب المسيح
عليه السلام حسب اعتقاد النصارى كانت نكسة قاتلة للنصرانية حولتها من عقيدة التوحيد
التي جاء بها المسيح عليه السلام من عند رب العالمين إلى عقيدة التثليث الشركية ومن
ديانة سماوية إلى عقيدة وديانة وثنية .. فالنصارى يعتقدون أن المسيح هو الله ..
وأنه ابن الله .. وأنه ثالث ثلاثة .. وأنه واحد في ثلاثة وثلاثة في واحد .. وغير
ذلك من الاعتقادات الباطلة .. الحقيقة الصارخة أنه لم يثبت حتى عند علماء اللاهوت
النصارى أن أحدا من الأناجيل المتداولة اليوم هو فعلا الإنجيل الذي نزل على المسيح
عليه السلام جزئيا أو كليا .. لم يثبت أن أحد الحواريين الذين عاصروا المسيح عليه
السلام وناصروه اعتقد بألوهية المسيح أو بأنه ابن الله أو أنه عبد المسيح .. كما لم
يثبت أن أحد الحواريين كتب إنجيلا من الأناجيل المتداولة اليوم سوى ( برنابا ) وهذا
الإنجيل هوالوحيد المرفوض والمحرم عند رجال الدين النصارى حتى أن رئيس الحواريين (
بطرس ) لا يعرف له إنجيل كتبه أو نقله عن السيد المسيح عليه أفضل الصلاة السلام ..
وأريد هنا أن أعرض بعض التساؤلات والأفكار الغريبة في عقيدة النصارى المحرفة :
** إنهم يسجدون للصليب ويقدسون الصليب رغم أن هذا الأمر غير موجود في أي من كتبهم
وأناجيلهم المقدسة ..
** إنهم يقدسون تماثيل المسيح وتمائيل رجال الدين وهذا غير موجود في كتبهم
وأناجيلهم ..
** إنهم يقدسون صور المسيح وتماثيل المسيح علما بأنه لا أحد يعرف صورة المسيح أو
شكل المسيح عليه السلام .. وإنما تم وضع مثل هذه التمائيل والصور في العصور
المتأخرة أي بعد ألف سنة على أقل تقدير وذلك وفقا لخيال الرسامين والنحاتين
والفنانين وليس لديهم أي تصور عن شكل المسيح تماما كما يفعل أصحاب الديانات الوثنية
في الهند والسند والصين حيث يبتكر الفنانون أشكالا غريبة وعجيبة للآلهة عندهم ...
** إنهم يقدسون صور مريم وتماثيل مريم العذراء عليها السلام رغم أنه لا أحد يعرف
صورتها الحقيقية أو شكلها الحقيقي .. وإنما هذه الصور والتماثيل هي من خيال
الفنانين والرسامين والنحاتين ..
** كانت قبلة النصارى باتجاه القدس .. بيت المقدس أو كنيسة القيامة فمن الذي بدلها
لتكون باتجاه مشرق الشمس كما يعتقد عباد الشمس الوثنيين ...
** يوم الأحد من الذي جعله يوما مقدسا عن باقي أيام الأسبوع عند النصارى وهل هناك
نص في الكتب المقدسة يعطي مزية ليوم الأحد عن باقي أيام الأسبوع ؟...
** الختان كان معمولا به عند قدماء النصارى وعند اليهود بني إسرائيا والمسيح جاء
رسولا لبني إسرائيل ومعمولا به في جميع الديانات السماوية حتى إبراهيم أبو الأنبياء
فمن الذي أبطله ...
** توجد بعض الطوائف النصرانية القديمة لا تزال تعتقد بجواز تعدد الزوجات مما يدل
على جواز ذلك أصلا فمن الذي أبطل تعدد الزوجات وحرم هذا الحق ؟.. خاصة وأن نبي الله
داود تزوج مئة زوجة ونبي الله سليمان تزوج سبعمئة زوجة وإبراهيم تزوج سارة وهاجر
...
** توجد بعض الطوائف النصرانية تقر موضوع الطلاق مما يدل على جواز ذلك أصلا فمن
الذي حرم الطلاق وأوقع الناس في الحرج الشديد ...
** لم يذكر صراحة في جميع الكتب المقدسة الأقانيم الثلاثة التي يعتقد بها النصارى
اليوم حتى في كتبهم المحرفة فمن الذي أدخل هذا المبدأ الشركي في عقيدة النصارى ؟...
** إن التوراة والإنجيل التي كانت موجودة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم
كانت تتضمن البشائر بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم وبأوصاف الرسول الكريم .. حتى
أن بحيرا الراهب المسيحي عندما رأى الرسول الكريم وهو فتى قبل البعثة حذر عمه
أبوطالب وقال له ( ارجع بابن أخيك فلو علم اليهود ما علمت لقتلوه ) .. كما أن
اليهود في المدينة المنورة كانوا يهددون المشركين بأنه هل زمان يبعث فيه نبي يقود
بني إسرائيل للقضاء على الشرك والمشركين فأين هذه الآثار الآن ؟.. ومن الذي حذفها
أو طمسها من الكتب المقدسة .. يقول ربنا جل شأنه عن اليهود : ( وكانوا من قبل
يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين )
..
** يقول ربنا جل شأنه : ( فإن كنت في شك مما أوحينا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب
من قبلك ) .. إن هذه الآية تعتبر دليلا قاطعا على أن التوراة والإنجيل الموجودين في
عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تتضمن الكثير من النصوص غير المحرفة والتي تبشر
بالرسول الكريم وتؤكد صحة رسالته ودينه وصحة القرآن الكريم .. ولكن أين هذه النصوص
الآن ؟.. لقد طمست معالمها وحرفت من الكتب المقدسة عندهم ...
** عندما سمع النجاشي في الحبشة شيئا من القرآن من سورة مريم بكى حتى اخضلت لحيته
وقال : ( ها .. ها .. والله إن هذا والذي نزل على المسيح عيسى بن مريم ليخرج من
مشكاة واحدة ) .. فأين هذا التوافق والتطابق بين الكتب المقدسة السابقة والقرآن
الكريم ؟؟.. لقد طمست كلها وحرفت وبدلت ...
** جاء في إنجيل يوحنا على لسان المسيح عليه السلام : ( وهذه هي الحقيقة الأبدية أن
يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع الذي أرسلته ) .. وهذه دلالة واضحة على أن
الله هو الإله الحق وأن المسيح هو نبي مرسل من عند الله .. فأين ألوهية المسيح هنا
وماهذا التناقض المكشوف في عقائد النصارى ؟...
** ويقول المسيح عليه السلام ( لا تتخذوا إلاها في الأرض فإلهكم في السماء ) وهذا
يدل على أن المسيح هنا يقرر عقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام ونهيه عن اتخاذ
آلهة في الأرض حتى لو كان المسيح نفسه ...
** وفي إنجيل متى الإصحاح الحادي عشر : ( بعدما انتهى يسوع من توصية تلاميذه ) ولم
يقل عبيده بل تلا ميذه وهذا يعني أنه ليس إلا أستاذا معلما ورسولا نبيا ...
** وفي نفس المكان يسأل نبي الله يحيى عليه السلام : ( أأنت هو الآتي أم ننتظر غيرك
) يدل على أن عيسى عليه السلام هو نبي مرسل مبشر به في التوراة لأن التوراة لم تذكر
أن الله سينزل إلى الأرض بنفسه ولم تذكر أن الله سيكون له ولد يرسله لهداية البشر
...
** ومن إنجيل لوقا الإصحاح السابع نجد قول المسيح عن سيدنا يحيى عليهما السلام : (
إني أقول لكم إنه ليس بين من ولدتهم النساء أعظم من يوحنا .. ولكن الأصغر في ملكوت
الله أعظم منه ) .. وهنا نلاحظ أن المسيح عليه السلام يقارن نفسه مع نبي الله يحيى
والفارق بينهم فقط أنه أصغر منه سنا وأنه أعظم فضلا في ملكوت الله فهو بشر وليس
بإله ..
** قول المسيح عليه السلام : ( كل من يعترف بي أمام الناس أعترف أنا به أمام أبي
الذي في السماوات ) .. وهذا يعني من يؤمن بي هنا في الدنيا أشهد له بالإيمان أمام
الله يوم القيامة وهو مشابه لما جاء في القرآن الكريم : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة
بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا .. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم
الأرض ولا يكتمون الله حديثا ) .. أما كلمة أبي فهي مشابهة لكلمة ربي والتي تسخدم
أيضا في اللغة حسب موقعها من الجملة فيجوز أن نقول رب أو أب الأسرة مثلا وهذا ناتج
عن الترجمات غير الدقيقة للكتب المقدسة السابقة للقرآن الكريم ...
** وفي إنجيل لوقا الإصحاح السابع : ( فاستولى الخوف على الجميع ومجدوا الله قائلين
: لقد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه ) .. وهذا يدل على نبوة المسيح عليه
السلام ...
** في رسالة بولس إلى تيموثاوس : ( لآنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله
والإنسان يسوع المسيح ) .. وهنا نجد وبكل وضوح أن الله واحد وأن يسوع المسييح عليه
السلام هو الرسول الإنسان وأن الوسيط هو جبريل عليه السلام بعكس معتقدات النصارى في
عقيدة التثليث واعتقادهم بألوهية عيسى عليه السلام وألوهية جبريل عليه السلام ...
** وفي رسالة بولس إلى كورينثوس : ( لكن لنا إله واحد هو الآب ) .. وهذه أيضا تدل
على وحدانية الله ...
** وفي سفر ملاخي : ( أليس لنا أب واحد لكلنا , أليس لنا إله واحد خلقنا ) ... عجيب
أمر النصارى كيف عميت عيونهم عن الحق المبين الذي هو موجود في كتبهم رغم كل التحريف
والتبديل ...
** جاء في الإناجيل كلها العبارة ( يسوع الإنسان ) أو ( ابن الإنسان ) وفي مواضع
عديدة وهذا كلام صريح منتهى الصراحة فكيف يكون الإنسان إلاها .. وكيف يكون ابن
الإنسان إلاها .. وكيف نوفق بين القول ( ابن الإنسان وابن الله ) أليس هذا تناقضا
عجيبا ؟!!...
** لقد كشف القناع على أن البابا بولس السادس قد أذن لأتباعه من رجال الدين المسيحي
بأن ينتسبوا إلى الماسونية التي تخدم اليهود أعداء المسيح عليه السلام وأتباعه
النصارى ...
** يلاحظ أن جميع المؤتمرات التي تنادي بالحوار بين الأديان السماوية أو الحوار بين
الحضارات كلها مؤتمرات مدجنة تديرها أصابع مشبوهة .. وأنا لا أمانع أن يشارك فيها
أكابر العلماء من المسلمين المتعمقين في الديانات الأخرى ولكني أحذر من إرسال أشخاص
عاديين لا يملكون الحجة والمنطق السليم للدفاع عن الإسلام وعن أحكام الشريعة
الإسلامية المحكمة وعن مفاهيم الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية فتخرج مثل هذه
المؤتمرات بانتصار الكفر على الإيمان والإسلام .. فحذار حذار من هذا المطب الذي تعد
له وتخطط له أضخم الأجهزة الإعلامية الخبيثة وأخبث المنصرين الذين يتآمرون على
الإسلام والمسلمين ...
** يقول المؤرخ الأوربي " ويلز " في كتابه " معالم تاريخ الإنسانية " عن فساد
العقائد والممارسات النصرانية إضافة إلى تسلط الكنيسة
على رقاب الناس : ( فأصبح قساوستها وأساقفتها على التدريج رجالا مكيفين وفق مذاهب
واعتقادات حتمية وإجراءات مكررة وثابتة ونظرا لأن كثيرا منهم كانوا يسرون الريبة في
سلامة بنيان مبادئهم الضخم المحكم وصحته المطلقة ... فهم لم يسمحوا بأية مناقشة فيه
.. كانوا لا يحتملون أسئلة ولا يتسامحون في مخالفة لا لأنهم على ثقة من عقيدتهم بل
لأنهم كانوا غير واثقين بها .. ولقد تجلى في الكنيسة في القرن الثالث عشر ما
يساورها من قلق قاتل حول الشكوك الشديدة التي تنخر بناء ادعاءاتها بأكمله فلم تكن
تستشعر أي اطمئنان نفسي وكانت تتصيد الهراطقة في كل مكان ) ...
** حين وقع لويس التاسع عشر الذي قاد الحملات الصليبية ضد المسلمين في الأسر وسجن
في سجن المنصورة أيام الصالح نجم الدين أيوب جعل يتفكر في سجنه ويتدبر فلما فك أسره
وعاد إلى قومه حدثهم بما هداه إليه فكره فقال لهم : ( إن التغلب على المسلمين
بالسلاح وحده أمر غير ممكن .. وإن على أوربا إذا أرادت التغلب على المسلمين أن
تحاربهم من داخل نفوسهم وأن تقتلع العقيدة الإسلامية من نفوسهم ) ...
هذه بعض النقاط التي أحببت أن أعرضها قبل البدء ببحث الأسس الحضارية للديانة
المسيحية المحرفة المبدلة .. وأقف هنا لأتساءل هل الديانة النصرانية المحرفة
المبدلة قادرة على بناء حضارة عالمية إنسانية ؟.. سؤال يطرح نفسه بعد المآسي
والآلام التي عاناها الناس في كل بقاع العالم من جرائم الحضارة الغربية التي تدعي
أنها تدين بالنصرانية وتتبع المسيح عليه السلام .. وهنا ربما يسأل البعض هل يمكن
للديانة النصرانية أن تكون قاعدة الانطلاق من جديد لبناء حضارة عالمية إنسانية ؟...
وهل تمتلك الديانة النصرانية المحرفة القواعد والأسس التشريعية والتنظيمية
والاجتماعية والسياسية والعلاقات الدولية وغير ذلك مما تحتاجه عملية بناء حضارة
عالمية إنسانية ؟!!... وقبل أن أبدأ الحديث عن الديانة النصرانية أريد أن اؤكد بادئ
ذي بدء أن المسلمين بكل طوائفهم وأعراقهم وأجناسهم يؤمنون بالديانة المسيحية
الأصيلة كديانة سماوية قبل أن يحدث عليها التحريف والتبديل .. والمسلمون أيضا
يؤمنون بالسيد المسيح عيسى عليه السلام نبيا ورسولا من الله بل يحترمونه ويعظمونه
ويجلونه كنبي من أنبياء الله بعثه الله رحمة للناس بشيرا ونذيرا .. ويؤمنون بالكتب
المقدسة التوراة والإنجيل التي أنزلها الله على أنبيائه الطيبين الطاهرين .. ونجد
في المقابل كثيرا من أبناء النصارى المتفلتين من يستهزئ بالمسيح عليه السلام بينما
لا تجد مسلما واحدا يستهزئ بنبي الله عبسى عليه السلام .. هذه القاعدة الهامة جاءت
في القرآن الكريم عل صيغة الأمر من الله جل وعلا إلى المسلمين جميعا يقول ربنا جل
شأنه مخاطبا المؤمنين : ( قولوا آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد
من رسله ونحن له مسلمون ) .. إن هذه القاعدة الهامة يجب أن تكون واضحة في الأذهان
تماما أما انتقادنا للنصرانية الحالية التي أخذت تنحو نحو العنصرية والظلم
والاستبداد والطغيان فلأنها ديانة محرفة مشوهة مبدلة مما أبعدها عن روح الدين
المسيحي الذي أنزله الله على نبيه المسيح عيسى عليه الصلاة والسلاة .. لقد أصبحت
النصرانية الحديثة مليئة بالانحرافات والشركيات والخرافات والأحقاد الصليبية
والكراهية لكل شعوب الأرض الأخرى وهذا الكلام يقره علماء النصارى أنفسهم وقساوستهم
ورهبانهم كما سنعرضه في مكان آخر من هذا الكتاب .. والآن اعود مرة أخرى للسؤال : هل
يمكن للديانة النصرانية أن تكون قاعدة انطلاق لبناء حضارة عالمية إنسانية ؟..
الحقيقة أن الديان النصرانية لا يمكنها بحال من الأحوال أن تكون قاعدة الانطلاق
لبناء حضارة عالمية إنسانية لأسباب عديدة أذكر هنا أهم هذه الأسباب :
** الديانة النصرانية ومنذ أن بعث الله المسيح عيسى عليه السلام لم تكن ديانة للناس
كافة وإنما بعث عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل الذين ضلوا وفسدوا لإصلاحهم
وإعادتهم إلى جادة الصواب والحق والهداية والروحانيات والسمو العقيدي بعد أن فسدت
طباع بني إسرائيل وعقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم وطغت عليهم المادة حتى أصبحت قلوبهم
كالحجارة أو أشد قسوة من الحجارة وبعد أن دخلت عقيدة بني إسرائيل الكثير من
الوثنيات والشركيات فجاء عيسى عليه السلام رسولا إلى بني إسرائيل ليصلح خراف بني
إسرائيل الضالة كما روي عن المسيح فقد جاء في الإصحاح الخامس من إنجيل متى على لسان
المسيح عليه السلام : ( لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة ) .. إذن فالديانة
النصرانية بادئ ذي بدء ديانة محلية لأقوام معينين ولمنطقة معينة فقط ..ولقد جاء
تأكيد هذا الكلام في القرآن الكريم يقول ربنا جل شأنه عن المسيح عيسى عليه السلام :
( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض
الذي حرم عليكم .. ) وقوله تعالى : ( ورسولا إلى بني إسرائيل ) ...
** إن الكتاب الذي أنزل على سيدنا عيسى عليه السلام وهو الإنجيل أو مايسميه النصارى
العهد الجديد لم يكن كتاب تشريع وإنما كتاب تربية وإصلاح وتهذيب للأخلاق وهذا
مايقره جميع النصارى إذ يعتبرون التوراة كتاب اليهود الذي نزل على نبي الله موسى
عليه السلام هو كتاب التشريع المعتمد لديهم والذي يطلقون عليه اسم العهد القديم ..
فلا أحد من النصارى ينكر أن التوراة هو الكتاب المقدس عندهم وأن الإنجيل جاء مصححا
ومكملا لتعاليم التوراة .. وهذا ماذكرة القرآن الكريم على لسان المسيح عيسى عليه
السلام .. قال تعالى : ( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من
التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ) ... وفي آية أخرى : ( مصدقا لما بين يدي من
التوراة ورسولا إلى بني إسرائيل ) .. إذن فالديانة النصرانية هي ديانة مكملة
للديانة اليهودية وليست ديانة مستقلة قائمة بذاتها فالنصرانية لا يمكن أن تقوم
بذاتها كعقيدة وشريعة ولكنها تقوم بالتكامل مع الديانة اليهودية ومع الكتاب الذي
نزل على موسى عليه السلام وهو التوراة .. وبهذا تفقد الديانة النصرانية عموميتها
وعالميتها واستقلاليتها وبفقدها هذه الصفات فقدت أهليتها لبناء حضارة عالمية
إنسانية ...
** إن الكتب المقدسة التي يعتمد عليها النصارى في عقيدتهم هي : التوراة أو ما يطلق
عليه العهد القديم و الإنجيل أو ما يطلق عليه العهد الجديد .. ورسائل الرسل ) ..
وكلها محرفة دون استثناء حيث دخل فيها الكثير من الانحرافات والأباطيل والشركيات
ودخل فيها الخلط والتناقض والبذاءة أحيانا وهذا ما سنعرض له في مكان آخر من هذا
الكتاب وللدلالة على هذه الفكرة لا أريد أن استشهد بالآيات الكثيرة من القرآن
الكريم التي تفضح اليهود والنصارى بالتحريف والتبديل ولكني أريد أن أنقل العديد من
أقوال علمائهم وقساوستهم ورجال الدين عندهم حتى لا أتهم بالتعصب للإسلام وإن كنت
أعتقد اعتقادا جازما أن آيات القرآن الكريم هي أصدق الحديث ...
المجامع الكنسية النصرانية :
قام اليهود ومنذ أقدم العصور وعلى رأسهم المدعي اليهودي " بولس الرسول " بتشويه
العقيدة النصرانية التي جاء بها نبي الله عيسى عليه السلام .. قام أبالسة الشر في
القديم والحديث بتشويه عقيدة التوحيد الخالص التي أنزلها الله ... كان ( بولس) الذي
يسمونه ( بولس الرسول ) يهوديا من ألد أعداء النصرانية وكان يمارس أشد أنواع
الاضطهاد والتنكيل ضد النصارى أتباع المسيح عليه أفضل الصلاة والسلام .. وفجأة
أنقلب هذا اليهودي بولس في عام ( 38 ) ميلادية إلى رسول نصراني يوحى إليه حسب زعم
النصارى فانحرفت النصرانية على يديه من دين الوحدانية إلى وثنية عاتية ، حيث كان
بولس أول من نادى بألوهية المسيح وأول من اخترع خرافة الفداء وأول من أدعى أن الصلب
وقع على جسد عيسى عليه السلام بقصد البلبلة وإيجاد التناقض ، وكان يتزلف إلى الحكام
وإسباغ صفة الشرعية على مظالمهم ومباذلهم حين قال ( لتخضع كل نفس للسلاطين لأنه ليس
سلطان إلا من الله ، ومن يقاوم السلاطين يقاوم ترتيب الله ) ..استطاع اليهودي بولس
أن يمسخ النصرانية وأن يسقط عن أتباعها جميع التكاليف الشرعية وأن يجعلهم في حل من
الالتزامات الدينية حين كتب إلى أهل رومية ( الإنسان يتحرر بالإيمان بدون أعمال
الناموس ) .. وكقوله : ( أما الآن فقد تحررنا من الناموس إذ مات الذي كنا ممسكين
منه حتى نعبده بجدة الروح لا بعتق الحرف ) .. لقد احتال بولس اليهودي هذا على
النصرانية حيث تظاهر باعتناق النصرانية وإدعاء الرسالة والوحي لنسف المسيحية من
الداخل وتحويلها من دين سماوي كما جاء به عيسى عليه السلام إلى مجموعة من الأساطير
والخرافات الوثنية كما هي الآن .. قال أحد الذين هداهم الله إلى الإسلام بعد
النصرانية : ( لو أن المستمسكين بالمسيحية طبقوا تعاليم الإنجيل حرفيا لقضوا على
الحضارة ) .
والحقيقة أن العالم أجمع لم يعرف منذ أكثر من عشرين قرنا من الزمان دين الله القويم
الذي أنزله على رسوله الكريم المسيح عيسى عليه السلام على حقيقته الربانية الصافية
الخالصة فلقد كانت صورة النصرانية صورة محرفة مشوهة مليئة بالخرافات والأباطيل
مليئة بالوثنيات والانحرافات التي هي من صنع البشر أو صنع الكهنة والقسيسين والملوك
المتنفذين عبر تاريخ النصرانية الطويل .. صورة لاصلة لها بالأصل الرباني الخالص
الصافي المنزل من عند الله على عيسى عليه السلام .. وإذا استثنينا بعض الأفراد
القلائل على مسرح التاريخ فإن النصارى في الشرق والغرب كانوا يستقون تعاليم دينهم
الممسوخة المشوهة المحرفة من رجال الدين والبابوات والقسيسين والكرادلة والكهنة
وكذلك من تعاليم المجامع الكنسية المقدسة عندهم والتي أصبحت على مرور الزمن معتقدات
أصيلة ثابتة في الديانة النصرانية ولكنها لا تمت إلى دين المسيح عليه السلام إلا
بومضات بسيطة متوزعة هنا وهناك في الكتب المقدسة عند النصارى .. حتى أصبح للكرادلة
والبابوات صفة القداسة وأصبح لهم صفة التلقي والإيحاء من الله جل وعلا وأصبح كل
واحد منهم مرجعا دينيا يربط بين الأرض والسماء لا يرقى إليه الشك ولا يجوز لأحد أن
يناقشه في أي قرار أو أمر من أمور الدين .. وبذلك تحقق قول الله فيهم صدقا وعدلا
يقول ربنا جل شأنه : ( انخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم
وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) ..
ومن الناحية الظاهرية تعتبر النصرانية أكبر تجمع بشري ديني على مستوى العالم بعد
الدين الإسلامي .. والأقطار التي تدين بالنصرانية تمتلك أكبر قوة عسكرية واقتصادية
في العالم الحديث .. وحضارة الدول الغربية النصرانية لاتزال تسيطر على مجريات
الأمور في أغلب دول العالم .. ولقد حصل في الآونة الأخيرة تطورات ومشكلات خطيرة
تعبر عن ظروف خطيرة .. فالنصرانية التي تعتبر أكبر تجمع ديني عالمي بعد الإسلام
بدأت تفقد مبررات وجودها على ساحة الأحداث العالمية رغم تملكها للقوة المادية
الهائلة ورغم الدعم الهائل للكنائس من كل دول الغرب .. فقدت الكنائس تأثيرها على
الناس وفقدت فعاليتها في حياة الناس خاصة المسيحيين منهم .. وفقدت سلطتها على
المتدينين المسيحيين وبدأ الرهبان والراهبات الذين أقسموا قسم الترهب المقدس : (
أنهم يعيشون من أجل الله وأنهم لايتزوجون ويلتزمون بجميع شروط الترهب ) .. بدأوا
بعد هذا القسم المقدس يصرحون في الصحافة وفي المؤتمرات وأمام عدسات المصورين أنهم
ألقوا المسوح الكنسية وتخلصوا من أعباء الترهب وأنهم تزوجوا وتركوا الرهبانية ..
كما أن الوضع في المستويات الكنسية الأخرى ليس أحسن حالا حتى وصل الفساد في الكنائس
إلى أعلى المستويات إلى الفاتيكان فقد قدم الكاردينال الهولاندي " سانس " استقالته
من الفاتيكان رغم أن هذا المنصب العالمي الرفيع لا يصل إليه أحد إلا بصعوبة فائقة
وهذا يعني أن الديانة النصرانية قد بدأت تفقد فعاليتها وتأثيرها وبالتالي مبررات
وجودها فلم يعد الشباب والفتيات النصارى يقبلون على الكنيسة إلا في حفلات الزواج
كتقليد اجتماعي وليس كالتزام ديني ,, ولم تعد تجد في كنائس النصارى إلا الكهول
والعجزة وفي أيام الآحاد ولاتكاد تجد من الشباب والشابات إلا من أجبرتهم ظروفهم
الخاصة إلى القدوم إلى الكنيسة أو تحت إحراج من ذويهم دون أية رغبة أو تعلق
بالكنيسة .. أضف إلى ذلك فهناك موضوع خطير يعصف بالكنائس على مستوى العالم وهوعدم
إقبال الشباب والشابات على الانخراط في سلك الرهبانية الكنسية وكثير من الكنائس
والأديرة أصبحت تعاني عجزا مريعا في سلك الرهبانية الذين نذروا أنفسهم لخدمة الرب
وانقطعوا للعبادة وخدمة الكنيسة فهم لا يتزوجون وهم ملتزمون بتعاليم الكنيسة وبلباس
الرهبنة وبخدمة الكنيسة وغير ذلك .. ولقد ذكرت الصحف أن بعض الأديرة العريقة
الممتدة إلى سبعة قرون من الزمان أصبحت مهددة بالإغلاق لعدم وجود المتطوعين
والمتطوعات إلى سلك الرهبنة مما اضطر القس المشرف على أحد الأديرة للذهاب إلى منطقة
( كيرلا ) الهندية الفقيرة وشراء عدد من البنات الهنديات وقام بتدريبهن على الطقوس
الكنسية وعلى لبس المسوح لمدة شهرين استعدادا لنقلهم إلى هذا الدير رغم أن اصل
عقيدتهن عقيدة وثنية وقد أفشت صحيفة بريطانية هذا السر الذي تناولته الصحف العالمية
فأصبح فضيحة حاول الفاتيكان سترها بكل الوسائل
..
ولا أريد هنا أن أسرد العديد من القصص والحكايات والفضائح التي تحدث في الأديرة
والكنائس وبين رجال الدين والراهبات والرهبان ذلك لأن هذه الفضائح قد أصبحت على كل
لسان حتى أن العديد من الأفلام السينمائية الغربية قد صورت حالة التفلت والفساد
الأخلاقي في الكنائس مما دعى السلطات الكنسية للضغط على الحكومات لمنع عرض مثل هذه
الأفلام .. ولا أدل على هذا الفساد من أن " كازانوفا " بطل العشق والغرام وصاحب
المغامرات الجنسية الفاضحة كان راهبا في بداية حياته كما صرح هو كتابه " مغامرات
كازانوفا " .. وهكذا نجد أن النصارى قد هجروا كنائسهم فلم تعد هذه الكنائس تستقبل
إلا المسنين والعجزة وكبار السن الذين لاتزال لديهم بقية باقية من الاحترام لهذا
الدين الذي تغير وتبدل حتى فقد أصالته وفقد روحانيته وفقد فعاليته حتى عند أبناء
النصارى .. هذا ولقد زرت العديد من الكنائس القديمة والعريقة في بولندا وألمانيا
وكندا وبريطانيا وغيرها من الدول فوجدت أن الكنائس أيام الآحاد تفتقر وتضج وتشتكي
من قلة القادمين إليها ناهيك عن بقية أيام الأسبوع .. والغريب في الأمر أن مجلس
الكنائس العالمي يقوم بتقديم مبالغ طائلة لبناء الكنائس التي تفتقد إلى الزوار علما
بأن كثيرا من الأديرة والكنائس القديمة العريقة قد أغلقت أبوابها أو تحولت إلى
متاحف يؤمها السواح لالتقاط بعض الصور التذكارية أو التمتع بالزخارف الرائعة وبالفن
المعماري القديم .. ورغم الدعم السخي الذي يقدمه الفاتيكان أو مجلس الكنائس العالمي
إلى جميع الكنائس في العالم والذي يكفي لإنشاء مدن أو دول فإن هذه الأموال لم تجد
نفعا في تثبيت وجود الكنيسة أو انتشار النصرانية لأنهم عندما فقدوا مبررات وجودهم
لم يستطيعوا إعمار كنائسهم بأتباع الكنيسة من شباب وشابات النصارى لذلك لجأوا إلى
إغراء الفتيان والفتيان الفقراء من كل أصقاع الدنيا لجذبهم للعمل في سلك الكنيسة
وذلك لتمثيل دور كنسي مصطنع حتى أصبحت الكنائس مسارح للتمثيل والاستعراض بعد أن
كانت مآلا وملاذا للعبادة والتوبة والتقرب إلى الله .. الكنيسة إذن مثلها مثل
الديانة النصرانية فقدت مبررات وجودها كدين سماوي كما فقدت مبررات وجودها كمعلم
حضاري يمكن أن يبنى على أساسه حضارة عالمية إنسانية مادام رجال الدين أنفسهم يشردون
عن الكنيسة ويهربون من رهبانيتها وأصبحوا يشترون بالمال ويجمعون من البلاد الفقيرة
دون أدنى قناعة في هذا العمل الكنسي والترهب وقديما قيل في المثل ( فاقد الشيء
لايعطيه ) ..
يقول الفيلسوف البريطاني " جون لوك " : ( إن الله أعطى المسيحيين حقا طبيعيا في
امتلاك الأراضي البور الخاوية أو شبه الخاوية من السكان وأوجب عليهم الامتثال
لإرادته بغزو المجاهل واسثمارها ذلك لأن مكتشف هذه المجاهل هو مالكها
الطبيعي ) ..
وهذا يعني تبرير استعمار واستعباد الشعوب واعتباره أمرا إلاهيا لا مفر منه ..
ولو أننا ألقينا نظرة عامة على انتشلر الأديان على مستوى العالم وتطور هذا الانتشار
خلال قرن من الزمان لتوصلنا إلى نتيجة مذهلة .. ففي عام 1920 م كان توزع الأديان
حسب الإحصاءات الرسمية على مستوى العالم كالآتي :
النصرانية 600 مليون نسمة
البوذية 500 مليون نسمة
الهندوسية والبرهمية 400 مليون نسمة
الإسلام 250 مليون نسمة
ورغم أن هذه الإحصاءات الرسمية غير دقيقة ورغم أني لا أثق بها لأن وراءها توجهات
تدفع إلى تقليل عدد المسلمين في العالم لغاية في أنفس أعداء الإسلام والمسلمين ولكن
يمكنني قبولها بشكل مبدئي لأنها تكشف عن حقيقة مذهلة رغم محاولات طمس الحقائق ..
حيث نجد ومن الإحصاءات الرسمية هذه أن توزع انتشار الأديان على مستوى العالم بعد
نصف قرن من الزمان كان في صالح الدين الإسلامي فنجد أعداد غير المسلمين لم تزدد إلا
زيادة طفيفة أو تناقصت بينما كانت الزيادة الهائلة في عدد المسلمين ففي عام 1975 م
وصل عدد المسلمين حسب الإحصاءات الرسمية إلى ( 900 ) مليون نسمة .. وبعد ربع قرن
آخر أي في عام ( 2000 ) م وصل عدد المسلمين في العالم حسب الإحصاءات الرسمية أكثر
من مليار نسمة بينما الإحصاءات الحقيقية تفيد أن عدد المسلمين وصل إلى ( 1,500,000
) نسمة مليار ونصف نسمة وذلك لأن الإحصاءات الرسمية في الهند والصين وفي كثير من
دول العالم لاتريد أن تفصح عن العدد الحقيقي للمسلمين لأسباب سياسية أوعنصرية أو
أمنية .. هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أن توزيع المسلمين الذين تجاوز عددهم مليار
ونصف المليار في العالم على الشكل التالي :
1000 مليون نسمة في قارة آسيا ..
400 مليون نسمة في قارة أفريقيا ..
70 مليون نسمة في أوربا ..
60 مليون نسمة في الأمريكتين ..
10 مليون نسمة في القارة الأسترالية ..
إذن فالعالم الإسلامي اليوم أصبح يغطي ثلث مساحة الدنيا وثلث عدد سكان العالم على
أقل تقدير وذلك بعد أن وصل عدد المسلمين إلى مايقارب مليار ونصف المليار مسلم إضافة
إلى أن المسلمين اليوم متغلغلين في كل بلاد العالم دون استثناء وينتشرون ويتكاثرون
حتى في أشد البلاد عداء للإسلام مثل الصين واليابان وأوربا وأمريكا وغيرها كما أن
معدل التزايد السكاني عند المسلمين يعتبر أعلى معدلات التزايد على مستوى العالم ..
إضافة إلى ذلك فإن عدد المعتنقين للإسلام من الديانات الأخرى أخذ يزداد يوما بعد
يوم ليصل إلى أعداد كبيرة ملفتة للنظر .. وهنا نجد أن حركة التاريخ تستدرج الكتل
الحضارية في العالم وخاصة في الغالم الغربي المسيحي إلى فشل تجاربها وانحسار
تأثيرها وفعاليتها وانتشارها على مستوى العالم أجمع كما تستدرجهم إلى خيبة أملها في
الاستمرار والمشاركة في البناء الحضاري العالمي الإنساني ..
وفي القرون الثلاثة الأولى من ميلاد المسيح عليه السلام تعرضت النصرانية لاضطهاد
شديد من الأباطرة والملوك الوثنيين في ذلك العهد .. تعرضوا لعملية إبادة وحشية كان
نتيجتها انحراف العديد منهم عن طريق النصرانية الحقة وابتعادهم عن دين الله القويم
واستبدالهم عقيدة التوحيد الخالص بطقوس وتعاليم هي أقرب إلى الوثنية منها إلى عقيدة
التوحيد التي جاء بها المسيح عليه السلام من عند الله جل وعلا .. لقد عمت الكارثة
معظم النصارى وفتنوا عن دينهم الحق الصحيح مما اضطر المؤمنين الصادقين منهم إلى
العيش في الأديرة والملاجئ وعلى رؤوس الجبال وفي الكهوف فرارا بدينهم من المحن
والفتن والعذاب .. وما قصة أصحاب الكهف إلا فصلا من فصول الاضطهاد للمؤمنين
الموحدين .. إضافة إلى هذه الأحداث الدامية التي كان وراءها الملوك والأباطرة
الوثنيين يدفعهم في حقدهم وظلمهم اليهود الذين كانوا أشد الناس عداوة للمسيح عليه
السلام وأصحابه وحوارييه المؤمنين الموحدين الطيبين فقد حدث حدث هام وهو اعتناق
الإمبراطور الروماني قسنطين الديانة المسيحية بعد تشويهها وتحريفها وإدخال الطقوس
الوثنية إليها .. ولو ألقينا نظرة فاحصة على هذه الطقوس والفخامة والأبهة والعظمة
والألبسة الفاخرة المزركشة بالذهب والفضة والأيقونات والصلبان وعرفنا من طرف آخر
بساطة المسيح عليه السلام وحياته وحياة أمه متنقلا بين الفيافي والقفار ليدعو إلى
الله ويبلغ الناس رسالة ربه لأيقنا مدى التحريف والتبديل والوثنية والطقوس
الإمبراطورية التي دخلت على النصرانية مع دخول الإمبراطور الروماني قسنطين إلى
المسيحية .. لقد أراد قسنطين مسيحية إمبراطورية بطقوس ملكية وثنية ولم يردها كما
جاء بها المسيح عليه السلام ...
يقول المفكر الأمريكي درابر في كتابه القيم " الدين والعلم " : ( دخلت الوثنية
والشرك النصرانية بتأثير المنافقين الذين تقلدوا وظائف خطيرة ومناصب عالية في
الدولة الرومانية وذلك بتظاهرهم بالنصرانية ولم يكونوا يحفلون بأمر الدين ولم
يخلصوا له في يوم من الأيام .. وكذلك الإمبراطور الروماني قسنطين الذي تظاهر
باعتناق النصرانية فقد قضى عمره في الظلم والفجور ولم يتقيد بأوامر الكنيسة الدينية
إلا قليلا وفي أواخر عمره .. إن الجماعة النصرانية وإن كانت قد بلغت من القوة بحيث
ولت قسنطين الملك ولكنها لم تستطع أن تقطع دابر الوثنية الرومانية وتقتلع جرثومتها
فكان نتيجة كفاحها أن اختلطت مبادئهما ونشأ من ذلك دين جديد تتجلى فيه النصرانية مع
الوثنية بشكل ظاهر جلي .. وهنا يختلف الإسلام عن النصرانية لأنه قضى على الوثنية
قضاء مبرما قبل أن ينشر عقيدة التوحيد الخالص في أصقاع الدنيا بدون لوثات وثنية أو
شركية .. إن هذا الإمبراطور الروماني الذي كان عبدا للدنيا والذي لم تكن النصرانية
تمثل شيئا مهما في حياته رأى لمصلحته الشخصية ولمصلحة الحزبين المتنافسين النصراني
والوثني أن يوحدهما ويؤلف بينهما ويجعل منهما مزيجا فريدا متناقضا .. حتى أن
النصارى الراسخين استمرؤوا هذا الأمر فيما بعد فلم ينكروا عليه هذه الخطة .. بل
ربما كان بعضهم يعتقد أن الديانة الجديدة بشقيها المسيحي الموحد والروماني الوثني
ستنتشر في الأصقاع بقوة الإمبراطورية الرومانية ثم بعد ذلك سيتخلص الدين النصراني
في نهاية الأمر من أدناس الوثنية وأرجاسها ) .. انتهى قول درابر وهنا نلاحظ
وباعتراف المفكرين والمؤرخين النصارى أن عقيدتهم مليئة بلوثات وثنية أبعدت
النصرانية وبشكل شبه كامل عن أصل الديانة المسيحية الإلهية التي أنزلها الله هدى
للناس على نبيه المسيح عيسى عليه أفضل الصلاة والسلام ...
إن موضوع تحريف العقائد النصرانية أمر ثابت لا يختلف فيه اثنان حتى من علماء ومفكري
ومؤرخي الغرب إذ هناك عدد كبير من الشهادات الغربية للمفكرين الغربيين تثبت تحريف
وتشويه العقيدة النصرانية ومزجها بالأفكار والعقائد الوثنية والأفكار الدخيلة بحيث
لم يتبق من النصرانية التي نزلت على المسيح عليه السلام أي أثر يذكر .. ولقد تركز
التحريف والتشويه في العقائد النصرانية على أساسيات هذه العقيدة مثل تحويل عقيدة
التوحيد إلى عقائد شركية وجعل الإله الواحد آلهة متعددة وتأليه عيسى عليه السلام
وادعاء بنوته لله رب العالمين وتأليه مريم بنت عمران وتأليه جبريل عليه السلام
واختراع قصة الصلب والفداء وتقديس الصليب وعبادته وعبادة الأصنام والصور والتماثيل
ثم جعل الدين عقيدة وطقوساً تقام في المناسبات فقط وترك القانون الروماني الوثني
يحكم حياة الناس .. وذلك لأن الدين المنزل من عند الله هو عقيدة وشريعة في وقت واحد..
عقيدة توجه الناس إلى ربها وخالقها .. وشريعة تحكم جميع أمور الناس في هذه الحياة
.. هذا غيض من فيض من الانحرافات التي انحرفت فيها العقيدة النصرانية عن الأصل
الإلهي الذي أنزله الله جل وعلا على المسيح عيسى عليه السلام.
ولا أريد هنا أن استقصي كل الانحرافات والخرافات التي يعتقدها النصارى اليوم ولا
الوثنيات والشركيات التي دخلت على دين النصارى لأن ذلك يحتاج إلى كتب ومجلدات وهي
متواجدة بكثرة في المكتبات يمكن أن يرجع إليها القارئ الكريم في مظانها إذا ما أراد
التوسع في هذا المجال وإنما أريد هنا أن أقدم فكرة مبسطة مختصرة جداً لدعم الفكرة
الأساسية التي وضع هذا الكتاب من أجلها.
** في عام 1962 ميلادية وقف امبرطور الحبشة الصليبي المجرم (هيلاسيلاسي ) على منصة
الأمم المتحدة فألقى خطابا ضافيا أعلن فيه : ( أنه في خلال اثني عشرعاما لن يكون في
الحبشة إلا دين واحد هو النصرانية ) ... فلم يتجرأ أحد من حماة الدين وأبناء
الإسلام المتواجدين في هيئة الأمم على أن يرفع صوته استنكارا لهذه الوقاحة علما بأن
نسبة المسلمين في الحبشة آنذاك تصل إلى 55% من سكان الحبشة تم اسئصال وإبادة عدد
كبير منهم ...
** الفيلبين كانت مثل أندونيسيا بلدا إسلاميا فغزاها الصليبيون وحكموها قهرا
وطاردوا المسلمين وأخرجوهم من بلادهم وأرضهم وحاصروهم في جزء بسيط من أرضهم وأعملوا
فيهم القتل في حرب إبادة لم يشهد لها التاريخ مثيلا
** يقول المؤرخ البريطاني فيشر .. في كتابه تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ( إن
حكمة الكنسية المسيحية هدت آباءها الأولين إلى قبول ما لم يستطيعوا له منعاً من
قديم العادات والتقاليد والمعتقدات بدليل قبول الكنسية لمبدأ تعدد الآلهة الراسخ
بين شعوب البحر المتوسط وتطويع ذلك المبدأ لما تقتضيه عقائدها ) .. وهنا نجد أيضاً
أن المؤرخ البريطاني الشهير فيشر يعترف بحكمة الكنيسة عندما وافقت على مزج عقائدها
السماوية الربانية بالعقائد الوثنية التي تقوم على مبدأ تعدد الآلهة بعد أن كانت
تتميز على العقائد الأخرى بعقيدة التوحيد...
** يقول الفيلسوف الفرنسي ربنان : ( أنه ينبغي لفهم تعاليم يسوع المسيح الحقيقية
كما كان يفهمها هو أن نبحث في تلك التفاسير والشروح الكاذبة التي شوهت وجه التعاليم
المسيحية حتى أخفته عن الأبصار تحت طبقة كثيفة من الظلام .. حيث يرجع بحثنا إلى
أيام بولس الذي لم يفهم تعاليم المسيح بل حمله على محمل آخر ثم مزجه بكثير من
تقاليد الفريسيين وتعاليم العهد القديم .. وبولس كما لا يخفى كان رسولاً للأمم أو
رسول المجادلات والمنازعات الدينية.. وان كان يميل إلى المظاهر الخارجية الدينية
كالختان وغيره فأدخل ميوله هذه على الدين المسيحي فأفسده .. ومن عهد بولس ظهر
التلمود* والمعروف بتعاليم الكنائس وأما تعاليم المسيح الأصلية الحقيقية فقد خسرت
صفتها الإلهية الأصلية بشكل كامل ... بل أصبحت سلسلة حلقات الوحي منذ بدء العالم
حتى يومنا هذا عند الكنسية غير واضحة المعالم ... حتى أصبح الشرّاح والمفسرون يدعون
المسيح إلهاً دون أن يقيموا على ذلك الحجة ويستندون في دعواهم على أقوال وردت في
خمسة أسفار موسى والزبور وأعمال الرسول ورسائلهم وتأليف القساوسة والبابوات مع أن
تلك الأقوال لا تدل أقل دلالة على ألوهية المسيح ) ...
** يقول جرين برنتين في كتابه " أفكار ورجال " : ( إن المسيحية الظافرة في مجمع
نيقية – وهي العقيدة الرسمية في أعظم إمبراطورية في العالم – مخالفة كل المخالفة
لمسيحية المسيحيين في الجليل(1). ولو أن المرء اعتبر العهد الجديد هو التعبير
النهائي عن العقيدة النصرانية لخرج من ذلك قطعاً لا بأن مسيحية القرن الرابع تختلف
عن المسيحية الأولى فحسب ... بل بأن المسيحية في القرن الرابع لم تكن مسيحية بتاتاً.
** يقول المؤرخ البريطاني ويلز في كتاب ( معالم تاريخ الإنسانية ) والذي يشير بشكل
واضح وصريح إلى الأصابع اليهودية في تحريف وتشويه الديانة النصرانية .. ( وظهر في
ذلك الوقت معلم آخر عظيم يعده كثير من الثقات العصريين المؤسس الحقيقي للمسيحية وهو
شاؤول الطرسوسي أوبولس والراجح أنه كان يهودي المولد وإن كان بعض كتاب اليهود
ينكرون ذلك ولا مراء في أنه تعلم من أساتذة من اليهود بيد أنه كان متبحراً في
لاهوتيات الإسكندرية الهلينية ومتأثر بطرائق التعبير الفلسفية للمدارس الهلنستية
وبأساليب الرواقيين .. وكان صاحب نظرية دينية ومعلماً يعلم الناس قبل أن يسمع بيسوع
الناصري بزمن طويل ... ومن الواضح جداً أنه تأثر بالمثرائية إذ أنه يستعمل عبارات
عجيبة الشبه بالعبارات المثرائية ... ويتضح لكل من يقرأ رسائله المتنوعة جنباً إلى
جنب مع الأناجيل أن ذهنه كان مشبعاً بفكرة لا تظهر قط بارزة قوية فيما نقل عن يسوع
المسيح من أقوال وتعاليم ألا وهي فكرة الشخص الضحية الذي يقدم قرباناً لله كفارة عن
الخطيئة فما بشر به يسوع كان ميلاداً جديداً للروح الإنسانية .. أما ما علمه يولس
فهو الديانة القديمة ديانة الكاهن والمذبح وسفك الدماء لاسترضاء الآلهة .. وفي
أثناء ذلك الأمد غير المحدد كان يحدث فيما يبدو قدر جسيم من الثيوقراطيا (2) بين
النحلة المسيحية والعقيدة الميثرائية التي تكاد تضارعها في سعة انتشارها بين سواد
الشعب .. على أن ما أسهمت به نحلة الإسكندرية في الفكر المسيحي والطقوس المسيحية
كان أعظم قدراً أو يكاد .. إذ كان طبيعياً أن يجد المسيحيون في شخصية حورس(1) شبيهاً
مرشداً لهم فيما يبذلون من جهود عنيفة لتفهم ما خلفه لهم القديس بولس من خفايا ) ..
ويقول وولز أيضا : ( لقد كانت الكنيسة تفقد سيطرتها على ضمائر الأمراء وذوي اليسار
والاقتدار من الناس .. وكذلك شرعت تفقد إيمان عامة الناس وثقتهم بها وكان من نتيجة
انحطاط سلطانها الروحي على الطبقة الأولى أن جعلتهم ينكرون تدخلها في شؤونهم
وقيودها الخلقية عليهم وادعاءاتها بالسيادة العليا فوقهم وادعاؤها الحق في فرض
الضرائب وفي حل ارتباطات الولاء ولذلك فقدت سيطرتها وسلطانها واحترامها عندهم ..
وظل هذا الخروج عن طاعة الكنيسة يصدر من الأمراء والحكام طوال العصور الوسطى
بكاملها رغم أن الأمراء لم يفكروا جديا بالانفصال عن المذهب الكاثوليكي وإقامة
كنائس منفصلة إلا في وقت متأخر ) ...
إن الكنيسة الأوربية التي فقدت سلطتها وفقدت بعد ذلك مصداقيتها وهجرها الناس بعد إذ
هجرتهم وملها الناس بعد أن ابتعدت عنهم فلم يعد لها أي تأثير على مجريات الأحداث في
الغرب وأصبح همها الوحيد صنع المؤامرات والدسائس وحملات التغريب والتنصير لتخريب كل
الأديان والمذاهب والعقائد وتدمير المجتمعات حتى يصبح الناس كل الناس صورة عن
المجتمع الغربي البائس المضطرب المحطم .. وخير دليل على ذلك أن عدد الحاضرين إلى
الكنائس يوم الآحاد لا تتجاوز في كثير من كنائس العالم 10% فقط أما في غير الآحاد
فتكاد تقترب هذه النسبة من الصفر مما اضطر بعض الكنائس الأمريكية إلى إضافة مطعم
ومرقص في قبو الكنيسة يقدم الوجبات بأسعار رمزية بسيطة مما يجذب الشباب والشابات
إلى مثل هذه الكنائس ليس من أجل التعبد والصلاة ولكن من أجل الرقص والفحش والفجور
والأكل والشرب والسكر والخمور .. أما اليوم وبعد شرود الناس عن الكنائس في معظم
بلاد العالم عادت الكنيسة تلهث وراء المجتمع وتتعلق بأهداب الناس وتقدم لهم كل
المغريات لا لتقود المجتمع إلى دين الله القويم وأخلاق المسيح عليه السلام ولكن
لتعيد إلى الكنيسة شيئا من احترامها ومركزها في المجتمع .. وكثيرا ما ينخدع بعض
الناس هنا في البلاد الإسلامية حين يرون الطقوس الدينية والاحتفالات الدينية
فيحسبون أن للكنيسة تأثيرا على حياة الناس وأن للدين هناك وجود جدي يستحق الاحترام
ولكن في الحقيقة هذا مجرد وهم لا يقوم على أية معرفة أو دليل .. يقول الكاتب
الهولندي المسلم ليوبولد فايس " محمد أسد " في كتابه القيم " الإسلام على مفترق
الطرق " : ( لقد سيطر على الغرب الحديث اعتبارات الانتفاع العملي فلقد كان الهدف
الذاتي بادئ ذي بدء إنما هو المعالجة والاكتشاف لكوامن الحياة من غير أن بنسب إلى
هذه الحياة حقيقة أدبية في ذاتها .. أما قضية معنى الحياة والغاية منها فقد فقدت
منذ زمن بعيد في نظر الأوربي الحديث جميع أهميتها العملية .. إن الاتجاه الديني
مبني دائما على الاعتقاد بأن هناك قانون أدبي مطلق شامل وأننا مجبرون أن نخضع
أنفسنا لمقتضياته ولكن المدنية الغربية الحديثة لا تقر بالحاجة إلى خضوع ما إلا
لمقتضيات اقتصادية أو اجتماعية أو قومية .. إن معبودها الحقيقي ليس من نوع روحاني
ولكنه الرفاهية .. وإن فلسفتها الحقيقية المعاصرة إنما تجد قوة التعبير عن نفسها عن
طريق الرغبة في القوة وكلا هذين الأمرين موروثان من المدنية الرومانية القديمة ..
كانت الفكرة التي تقوم عليها الامبراطورية الرومانية هي الاجتياح بالقوة واستغلال
الأقوام الآخرين لفائدة الوطن الأم وحده وفي سبيل الترفيه عن فئة ممتازة حيث لا يجد
الروماني في ظلمه سوءا وانحطاطا وأن العدل الروماني الشهير كان عدلا للرومانيين
وحدهم ومن الواضح هنا أن اتجاها كهذا كان ممكنا فقط على أساس إدراك مادي خالص
للحياة وللحضارة .. إدراك مادي هذبه ذوق فكري ولكنه بعيد عن جميع القيم الروحية ..
إن الأوربيين لم يعرفوا الدين وإن آلهتهم التقليدية لم تكن سوى محاكات شاحبة
للخرافات اليونانية ) ...
وبالفعل فإن الحضارة الغربية اليوم تسير في نفس الخطى التي سارت عليها الدولة
الرومانية القديمة تسلط القوة الغاشمة والبعد عن أصل الدين وروحه وسموه والانغماس
بالملذات والشهوات والفساد الأخلاقي العارم .. إنها الردة الغربية إلى ما يقارب
ألفي عام إلى الوراء إلى الجذور الرومانية القديمة مع فارق بسيط في التطور المادي
والتكنولوجي الذي جعل سلطان القوة المدمرة أشد وأعتى وأكثر فتكا وتدميرا من ذي قبل
.. إن الحضارة الغربية اليوم تبدو متمسكة وبشكل ظاهري بالكنيسة وبتعاليم الدين
المسيحي ولكنها اقتنعت أخيرا أن لا فائدة من الله ولا من الأديان في موضوع النظام
الفكري والمادي وبالتالي اتفقت الأنظمة الغربية بشكل كامل على حبس الدين داخل
الأديرة والكنائس والصوامع وسمحت للشيوخ والعجائز بالذهاب إلى هذه الأماكن حتى يغفر
الله لهم ما ارتكبوا من جرائم في حق الإنسانية في شبابهم .. لقد زالت الديانة
النصرانية عن الحضارة الغربية بشكل كامل وأصبحت تدين بالمادية فقط وإن كل مانراه من
الطقوس والاحتفالات الدينية والمواسم التشريفية ليس إلا هيكلا فارغا وقشرة رقيقة لا
تحوي داخلها حتى مجرد احترام الكنيسة بالنسبة للغربيين .. لقد أصبح تشييد الكنائس
في الدول الغربية نوع من الترف والرفاهية والمناظر الجذابة الفخمة .. ولئن كانت
الكنيسة في العالم الشرقي مكانا للعبادة فإنها في بلاد الغرب وبصورة خاصة أمريكا
مكانا لكل شيء إلا العبادة وإنك ليصعب عليك أن تفرق بينها وبين أي مكان للهو أو
التسلية أوالمواعيد بأشكالها المختلفة ومعظم قصادها إنما يعبدونها تقليدا اجتماعيا
ضروريا ومكانا للقاء والأنس وتمضية وقت ممتع وطيب .. ولعل من الملفت للنظر أن يلحق
بمعظم الكنائس ناديا يضم الشباب والشابات يقدم العديد من البرامج الترفيهية المشوقة
والغناء والرقص وليس هناك من بأس في استخدام أجمل الفتيات والعارضات للغناء والرقص
والترويح عن الشباب إضافة إلى الألعاب السحرية والمسابقات وغير ذلك كثير وكل ذلك
لجذب الشباب الغربي الضائع الحائر لا إلى الدين المسيحي لأن الدين المسيحي قد انتهى
كدين سماوي وإنما إلى الكنيسة المنحرفة الضالة عن طريق المسيح عليه السلام .. ولا
أريد هنا أن أحشد القصص والحكايات عن رجال الدين النصراني وانحرافاتهم وإنما أكتفي
بهذه الإشارة للدلالة على مدى انحراف الكنيسة عن مسارها التربوي والأخلاقي والعقيدي
والفكري .. وأريد هنا أن أنوه على أن الكنائس الشرقية ربما لاتزال تحافظ على الحد
الأدنى من الأخلاقيات والروحانيات والعادات والتقاليد إلا أنها لاتختلف عن بقية
الكنائس الغربية في الانحراف الفكري والعقيدي .
الاستبداد والطغيان في الكنيسة :
لقد كان من الملفت للنظر بعد أن قام القياصرة الرومان بسلب النصرانية أهم أسسها
ومقوماتها وإعطائها زاوية صغيرة جداً من زوايا الحياة .. لقد كان من الملفت للنظر
بل من العجيب حقاً أن تتواطأ الكنسية عبر التاريخ مع الطغاة والجبابرة والقياصرة
والحكام .. وأن تتعاون معهم على ظلم الناس وسحقهم واستعبادهم .. فكان هذا التحالف
العجيب بين الكنيسة النصرانية وبين الزعامات الدينية المتوالية عبر التاريخ إقراراً
بسلطة الطغاة وعوناً لهم على الطغيان والاستبداد والاستعباد، وبذلك نجد أن الكنيسة
المتحالفة مع القياصرة قد مارست أبشع صنوف الوحشية والظلم والاستبداد ضد الشعوب
النصرانية أولاً وضد الديانات الأخرى ثانياً فكانت قوافل الموت تبطش بالعلماء
والمفكرين والإصلاحيين من أبناء جلدتهم وعقيدتهم .. ثم جاءت محاكم التفتيش التي
ارتكبت أبشع الجرائم في حق المسلمين العزل الذين قدموا لهم الحضارة والعلم والرقي
والتقدم ولا تزال الكنائس والمحافل الكنسية حتى يومنا هذا تخطط وتنفذ أبشع الجرائم
في حق الإنسانية وبصورة خاصة بحق الشعوب الإسلامية .. لقد مارست الكنيسة على مدار
التاريخ طغياناً في العديد من مجالات الحياة ومن هذه المجالات :
الطغيان الروحي:
حيث أعطت للكرادلة والبابوات والقساوسة ورجال الدين صفة إلهية مقدسة وأعطت لأوامرهم
وتعاليمهم صفة القداسة بحيث لا يمكن الاعتراض عليها أو مخالفتها .. فكانت في هذه
الناحية بالذات ظالمة جائرة استطاعت أن تدخل إلى دين النصرانية العديد من الأمور
التي ليست من هذا الدين في شيء .. وأجبرت الناس على معتقدات وثنية ما أنزل الله بها
من سلطان ولعل أهم المعتقدات موضوع عقيدة التثليث وألوهية عيسى عليه السلام وألوهية
جبريل وألوهية مريم عليهم السلام .. ولعل الطغيان الروحي يبتدئ منذ ولادة الإنسان
فقد فرضت الكنيسة على ذوي الطفل أن يتم تعميده في الكنيسة على يد الكهنة حيث لا يتم
التعميد إلا على يد رجل الدين على مستوي معين في الكنيسة باعتباره الوسيط بين الناس
وبين الله، ومن ثم تبدأ حياة المسيحي بتلك الوساطة الكهنوتية التي تدخله منذ ولادته
في حظيرة الدين المسيحي ثم بعد ذلك يجب أن ترتبط حياته الروحية كلها بالكنيسة
وبكهنة الكنيسة من زواج وطلاق وموعظة أيام الآحاد وتوجيه واعتراف بالخطايا وتقبل
التوبة إذ لا تقبل التوبة إلا بموافقة الكاهن وفي نهاية المطاف القداس الذي يقيمه
الكاهن على من يموت من النصارى .. أي أن الارتباط الروحي للفرد المسيحي بالكنسية
منذ ولادته وحتى موته ارتباطاً عضوياً فاعلاً لا يمكن التخلي عنه ولا الإنفلات من
ربقته .. أضف إلى ذلك موضوع تكريس الوساطة بين العبد وربه فالقسيس أو الكاهن أو رجل
الدين هو الوسيط المعتمد بين الفرد المسيحي وربه فلا يستطيع هذا الفرد مهما كانت
درجة إيمانه أو مهما ازدادت حركة وجدانه أن يتصل مباشرة بالله بعيداً عن سلطان
الكاهن .. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم لماذا تطلق صفة ( قداسة البابا ) بهذا
الشكل الملفت للنظر .. ذلك لأنه في نظرهم شخص مقدس وأنه هو المتحدث باسم الرب الإله
في الأرض وأن كلامه مقدس منزه عن الخطأ.. وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
.. هذا طبعاً في اعتقاد النصارى عبر تاريخهم الطويل .. لذلك نجد أن طغيان رجال
الدين المسيحي من الناحية الروحية كان من أبشع أنواع الطغيان في التاريخ وإني
لأتعجب هنا كيف يتم اختيار شخص بواسطة التصويت والانتخاب من قبل بشر معينين وأتعجب
أكثر كيف يتم الربط بينه وبين الله فيما بعد وكيف تتنزل هذه القدسية على هذا الشخص
فيما بعد ليصبح كلامه وحياً منزلاً من عند الله ..؟!
الطغيان العقلي والفكري:
انطلاقاً من السلطة الروحية التي حظي عليها رجال الدين المسيحي .. وانطلاقاً من
القداسة التي هي من أهم الطقوس والتعاليم الكنسية .. وانطلاقاً من اعتبار رجال
الدين المسيحي هم الصلة القدسية بين الناس في هذه الحياة وبين الله سبحانه وتعالى
فقد أخذت الكنسية على مدار التاريخ تفرض طغيانها العقلي والفكري ... حيث فرضت
الكثير من الأفكار والمعميات والخرافات على عقول الناس وأفكارهم واعتبرت أن أية
مناقشة أوشك في هذه التعاليم الكنسية هي هرطقة يستحق صاحبها الخروج من رضوان
البابوية والخروج من رضوان الله وكذلك اللعنة الأبدية من الرب والإله والقتل والحرق
في كثير من الأحيان .. والعجيب في الأمر أن كثيراً من هذه الادعاءات والأفكار التي
تطرحها الكنسية مناقض تماماً للعقل والفكر والعلم والمنطق وبالتالي فإنها تعتبر
تضليلاً وطغياناً للعقل والفكر البشري الذي خصنا الله سبحانه وتعالى به على سائر
مخلوقاته .. لقد قامت الكنيسة على مدار التاريخ بأبشع جريمة هي محاصرة العقل والفكر
البشري وسجنه ومنعه من السمو والانطلاق حيث أجبرت الناس على إغلاق عقولهم وعدم
التفكير فيما تصدر من أوامر وتعليمات وطقوس بل منعت حتى مجرد المناقشة لأية فكرة أو
أمر أو تعليمات تصدرها الكنيسة وذلك كله من خلال مقولة كاذبة دخيلة وهي قدسية رجال
الدين الذين لا ينطقون عن الهوى إنما ينطقون عن وحي من الله سبحانه وتعالى وبذلك
وضعت الكنيسة العقل البشري في قفص الاتهام أو في سجن من القيود والتعليمات التي ما
أنزل الله بها من سلطان والتي لا يمكن لأحد من أبناء النصارى أن يتعداها.
الطغيان المالي:
ننطلق في بحث هذه الفكرة من أن دين المسيح عليه السلام جاء أصلاً لتصحيح الانحراف
المادي والروحي الذي طرأ على عقيدة اليهود. فلما استحكمت المصالح المادية على عقول
اليهود وأصبحوا غارقين في مصالحهم الشخصية المادية الدنيوية جاءت ديانة عيسى عليه
السلام بتعاليم روحية سامية لتصحيح هذا الانحراف الكبير عند بني إسرائيل ... وعلى
الرغم من أن الأناجيل كلها محرفة باعتراف علماء ومفكري النصارى إلا أننا نجد العديد
من هذه التعاليم التي تنص على وجوب الترفع عن المادة وضرورة التواضع والتقشف
والرهبانية والابتعاد عن مباهج الحياة .. أذكر هنا بعض الأمثلة من كتبهم المقدسة
ومن ثم نقارن بين هذه النصوص وبين الواقع الفعلي الذي يعيشه رجال الدين المسيحي ..
( وأبلغهم أن من أراد الملكوت فخبز الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب كثير عليه )
.. ( إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ) (1) .. ( وأن
لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم ولا فروداً للطريق ولا ثوبين ولا
أحذية ولا عصا"(2).. ولكي لا يقال أننا نتهم الناس بما ليس فيهم فإني سأبدأ مناقشة
هذه الفكرة بقول الكاتب الغربي كيرسون في كتابه ( المشكلة الأخلاقية ) .. حيث يقول
: ( كانت الفضائل المسيحية كالفقر والتواضع والقناعة والصوم والورع والرحمة كل ذلك
كان خيراً للمؤمنين والقسيسين وللقديسين وللخطب والمواعظ أما أساقفة البلاط
والشخصيات الكهنوتية الكبيرة فقد كان لهم شيء آخر .. البذخ والأحاديث المتأنقة مع
النساء والشهرة في المجالس الخاصة والعجلات والخدم والأرباح الجسيمة والموارد
والمناصب ) ...
** إن بولس ولوقا ومرقص ويوحنا ليسوا من حواريي المسيح وإنما نقلوا رواياتهم عن
مجهول والمجهول لا يعتد بروايته ...
** يقول اللورد البريطاني ( هيدلي ) الذي اعتنق الإسلام : ( إن المسيحي مطالب بأن
يعيد التفكير بعقيدة التثليث إذا أراد الخلاص .. ولكنه إذا ناقش في هذا فهو مهدد
باللعنة الأبدية .. ولعل هذا هو السر في انتشار موجة الإلحاد بين المثقفين الغربيين
ممن حكموا عقولهم فوجدوا أن المعتقدات التي تلقوها في صغرهم تتعارض مع قوانين العقل
والمنطق والحس السليم والمادة والمصطلحات العلمية والفلسفية ) ...
** ويقول الكاتب الغربي ( وول ديورانت ) في كتابه القيم قصة الحضارة : ( أصبحت
الكنيسة أكبر ملاك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا .. فقد كان دير "فلدا"
مثلاً يمتلك خمس عشر ألف قصر صغير وكان دير "سانت جول" يملك ألفين من رقيق الأرض ..
وكان "الكوين فينور" أحد رجال الدين – سيد العشرين ألفاً من الأرقاء وكان الملك هو
الذي يعين رؤساء الأساقفة والأديرة وكانوا يقسمون يمين الولاء للملك كغيرهم من
الملاك الإقطاعيين ويلقبون بالدوق والكنت وغيرها من الألقاب الإقطاعية .. وهكذا
أصبحت الكنيسة جزءً من النظام الإقطاعي .. لقد كانت أملاكها المادية وحقوقها
والتزاماتها الإقطاعية مما يجلل بالعار كل مسيحي متمسك بدينه وسخرية تلوكها الألسنة
الخارجة عن الدين ومصدراً للجدل والعنف بين الأباطرة والبابوات ) ...
** يقول " وايكلف " أحد أهم الإصلاحيين الذين ثاروا على فساد الكنيسة نقلاً عن كتاب
تاريخ أوروبا للكاتب فيشر: ( إن الكنيسة تملك ثلث أراضي إنجلترا وتأخذ الضرائب من
الباقي ) ...
** يقول ويلز في كتابه " معالم تاريخ الإنسانية " : ( كانت الكنيسة تجني الضرائب
ولها ممتلكات فسيحة ولها دخل عظيم من الرسوم وقد فرضت ضريبة العشور على رعاياها وهي
لم تدعُ إلى هذا الأمر بوصفة عملاً من أعمال الإحسان والبر بل طالبت به كحق إلهي )
...
** فرض البابا يوحنا الثاني والعشرين ضريبة جديدة سميت : ( ضريبة السنة الأولى ) ..
وهي دخل السنة الأولى لأية وظيفة دينية أو إقطاعية تدفع بشكل إلزامي للكنيسة .. هذا
ولقد استطاعت الكنيسة بالتواطؤ مع – القياصرة والحكام والزعماء أن تمتلك إقطاعيات
هائلة وعقارات رهيبة وبعدها أصدرت ما يسمى بصكوك الغفران والتي جمعت من خلالها
ثروات طائلة مقابل بيع الشعوب المسكينة قطعة من الجنة وفق صكوك كاذبة مزيفة تستخف
بعقل الإنسان وتنهب ثروته وماله لصالح الكنيسة ولصالح رجال الدين .. لقد اتفقت
مصالح الدول الاستعمارية مع مصالح الكنيسة فكان هناك الدعم المادي السخي من تلك
الدول إلى الكنائس والأديرة وتخصيص مبالغ طائلة في عمليات التكفير على مستوى العالم
والتي يسمونها التبشير والتي قدمت للإستعمار خدمات جليلة لا تقدر بثمن، وهنا أقف
لأتساءل هل هذه الصفات التي يتصف بها رجال الدين المسيحي منذ قرون عديدة وحتى اليوم
تنسجم مع معتقداتهم الموجودة في كتبهم المقدسة .؟!.. يقول ربنا جل شأنه وهو أصدق
الصادقين [ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ
لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ .. والذين يكنزون الذهب والفضة ولا
ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب عظيم .. يوم يحمى عليها في نار حهنم فتكوى بها
جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ] {التوبة:34}
...
الطغيان السياسي:
لقد بدأ هذا الطغيان السياسي من التحالف الاستراتيجي بين الكنيسة والسلطة السياسية
الحاكمة في كل بلد يتواجدون فيه حيث تم إعطاء المبررات الضرورية لهذا التحالف من
المقولة المنسوبة كذبا وزورا إلى المسيح عليه السلام : ( أعط ما لقيصر لقيصر وما
لله لله ) .. فكانت سلطة الكنيسة على مر العصور والأزمات دعماً للحكام والملوك
والقياصرة والأباطرة وذلك مقابل الحصول على جزء من السلطة المادية والسياسية .. إن
سلطة الحكام في كل عهد من العهود تحتاج إلى دعم من رجال الدين المزيفين الذين
يدفعون الناس بشكل أو بآخر إلى الانصياع والطاعة العمياء لسلطة الحاكم .. لذلك فقد
كان هناك هذا التحالف الاستراتيجي بين الحكام ورجال الدين على مدار التاريخ ... حيث
تقوم الكنيسة بدعم الحاكم وتثبيت حكمه من خلال سلطتها الروحية مقابل أن يكون لها
جزء من السلطة تتحكم من خلاله في مصائر الناس وأموالهم لصالح الكنيسة أو لصالح رجال
الدين ...
إن هذا الطغيان السياسي للكنيسة لم يكن في يوم من الأيام من أجل تطبيق شرع الله على
الأرض ولم يكن من أجل إقامة العدل بين الناس وإنما كان تنفيذاً لمصالح سلطوية أو
مادية أو شخصية وبذلك فإن الكنيسة في طغيانها هذا تكون قد ارتكبت جريمتين في آنٍ
واحد في حق الشعوب .. الجريمة الأولى التخلي عن واجبها في تطبيق شريعة الله في
الأرض والثانية أنها حاربت وقاتلت وأراقت الدماء في سبيل إخضاع الناس لسلطانها
وسلطان الحكام الطغاة .. ولقد اعتمد رجال الدين المسيحي في طغيانهم السياسي على
عنصر القدسية الخاصة لرجال الدين .. وفي هذا المجال ينقل الكاتب الغربي وول ديورانت
في كتابه القيم " قصة الحضارة " بياناً للبابا نيقولا الأول يقول فيه : ( إن ابن
الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها وأن أساقفة روما ورثوا سلطات
بطرس في تسلسل مستمر متصل .. ولذلك فإن البابا ممثل الله على ظهر الأرض يجب أن تكون
له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين حكاماً كانوا أو محكومين )
.. وبناء على هذا التصور الكنسي فقد مارست الكنيسة في القرون الوسطى طغياناً سياسياً
هائلاً على الحكام والمحكومين أدى في كثير من الأحيان إلى صراعات شديدة حتى استطاعت
الحركات الإصلاحية والثورات الدموية أن تحد من سلطة الكنيسة وإخراجها من عالم
السياسة والحكم بشكل كلي أو جزئي مع بقاء سلطة سياسية معنوية على الحكام والمحكومين
حتى يومنا هذا .. ولقد حصل الصراع على السلطة بين البابا ( هيلد براند ) وبين
الإمبراطور ( هنري الرابع ) إمبراطور إلمانيا حيث حاول الإمبراطور خلع البابا من
منصبه الكنسي فرد البابا بخلع الإمبراطور وتأليب الزعماء والأمراء وأصحاب الشأن في
الدولة الألمانية مما اضطر الإمبراطور إلى الاعتذار وأخذ الصفح من البابا حتى لا
يفقد عرشه .. وفي إنجلترا فقد أصدر ملك إنجلترا دستوراً يلغي فيه كثيراً من
امتيازات رجال الدين الذين كانوا يملكون الكثير ولا يدفعون شيئاً من الضرائب مما
أثار غضب الكنيسة ولكن سرعان ما أعلن ندمه وتوبته وسار بنفسه إلى مقر رئيس الأساقفة
ومشى على الأرض الصلبة حافي القدمين ثلاثة أميال حتى نزف الدم منها وطلب من الرهبان
وقد استلقى على الأرض أن يضربوه بالسياط حتى يرضى عنه الغاضبون .. هكذا كان طغيان
الكنيسة السياسي على الحكام والمحكومين .. ولكن نتيجة لهذا الظلم والطغيان فقد قامت
الثورات في بلاد الغرب لتحد من سلطات الكنيسة وطغيانها في عملية بدأت تحت مفهوم
إصلاحي ولكنها وصلت إلى العلمانية والوجودية والابتعاد عن الدين والصراع بين
الإصلاحيين والكنيسة فبذلك تكون أوروبا قد استبدلت طغيان الكنيسة بطغيان أدهى وأمر
فألقت الدين من حياتها وقضت على كل القيم الروحية والأخلاقية لتصل بشعوبها إلى فساد
وضياع وشقاء قاتل مرير.. وإلى تسلط الحكام الديكتاتوريين في كثير من الأحيان ...
الطغيان العلمي:
يعتبر الطغيان العلمي للكنيسة من أهم وأخطر أنواع الطغيان ذلك لأن الكنيسة وقفت
موقفاً عدائياً صارمًا أمام الحقائق العلمية والمكتشفات العلمية واصطدمت مع العقل
والفكر والعلم بشكل سافر وبشكل عنيف وذلك كله لتفرض على عقول الناس خرافات وأساطير
أضفت عليها صفة القدسية .. إن العالم الذي يفني حياته للوصول إلى اكتشاف علمي حقيقي
ثابت ثم تأتي الكنيسة لتسفه علمه واكتشافاته بتعليمات خرافية أو مشوهة أو غير ثابتة
.. ثم تأتي الكنيسة بعد ذلك لتحكم على هذا وذاك من خلال خرافاتها وأساطيرها بما
يسمى بالهرطقة والتي تصل عقوبتها إلى الموت أو الحرق في كثير من الأحيان .. إن هذا
التصرف اللامنطقي أدى إلى تصادم كبير بين الكنيسة والعلماء أولاً .. وبين الكنيسة
والمفكرين ثانياً وبين الكنيسة وبين الشعوب قاطبة ثالثًا ذلك لأن الحق أحق أن يتبع
وأن الخرافات والأساطير والأوهام لا بد وأن تزول أمام الحقائق العلمية الثابتة ..
ابتدأت قصة الصدام بين العلماء والكنيسة عندما قام بعض العلماء بإقرار حقيقة كروية
الأرض التي وضعها العلماء المسلمون وإقرار أن الأرض ليست مركز الكون فقامت قيامة
الكنيسة على هؤلاء العلماء ذلك لأن التوراة المحرفة تقول إن الأرض مستوية وأنها هي
مركز الكون وإن الإنسان على هذه الأرض هو مركز الوجود كله .. وكان على رأس هؤلاء
العلماء العالم الفلكي البولندي كوبر نيكوس والفيلسوف الإيطالي جردانوبرونو والعالم
الفلكي الإيطالي الشهير جاليلو .. وذلك فيما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر
الميلادي وغيرهم كثير من العلماء والباحثين والمفكرين الذين لاقوا على يد الكنيسة
أشد أنواع التعذيب والتنكيل والتي وصلت إلى حد إحراقهم بالنار تحت مسمى الهرطقة
ومعارضة التعاليم المقدسة للكنيسة .. لقد قامت الكنيسة بمثل هذه الأعمال الوحشية
حفاظًا على كيانها الذي يقوم على الخرافة والجهل والأباطيل والترهات والأوهام
ويستند على الكتب المحرفة المبدلة التي لم يبق من أصولها الإلهية الحقة إلا النذر
اليسير .. أنها خشيت من صوت الحق على كيانها أن يتصدع وعلى هيبتها أن تنهار وعلى
سلطتها أن تتحطم أمام الحقائق العلمية الثابتة .. إضافة إلى أن هذه العلوم
والمكتشفات إنما جاءت إليهم من الحضارة الإسلامية في بلاد الأندلس وهم في عنصريتهم
يكرهون كل ما يمت إلى الحضارة الإسلامية بصلة .. وذلك لأن مثل هذه العلوم
والمكتشفات العلمية القادمة من الحضارة الإسلامية لتبشر بانتشار الإسلام على حساب
النصرانية وهذا ما لا يمكن قبوله من الكنيسة بحال من الأحوال.
فساد رجال الدين:
أستهل هذه الفكرة بقول شاهد من العلماء والمفكرين المسيحيين حيث يقول وول ديورانت
في كتابه القيم قصة الحضارة : ( لقد كان يسع الكنيسة أن تحتفظ بحقوقها القدسية
المستمدة من الكتب المقدسة العبرية والتقاليد المسيحية لو أن رجالها تمسكوا بأهداب
الفضيلة والورع .. ولكن كثرتهم الغالبة ارتضت ما في أخلاق زمانها من شر وخير وكانوا
هم أنفسهم مرآة ينعكس عليها ما في سيرة غير رجال الدين من أضداد .. وكان بين
الأساقفة ورؤساء الأديرة بعض من يحيون حياة منعمة .. وكان بين هذا التقى والورع
كثير من التراخي في الأخلاق بين رجال الدين نستطيع أن نثبته بما نقدمه من مئات
الأمثلة .. فهذا هو بترارك الذي بقي مخلصاً لدين المسيح إلى آخر حياته ... يندد
أكثر من مرة بأخلاق رجال الدين المقيمين في أفنيون .. وأن الحياة الخليعة التي كان
يحياها رجال الدين الإيطاليون موضوع يتكرر وصفه بالأدب الإيطالي .. فبوكاشيو يتحدث
عما في حياة رجال الدين من دعارة وقذارة ومن انغماس في الملذات طبيعية كانت أو غير
طبيعية ووصف ماستشيو الرهبان والأخوان بأنهم خدم الشيطان المنغمسون بالفسق واللواط
وها هو ذا أريثينو الذي لم يتورع عن أية قذارة يسخر من الفاسقين بقوله أن أخطاءهم
لا تقل عن خطايا رجال الدين .. أما بجيو فإنه يفرغ ما عرفه من ألفاظ السباب في
التشنيع على فساد أخلاق الرهبان والقسيسين ونفاقهم وشرهم وجهلهم وغطرستهم .. ويبدو
أن الراهبات ملائكة الرحمة كان لهن نصيب من هذا المرح وأنهن كن مرحات رشيقات في
البندقية بنوع خاص حيث كانت أديرة الرجال والنساء متقاربة قرباً يسمح لمن فيها
بالاشتراك من حين إلى حين في فراش واحد .. وتحتوي سجلات أحد الأديرة على عشرين
مجلداً من المحاكمات بسبب الاتصال الجنسي بين الرهبان والراهبات ويتحدث أرتينو عن
راهبات البندقية حديثاً لا تطاوع الإنسان نفسه أن ينطق به .. أما جوشيارديني الرجل
الرزين المعتدل فإنه يخرج عن طوره ويفقد اتزانه حين يصف روما فيقول : أما بلاط روما
فإن المرء لا يستطيع أن يصفه بما يستحق من القسوة فهو العار الذي لا ينمحي أبد
الدهر وهي مضرب المثل في كل ما هو خسيس مخجل في العالم ) انتهى قول ديورانت ...
وتقول القديسة كاترين السينائية : ( إنك إينما وليت وجهك سواء نحو القساوسة أو
الأساقفة أو غيرهم من رجال الدين أو الطوائف الدينية المختلفة .. أوالأحبار من
الطبقات الدنيا أو العليا فلم تر إلا شراً ورزيلة تزكم أنفك رائحة الخطايا الآدمية
البشعة .. إنهم كلهم ضيقوا العقل شرهون بخلاء تخلوا عن رعاية الأرواح .. واتخذوا
بطونهم إلهاً لهم يأكلون ويشربون في الولائم الصاخبة حيث يتمرغون في الأقذار ويقضون
حياتهم في الفسق والفجور ) .. ويذكر المؤرخون الغربيون : ( أن كرسي البابوية ظل
سنوات عديدة لا ينال إلا بالرشوة أو القتل أو رغبات النساء ذوات المقام السامي
والخلق الدنيء .. وبقيت أسرة بثوفيلاكت هي التي ترفع البابوات إلى كرسيهم وتنزلهم
عنها .. واستطاعت ابنة مريوزا أن تنجح في اختيار عشيقها سيرجيوس الثالث لكرسي
البابوية .. واستطاعت زوجة ثيودورا أن تنصب البابا يوحنا العاشر الذي كان عشيقاً
لها .. أما يوحنا الثاني عشر فقد حوكم أمام مجلس كنسي بتهمة الرشاوى وأنه عين غلاماً
في العاشرة من عمرة أسقفاً وأنه زنى بخليلة أبيه وضاجع أرملته وابنة أخيها وأنه حول
قصر البابوية إلى ماخور للدعارة ) .. راجع بالتفصيل ( قصة الحضارة ) للمؤرخ العالمي
الشهير وول ديورانت ..
ولو أردنا أن نجمع الفضائح التي يرتكبها رجال الدين المسيحي لحصلنا على مجلدات
عديدة وذلك من أقوال مؤرخيهم ومفكريهم وذلك للدلالة على فسادهم وإغراقهم بالفساد
ولا أدل على ذلك من قصص شاعر الحب والعشق والغرام كازانوفا الذي كان راهبا يلقي
المواعظ على الناس في نفس الوقت الذي كان يتجسس على الفتيات ويمارس معهن الحب
والفسق والفجور في غفلة عن أعين الناس كما ذكر هو في كتابه " غراميات كازانوفا " ..
ورغم كل هذا الفساد فإنني أريد أن أقرر أن التعميم في كثير من الأحيان يجر إلى
الأخطاء الجسيمة لذلك فإنني على يقين من أن هناك نسبة كبيرة من رجال الدين المسيحي
تتصف بالخلق القويم والصفات السامية الحميدة خاصة في مناطق الشرق العربي ولكن مما
لا شك فيه أيضا أن أن عنصر الفساد قد استفحل أيضا في سلك رجال الدين المسيحي مما
سمح للعديد من كتاب النصارى بمثل هذا الهجوم الكاسح عليهم ..
موضوع صكوك الغفران:
يعتبر موضوع صكوك الغفران الذي انتشر ابتداءً من القرن الثالث عشر وحتى القرن
الثامن عشر أحد الدلائل الرئيسية على فساد الكنيسة وفساد رجال الدين أشد الفساد حيث
أصبحت الكنيسة تتاجر بإقطاعيات كبيرة في الجنة تبيع وتشتري ما لا تملك إلى الناس
البسطاء السذج بشكل عام وإلى الناس المستغلين المستفيدين بشكل خاص .. وذلك كله تحت
سلطة القداسة التي يمتلكها البابا أو رجال الدين الإكليريكيين أو القسس والرهبان كل
بحسب درجته ومرتبته في سلم رجال الدين .. ولعل أول إقرار لهذا المبدأ أن الكنيسة
تمتلك حقا إلهيًا بمغفرة الذنوب والآثام وإدخال الناس الجنة وإنقاذهم من النار يوم
القيامة .. يقول هذا البيان : ( إن يسوع المسيح لما كان قد قلد الكنيسة سلطان منح
المغفرة للناس .. فقد استعملت الكنيسة هذا السلطان الذي نالته من العلا منذ الأيام
الأولى فقد أعلن المجمع المقدس وأمر بأن تحفظ للكنيسة في الكنيسة هذه العملية
الخلاصية للشعب المسيحي والمثبتة بسلطان المجامع .. ثم الضرب بسيف الحرمان كل من
ينكر على الكنيسة سلطان منحها .. غير أنه قد رغب في أن يستعمل هذا السلطان باعتدال
واحتراز حسب العادة المحفوظة قديماً والمثبتة في الكنيسة لئلا يمس التهذيب الكنسي
تراخ بفرط التساهل )(1).. هذا ولقد صدرت صيغ متعددة لمثل هذه الصكوك والتي يمكن
إثبات صيغة لأشهر النسخ المطبوعة التي كانت متداولة وبشكل كبير في القرن الخامس عشر
وما بعده والتي نقلناها عن كتاب ( المسيحية ) للأستاذ أحمد شلبي .. يقول الصك : (
ربنا يسوع يرحمك يا .... ويشملك باستحقاقات الأمة الكلية القدسية وأنا بالسلطان
الرسولي المعطى لي أحلك من جميع القصاصات والأحكام والطائلات الكنسية التي
استوجبتها وأيضاً جميع الإفراط والخطايا والذنوب التي ارتكبتها مهما كانت عظيمة
وفظيعة .. ومن كل علة وإن كانت محفوظة لأبينا الأقدس البابا والكرسي الرسولي وأمحو
جميع أقذار الذنوب وكل علامات الملامة التي ربما جلبتها على نفسك في هذه الفرصة
وأرفع القصاصات التي كنت تلتزم بمكابدتها في المظهر وأردك حديثاً إلى الشركة في
أسرار الكنيسة وأقرنك مع شركة القديسين .. أردك ثانية إلى الطهارة والبر الذين كانا
لك عند معموديتك .. حتى أنه في ساعة الموت يغلق أمامك الباب الذي يدخل منه الخطاة
إلى محل العذاب والعقاب ويفتح الباب الذي يؤدي إلى فردوس الفرح وإن لم تمت سنين
مستطيلة فهذه النعمة تبقى غير متغيرة حتى تأتي ساعتك الأخيرة باسم الأب والابن
والروح القدس ) .. إن هذا الصك يعني إعفاء المجرمين من جرائمهم والنصابين من نصبهم
والسارقين من سرقاتهم والمفسدين من إفسادهم والزناة المغتصبين من جرائمهم .. وهذا
يعني أيضا أنه من يدفع قيمة هذا الصك يستطيع أن يقوم بأية جريمة أو ذنب أو كارثة أو
قتل أو إرهاب لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. هكذا وبهذا السخف المقيت
أصبحت الكنيسة تشجع الجريمة والفساد والإرهاب والقتل والزنا والاغتصاب دونما رادع
يردع أو قانون يمنع وبذلك انتشر الفساد في تلك المجتمعات كالنار في الهشيم حتى دخل
هذا الفساد ا لأديرة والمعابد والكنائس لأن أي ذنب أصبح مغفوراً بمثل هذه الصكوك
الظالمة الجائرة .. إن مبدأ صكوك الغفران هو مبدأ وثني انتشر في العقائد الوثنية
منذ القدم حيث كان للكاهن سلطة إلهية مقدسة يستطيع من خلالها أن يعفو ويصفح ويغفر
الذنوب والآثام ولكن هذه العقائد الوثنية لم تصل إلى حد غفران الذنوب المستقبلية
التي لم تقع بعد والتي تغري المجرمين والفاسدين والإرهابيين والإباحيين بالجرائم
والفساد ما دامت الكنيسة قد غفرت لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر .. ولعل هذا
المستنقع الآسن هو الذي خرج الطغاة والمجرمين والنازيين والفاشيين الذين طغوا
وتجبروا وقتلوا وشردوا الملايين من الناس عبر التاريخ حيث قامت هذه القوافل
الإجرامية التي تدعي التدين ولا تزال بأبشع الجرائم الإنسانية بدء من محاكم التفتيش
ومحارق هتلر ومجازر موسوليني وميلوزوفيتش وكراديتش وحرب فيتنام وفلسطين والشيشان
وكوسوفا والبوسنة والهرسك وإيراندا الشمالية وإقليم الباسك ولا ننسى جريمة العصر
الحديث في فلسطين وجرائم بريطانيا وأمريكا في أفغانستان والعراق وجرائم روسيا في
الشيشان وجرائم الصرب في كوسوفا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود وكل هؤلاء المجرمين
يدعون التدين وكلهم يمتلكون صكوكا للغفران غفرت لهم ماتقدم من ذنبهم وما تأخر
وأدخلتهم الجنة بلا حساب ..
الاعتـراف:
مهزلة أخرى من مهازل الكنيسة النصرانية والتي لم تزل سارية المفعول حتى عهدنا هذا
ألا وهي مهزلة الاعتراف وكرسي الاعتراف .. فلقد كنت أسمع عن هذه القضية المهزلة منذ
زمن بعيد وكنت ابتسم وأضحك ولا أصدق مثل هذه الخرافات حتى ساقتني قدماي في يوم من
الأيام لزيادة إحدى الكنائس العريقة القديمة في مدينة ( كراكو ) البولندية العريقة
... حيث أعجبت كثيراً بالفن المعماري الراقي لهذه الكنيسة القديمة ولكني في النهاية
وصلت إلى كرسي الاعتراف والغرفة المغلقة التي يجلس فيها القسيس ويستمع إلى المعترف
رجلاً أو امرأة من خلال كوة صغيرة وشهدت بنفسي كيف يجلس المعترف على كرسي ويحني
رأسه إلى تلك الكوة الصغيرة ويتمتم بكلمات لم أسمعها ولو سمعتها لما فهمتها لأنه
كان يتكلم بالبولونية ولكني استطعت أن أقدر أن هذا الشخص جاء ليعترف بذنبه أمام
القسيس لكي يحصل من هذا القسيس على المغفرة والرضوان .. وفي هذا المجال سمعت قصصًا
كثيرة ومخزية عن هذا الموضوع الذي يستهين بعقل الإنسان ويحط من قدره ويشجع من ناحية
أخرى على ارتكاب الآثام والأخطاء والجرائم إذ بمجرد الاعتراف أمام الكنيسة بهذا
الذنب يحصل مثل هذا المجرم على المغفرة والرضوان .. ولقد ذكر لي أحد الأصدقاء من
الطائفة المسيحية الأرمنية الأرثوذكسية وكان قد درس الهندسة في إيطاليا قصصا مضحكة
عن العاهرات والشاذين والشاذات والفاسقين والفاسقات والمجرمين والمجرمات الذين
يقضون نهارهم بالفحش والإجرام وليلهم بالعهر والفجور كيف يتنبه ضميرهم في لحظة
معينة فيذهبون إلى الكنيسة ليعترفوا فتغفر ذنوبهم ثم يعودوا إلى سابق عهدهم في
اليوم التالي .. ولا أريد أن أذكر مثل هذه القصص لأنها كثيرة جدا ومعروفة ومحلها
ليس في هذا الكتاب .. وذكر لي أحد الأصدقاء الفيليبينيين المسيحيين أيضا أنه يكره
الكنيسة ورجالها كرها عظيما ويصفهم بأشنع الصفات .. وذكر لي أن أمه عندما ذهبت إلى
الكنيسة للإعتراف راودها القسيس عن نفسها واعتدى عليها مما تسبب لديه هذه الكراهية
للكنيسة ولرجال الدين بشكل عام ...
من أقوالهم العنصرية الحاقدة :
** يقول غلاديستون : ( مادام هذا القرآن موجودا بين أيدي المسلمين فلن تستطيع أوربا
السيطرة على الشرق .. ويقول الشيوعيون : من المستحيل تثبيت الشيوعية قبل سحق
الإسلام نهائيا ) .. تشابهت قلوبهم وماتخفي صدورهم أكبر ...
** يقول أشعيا بومان : ( لم يتفق قط أن شعبا مسيحيا دخل الإسلام ثم عاد نصرانيا )
.. ويقول أيضا : ( إن الإسلام منذ ظهر في مكة لم يضعف عدديا بل إن أتباعه يزدادون
باستمرار وإن من أهم اسباب خوفنا من الإسلام أن من أركانه الأساسية الجهاد )
** يقول هلنوتو وزير الخارجية الفرنسي الأسبق : ( لا يوجد مكان على الأرض إلا
واجتاز الإسلام حدوده وانتشر فيه فهو الدين الوحيد الذي يميل الناس إلى اعتناقه
يشدة تفوق كل الأديان الأخرى ) ...
** وقال ملك فرنسا " لويس التاسع " : ( إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال
الحرب لأن الحرب تزيدهم قوة وتماسكا وإنما يكون ذلك باتباع السياسة التالية :
* إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين .
* عدم تمكين البلاد الإسلامية من أن يقوم فيها حكم صالح .
* إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والنساء .
* الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة .
* العمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد حتى تصل إلى الغرب .
** يقول مرماديوك باكتول : ( إن المسلمين يمكنهم الآن أن ينشروا حضارتهم في العالم
بنفس السرعة التي نشروها سابقا بشرط أن بعودوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها في
عهودهم الأولى )
** يقول القسيس سيمون : ( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية وتساعد
على التملص من السيطرة الغربية ) ...
** يقول موروبيرغر : ( لقد ثبت تاريخيا أن قوة العرب تعني قوة الإسلام .. فيجب
تدمير العرب فبتدميرهم يتم تدمير الإسلام ) .
** يقول المستشرق البريطاني مونتيغومري : ( إذا وجد القائد المناسب الذي يتكلم
الكلام المناسب فإن من الممكن للدين الإسلامي أن يظهر من جديد كإحدى القوى السياسية
العظمى في العالم مرة أخرى ) ...
تناقضات وخرافات الكتب المقدسة :
لعل من الملاحظ أن هناك اختلافات كبيرة وجوهرية في مضمون الكتب المقدسة عند اليهود
والنصارى فتعدد نسخ الإنجيل والاختلافات الكبيرة فيما بينها ووجود بعض الأناجيل
القديمة التي لم تعترف بها الكنائس مثل إنجيل برنابا والذي لا ينص على عقيدة
التثليث رغم أن برنابا كان من حواريي المسيح عليه السلام .. وكذلك فإنه من اللافت
للنظر أن رئيس الحواريين القديس بطرس لم يعرف أنه اختص بإنجيل خاص بينما نجد أن
جميع الأناجيل المعتمدة هي لأشخاص ليسوا من حواريي المسيح بل حتى لم يعاصروا المسيح
أو يجتمعوا معه .. ويعتبر المدعي اليهودي الأصل ( بولس ) هو نقطة التحول في الديانة
النصرانية من عقيدة التوحيد الإلهية التي تزلت على المسيح عليه السلام إلى عقيدة
التثليث الشركية ثم بعد ذلك إلى عقيدة مليئة بالطقوس والوثنيات التي ما أنزل الله
بها من سلطان .. وفي هذا المجال يقرر رجال الدين المسيحي والأساقفة أن الأناجيل
الأربعة المتداولة حاليا قد تم اختيارها من بين حوالي مئة إنجيل كانت منتشرة بين
النصارى في القرن الرابع الميلادي .. ونحن نتساءل هنا :
** هل نزل على المسيح مئة إنجيل أم أن الله أنزل عليه إنجيلا واحدا ؟..
** هل بقية الأناجيل المرفوضة هي أناجيل باطلة ومحض افتراء وكذب ؟...
** على أي أساس تم اختيار أربعة منها فقط ؟..
** من الذي اختار هذه الأناجيل الأربعة وما هي صلاحياته ؟..
** أليس من المحتمل أن يكون الإنجيل الحقيقي الذي نزل على عيسى هو أحد الأناجيل
المرفوضة ؟...
** ظهر إنجيل في الأوساط النصرانية اسمه ( إنجيل برنابا ) .. وبرنابا هذا هو أحد
حواريي المسيح عليه السلام وهذا الإنجيل يقر بعقيدة التوحيد كما يقر بنبوة عيسى
وبشريته .. ويقر أيضا بالعديد من الحقائق الواردة في القرآن الكريم ولكن الكنيسة
حاربته ومنعته من التداول بين الناس .. أليس من المحتمل أن يكون إنجيل برنابا أقرب
الأناجيل إلى الحقيقة ؟..
** إن التناقض العجيب بين الأناجيل المتداولة حاليا ليعطي دليلا قاطعا على التحريف
والتبديل وذلك لأن أصل الإنجيل واحد وهذا يوجب أن تكون الأناجيل كلها متطابقة تماما
..
** كل الأناجيل منقطعة السند إذ لا يوجد سند متصل بين هذه الأناجيل والمسيح عليه
السلام وانقطاع السند يضع علامات استفهام وشك كبيرة في صحة هذه الأناجيل ...
** افتقار كل الأناجيل إلى التواتر في الرواية إذ أن كتابا ربانيا منزلا من عند
الله يجب أن يجتمع على حفظه وروايته الألوف بل مئات الألوف من ذوي الضبط والحفظ وأن
تكون كل هذه الروايات متطابقة حتى يمكن الاعتداد بهذه الرواية
** كثيرا ما نجد ركاكة في العبارات وركاكة وبساطة في المعاني لا تتناسب مع كتاب
منزل من عند الله مما يستحيل معه أن تكون مثل هذه العبارات من عند الله جل وعلا ...
** هناك العديد من العبارات الغامضة والعبارات المتناقضة أو المناقضة للعقل والمنطق
السليم ...
** هناك العديد من النبوءات والخرافات الواردة في الأناجيل وهي غير صحيحة ...
** هناك العديد من الأفكار والمعتقدات واردة في بعض الأناجيل وغير واردة في
الأناجيل الأخرى .. فهل كان المسيح يعطي معلومات ناقصة لبعض حوارييه ...
** إن الفترة الزمنية بين المسيح عليه السلام وكتابة الأناجيل هي فترة طويلة تعتبر
فترة انقطاع طويلة لا يمكن معها أن تستقيم عملية النقل بصورة دقيقة إضافة إلى
انقطاع السند وعدم وجود تواتر في هذا السند ...
** إن بولس ولوقا ومرقس ليسوا من حواريي عيسى عليه السلام وإنما نقلوا عن مجهول
والمجهول لا يعتد بروايته خاصة وأن الفترة بين نبوة المسيح وبين عملية النقل
والتدوين فترة طويلة جدا مع وجود انقطاع كامل في الروايات والأسانيد ...
** من النبوءات الواردة في الأناجيل أنه ستحدث حوادث وكوارث قبل أن ينقضي الجيل
الذي عاصر المسيح عليه السلام ولكن بعد أكثر من ألفي عام لم يحدث سيئا من هذا
القبيل : ( إن الأرض ستظلم .. وإن القمر لا يعطي ضوءه .. وإن نجوم السماء تسقط ..
وإن قوات السماء تتزعزع .. وتظهر علامات بن الإنسان .. وتنوح قبائل الأرض ..
ويبصرون بن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة وبمجد كبير ) ...
** يقول الدكتور محمد أبو زهرة رحمه الله في كتابه القيم محاضرات في النصرانية : (
إن دعوى أن الأناجيل موحى بها من عند الله أو أن أصحابها ملهمين دعوى باطلة من
أساسها ليس لعدم إقامة الدليل بل لأن البينات كلها قائمة ضد هذه الدعوى ولأن ماكان
وحيا أو إلهاما لا يختلف ولا يتناقض ولا يهدم بعضه بعضا ) ...
** تم العثور على النسخة الأصلية لإنجيل متى في الهند وأرسلت إلى الاسكندرية ثم
اختفت بعد ذلك هذه النسخة الأصلية وظهرت بعد ذلك مترجمة دون أن يعرف من هو المترجم
ولم يعد يعرف بعدها مصير النسخة الأصلية .. ونلاحظ أيضا وجود اختلاف وتناقض بين
طبعة لندن وطبعة بيروت ...
** إن انجيل يوحنا لا يعرف من هو يوحنا بالضبط ويقال أن هناك ثلاثة أشخاص يحملون
اسم يوحنا ولا يعرف من هو يوحنا الذي كتب إنجيل يوحنا خاصة وأن هذا الإنجيل لم يدون
إلا بعد سبعين عاما .. ويوحنا كاتب هذا الإنجيل هو أول من وضع أسس تأليه المسيح
عليه السلام ...
** إن قصة الصلب وما حدث بعدها كلها قصص مختلقة مكذوبة إذ كيف يتحدث المسيح عن قصة
صلبه بعد موته حسب زعمهم ....
** في إنجيل يوحنا يوجد أربعة إصحاحات تتحدث عن ألوهية المسيح وهذه الإصحاحات غير
موجودة في الأناجيل الأخرى ذلك لأن كل مايشير إلى نبوة المسيح وبشرية المسيح
والموجودة في الأناجيل الأخرى قد تم حذفها وبشكل كامل من إنجيل يوحنا ..
** ورد ذكر الإنجيل على لسان عيسى في كل الأناجيل المعروفة فأي من هذه الأناجيل
يقصده المسيح عليه السلام ...
أما التوراة التي نزلت على نبي الله موسى عليه السلام والتي هي الكتاب التشريعي
المعتمد عند النصارى حيث يسمون التوراة ( العهد القديم ) ويسمون الإنجيل ( العهد
الجديد ) .. هذه التوراة التي يعتقد بها النصارى أيضا فيها اختلافات كثيرة في
مضمونها لايهمنا في هذا الكتاب أن نبحث كل هذه الاختلافات ولكن يمكننا أن نشير إلى
بعضها .. ولعل من أهم هذه الاختلافات موضوع ( الأسفار القانونية الثانية ) ففي هذه
الأسفار نجد اختلافا كبيرا بين طوائف النصارى المختلفة فقد قامت الطوائف النصرانية
البروتستانت بحذف جميع هذه الأسفار عند طباعة الكتاب المقدس ( العهد القديم ) وبشكل
كامل بينما تقرها الطوائف النصرانية الكاثوليكية والأرثوذكسية .. ويعتبر
البروتستانت أن هذه الأسفار ضعيفة ومدسوسة ولا ترقى إلى مستوى الوحي الإلهي كما
يعتبرها بعضهم خرافات ومواضيع لا أهمية لها وبعيدة عن الصحة والمنطق السليم .. هذا
ولقد قامت حروب طاحنة ولاتزال بين البروتستانت والكنيسة البابوية الكاثوليكية
برئاسة البابا بولس العاشر قتل فيها عشرات الآلاف وأحرقت ودمرت عشرات المدن ومئات
الكنائس والأديرة .. يقول مارتن لوثر مؤسس الطائفة البروتستانتية : ( إنني أقول
وبدون افتخار أنه منذ ألف سنة لم ينظف الكتاب المقدس أحسن تنظيف ولم يفسر أحسن
تفسير ولم يدرك أحسن إدراك أفضل مما نظفته وفسرته وأدركته ) .. هذا ولقد قام مؤسس
الطائفة البروتستانتية وأتباعه فيما بعد بحذف بعض أسفار الإنجيل مثل سقر الأعمال
ورسالة يعقوب وقيل أنهم حذفوا سفر الرؤيا ولكنهم اضطروا إلى إعادته نظرا للمعارضة
الشديدة .. عجيب أمر النصارى يحذفون ويرجعون وضيفون إلى كتبهم المقدسة وفق مصالحهم
وأهوائهم حتى لم يعد لهذه الكتب المقدسة أية قداسة .. ولوأننا تفحصنا الكتب المقدسة
تفحصا دقيقا لوجدنا عددا كبيرا جدا من التناقضات والخرافات و كثير من العبارات
البعيدة كل البعد عن العقل والمنطق ولا أريد هنا أن أتقصى كل ماورد في الكتب
المقدسة من تناقضات وعبارات لا تليق بكتاب مقدس يتعبد به اليهود والنصارى ولكني
أسوق هنا بعض الأمثلة البسيطة لإعطاء فكرة للقارئ الكريم :
** إنجيل متى : ( يكنيا ولد شألتيئل ) .. أخبار الأيام : ( يكنيا ولد آسير ) ..
** إنجيل متى : ( المسيح يقول عن يحيى أنه إيليا ) .. إنجيل يوحنا : يحيى ينكر أنه
إيليل .
** إنجيل يوحنا : يوحنا لايأكل ولا يشرب .. إنجيل مرقس : يوحنا يأكل جرادا وعسلا .
** إنجيل مرقس : قال قائد المئة إن المسيح ابن الله .. إنجيل لوقا : إن المسيح كان
إنسانا بارا ..
** إنجيل لوقا : صعد المسيح إلى السماء مساء عيد الفصح .. إنجيل مرقس : صعد المسيح
إلى السماء مساء عيد الفصح .. أعمال الرسل : صعد المسيح إلى السماء بعد أربعين يوما
من قيامه ..
** انجيل يوحنا : الله لم يره أحد .. سفر الخروج : تكلم الله مع موسى وجها لوجه ..*
** في سفر التكوين ( خلق الله النور والليل والنهار في اليوم الأول ) .. في سفر
التكوين ( خلق النور في اليوم الرابع )
** في سفر التكوين ( القمر يضيء ) .. في سفر أيوب ( القمر لايضيء ) ..
** في سفر التكوين ( رأى الله أن السموات حسنة ) .. في سفر أيوب : ( السموات غير
طاهرة بعيني الله ) .. في سفر أيوب ( الكواكب غير نقية بعيني الله ) ..
** سفر التكوين : ( تعب الرب فاستراح في اليوم السابع ) .. في سفر أشعيا : ( الرب
لا يكل ولا يعيا ) ..
** سفر التكوين ( نادى الرب آدم وقال له أين أنت ) .. سفر الأمثال ( في كل مكان
عينا الرب مراقبتان ) ..
** في سفر التكوين ( سار أخنوخ مع الله في السماء ولم يوجد لأن الله أخذه ) .. سفر
الملوك ( إيليا يصعد إلى السماء ) .. إنجيل يوحنا : لم يصعد أحد إلى السماء إلا ابن
الإنسان ) يعني المسيح عليه السلام ...
** سفر التكوين الإصحاح 6 ( يكون عمر الإنسان 120 سنة ) .. سفر التكوين الإصحاح 9 (
عاش نوح 950 عاما ) .. وفي سفر التكوين الإصحاح 11 ( أعمارهم بمئات السنين ) ...
** سفر التكوين ( استقرت الفلك في الشهر السابع على جبال أراراط ) .. في سفر
التكوين 8 ( ( في أول العاشر ظهرت رؤوس الجبال ) ...
** سفر التكوين 10 ( أرفكشاد ولد شالح ) .. إنجيل لوقا ( عابر بن شالح بن قينان بن
أرفكشاد ) ..
** سفر التكوين ( رأى يعقوب الله وجها لوجه ) .. سفر الخروج ( موسى كلم الله وجها
لوجه ) .. تناقض سفر الخروج ( قال الرب لموسى لا تقدر أن ترى وجهي )
** سفر اللاويين 21 ( الأمر بالزواج من عذراء ) .. سفر هوشع 1 ( أمر الله هوشع أن
يأخذ لنفسه امرأة زنا ) .. سفر هوشع 3 ( أمره الرب أن يأخذ لنفسه امرأة زنا )
** إنجيل متى 5 ( طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله ) .. إنجيل متى 10 ( ماجئت
لألقي في الأرض سلاما بل سيفا ) ..
ولو أردنا استقصاء كافة التناقضات في الكتب المقدسة لاحتاج الأمر إلى كتاب مستقل
علما بأن هذا الأمر قد تم تغطيته في العديد من الكتب التي صدرت في هذا المعنى وأن
هناك المواقع الإسلامية على سبكة الإنترنت قد جمعت مئات الصفحات عن التناقضات
والاختلافات والكلام البذيء والخرافات والأباطيل الموجودة في الكتب المقدسة يمكن
للقارئ الكريم الرجوع إليها ولكن لابأس من استعراض بعض النصوص التي تعبر عن أفكار
شاذجة مضحكة لا ترقى أن تكون كلام رب العالمين مثل :
** في سفر التثنية : ( إذا ذهبتم لمحاربة أعدائكم وأظفركم الرب إلهكم بهم وسبيتم
منهم سبيا وشاهد أحدكم بين لأسرى امرأة جميلة فأولع بها وتزوجها فحين يدخلها إلى
بيته يدعها تحلق رأسها وتقلم أظافرها ثم ينزع عنها ثياب سبيها ويتركها في بيته شهرا
من الزمان تندب أباها وأمها ثم بعد ذلك يعاشرها وتكون له زوجة .. فإن لم ترقه بعد
ذلك فليطلقها لتذهب حيث تشاء لا يبيعها بفضة أو يستعبدها لأنه قد أذلها ) ..
** أما نبي الله داود عليه السلام فكان في نظر الإسرائيليين لا يتورع عن اغتصاب أية
امرأة جميلة تعجبه أو التجسس على النساء رغم أنه تزوج مئة زوجة ففي سفر صموئيل : (
وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على
السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جدا .. فأرسل داود وسأل عن المرأة
فقال واحد أليست هذه بثيشع بنت أليعام امرأة أوريا الحثي .. فأرسل داود رسلا وأخذها
واضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها .. وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت
داود وقالت إني حبلى ) ..
** من كتبهم المقدسة أن نبي الله داود عليه السلام قد تزوج مئة امرأة .. وتزوج نبي
الله سليمان سبعمئة امرأة ,, ولكننا نجد الهجوم الصليبي واليهودي الشرسس البعيد عن
اللباقة والأدب والصور الكاريكاتورية السافلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لزواجه من تسعة زوجات ترى لماذا لا يتجرأ أعداء الإسلام من الصليبين واليهود التهجم
على أنبياء الله سليمان وداوود عليهما السلام لزواجهما مئات النساء أم أنهم يخافون
اتهامهم بمعاداة السامية .. أضف إلى ذلك أن نبي الله سليمان عليه السلام عندما
يتزوج سبعمئة امرأة ويزني بالعديد من النساء الخريات كما ورد في التوراة المحرفة
فمتى يستطيع معاشرة جميع زوجاته أليس لديه عمل غير نكاح النساء ؟!!..
** يعتقد اليهود في كتبهم : ( أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يتظاهر بتعظيم
الأصنام باسم الصداقة أو عندما يريد هدمها من الداخل ) رغم أن نبي الله سليمان كان
من أولي العزم وكان ملكا شديدا ظافرا لايحتاج إلى مثل هذه الأساليب الميكيافيلية
المنحرفة ...
** ومن رسائل الأنبياء والرسل ننقل مقتطفات تبين مدى السخف الذي يعتقد به أصحاب
العقائد الفاسدة المحرفة :
الرسالة الثانية من بولس إلى صديقه تيموثاوس : ( بادر أن تأتي إلي سريعا لأن ديماس
إذا أحب الحياة الحاضرة تركني وذهب إلى تسالونيكي .. أما كريسكيس فقد ذهب إلى
مقاطعة غلاطية .. وتيطس إلى دلماطية .. ولم يبق معي إلا لوقا وحده .. خذ مرقس
وأحضره معك فهو ينفعني في الخدمة .. أما تيخيكس فقد أرسلته إلى مدينة أفسس ..
وعندما تجيء أحضر معك ردائي الذي تركته عند كاربس في ترواس وكذلك كتبي وبخاصة
الرقوق المخطوطة ) ..
وفي رسالة بولس إلى صديقه تيطس : ( حالما أرسل إليك أرتماس أو تيخيكس اجتهد أن
تأتيني إلى مدينة نيكوبوليس لأني قررت أن أشتي هناك ) ..
** وفي رسالة بولس إلى تيموثاوس : ( سلم على بريسكا وأكيلا وعائلة أونيسيفورس ..
أراراستيس مازال في مدينة كورينثوث .. أما تروفيموس فقد تركته في ميليتس مريضا ..
اجتهد أن تجيء إلي قبل حلول الشتاء .. يسلم عليك إيوبولس ولينوس وكلوديا والإخوة
جميعا ) ..
** وفي رسالة بولس إلى أهل رومية : ( يسلم عليكم تيموثاوس معاوني ولوقيوس وياسون
وسوسيباترس أقربائي وأنا تريتيوس الذي أخط هذه الرسالة أسلم عليكم في الرب .. يسلم
عليكم غايوس المضيف لي وللكنيسة كلها .. يسلم عليكم أراستس أمين صندوق المدينة
والأخ كوارتس ) ..
** وفي سفر صموئيل : ( فبادرت أبيجال وأخذت مائتي رغيف خبز وزقي خمر وخمسة خرفان
مهيبة وخمس كيلات من الفريك ومائتي عنقود من الزبيب ومائتي قرص من التين ووضعتها
على الحمير ..
** وفي سفر الأيام الأول يعرض قائمة طويلة جدا وصفحات عديدة لوكلاء داود وولاته ..
** وفي سفر الملوك إصحاحان كاملان في وصف الهيطل وطوله وعرضه وسماكته وارتفاعه وعدد
نوافذه وأبوابه وغير ذلك كثير ..
** وفي أخبار الأيام الأول ست عشرة صفحة تتحدث عن أنساب آدم وأولاده وأحفاده
وإبراهيم وذريته ..
** وفي سفر عزرا قائمة طويلة تتحدث عن العائدين من بابل حسب عائلاتهم وأعدادهم
وأعداد حميرهم وجمالهم بالتفصيل ... وهناك تكرار كثير لبعض الفقرات التي نراها قد
تكررت وبشكل حرفي في مواضع متعددة من العهد القديم وفقرات قد تكررت بتحريف بسيط ..
** في سفر الخروج : ( فرجع موسى إلى الرب فقال : لماذا أسأت إلى شعبك يارب ؟ ..
لماذا أرسلتني ؟ فمنذ أن جئت لأخاطب فرعون باسمك أساء إلى الشعب وأنت لم تخلص شعبك
على الإطلاق ) .. هل كان نبي الله موسى عليه السلام يكلم ربه بمثل هذا الأسلوب
السافل المنحط البعيد عن اللباقة والأدب ...
** في المزامير : ( يارب لماذا تقف بعيدا ؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق ؟ ) ..
أسلوب بعيد عن اللباقة والأدب مع الله جل وعلا لايمكن أن يصدر عن نبي الله موسى
عليه السلام ...
** في المزامير : ( يارب إلى متى تنتظر ..؟ لايشمت بي الذين هم أعدائي باطلا ..
استيقظ وانتبه إلى حكمي ) .. أيضا أسلوب غير مؤدب ...
في المزامير : ( يا إلهي لا تبطئ .. حتى متى يا رب تختبئ كل الاختباء ..؟ حتى متى
يتقد غضبك كالنار ؟ ) .. أيضا أسلوب غير لائق . ** سفر أشعياء : ( لماذا أضللتنا
يارب عن طريقك ؟ .. قسيت قلوبنا عن مخافتك ؟.. ) ..
** مراثي أرميا : ( بادت ثقتي ورجائي من الرب .. )..
** يظن بعض البسطاء أن تحريف وتشويه الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى قد توقف منذ
مئات السنين بعد الاجتماعات والمؤتمرات الكنسية العالمية التي توصلت إلى صيغ للكتب
المقدسة ولكن الحقيقة المرة أن عمليات التشويه والتحريف في الكتب المقدسة لاتزال
مستمرة حتى يومنا هذا فلو قارنا الأناجيل المتداولة بين أيدي الناس اليوم بنسخة
الملك جيمس البريطانية الشهيرة لوجدنا اختلافات كبيرة جدا ولا أريد هنا أن أعقد
مقارنة بين الأناجيل الحديثة التي تطبع حاليا باللغة العربية والإنجليزية مع النسخ
الأصلية القديمة لأن ذلك يحتاج إلى تفرغ كامل وكتاب مستقل يكشف حقيقة دهاقنة الشر
من اليهود والنصارى في متابعة سنة أسلافهم في التحريف والتبديل في الكتب المقدسة
هذه السنة التي ذكرها الله جل وعلا في كتابه الكريم في مواضع عديدة من القرآن
الكريم يقول ربنا جل شأنه : ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) ..
** أصدر اللواء أحمد عبد الوهاب كتابا تحت عنوان ( إختلافات في تراجم الكتاب المقدس
) والذي أورد فيه الكثير من الاختلافات بين تراجم الكتاب المقدس عن النسخة الأصلية
المعروفة بنسخة الملك جيمس .. ولبحث هذا الموضوع فقد اجتمع العلماء الإنجيليون
المسيحيون في مؤتمر " سونوفا " ولمدة ستة أعوام متتالية وانتهى الاجتماع بالتصويت
بعدم صحة الأناجيل كلها وحكمت هذه الحلقة الدراسية للعلماء الإنجيليين المسيحيين
على أن ( 80% ) من الكلمات المنسوبة إلى السيد المسيح عليه السلام في الأناجيل غير
صحيحة وانتهوا إلى أن المسيح نبي حكيم ويتكلم بالأمثال ويدلي بالحكم والمواعظ ..
هذا وقد قام هؤلاء العلماء في هذا المؤتمر بالتصويت ضد كل الكلمات المنسوبة إلى
المسيح عليه السلام في الأناجيل كلها وخاصة في إنجيل يوحنا وركزوا على العبارة ( إن
الله أحب هذا العالم بحيث أن الله قتل ابنه الوحيد ) .. تشكلت هذه اللجنة عام 1985
م من مئتي عضو كلهم من العلماء الإنجيليين النصارى وذلك للرد على الآراء التي تتمسك
بحرفية الإنجيل أما الإنجيليون المتعصبون فقد اتهموهم بالزندقة وأنهم ينفذون تعاليم
الشيطان ويقومون بعمل الشيطان ..
** وعن أقوال المسيح يقول الدكتور البروفسور " فنك " : ( إن هذه الأقوال ليست من
أقوال المسيح ) .. ويقول البروفسور " ماركوس بورينغ " أحد أعضاء الهيئة التدريسية
في كلية اللاهوت في جامعة أورينغون الحكومية ورئيس جمعية النصوص الإنجيلية : ( إن
صورة المسيح عندما كنا أطفالا لم تعد تشبه الصورة الحالية لنا الآن وإن جمهور
العلماء المسيحيين يتفقون مع الحلقة الدراسية حول المسيح على أن الصورة المرسومة
سابقا في أذهان الناس حول المسيح قد تغيرت وأن الأناجيل كلها أجمعت على أن المسيح
يتكلم بأسلوب السرد الطويل الموجود في إنجيل يوحنا والعبارة الوحيدة الواردة في
إنجيل يوحنا التي وافق عليها جميع المؤتمرين هي : ( لا كرامة لنبي في داره ) ..
ويؤكد " بورينغ " : ( إنه يجب على المسيحيين أن ينظروا إلى الأقوال التي نسبت إلى
المسيح على أنها لا قيمة لها رغم أهميتها في فهم العقلية الدينية لكنائس القرن
الأول ) .. ويقول " روبرت فوتينا " من جامعة " فاسار " : ( إن العبارات التي ترد
على لسان المسيح في إنجيل يوحنا : إنني أنا الراعي الصالح .. إنني نور العالم ..
أنا خير الحياة .. هي من عمل المؤلف وليست من أقوال المسيح لأن المسيح نادرا مايشير
إلى نفسه في الأناجيل الأخرى ) .. وكانت خلاصة البحث : ( إن ما ورد على لسان المسيح
عليه السلام هو من عمل مؤلفي الأناجيل الذين استقوه من المؤمنين في ذلك الزمان أي
بعد ثمانين عاما من رفع المسيح ) .. وفي اجتماع آخر قرر المؤتمرون : ( أن الكلام
المنسوب إلى المسيح كثير ولكن الحقيقة أن المسيح لم يتكلم بشيء منه ) .. والجدير
بالذكر أن جميع هذه المناقشات والشكوك التي جرت في هذا المؤتمر سيتم نشرها في كتاب
سيصدر قريبا عن لجنة كنسية إنجيلية اسمها " ندوة المسيح " مركزها الولايات المتحدة
الأمريكية .. والعجيب في الأمر أن هذه اللجنة قررت أن من أصل 1500 قولا منسوبا
للمسيح عليه السلام لا يوجد إلا 91 قولا فقط يحتمل أن يكون المسيح عليه السلام قد
قالها بينما بقية هذه الأقوال كلها قد تم تبديلها وتحريفها من قبل كتاب الأناجيل
والمجددين عبر القرون الماضية .. يقول " بروس ميللو " أحد القساوسة المشاركين في
هذه الندوة : ( إن هذا الكتاب سيكون أمرا خطيرا عندما نقرر ونقول أننا نشك في أن كل
مافي الأناجيل جازم وحقيقي ) .. وعن العبارة التي وردت على لسان المسيح في إنجيل
يوحنا : ( أنا نور العالم ) يقول المؤتمرون : ( إن هذه العبارة لم تظهر في بقية
الأناجيل وأن هذا الكلام يعكس أسلوب النطق الشائع عند اليونانيين والرومانيين وليس
هو من قول المسيح ) .. ويقول الخوري " بروس ميللر " : ( إن كتاب الأناجيل لم يكونوا
مهتمين بتاريخ المسيح بل بالإيمان به وهذه نقطة مهمة لأن الذين كتبوا الأناجيل
اعتبروا أنهم كتاب ومترجمون وأخذوا الكثير من الأدب الشعبي ) .. وعن مقال للباحث
عبد الرحمن الخطيب باختصار وتصرف نشر في جريدة الحياة : ( والملاحظ أن الذي دفع
الإنجيليين إلى مثل هذه الندوة إكتشاف إنجيل قديم جدا في مصر عام 1954 م اسمه إنجيل
توماس ومن قبله إكتشاف إنجيل برنابا حيث أن برنابا هو أحد حواريي عيسى عليه السلام
ولكن الفاتيكان والمجالس الكنسية العالمية قد أنكرت هذه الأناجيل رغم قدمها البعيد
المغرق في التاريخ لأنها لاتتعرض لعقيدة التثليث الشركية وتعتبر أقرب إلى عقيدة
التوحيد واعتبار المسيح نبي مرسل من عند الله وليس إلاها أو ابن إلاه ويمكننا أن
نستنتج عمق المأساة التي يعيشها أبناء الدين المسيحي في العالم عندما تقرر هذه
اللجنة أن 91 من أصل 1500 قول منسوب للمسيح يحتمل وليس مؤكدا أن تكون صحيحة وهذه
تشكل فقط 6% بينما 94% من الأقوال المنسوبة إلى السيد المسيح هي أقوال محرفة أو
مكذوبة أو مختلقة على السيد المسيح فأي عقيدة تلك التي يدين بها النصارى ويريدون
نشرها والتبشير بها بقوة المال والاقتصاد والسلاح مادام 94% من كتبهم المقدسة
مختلقة ومكذوبة على السيد المسيح عليه السلام .. بل كيف سيقتنع أبناء النصارى
بعقيدتهم عندما تقرر لجنة المسيح المشكلة من رجال الدين المسيحي أن 94% من الأناجيل
المتداولة هي مكذوبة ..؟!!!
هذا ولقد حاولت الدخول إلى العديد من المواقع والمنتديات اليهودية والنصرانية على
شبكة الإنترنت للإطلاع على شكوك وتساؤلات النصارى حول ديانتهم وكتبهم المقدسة والتي
وصلت إلى عشرات الألوف من الصفحات والتي لا أريد الدخول في تفاصيلها لأنها تستغرق
ألوف الصفحات ولكني اخترت صفحة واحدة فقط من حوار بعض النصارى مع القسيس المشرف على
المنتدي أعتبرها كافية لإعطاء فكرة كافية عن حياة الشك والضياع والحيرة التي يعيشها
ويعاني منها أبناء النصارى هذه الأيام فلنستمع إلى الحوار التالي مع الاعتذار عن
استخدام اللهجة العامية لأمانة النقل:
** عم واجه فكرة تقول إنو التوراة محرفة ورأيهم في ذلك بسبب الوحشية في أوامر الله
القتل والسبي والزنا الموجود في قصص التوراة وأيضا حادثة لوط وبناته .. وهم يقولون
إن الله لايأمر بذلك وأن الكتاب الذي يرد فيه مثل هذا الكلام لايكون كلام الله
** على كل حال محبة التوراة ليست مرجعية للمسيحيين ومن غير المجدي التحدث في كون
التوراة محرفة أو غير محرفة .. كل مايهمنا في العهد القديم هو ما يتعلق بالعهد
الجديد إضافة لكونه قديم طبعا ...
** أخي كلامك صحيح .. ولكن إذا كان التوراة مزيفة فهذا يعني أن المرجعية المسيحية
مزيفة .. هل فهمت قصدي ولذلك يجب أن ندافع عن التوراة ...
** المرجعية المسيحية هي المسيح نفسه .. بدي أسألك سؤال .. مين قبل مين ؟.. المسيح
أو التوراة ؟.. فكر ثم أجب ...
** أنا بصراحة أستغرب قليلا من نقطة هي أننا نحن المسيحيون نؤمن بأن كلمة الله
واحدة وكانت معنا منذ الأزل وليس من المفروض أن تتغير فلماذا كانت قاسية بهذا الشكل
في العهد القديم .. أعتقد أن هذا السؤال هو السؤال الأساسي الذي نريد جوابه ..
** يا شباب معكم حق .. مرجعيتنا المسيح ولكن نحن كمسيحيين نؤمن بالآيات التي تدل
على مجيء المسيح وهذا ما أريد الدفاع عنه .. ولا يحق لي أن أدافع عن آية وأترك
الباقي علي الدفاع عن التوراة بأكمله ...
** شو شباب وينكون القسيس المشرف على الموقع ليش ماعم يجاوبني بشأن موضوعي .. بشأن
معنى ندم الله وحزن الله الموجودين بالعهد القديم ؟.. إلى آخر هذا الكلام اذي يدل
على الحيرة والضلال والضياع ..
هكذا تجري الحوارات والشكوك بين شباب النصارى الضائعين الحيارى في كل لحظة ولكنهم
سيظلون ضائعين ضالين حتى يفتحوا قلوبهم للمنهج الرباني الذي جاء به خاتم الأنبياء
والمرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم .. وهنا يجيء دور الإسلام ودور القرآن الذي
حفظه الله جل وعلا وتكفل في حفظه حتى تقوم الساعة ليدعو أهل الكتاب إلى عقيدة
التوحيد الخالص إلى الدين الإسلامي السمح إلى ديانة تحترم وتبجل كل الأنبياء
والمرسلين وتحترم وتبجل كل الديانات السماوية والكتب السماوية الصحيحة وباب الإسلام
مفتوح على مصراعيه لكل الناس وبصورة خاصة النصارى الذين اكتشفوا الآن بأنفسهم أن
94% من الكتب المقدسة ليست صحيحة بل محرفة ومكذوبة على السيد المسيح عليه الصلاة
والسلام .. وهذا الكلام هوكلام رجال الدين النصارى وليس كلام أحد من المسلمين وفي
هذا المجال ومن خلال هذا الكتاب أتوجه إلى نصارى العالم بدعوة صادقة للدخول في دين
الإسلام .. في دين التوحيد ويعيشوا في ظلال القرآن .. في ظلال الدين الحق المبين
الذي وصل إلينا تماما كما نزل من عند الله .. كما أدعوهم دعوة عاجلة لأن يقرؤوا
سورة مريم أم المسيح عليه السلام في القرآن الكريم ليدركوا الفارق الكبير بين قول
الله جل وعلا وبين أقوال البشر والمدعين والمحرفين .. يقول ربنا جل شأنه : ( قل يا
أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به
شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن انتهوا فقولوا اشهدوا بأننا
مسلمون ) ... ولا أريد أن أستطرد كثيرا في هذه الفقرة وذلك لأن التناقضات كثيرة جدا
والخرافات أكثر والقصص التي تسيء الأدب مع الأنبياء والرسل ومع الله جل وعلا أكثر
وأكثر .. وهذه الكتب المحرفة المبدلة والأباطيل بزعمهم هي الكتب المقدسة التي
يعتمدون عليها وأنقل هنا رأي علماء اليهود والنصاري وقساوستهم .. يقول الباحث
العراقي الأب سهيل قاشا في كتابه القيم التوراة البابلية : ( إن كثيرا مما ورد في
العهد القديم من الكتاب المقدس مقتبس ومنتحل .. أخذ من آداب وأساطير العراق القديم
) وقال أيضا : ( إن التوراة ليست كتابا دينيا بل هي تاريخ أيضا بمعنى أن التوراة
توراتان الأولى تضمنت الشريعة الإلهية الموسوية التي نزلت على النبي موسى عليه
السلام في القرن الثالث عشر قبل الميلاد .. ولا أثر لهذه التوراة في عصرنا الحاضر
.. أما التوراة الثانية فهي التي كتبها الحاخاميون وأحبار اليهود في بابل أي بعد
عهد موسى بأكثر من سبعة قرون وهي التي تتداول ترجماتها اليوم ) ..
ويقول الكاتب الفرنسي جان لوي برنار عن الكتب المقدسة اليهودية : ( وتحس بكل تأكيد
أن أحبار اليهود قد اقتبسوا من تاريخ الأقطار التي جلسوا خلالها بعض الحكايات
فجمعوا كل المعلومات وكونوا منها تلفيقا هو أكذب تاريخ في العالم ) ..
وقال كل من سيلفر وميليريتس : ( حتى الوصايا العشر التي يكاد يجمع العلماء على أنها
الشيء الوحيد المتبقي من التوراة الأصلية لم تكن بكاملها ولا على هيئتها الحالية
التي جاء بها موسى ) ..
** وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تقرر تحريف الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى
وفي ذلك يقول ربنا جل شأنه : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من
عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ) البقرة 97 .. ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) النساء
46 .. ( يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) البقرة 75 .. ( يا أهل الكتاب قد
جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ) المائدة 15 .. ( لقد كفر
الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل إنه من يشرك
بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار .. لقد كفر
الذين قالوا إن الله هو ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد ) المائدة 72 ...
** النصارى يؤمنون بالتوراة وذلك لقول المسيح عليه السلام : ( وما جئت لأنقض
الناموس ولكن جئت لأكمل ) ..
** إن التوراة وبقية الكتب المقدسة التي يؤمن بها النصارى حتى الحالية منها تقرر
عقيدة التوحيد في مواضع متعددة ولايوجد في التوراة أي ذكر أو إشارة إلى عقيدة
التثليث التي ابتدعها النصارى .. جاء في رسالة بولس إلى تيموثاوث : ( لأنه يوجد إله
واحد ووسيط واحد بين الإله والإنسان يسوع المسيح ) .. وجاء في الرسالة الأولى إلى
أهل كورينثوث : ( لكن لنا إله واحد هو الأب ) .. وجاء في سفر ملاخي : ( أليس لنا أب
واحد لكلنا .. أليس إله واد خلقنا ) .. وفي سفر أشعياء : ( رب واحد وهو الآب ) وجاء
في انجيل يوحنا قول المسيح : ( الحق أقول لكم لا يقدر الإبن أن يعمل من نفسه شيئا
إلا ما ينظر الآب يعمل ) .. وجاء في إنجيل يوحنا أيضا قول المسيح : ( لم أتكلم من
نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ما أقول وبماذا أتكلم ) .. وفي إنجيل
يوحنا على لسان المسيح : ( الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للأب الذي أرسلني ) ..
وفي إنجيل يوحنا : ( الله لم ينظره أحد قط ) أما المسيح عليه السلام فقد رآه الناس
من يوم مولده وحتى رفعه الله إليه .. وفي رسالة بولس إلى العبرانيين : ( بعدما سمع
بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرا أعظم من الملائكة
بمقدار ماورث اسما أفضل منهم ) .. وهنا نجد في قوله صار أعظم من الملائكة دليل على
أنه لم يكن قبلا أعظم من الملائكة ولو كان المسيح إلها فهو حكما أعظم من الملائكة
فكيف يستقيم هذا التعبير وكلمة أعظم من الملائكة لا تفيد بأنه إله لأنه لو كان إله
لما احتاج إلى هذه الصفة .. وفي إنجيل لوقا : ( فاستولى الخوف على الجميع ومجدوا
الله قائلين : لقد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه )
** في التوراة وفي سفر التكوين ونشيد الأنشاد كلام واتهام للأنبياء والرسل إبراهيم
وموسى ولوطا وبناته ونوحا وبنتاته عليهم الصلاة والسلام يخجل القلم عن ذكره .. فهل
يصح أن يكون مثل هذا الكلام البذيء هو كلام الله وتشريع الله الذي يتعبد الناس
بتلاوته ؟!!..
** في التوراة ينسب إلى نبي الله هارون عليه السلام أنه هو الذي أمر باتخاذ العجل
.. فهل يستقيم هذا الهراء مع رسول من رسل الله عليهم الصلاة والسلام ..
** جاء في كتب اليهود المقدسة أن نبي الله داود عليه السلام قد احتال على قائد جيشه
وأرسله إلى ميدان القتال ليقتل ويستولي على زوجته التي كان يحبها رغم أن داود كان
لديه مئة زوجة .. وقد ذكر في التوراة أن داود قد زنى بزوجة جاره .. وأن داود عليه
السلام قد رقص أمام التابوت عاريا .. فهل يقبل العقل مثل هذه الافتراءات على أنبياء
الله الطاهرين الطيبين عليهم السلام .. وهل يعقل أن يكون هذا الهراء هو كلام الله
جل وعلا ..؟!!..
** جاء في كتب اليهود أن نبي الله يعقوب عليه السلام قد سرق صنما لجده مصنوع من ذهب
.. وأنه احتال على أبيه من أجل أن يسرق النبوة من أخيه عيسو ..
** يعتقد اليهود في كتبهم أن الله جل وعلا قد ندم على إرسال طوفان نوح وأنه بكى حتى
رمدت عيناه ..!!..
** يعتقد اليهود في كتبهم أن يعقوب قد صارع الله .. أمر عجيب ..!!!..
** ورد في كتب اليهود العديد من الإشارات إلى أن التوراة الأصلية التي نزلت على
موسى عليه السلام لا وجود لها .
** جاء في سفر الملوك : ( أن شوشق ملك مصر نهب خزائن بيت الرب وسلب التوراة الأصلية
) ...
** جاء في سفر الملوك : ( أن بني إسرائيل تركوا شريعة الرب وصنعوا الشر وبنوا
لأنفسهم مرتفعات وأنصابا من الشرك ) ...
** جاء في سفر الملوك : ( إن سفر التوراة قد فقد قبل سليمان .. حيث ذكر أنه أنه لم
يكن في تابوت العهد الذي نقله سليمان من مدينة داود إلى المعبد الجديد إلا الألواح
التي كتبت عليها التوراة ) ..
** جاء في سفر الملوك : ( كانت التوراة مفقودة في أيام يوشيبا الملك وأن حزقيال
الكاهن لم يجدها ) ..
** في سفر الملوك الرابع : ( إن ملوك بابل نهبوا أورشليم وأحرقوا الهيكل والتوراة )
...
** أورد المطران المسيحي الدبس في كتابه عن تاريخ سورية قوله : ( نشبت مناوشات بين
اليهود والحامية الرومانية في زمن القيصر أغسطيوس فنهب الرومان الهيكل ودنسوه
وأحرقوا ما فيه من الكتب وأن الوالي الروماني كلود سير حملة لمطاردة اليهود في
القرى وأن أحد الجنود الرومان عثر على أسفار موسى فمزقها على مرأى من الجمهور
اليهودي ) .. وقد أورد المطران الدبس أمثلة كثيرة على ما طرأ على أسفار العهد
القديم التوراة والعهد الجديد الإنجيل من طوارئ واضطرابات وترجمات عن الأصول
المفقودة التي لم يعثر لها على أثر ...
** في الحرب التي نشبت بين اليهود والفلسطينيين والتي هزم فيها اليهود شر هزيمة
استولى الفلسطينيون على التابوت وبقي عندهم سبعة أشهر ولم يعيدوه إلا بعد أن عبثوا
به ...
** حدث خلاف شديد على نصوص التوراة بين السامريين .. وحصل خلاف شديد أيضا بين
القرائين الذين يؤمنون بوجوب إلتزام الحرف والكلمة وبين الربانيين القائلين بجواز
التفسير وكان الخلاف بينهم في الأمور الاعتقادية الأساسية .. وحصلت خلافات كثيرة
أيضا على نصوص الكتب المقدسة بين الصدوقيين والفريسيين مما يدل على تلاعب وتحريف في
نصوص الكتب المقدسة كما حصل خلاف كبير بين آريوس في الاسكندرية ونسطور في سورية وقد
كان الخلاف شديدا في محتويات الكتب المقدسة وتأويلها ..
** يقول كعب الأحبار مخاطبا اليهود في عصره : ( ما من الأرض شبر إلا مكتوب في
التوراة التي أنزل الله على موسى مايكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة ) ..
فأين هذه التوراة التي تحدث عنها كعب الأحبار ..؟..
التبشير والاستشراق :
على الرغم من الاختلافات الكبيرة والشك الكبير في العقيدة النصرانية كما أسلفنا
سابقا إلا أن الدول الصليبية تجند حملات تبشيرية صليبية مكثفة منذ عهود قديمة
لتخريب معتقدات المسلمين وإفساد عقيدة التوحيد التي يتميز بها الإسلام عن كل
العقائد والمذاهب والطوائف الأخرى .. يقول ويلز في كتابه معالم تاريخ الإنسانية : (
أكبر الظن أن المسيحية التي عليها المسيحيون اليوم لا يعرف المسيح عنها شيئا ) ..
هذا ومن الملفت للنظر أن المخابرات الأمريكية قامت بتزويد ( البابا يولس السادس )
بأموال طائلة لدعم عمليات التبشير المسيحي .. ونقلت مجلة بانوراما الإيطالية ما
مفاده ( أن البابا كان واحدا من عدة أساقفة وكردنيلات تلقوا أموالا طائلة من
المخابرات الأمريكية ) .. وصدق الله العظيم حيث يقول : ( إن الذين كفروا ينفقون
أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا
إلى جهنم يحشرون ) .. 26 الأنفال .. لقد قدم المستشرقون والمبشروين خدمات جليلة
للدول الغربية في مجال استعمار واستعباد الشعوب وإشعال الفتن العرقية والطائفية
والإقليمية وهذا كله لمنع قيام أية حضارة تنافس حضارتهم أو قيام أي تجمع يهدد
كيانهم ووجودهم ومصالحهم .. حيث تبذل الكنائس والمنظمات الصليبية العالمية جهودا
جبارة وأموالا طائلة ، مستخدمين أخس الطرق في سبيل إقحام المسلمين وغير المسلمين
بالنصرانية وذلك بأساليب شيطانية واستغلالية مختلفة ..
تبذل الكنائس النصرانية والمنظمات الكنسية حول العالم جهودا جبارة وأموالا طائلة في
عمليات التنصير التي يطلقون عليها عمليات التبشير حيث تستخدم في عمليات التنصير هذه
أخس الطرق والأساليب في سبيل إقحام أصحاب الديانات الأخرى بالنصرانية .. فالمبشرون
يستخدمون أساليب شيطانية تستغل ظروف الناس القاهرة مثل الفقر والمرض وغير ذلك كما
أنهم يسهلون الاختلاط بين الشباب والشابات من خلال حفلات مختلطة متكشفة واستغلال
المناسبات المتنوعة في سبيل إفساد الجيل الناشئ ومن فسدت أخلاقه سهل عليه الانزلاق
بعد ذلك .. وعندما استعصى المسلمون على حملات التنصير المتكررة والمستمرة لجأ الغرب
الصليبي الحاقد إلى نشر الفحش والفساد والإباحية بكل الأساليب والطرق لأنهم علموا
أن إفساد أخلاق المسلمين هو أحد أهم معاول الهدم لعقيدة المسلمين .. ثم بعد ذلك
تبنوا نشر الأفكار الجديدة المناقضة للإسلام مثل الوجودية والشيوعية والاشتراكية
والديمقراطية والقومية حتى أصبح كثير من أبناء المسلمين معاول هدم للعقيدة
الإسلامية وذلك بنشر مثل هذه الأفكار الغريبة عن ديننا .. وقام الحاقدون على
الإسلام بإثارة الشبهات حول أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء لتضليل أبناء المسلمين
الذين لايملكون ثقافة دينية إسلامية واسعة ليفسدوا أفكار أبناء المسلمين ويحرفوهم
عن خط الإسلام السوي .. وعلى الرغم من إن الإباحية الجنسية والعلاقات والروابط بين
الشباب والشابات أمر محرم في جميع الديانات السماوية إلا أن المبشرين لا يتورعون في
نشر الفساد والفحش والرذيلة في سبيل جذب الشباب والشابات إلى هذا الطريق المنحرف
والبعد عن طريق الإسلام .. لقد كان المبشرون وعلى مدار التاريخ طلائع الاستعمار
الغربي الصليبي وعيونه حيث استطاعوا بالمكر والخديعة أن يحققوا أكثر مما حققته
الجيوش الصليبية الجرارة حتى وصل الأمر فيهم أن يقولوا : ( كأس وغانية يفعلان في
الشرق ما لاتفعله المدافع والطائرات ) .. أي أنهم لم يتورعوا عن نشر الفساد في سبيل
تحطيم عقائد الآخرين وهذا مناقض تماما لتعليمات المسيح عليه السلام حتى في كتبهم
المحرفة .. لقد حاولوا تشويه التاريخ الإسلامي ونشر الفتن ما ظهر منها وما بطن ونشر
الصراعات الداخلية ونشر الأفكار الهدامة التي لايؤمنون بها أصلا في سبيل تحطيم
عقائد الآخرين وبصورة خاصة العقيدة الإسلامية .. ثم قاموا بنشر الشبهات التي تمس
أصول العقيدة الإسلامية والشبهات التي تمس الرسول الكريم وصحابته الأجلاء والعظماء
من الأمة الإسلامية وفق خطة مدبرة محكمة لتشويه الدين الإسلامي أضرب مثلا على ذلك
تشويه سيرة الخليفة العباسي الفذ هارون الرشيد الذي كان يحج عاما ويغزو عاما
فأوصلوه إلى مستوى الخلاعة والمجون والخمور والقيان والغلمان إمعانا منهم في تشوية
سيرته العطرة وما ذلك إلا لأن دولة الإسلام في عهده قد وصلت إلى الصين شرقا وإلى
مشارف فرنسا عند جبال البيرنيه غربا ووانتشرت في كل أصقاع الدنيا حتى أصبحت الخلافة
الإسلامية في عهده الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس .. لقد كان المنصرون أساس
كل فتنة عمياء تحدث في بلاد المسلمين بما أثاروه من نعرات طائفية ودعوات شعوبية
ونزعات إقليمية وأفكار هدامة رغم أنهم يدعون أنهم حملة رسالة المسيح لإدخال العالم
كل العالم في حظيرة المسيحية ولكنهم نسوا ملايين الملاحدة الكفرة المنتشرين في
بلادهم ممن هجروا النصرانية واعتنقوا الكفر والإلحاد لأن النصرانية قد فقدت مبررات
وجودها حتى عند النصارى أنفسهم .. لقد كانت أوربا المسيحية هي منبع كل الأفكار
والعقائد الضالة المضلة من وجودية واشتراكية وشيوعية وداروينية وإلحادية وغير ذلك
كثير من الأفكار والعقائد المنحرفة التي لم تقدم للبشرية إلا التعاسة والذل والفقر
والجوع والمرض والجهل والفساد والإباحية والزنا والخنا .. ونحن نتساءل هنا بعد أن
عرفنا أن الشعوب الغربية قد تخلت عن النصرانية وتخلت عن الكنيسة ولم يعد الغربيون
يعتقدون بالنصرانية .. نتساءل لماذا كل هذه الإعانات والمساعدات السخية للمنصرين من
قبل جميع الدول الغربية وجميع الحكومات الاستعمارية الظالمة التي لا تؤمن أصلا
بالمسيحية والتي تخالف تعاليم المسيح عليه السلام .. أليس الأجدى أن يعيدوا
الخارجين على الدين المسيحي في بلادهم إلى حظيرة الدين ؟.. أليس من الواجب على
المنصرين أن يصلحوا الفساق والشاذين والكفار والملحدين وأن يقضوا على الكفر
والإلحاد والزنا والفجور والإباحية في بلادهم أولا ؟.. إن المنصرين الذين يطلقون
على أنفسهم كذبا وزورا لقب المبشرين هم الذين سهلوا الطرق للحملات الاستعمارية
المجرمة الظالمة على بلاد العالم أجمع .. وهم الذين سهلوا الطريق للحروب الصليبية
المجرمة على مدار التاريخ وحتى يومنا هذا .. لقد قام المنصرون ولا يزالون باستغلال
الفقراء والضعفاء والمساكين والمحتاجين ليوقعوهم في حبائلهم بأساليب ظاهرها الرحمة
وباطنها الخديعة والفساد فقاموا بافتتاح مدارس تنصيرية وقدموا لها الدعم السخي
لتكون من أرقى المدارس ثم كرسوا لهذه المدارس قساوسة ورهبان للتدريس ومن ثم دس السم
بالدسم وإلقاء بذور الفساد .. ثم قاموا بإنشاء المستشفيات والنوادي الرياضية
والنوادي الترفيهية والجامعات وغير ذلك كثير من الأساليب والطرق الخسيسة
اللاإنسانية لنشر باطلهم عن هذه الطرق عندما فشلوا فشلا ذريعا بنشرها بشكل واضح جلي
..
** كتب السيد باولز سفير الولايات المتحدة في الهند فيما ينقله عن أهالي رودسيا
إبان الحكم العنصري : ( عندما جاء الرجل الأبيض إلى بلادنا لم يكن معه إلا الكتاب
المقدس وكانت معنا الأرض وكل شيء .. أما الآن فقد أصبحت الأرض كلها في يد الرجل
الأبيض ولم يبق لدينا غير الكتاب المقدس ) ..!!..
** جاء في كتاب " التبشير والاستعمار" للدكتور عمر فروخ والدكتور مصطفى الخالدي : (
لقد استغلوا آلام الإنسانية أبشع استغلال عندما اتخذوا من التطبيب وسيلة لنفث
سمومهم جريا على القاعدة المشهورة التي وضعها دهاقنة الاستعمار هذه القاعدة تقول :
حيثما يوجد بشر يوجد مرضى .. وحيثما يوجد مرضى تكون الحاجة إلى الطبيب ماسة .. وهي
الفرصة الذهبية لإدخال الخراف إلى الحظيرة المقدسة .. لقد بلغت الخسة والدناءة في
بعض المستشفيات أنهم لا يعالجون المريض إلا بعد أن يركع للصليب فإذا رفض طلبوا منه
الاعتراف بأن شفاءه بيد المسيح أو أن يسأل المسيح الشفاء ومن يرفض فلن يحصل إلا على
وصفة خاطئة قد تضر بصحته ) ...
** يقول المستشرق ( جب ) : ( أما المدارس فهي شرط أساسي لنجاح التبشير لأنها تفرز
هياكل بشرية خالية من الفضائل والأخلاق والمثل العليا .. هذه المدارس تستخدم لتفريخ
مسوخ بشرية متنكرة لدينها ووطنها وأبناء جلدتها ) .. ولا عجب في ذلك إذ يكفي المرء
أن يطلع على الدروس التي تلقن للطلاب والكتب التي يدرسونها لتعرف أية طعنة نجلاء
نوجهها إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا .. وأي دس رخيص على الإسلام يحقن في أدمغتهم ..
لقد استطاعت قوى الاستعمار الغربي بعد احتلالها عددا كبيرا من الدول الإسلامية أن
تجند العديد من المستشرقين الذين قاموا بدراسة وافية للغات هذه الشعوب وعقائدهم
وعاداتهم وتقاليدهم ومن ثم استطاعوا أن يضعوا مبادئ الغزو الفكري لمجتمعاتنا
الإسلامية .. لقد أصدر المستشرقون بين عامي ( 1916-1931 ) سبعة مجلدات ذكر فيها
أسماء المصادر والمراجع التي تدور حول المبشرين وجهودهم .. أما الرسائل التي كتبها
المبشرون من سورية والشرق الأدنى فقط إلى زملائهم كانت في ثمانية وثلاثين مجلدا..
وكذلك فإن تقرير مؤتمر التبشير العالمي في أدنبرة عام 1910م طبع في عشرة مجلدات ..
ومؤتمر التبشير الدولي في القدس عام 1928م فقد وضع تقريرا في ثمانية مجلدات .. وفي
عام (1869م) طبعت أعمال مدارس التبشير الفرنسية في الشرق في أربعة مجلدات ، ومدارس
التبشير الإنكليزية في لبنان في مجلد واحد .
** يقول أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا الأستاذ " إدوارد ميد ايرل " : ( ماذا
يمكن أن يقال عن أعمال التبشير الأمريكي في الشرق الأدنى بعد قرن كامل من الدهر ،
يمكننا أن نحشد إحصاءات هائلة تتعلق بملايين الدولارات وبألوف الأشخاص الذين ضحوا
في هذا السبيل ، إن الوقت لم يحن بعد للحكم على قيمة ما حققه المبشرون عموما ، إن
الرأي العام الأمريكي فيما يتعلق بالشرق قد خلقه المبشرون منذ قرن كامل فإذا كان
الرأي العام الأمريكي قد طويت عنه بعض المعلومات أو غذي بمعلومات خاطئة أو دفع إلى
موقف عدائي تجاه الشرق فإن المبشرين هم الملومين في ذلك لقد حرص المبشرون على أن
يقدموا لنا صورة ناقصة مشوهة أو ساخرة في بعض الأحيان عن الإسلام والمسلمين ، وبما
أن المبشرين قد حذفوا كثيرا من الخصائص والحقائق من الصورة التي رسموها عن
الإمبراطورية العثمانية مما جعل الشعب الأمريكي لا يفرق بين الظالم والمظلوم ، فهم
لم يعرفوا أن المسلمين والنصارى قد تألموا على السواء تحت حكم إمبراطوري فاسد ) ...
** يقول المبشر جيسوب : (لقد ثبت على اليسوعيين مؤخرا أنهم فضحوا واعتدوا على
فتاتين من طائفة الروم الأرثوذوكس وأخفوهما حينا ولكنهم أرغموا على ردهما لأهلهما ،
إن نظام الأديرة كله كان لعنة على سورية ، وإن بعض هذه الأديرة كان مقرا للفاحشة )
ويقول في موضع آخر : ( إني أود أن يمحى الإسلام من العالم ) ...
** يرى المستشرق الألماني (كارل بيكر) والمستشرق (غاردنر ) : ( أن الإسلام لما
انبسط في العصور الوسطى أقام سدا منيعا منع انتشار النصرانية .. إن القوة التي تكمن
في الإسلام هي التي تخيف أوربا وهذا سبب عداوتهم للإسلام ) ...
** يقول لورنس براون ( إذا اتحد المسلمون في امبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة
على العالم وخطرا ، أو أمكن أن يصبحوا نعمة على العالم أما إذا بقوا متفرقين فإنهم
يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير ) ...
** يقول القس سيمون : ( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب السمر وتساعدهم على
التملص من السيطرة الأوربية ولذلك كان التبشير عاملا مهما في كسر شوكة هذه الحركة ،
ذلك لأن التبشير يعمل على إظهار الأوربيين في نور جديد جذاب ، ويعمل على سلب
الحركات الإسلامية عنصري القوة والتمركز ، إذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلا ضد
الاستعمار الأوربي ثم استطاع المبشرون أن يظهروا الأوربيين في غير مظهر المستعمر ،
فإن الوحدة الاسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها وسببا من أسباب وجودها ، من أجل ذلك
قالوا يجب أن نحول بالتبشير مجاري التفكير في الوحدة الإسلامية حتى تستطيع
النصرانية أن تتغلغل في المسلمين ، وكذلك كان الفرنسيون أيضا يخافون من المساعي
لتحقيق الوحدة الإسلامية ) ...
** يقول أديسون : ( وعلى هذا الأساس أصبح الأتراك خطرا على أوربا منذ دخلوا في
الإسلام ، لا لأنهم مسلمون بل لأنهم أصبحوا قوة تستطيع أن تقف في وجه الأطماع ، حتى
السنوسية وهي فرقة من المرابطين نشأت في طرابلس الغرب قد أصبحت على قلة ِشأنها وقلة
أشياعها قوة ترهب الاستعمار لا لشيء إلا لأن الاتحاد يشكل قوة تفسد على المستعمرين
أعمالهم ) ...
** يقول جون تاكلي عن الإسلام والمسلمين والقرآن ( يجب أن نستخدم كتابهم فهو أمضى
سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه لنقضي عليه تماما ، يجب أن نري هؤلاء الناس أن
الصحيح في القرآن ليس جديدا وأن الجديد فيه ليس صحيحا ...
** يزعم المبشر يولوس رشتر : ( أن أكثر أفراد طائفة الدروز والنصيرية قد أصبحوا
بروتستانتيين قلبيا ولولا أن الدولة العثمانية منعتهم بالقوة من إعلان
بروتستانتيتهم لأصبحوا كلهم بروتستانت ظاهرا وباطنا ) .. إن هدف التبشير كما أعلنه
كثير من المبشرين هو القضاء على الأديان غير النصرانية يقول الكاردينال لافيجيري :
( وبينما كان الإسلام على وشك أن ينهار في أوربا مع عرش السلاطين العثمانيين كان لا
يزال نشطا في تقدمه وفتوحه على أبواب مملكتنا الإفريقية ) ...
** يقول ستيفان بنروز رئيس الجامعة الأمريكية : ( إن المبشرين يمكن أن يكونوا قد
خابوا في هدفهم المباشر وهو تنصير المسلمين جماعات جماعات إلا أنهم قد أحدثوا بينهم
آثار نهضة ، لقد برهن التعليم على أنه أثمن الوسائل التي استطاع المبشرون أن يلجأوا
إليها في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان ) ...
** يقول المبشر رايد عن صعوبة التبشير في بلاد المسلمين : ( إن عمل المبشر المسيحي
بين هذا الشعب صعب جدا ، فبعد عمل أمتد خمسة عشر عاما صح عندي أن الطريقة الوحيدة
لاكتساب هذا الشعب إنما هي في النفوذ الشخصي ، نفوذ الرجال والنساء الذين امتلئوا
بروح القدس ، إن المشكلة في العمل بين المسلمين إنما هي في إيجاد الطريقة التي
تساعد على الاقتراب منهم ، إن ذلك الحاجز العظيم الذي يدعى التعصب ، قد بناه
الإسلام حول اتباعه ليحميهم داخله وليترك المبشر خارجه .. هذا الجدار اختراقه
مستحيل وتسلقه مستحيل ، من الصعب أن تحب مسلما لأن المسلم ليس محببا إلى النفس ،
ولأنه هو عادة يشمئز من الذين يحاولون الاقتراب منه إذا نالوا ثقته ) ...
** يقول اليسوعيون في كتابهم الذي أصدروه في بيروت عام (1931) : ( إن الأخوات لسن
راهبات معلمات فقط ولكنهن أيضا راهبات مبشرات إنهن في كل مكان يعملن إلى جانب عملهن
التعليمي أعمالا تبشيرية )
** يقول المبشر جون رالاي موط في كتابه " خمسة عقود ونظرة إلى المستقبل " : ( إن
صواب الحركة التي بدأت في مطلع القرن العشرين وفي الولايات المتحدة خاصة تلك الحركة
التي استغلت الطلاب والأساتذة وعوام الناس في التبشير )
** يقول ريدر بولارد : سفير بريطانيا في إيران خلال الفترة بين 1939 ــ 1946 : ( إن
مسلمين كثر يقدرون أعمال الجمعيات التبشيرية في التعليم والتطبيب ولكنهم يصمون
آذانهم عن دعوتهم الدينية ) .... لـذلك وعندما فشلت خطط التبشير القديمة تم في عام
(1932) إصدر كتاب تحت عنوان " التفـكير الجديد في أمر الارساليات " والذي وضع خطط
وأساليب جديدة في عمليات التبشير
** صدر كتاب تحت عنوان " طرق العمل التبشيري بين المسلمين " والذي يلجأ إلى الطريقة
الميكافيلية .. يقول هذا الكتاب : ( لنجعل هؤلاء القوم المسلمين يقتنعون بالدرجة
الأولى أننا نحبهم فنكون قد تعلمنا كيف نصل إلى قلوبهم ، يجب على المبشر أن يحترم
في الظاهر جميع العادات الشرقية والاسلامية حتى يستطيع أن يتوصل إلى بث آرائه بين
من يصغي إليها ، وعليه مثلا أن يتحاشى أن يقول عن المسيح أنه ابن الله حتى لا ينفر
منه أولئك الذين لا يؤمنون هذا الإيمان فيستطيع أن يقاربهم حينئذ بما يريد أن
يدعوهم إليه )...
** ويقول تشارلز واطسون : ( يجب على المبشرين أن يظلوا برءاء كالحمام ولكن هذا لا
يمنعهم أن يكونوا حكماء كالحيات) ..
** بمناسبة الانقلاب العلماني على الخلافة الإسلامية العثمانية يقول " جوسب " : (
إن القضية التي تواجهنا بطبيعة الحال هي ماذا يكون من أمر هذا الانقلاب العظيم على
دين الإمبراطورية العثمانية ....؟! ... إن هذا سيساعدنا على طبع الكتب
البروتستانتية وسيصبح المرء العثماني حرا في أن يغير دينه ) ...
** وفي ظل الانتداب الفرنسي أختار اليسوعيون أن يوسعوا جهودهم التبشيرية في جبال
العلويين بين الطائفة النصيرية ليفرضوا على المستضعفين منهم المذهب الكاثوليكي ،
وزعموا أن نفرا منهم قد جاؤوا إلى الراهبات اليسوعيات في صافيتا وطلبوا منهن أن
يقبلنهم في المذهب اللاتيني ، مما أدى إلى إسراع رهبان يسوعيون من بيروت إلى بلاد
العلويين واستكتبوا رجلا منهم كتابا أرسلوه إلى البابا فيه يزعمون أن النصيرية من
أحفاد الصليبين وأن التعليم الديني عند الرهبان جعلهم يرون أن النصرانية هي خير
الأديان ) .. وعلى الرغم من قدوم الأب شانتور في 6 تشرين الأول 1930 مع خمسة من
اليسوعيين لإنشاء مركزيين تبشيريين في بلاد العلويين في منطقة (قرق خان) إلا أن
حملة التبشير فشلت أيضا في مهمتها إذ لم تستطيع هذه الحملة التي انفق عليها مبالغ
طائلة إلا تنصير نحو ثمانين شخصا احتفلوا بهم في جنينة رسلان في (15-آب-1930) ..
لقد كانت الدول الأجنبية تبسط حمايتها على مبشريها في بلاد الشرق ولقد كان المبشرون
يعملون على تهيئة شخصيات شرقية لا تقاوم الوجود الأجنبي ) .
** يقول الطبيب المبشر بول هاريسون في كتابه " الطبيب في بلاد العرب " : ( إن
المبشر لا يرضى عن إنشاء مستشفى ولو بلغت منافعه منطقة عمان بأسرها لقد وجدنا في
بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى ) .. يقول موريسون : ( نحن متفقون بلا ريب
على أن الغاية الأساسية من أعمال التنصير بين المرضى في المستشفيات أن نأتي بهم إلى
المعرفة المنقذة ، معرفة ربنا يسوع المسيح وأن ندخلهم أعضاء عاملين في الكنيسة
المسيحية الحية ) .. هذا ولقد أقر المبشرون المسيحيون في جميع مؤتمراتهم ومحافلهم
على استغلال الطب والمستشفيات التبشيرية وسيلة لعمليات التبشير والتنصير نذكر من
هذه المؤتمرات مؤتمر القدس عام 1924 ومؤتمر استنبول وحلوان في مصر وبرمانا في لبنان
وبغداد وكلهم أجمعوا أن الطب وسيلة ناجحة في عمليات التبشير ولقد زرت أحد
المستشفيلت التبشيرية في مدينة حلب فرأيت القائمين على مجريات الأمور قساوسة
وراهبات ورأيت فوق كل سرير من أسرة المرضى صليب ضخم من البرونز وبجانب كل مريض نسخة
من الإنجيل باللغة العربية .. تقول أيواهاريس الممرضة والمبشرة تنصح الطبيب الذاهب
بمهمة تبشيرية : يجب أن تنتهز الفرص لتصل إلى آذان المسلمين وقلوبهم فتكرز لهم
بالإنجيل إياك أن تضيع التطبيب في المستوصفات والمستشفيات فإنه أثمن تلك الفرص على
الإطلاق ، ولعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك واجبك التطبيب فقط لا التبشير فلا
تسمع منه ...
** قال نفر من المبشرين : ( إن أهداف المدارس والكليات التي تشرف عليها الإرساليات
في جميع البلاد كانت دائما متشابهة ، فهي في الدرجة الأولى واسطة لتمرين قسس
للكنيسة ، حتى أن الموضوعات العلمانية التي تعلم من كتب غربية وعلى يد مدرسين
غربيين تحمل معها الآراء النصرانية ) .
** كتب المبشر هنري هريس جوسب إلى السيد ستيوارت دودج عام 1870 : ( لنبتهل إلى الله
في سبيل تعميد نفوس أولئك الشبان الذين يترددون على الكليات ، إن التعليم في مدارس
الإرساليات المسيحية إنما هو واسطة إلى غاية هذه الغاية هي قيادة الناس إلى المسيح
وتعليمهم حتى يصبحوا أفرادا مسيحيين وشعوبا مسيحية ولكن حينما يخطو التعليم وراء
هذه الحدود ليصبح غاية في نفسه وليخرج لنا خيرة علماء الفلك والجيولوجيا والنبات
والجراحين والأطباء فإننا لا نتردد حينئذ في أن نقول : إن رسالة مثل هذه قد خرجت عن
مدى التبشير المسيحي إلى مدى علماني محض ، إن مثل هذا العمل يمكن أن تقوم به جامعات
هايدلبرج وكمبردج وهارفرد وشيفيلد لا الجمعيات التبشيرية التي تسعى إلى أهداف روحية
فحسب ) .. أما نيروز مدير الجامعة الأمريكية في بيروت فيقول : ( لقد ثبت بشكل قاطع
أن التعليم هو أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سورية
ولبنان ، ومن أجل ذلك تقرر أن يختار رئيس الكلية البروتستانتية الإنجيلية من مبشري
الإرسالية السورية ..) .
** يقول المبشر جون موط : ( يجب أن نؤكد في جميع ميادين التبشير جانب العمل بين
الصغار وبينما يبدوا مثل هذا العمل وكأنه غيرية إلا أننا مقتنعين لأسباب مختلفة بأن
نجعله عمدة عملنا في البلاد الإسلامية ، إن الأثر المفسد في الإسلام يبدأ باكرا جدا
من أجل ذلك يجب أن يحمل الأطفال الصغار إلى المسيح قبل بلوغهم الرشد وقبل أن تأخذ
طبائعهم أشكالها الإسلامية ، وهكذا نجد أن وجود التعليم في يد المعلمين المسيحيين
لا يزال وسيلة من أحسن الوسائل للوصول إلى المسلمين )
** يقول دانبي : ( كان التعليم وسيلة قيمة إلى طبع معرفة تتعلق بالعقيدة المسيحية
والعبادة المسيحية في نفوس الطلاب .. وقد يتسع الشك على كل حال حينما يأتي استخدام
معلم غير مسيحي ليعلم موضوعات لا نجد لتعليمها معلما مسيحيا ، ومما لا ريب فيه أن
معلما مسلما ذا خبرة بمهنته يمكن أن يجعل منه معلما يبعث الحياة في طلابه أو مربيا
صالحا ، ولكن إذا كانت الغاية من التعليم في المدارس المسيحية إنما هي تزويد الطلاب
باستشراف مسيحي للحياة وتمرين لهم على ممارسة المبادئ المسيحية وتقريبهم من اختبار
شخصي للإيمان المسيحي فكيف يمكن للمسلم الأمين أن يعاوننا على بلوغ هذه الغاية ؟ )
... من أجل ذلك ترفض المدارس التبشيرية أن تتقيد بالمناهج الرسمية للبلد الذي تكون
فيه لأن ذلك يفقدها الغاية من وجودها وهي التبشير بالديانة المسيحية ، ولكن رغم كل
هذا الإصرار والتركيز من الإرساليات التبشيرية النصرانية فإن العديد من الدول
العربية والإسلامية استطاعت أن تلغي هذا الدور الخبيث لتلك الإرسليات وأن تخضع تلك
المدارس والمعاهد التبشيرية لنظام التعليم العام ولمناهج وزارات التربية والثقافة
والتعليم وإلغاء هذا الدور التبشيري الإستعماري المقيت ، اذكر على سبيل المثال أن
سورية استطاعت أن تضم كل هذه المدارس التبشيرية إلى وزارة التربية وتلغي كافة
صلاحياتها وامتيازاتها وتخضعها جميعا إلى المناهج الدراسية المقررة من وزارة
التربية في سورية ..
** يقول المبشر بنيامين ماري في مقال نشرته مجلة العالم الإسلامي التبشيرية بعنوان
"شمال نيجريا ميدان للتبشير" استعرض فيه حالة تلك البلاد وما هي عليه من التأخر
العلمي على الأخص إذ أن الذين يحسنون القراءة والكتابة لا يتجاوز 2.5% ..ثم قال : (
وهذا يتيح فرصة عظيمة للتعليم التبشيري المسيحي ) .. ولقد كانت خطط دهاقنة التبشير
في العصر الحديث : ( إيجاد المعلم المسيحي الأجنبي ــ فإن لم يتوفر فالمعلم المسيحي
المحلي ــ فإن لم يتوفر فالمعلم المسلم الغير متمسك بدينه ) ...
** ولو راجعنا أسماء الاساتذة الذين يشغلون المناصب في الجامعة الأمريكية في بيروت
لرأينا أكثر من (92%) من المعلمين من النصارى وأغلبهم من المبشرين ، والمدارس
التبشيرية تضع خطة للاستغناء عن المعلمين المسلمين ما أمكن ذلك ، أما المدارس
اليسوعية ومدارس الفرير فلا يمكن أن تجد فيها معلما واحدا من المسلمين أبدا ، وفي
العصر الحديث ورغبة في إقبال الطلاب المسلمين على مثل هذه المدارس فقد تم إدخال بعض
المعلمين المسلمين من غير المتمسكين بدينهم ومن عائلات قريبة إلى العائلات
النصرانية ، ولكن يعاملون بمعاملة مختلفة عن معاملة النصارى الغربيين من حيث
المناصب والرواتب وغير ذلك .
** إيجاد المناهج التي تكرس الطائفية المسيحية وتدخل قنوات مسيحية في هذه المناهج
ففي مادة الدين والتاريخ يدرس التوراة أوما يسمونه بالعهد القديم ، ثم نظرا لأن
التوراة هي كتاب اليهود ونظرا للحساسية الكبيرة بين العرب واليهود فقد تم تدريس
التاريخ والجغرافيا والاجتماع وفق تعاليم التوراة والأنجيل بأسلوب مبطن وغير ظاهر
...
** إيجاد الكتب المدرسية التي تخدم التبشير فقد تم وضع الكتب والمناهج المدرسية وفق
الكتب التي تدرس في أوربا يضاف إليها سياسة الدس والتشويه على الإسلام والتاريخ
الإسلامي بحجة أنها مدارس تبشيرية وأن هدفها مقاومة العرب والمسلمين لذلك وصل بهم
الأمر إلى درجة من السخف والانحطاط لم يصلها الجاهلون والعلمانيون والبلشفيون ..
فقد جاء في كتاب " تاريخ محاضرات جورج ابزاك البا للشرق الأدنى " لطلبة الصف الخامس
ما نصه : ( واتفق لمحمد في أثناء رحلاته أن يعرف شيئا قليلا من عقائد اليهود
والنصارى ، ولما أشرف على الأربعين أخذت تتراءى له رؤى أقنعته بأن الله اختاره
رسولا .. والقرآن مجموع ملاحظات كان تلاميذه يدونونها بينما كان هو يتكلم وأمر محمد
اتباعه أن يحملوا العالم كله على الإسلام بالسيف إذا اقتضت الضرورة .. ودخلت فلسطين
في سلطان الكفرة منذ القرن السابع الميلادي ) .. يقصد بالكفرة هنا المسلمين .. أما
في كتاب " تاريخ فرنسا " والذي يدرس في صفوف الشهادة الابتدائية في مدرسة القديس
يوسف يقول المؤلف فيه : ( إن محمدا مؤسس دين الإسلام قد أمر أتباعه أن يخضعوا
العالم وأن يبدلوا جميع الأديان بدينه هو ، ما أعظم الفرق بين هؤلاء الوثنيين وبين
النصارى إن هؤلاء العرب قد فرضوا دينهم بالقوة وقالوا للناس : أسلموا أو تموتوا
بينما أتباع المسيح ربحوا النفوس ببرهم وإحسانهم ، ماذا كانت حال العالم لو أن
العرب انتصروا علينا ، إذا لكنا نحن اليوم مسلمين كالجزائريين والمراكشيين ) .. هذا
ولقد وضع كتب للمطالعة لغير الطلاب الملتزمين بالدراسة في المدارس التبشيرية
المسيحية حيث يتم التركيز على الخلافات والمذاهب والدس وإشعال نار الفتن وكتب
الشبهات حول الإسلام وهي كثيرة ويمكن أن نجد هذا الصنف في سلسلة ضخمة من قصص
التاريخ الاسلامي في كتابات جرجي زيدان ، والكتب الأدبية مثل كتاب النبي لجبران
خليل جبران .. ومؤلفات وكتب النصارى قلما تخلوا من الدس او التبشير أو الإساءة إلى
الإسلام والمسلمين وإلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .. هذا وقد تم نشر
الكتب الوجودية والإلحادية والفلسفات المادية الجدلية من وجودية سارتر وشيوعية
ماركس وأنجلز ونفسية فرويد ومادية داروين وكلها تدرس في المدارس التبشيرية على أنها
نظريات ثابتة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها حتى ولو تعارضت مع
الأديان ، وذلك بغرض إفساد عقائد وأفكار المسلمين .
** ومن سياسة المبشرين إقامة الاجتماعات والندوات التي تلقى فيها الخطب والمحاضرات
والمناظرات ومن خلالها يقوم دهاقنة الصليبية بإثارة الشبهات والدس على الإسلام
والمسلمين خاصة عند الشباب الذين لا يملكون رصيدا كافيا من العلم الشرعي والمعرفة
للرد
عل للردعلى هذه الشبهات .. ومن سياستهم أيضا بناء الكنائس إلى جانب كل مدرسة أو حتى
داخل مدرسة بحيث تصبح المدرسة تحت إشراف الكنيسة ورجال الدين في الكنيسة .. ومن
سياستهم أيضا تظاهر المبشرين بدراسة مشاكل الشباب ومساعدتهم على حلها حتى لو تطلب
ذلك تكاليف معينة فإن المبشرين يحاولون تحمل هذه التكاليف ليظهروا أمام الطلاب
والشباب بمظهر المصلح والمنقذ إضافة إلى توجيه الشباب بين فترة وأخرى إلى الأفكار
المسيحية والأعياد المسيحية حتى وجدنا عددا كبيرا من أبناء المسلمين أصبحوا يحتفلون
بعيد ميلاد المسيح وعيد رأس السنة الميلادية وعيد الحب أو ما يسمونه عيد القس
فالانتاين وعيد الهالاوين وغير ذلك من أعياد النصارىوهذا محرم شرعا وعقلا ونقلا ..
ومن سياستهم نشر الفساد والفحشاء في البلاد الإسلامية وذلك من خلال مبدأ
الميكافيلية ( الغاية تبـرر الوسـيلة ) حتى أن أحد المبشـرين إبان الاحتلال الفرنسي
لسوريا ولبنان قال ( كأس وغانية يفعلان في الشرق مالا تفعله المدافع والدبابات ) .
** هذا ولقد بارك البابوات الذين تعاقبوا على الفاتيكان أعمال المبشرين رغم ما فيها
من غش وخداع وكذب وتضليل وتشويه للحقائق واستغلال للحاجات .
** يقول المبشر ( جوسب) : ( إن مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني ، لقد شعرت
دائما أن مستقبل سورية إنما هو بتعليم بناتها ونسائها ، وهاهي قد أثرت اهتماما
شديدا في أوساط الجمعيات التبشيرية ) .
** تقول المبشرة ( أنا ميليغان ) : ( في صفوف كلية البنات في القاهرة بنات آباؤهن
باشوات وبيكوات ، وليس ثمة طريق إلى تدمير حصن الإسلام أقصر مسافة من هذه المدرسة
....)
** يقول المبشر تكلي : ( يجب أن نشجع إنشاء المدارس وأن نشجع التعليم الغربي ، إن
كثير من المسلمين قد زعزع اعتقادهم الديني حينما تعلموا اللغة الإنكليزية وإن الكتب
المدرسية الغربية تجعل الاعتقاد بكتاب شرقي مقدس أمرا صعبا جدا ..)
** في كانون الأول ( 1836م ) اجتمع كل من المبشرين فانديك ،دانيال بلس ، فورد ،
جوسب ، هرتز مع قنصل الولايات المتحدة في بيروت وكان من أهم ما قرره بالنسبة
للجامعة الأمريكية وبقية المعاهد بقولهم (نحن نصر على الطابع التبشيري للكلية وعلى
أن يكون كل أستاذ فيها مبشرا مسيحيا ) .
** ويقول دانيال بلس مدير الكلية السورية الإنجيلية : ( إن السنوات الأولى التي
شهدت تطور الكلية السورية الإنجيلية قضت أن تسير الكلية في مسارها بهدوء قدر
الإمكان فلا تلفت إليها نظر رجال الحكم قبل أن تثبت جذورها في الأرض، فلما ثبتت
جذورها تركت التستر وأصبح لها اجتماعات دينية ظاهرة فأجبرت جميع الطلاب الداخليين
على أن يحضروا صلاة يوم الأحد ، وكان اجتماع الصباح إجباريا ) .
** يقول ستيفن بزوز : ( ومع ذلك فإن الجامعة الأمريكية في بيروت كانت نتاج حركة
التبشير الأمريكية بل إن التبشير كان المبرر الوحيد لتأسيسها ) .
جرائم المبشرين النصارى :
يعتقد النصارى في كتبهم أن المسيح قال : ( أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم وأحسنوا
إلى من أساء إليكم ) .. ويقول أيضا : ( ومن ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر )
.. ويقول أيضا : ( ما جئت ألقي في الأرض حربا بل سلاما ) .. ْولكن الحقيقة أن
الصليبيين الذين يدعون أنهم أتباع المسيح عليه السلام كانت حروبهم دائما حروب إبادة
حروب إجرامية شرسة قذرة خلافا لأوامر المسيح عليه السلام السامية ...
** ذكر المطران ستيفن نيل في كتابه " تاريخ البعثات النصرانية " ما يلي : ( بعد
وصول المبشر لافيجيري إلى الجزائر ظهر وباء التيفوس والكوليرا وحدثت بعد ذلك مجاعة
فجمع (1800) طفل يتيم واستحصل من السلطات الفرنسية على إذن بتحويلهم إلى النصرانية
في بعض المستوطنات التي سموها ( القرى النصرانية ) وهذه التجربة قادته إلى تشجيع
غيره من المنصرين لاتباع نفس الطريقة في بلاد أخرى فصاروا ينشرون الأمراض ويشترون
الأطفال ويجمعونهم في مستوطنات نصرانية هي عبارة عن أديرة وكنائس يربونهم فيها على
العقيدة النصرانية ) وقد حصل ستيفن نيل على رسالة من الأخ بوارييه المؤرخة
28/4/1886م يقول فيها ( إنه إبان مرضه لا حظ أن الأخ " ترابا " الإيطالي اشترى
ثلاثين طفلا بقيمة (310) جنيه استرايني وهذا سعر مرتفع جدا .. وقد نجحت طريقة شراء
الأطفال لدرجة أنه كان لليسوعيين سنة 1902م في منطقة واحدة مئتان وخمسون مزرعة
كنسية بها خمسة آلاف من الأولاد ) ...
** قام المبشرون النصارى باستغلال المرضى في أندونيسيا حيث قامت جمعية الإنجيل
الثانية في إندونيسيا وخلال عشرين عاما فقط بإنشاء عدد كبير جدا من المستشفيات
هدفها تنصير المسلمين حيث أعلنت هذه المنظمة عن تنصير 400000 شخص كما أعلنت وكالة
اليونايتد برس أن عدد الذين تنصروا من المسلمين في إندونيسيا حوالي ثلاثة ملايين
ونصف نسمة ...
** عقد المبشرون مؤتمرهم في الهند عام 1911م برئاسة القس المبشر صموئيل زويمر الذي
قال : ( إن الانقسام السياسي الحاضر في العالم الإسلامي دليل بالغ على عمل يد الله
في التاريخ واستثارة للديانة المسيحية لكي تقوم بعملها إن ذلك يشير إلى كثرة
الأبواب التي أصبحت مفتحة أمامنا في العالم الإسلامي على مصاريعها .. إن ثلاثة
أرباع العالم الإسلامي يجب أن تعتبر الآن سهلة الاقتحام على الإرساليات التبشيرية
إن في الإمبراطورية العثمانية اليوم وفي غربي شبه جزيرة العرب وفي إيران والتركستان
والأفغان وطرابلس الغرب ومراكش سدودا في وجه التبشير ولكن هناك مئة وأربعون مليونا
من المسلمين في الهند وجاوة والصين ومصر وتونس والجزائر يمكن أن يصل إليهم التبشير
المسيحي بشيء من السهولة ) ...
** وقال جوسب : ( من العناية الإلهية العظيمة أن المطبعة الأمريكية والمدارس
الأمريكية في سوريا كانت وسيلة لإعداد رجال ونساء كثر ليكونوا مواطنين أمريكيين )
...
** يقول ريتشرد : ( إن أبوة الله تشمل جميع الشعوب .. وإن الأخوة تضم جميع البشر
وإذا لم تكن الأممية نصرانية فيجب أن ننصرها .. حتى يستطيع المبشرون أن ينصروا جميع
الشعوب على السواء .. إن البروتستانتية لا تتعارض مع مبدأ القومية وأن الدولة
العثمانية تخاف من انتشار الروح القومية بين رعاياها ) ..
** يقول وولز في كتابه معالم تاريخ الإنسانية : ( لقد كادت الكنيسة تفقد سيطرتها
على ضمائر الأمراء وذوي اليسار والاقتدار من الناس .. وكذلك شرعت تفقد إيمان عامة
الناس وثقتهم بها وكان من نتيجة ذلك انحطاط سلطانها الروحي على الطبقة الأولى حيث
جعلتهم ينكرون تدخلها في شؤونهم وقيودها الخلقية عليهم وادعاءاتها بالسيادة العليا
فوقهم وادعاؤها الحق في فرض الضرائب وفي حل ارتباطات الولاء ولذلك فقدت سلطانها
واحترامها عندهم .. وظل هذا الخروج عن طاعة الكنيسة بصدر من الأمراء والحكام طوال
العصور الوسطى بكاملها رغم أن الأمراء لم يفكروا جدياً بالانفصال عن المذهب
الكاثوليكي وإقامة كنائس جزئية منفصلة إلا عندما فقدت الكنيسة احترامها عند الناس
.. أكبر الظن أن المسيحية التي عليها المسيحيون اليوم لا يعرف المسيح عنها أي شيء )
..
** إن موضوع تحريف العقائد النصرانية أمر ثابت لا يختلف فيه اثنان حتى من علماء
ومفكري ومؤرخي الغرب إذ هناك عدد كبير من الشهادات الغربية للمفكرين الغربيين تثبت
تحريف وتشويه العقيدة النصرانية ومزجها بالأفكار والعقائد الوثنية والأفكار الدخيلة
إذ لم يتبق من النصرانية التي نزلت على المسيح عليه السلام أي أثر يذكر .. ولقد
تركز التحريف والتشويه في العقائد النصرانية على أساسيات هذه العقيدة حيث تحولت
عقيدة التوحيد إلى عقائد شركية وأصبح الإله الواحد آلهة متعددة وتم تأليه رسول الله
عيسى عليه السلام وادعاء بنوته لله رب العالمين وتأليه مريم بنت عمران وتأليه جبريل
عليه السلام واختراع قصة الصلب والفداء وتقديس الصليب وعبادته وعبادة الأصنام
والصور والتماثيل ثم جعل الدين عقيدة وطقوساً تقام في المناسبات فقط وترك القانون
الروماني الوثني يحكم حياة الناس .. وذلك لأن الدين المنزل من عند الله هو عقيدة
وشريعة في وقت واحد .. عقيدة توجه الناس إلى ربها وخالقها .. وشريعة تحكم جميع أمور
الناس في هذه الحياة .. هذا غيض من فيض من الانحرافات التي انحرفت فيها العقيدة
النصرانية عن الأصل الإلهي الذي أنزله الله جل وعلا على السيد المسيح عيسى عليه
السلام...
** يقول شاتيليه في كتابه " الغارة على العالم الإسلامي " : ( ولا شك في أن
إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية من
نفوس منتحليها ولا يتم ذلك إلا ببث الأفكار التي تتشرب مع اللغات الأوربية حيث يحتك
الإسلام مع الحضارة الأوربية وتتمهد السبل لتقدم إسلامي مادي وتتم أساليب التبشير
لبناتها في هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي لم تستطع أن تحفظ كيانها وقوتها إلا
بعزتها وانفرادها ) .. وهنا نلاحظ أن شاتيليه رغم اعترافه بقوة العقيدة الإسلامية
وعزتها وتفردها وأصالتها إلا أنه وبدافع من حقده الصليبي الدفين يريد أن يحتال بطرق
ملتوية لتدمير العقيدة الإسلامية ..
** هاجم رئيس أساقفة كانتربري العنف الأمريكي والنزعات الإمبريالية الأمريكية وقال
إن السياسة الخارجية الأمريكية أوجدت أسوأ عالم ممكن ..
** أبدى البابا بينيديكت قلقه من استمرار النزاع في العراق ومعاناة الشعب العراقي
يكافة أطيافه وقال إن الكنيسة والمسيحيين يتضامنون مع تلك الأرض الحبيبة واستغاث
برحمة الله لتحقيق التوافق والسلام .. تعاطف لا بأس به ولكنه جاء متأخرا كثيرا وذلك
بعد أن قتل الأمريكان والبريطانيين في العراق مئات الآلاف من لأبرياء في عراقنا
الحبيب ..
جريمة فصل الدين عن الدولة :
لا أريد هنا في هذا الكتاب أن أستقصي كل الانحرافات والخرافات التي يعتقدها النصارى
اليوم ولا الوثنيات والشركيات التي دخلت على دين النصارى لأن ذلك يحتاج إلى كتب
ومجلدات والمتواجدة بكثرة في المكتبات يمكن أن يرجع إليها القارئ الكريم في مظانها
إذا ما أراد التوسع في هذا المجال وإنما أريد هنا أن أقدم فكرة مبسطة مختصرة جداً
لدعم الفكرة الأساسية التي وضع هذا الكتاب من أجلها .. إن أهم نقطة يجب أن تركز
عليها هنا في هذا البحث هي موضوع فصل الدين عن الدولة وفصل العقيدة عن الشريعة
وإقرار النصارى قبول أية شريعة مادية حتى ولو كانت مخالفة لدين الله تحت مبدأ ( أعط
ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) .. والذي ينسب كذباً وزوراً للمسيح عليه السلام .. إن
الكنسية النصرانية فقدت كل كيانها ومصداقيتها عندما آثرت الانطواء داخل الأديرة
والكنائس والمعابد ورضيت الاكتفاء ببعض الطقوس والمراسم الكنسية التعبدية وتركت
التشريع والحكم والمعاملات وجميع أمور الحياة للقوانين الوضعية البشرية الوثنية ..
إن أي نظام يرضى بأن يطبق شريعة سماوية في المعبد فقط ويرضى بتطبيق شريعة وثنية
كافرة ظالمة في جميع شئون الحياة لهو نظام فاسد باطل وإن ادعى التقوى والصلاح وأنه
دين الله لأن هذا الادعاء باطل من أساسه إذ لا بد من تحكيم شرع الله في كل صغيرة
وكبيرة حتى يستقيم عمود الدين والنظام وتنسجم الشرائع مع الأحكام انسجاماً كاملاً
مطلقاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لذلك نجد أن القرآن الكريم ركز
تركيزاً هائلاً على هذه القضية .. قضية إقصاء شرع الله عن أمور الحياة والاكتفاء
ببعض الطقوس والمراسم والعبادات .. قضية فصل الدين عن الدولة .. واعتبر الإسلام هذا
العمل ظلماً وشركً وكفراً فجاءت الآيات الكريمة متتالية وبأسلوب دقيق ومحكم وبلهجة
شديدة حيث يقول ربنا جل شأنه : [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُون َ] {المائدة:44} .. [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ] {المائدة:47} .. [ وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون َ] .. {المائدة:45}
.. ولعل حادثة عدي ابن حاتم الطائي الذي كان على النصرانية وجاء إلى رسول الله صلى
الله وكان يقرأ قوله تعالى : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله ) {التوبة:31} فقال عدي : ولكنهم لم يعبدوهم يارسول
الله فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم بكل وضوح وبكل دقة : ( أحلوا لهم الحرام
وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم) .. واكتفي هنا بهذه الشواهد
الدقيقة المعبرة عن شمولية هذا الدين الحنيف وعن كون الإسلام عقيدة وشريعة عبادة
ومنهج .. دين ودولة .. شمولية شملت كل صغيرة وكبيرة في حياة الإنسان على وجه هذه
الأرض حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. إن تخلي الكنيسة عن تطبيق شرع الله في مختلف
شؤون الحياة والسماح للشرائع الوثنية الوضعية بالتحكم في جميع أمور الحياة
والابتعاد والانزواء في الأديرة والمعابد والكنائس لتطبيق بعض الطقوس والمراسم
الدينية .. هو الذي قضى على روح الديانة النصرانية التي جاء بها المسيح عليه السلام
من عند الله جل وعلا وبذلك نجد أن هذه الديانة أصبحت ناقصة مشوهة مزيفة لا تصلح لأن
تكون رابطاً حضارياً عالمياً ولا يمكنها أن تنشئ حضارة عالمية إنسانية تستوعب
الإنسانية جمعاء وتتدخل في صميم الحياة البشرية بكل صغيرة وكبيرة .. ذلك لأن الدين
يأتي لإصلاح الأرض وإقامة حياة الناس بالقسط وتصريف شؤونهم وحاجاتهم وضروراتهم ..
يقول ربنا جل شأنه في هذه القضية قضية الدين المنزل من عند الله وأثره في الحياة :
[ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ
وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ ] {الحديد:25} ...
لم يعرف العالم أجمع منذ أكثر من ألف سنة دين الله القويم المنزل على المسيح عليه
السلام على حقيقته الربانية الصافية الخالصة فلقد كانت صورة النصرانية صورة محرفة
مشوهة من صنع البشر على مر العصور والأزمان صورة من صنع الكهنة والقسيسين والملوك
والمتنصرين عبر تاريخ النصرانية الطويل .. صورة لا صلة لها بالأصل الرباني الخالص
الصافي المنزل من عند الله على عيسى المسيح عليه السلام ليبلغه لبني إسرائيل بعد أن
طغت عليهم المادة وعمهم الفساد وأصبحوا بحاجة ماسة لعملية إصلاح جذرية كانت برسالة
المسيح عليه السلام .. وإذا استثنينا بعض الأفراد القلائل جدًا على مسرح التاريخ
منذ عهد عيسى عليه السلام إلى يومنا هذا فإن النصارى في الشرق والغرب ظلوا يستقون
تعاليم دينهم الممسوخة المشوهة المحرفة من رجال الدين والبابوات والقسيسين
والكرادلة والكهنة وكذلك من تعاليم المجامع الكنسية المقدسة عندهم والتي أصبحت على
مرور الزمن معتقدات أصلية ثابتة في الديانة النصرانية ولكنها لا تمت إلى دين الله
الذي أنزله على المسيح عليه السلام إلا بومضات بسيطة متوزعة هنا وهناك في الكتب
المقدسة عند النصارى .. حتى أصبح للكرادلة والبابوات صفة إلهية مقدسة وأصبحوا
مرجعاً دينياً يربط بين الأرض والسماء لا يرقى إليه الشك ولا يجوز لأحد أن يناقشهم
في أي قرار أو أمر من أمور الدين وبذلك تحقق قول الله فيهم صدقاً وعدلاً حين قال :
[ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ
وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاا
إِلَهَ إلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ] {التوبة:31} .
الاستشراق والتراث الإسلامي :
قام الغرب الصليبي بسرقة التراث الإسلامي من مكتبات الأندلس ومصر وسورية والعراق
وتركيا وغيرها من بلاد المسلمين ووضعها في مكتبات الغرب وهذه إحدى جرائم الحضارة
الغربية تماما كسرقة الآثار من المتاحف العربية والإسلامية بل على العكس من ذلك فإن
سرقة التراث الإسلامي تعد من أكبر التحديات فلقد أصبحت كتب المسلمين بأيد مغرضة غير
أمينة بحيث تمنع عن أبناء المسلمين ما تريد من الذخائر التراثية وتفرج عما تريد حسب
قناعاتها الحاقدة .. والحقيقة إن الذي أفرج عنه من تراثنا الإسلامي المتواجد في
مكتبات الغرب لا يعدو قطرة من بحر مما يؤكد علينا واجبا إسلاميا كبيرا هو محاولة
تجميع تراثنا الإسلامي والتركيز على طبعه ونشره أو على الأقل تصويره ونسخه وتعميمه
على جميع مكتبات التراث في بلاد المسلمين حتى تعم الفائدة ويحصل المطلوب كما يجب
على أبناء المسلمين الوصول إلى جميع الكتب الإسلامية في بلاد الغرب وتصوير ونسخ
الكتب الإسلامية التراثية لكي نعيد الحق إلى نصابه ونسترجع الكنوز التي سرقتها
الحضارة الغربية إبان الحملات الصليبية والحملات الاستعمارية خاصة وأن أساليب
الطباعة والتصوير أصبحت ميسرة لكل من أراد وبتكنولوجيا دقيقة ومتطورة جدا .. لقد
حاول المستشرقون تدفعهم الأحقاد الصليبية القديمة على بعث العديد من كتب التراث
الإسلامي التي تجسد الخلافات السياسية والمذهبية مثل كتب التصوف الفلسفي وعلم
الكلام وأبحاث الاعتزال وكتب الطرق المنحرفة والباطنية وغيرها .. وذلك لإعادة نبش
الخلافات السياسية القديمة التي أفسدت على المسلمين نقاء عقيدتهم ومزقتهم في الماضي
ثم تلاشت بعد أن تغلب عليها المنهج الإسلامي الأصيل .. وهذا بحد ذاته أحد الأساليب
الخبيثة الماكرة التي يعتمدها المستشرقون في حربهم ضد الإسلام والذي يجب الانتباه
إليه ولقد وجد المستشرقون كتب المنحرفين والضالين إضافة إلى كتب الشعوبية التي تشوه
سيرة أعلام المسلمين بقصص ومقالات كاذبة مختلقة إضافة إلى الكتب التي تطرح الأفكار
الإلحادية الكافرة مثل كتب الحلاج والسهروردي وبشار بن برد وأبي نواس وألف ليلة
وليلة وكليلة ودمنة ومؤلفات ابن الراوندي وسيرته وكتاب الأغاني وكل هذه الكتب
وغيرها كثير والتي رعاها المستشرقون وأولوها عناية خاصة هي من الكتب المليئة
بالإنحرافات والأفكار البعيدة عن صفاء الدين ونقاء العقيدة الإسلامية ، ولا يجوز أن
يتداولها إلا المتمكنون من ثقافتهم الإسلامية الذين يستطيعون تمحيص الحق من الباطل
وتمييز الدسائس والانحرافات ، ومن هذا القبيل نجد المستشرق ماسينون الذي اعتنى
بدراسة أفكار الحلاج وكتبه والتي تمثل لوثات شركية في الحلول والتجسيد وغيرها ..
ولعل من الأمور الهامة في موضوع الاستشراق أن بعض المهزومين روحيا من المفكرين
المسلمين كانوا يقفون أمام المستشرقين بشيء من التواضع أوأحيانا الذل وذلك على
اعتبار أن هؤلاء المستشرقين أساتذة مخضرمين وهذا مما زاد جرأتهم على الإسلام
والمسلمين والمفروض أن نرد آراءهم بشيء من الحزم و الشدة وأن نسفه أحلامهم ونرد
عليهم بضاعتهم المغرضة بقوة الحق الذي أعطانا الله إياه ، والجدير بالذكر أن طه
حسين وزكي مبارك ومنصور فهمي ومحمود عزمي كانوا تلاميذا لمستشرقين يهود مثل دوركايم
وليفي وبرايل وهم الذين عادوا إلى بلاد المسلمين ليثيروا الشبهات حول الإسلام
ومبادئه مثل التاريخ الاسلامي ومثل تعدد الزوجات ومثل موضوع الرق وغير ذلك كثير
فكانوا بذلك معول هدم للإسلام وتخريب لأفكار المسلمين ومن جملة الشبهات التي كان
يطرحها تلاميذ المستشرقين هو أن العرب كانوا أصحاب حضارة راقية وأن الإسلام لم يكن
له إلا تأثير بسيط ويستدلون بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم
مكارم الأخلاق ) حيث كانت هناك مكارم أخلاق فجاء الإسلام ليتممها ونسوا أن مكارم
الأخلاق وحدها لا تبني حضارة ولا تقيم أمة ولا تنشئ حضارة عالمية انسانية تمتد من
أقصى الشرق إلى أقصى الغرب .. ولعل من الأمور الهامة التي ركز عليها الاستشراق هي
الحملة الشرسة على الخلافة العثمانية حيث أخذ أذنابهم بتشويه تاريخ العثمانيين
وتشويه الإمبراطورية العثمانية ووسمها بالكفر و الزندقة والفساد والفجور وكتابة
القصص على قصور الحريم والخمور والزنا والفواحش ما ظهر منها وما بطن وكلها كذب
وافتراء لتحطيم الخلافة العثمانية الإسلامية ، وأنا هنا لا أنكر وجود بعض الفساد في
كيان الدولة العثمانية إلا أن عملية التضخيم هذه كان هدفا مقصودا لإثارة موجة
العداء بين الاشقاء المسلمين من الأتراك والعرب وغيرهم ولا أدل على ذلك من حادث
السادس من أيار عندما قام بعض الخونة في سوريا ولبنان بالتآمر على الدولة العثمانية
والاتصال بالقوى الاستعمارية الصليبية في ذلك الحين حيث تم التحقيق معهم وثبتت
خيانتهم وصدرت فتوى شرعية من مشيخة الاستانة بإعدامهم فقامت الدنيا ولم تقعد وأصبح
جمال باشا حاكم سورية العثماني الذي نفذ حكم القضاء والشرع الإسلامي سفاحا وأصبح
الخونة والعملاء شهداء وقلبت الحقيقة رأسا على عقب ولا تزال سوريا ولبنان حتى يومنا
هذا تحتفلان بمقتل الخونة العملاء تحت اسم شهداء السادس من أيار ولا أريد هنا أن
أذكر العديد من الأمثلة التي تثبت الدور التآمري الحاقد للمستشرقين الصليبيين لأن
هناك العديد من الكتب بهذا الموضوع بالذات يمكن للقارئ الكريم الرجوع إليها ولكن
تكفي الإشارة هنا إلى أن الاستشراق كان دائما في خدمة الدوائر الاستعمارية وفي خدمة
الحملات التبشيرية المعادية للإسلام والمسلمين .. ونقطة أخرى هامة جدا أريد أن أنبه
إليها في موضوع الاستشراق هو جهلهم بأسرار وخفايا اللغة العربية والتعابير البلاغية
العربية التي يصعب على أي شخص غير عربي أو مسلم أن يتفهم كنهها ولقد قام بعض
المستشرقين بتفسير وترجمة بعض الآيات القرآنية بشكل مضحك مثير للدهشة مثل قوله
تعالى : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) فسرها بعض المستشرقين ( إن كل إنسان
يأتي يوم القيامة وفي رقبته حمامة ). وكذلك تفسير قوله تعالى (هن لباس لكم وأنتم
لباس لهن ) فسرها بعضهم (هم كالبطلونات لكم وأنتم كالبطلونات لهن ) .. إن صعوبة
اللغة العربية قراءة ونطقا وقواعدا وبلاغة تجعل منها سدا منيعا أمام غير العربي حتى
المسلمين منهم فكيف بمن هو كافر معادي للإسلام .. إن حقد المستشرقين على الإسلام
والمسلمين لا يمكن أن يجعلهم منصفين إلا قلة قليلة منهم لا يمكن مقارنتهم بالأغلبية
العظمى يقول أحد المستشرقين : ( إن كراهية العرب والاسلام إنما يرضعها الأوربي مع
لبن أمه ) .. فكيف نأمن مكر من يفكر بمثل هذا التفكير الذي تجاوز الحق إلى التعصب
والحقد والكراهية وعدم الإنصاف .. لقد كان أسلوب الاستشراق أول ما بدأ هجوميا حاقدا
غبيا أثار كل المسلمين ضده بأسلوبه الهمجي الأحمق إلا أنه بعد ذلك دخل مرحلة جديدة
التي يمكن أن نسميها ( دس السم في الدسم ) حيث أصبحت كتاباتهم وبحوثهم تظهر الود
والمحبة والشفقة على أوضاع المسلمين بينما تثير شبهات خفية ولوثات إلحادية ناعمة
تتراكم يوما بعد يوم دون أن يشعر المسلمون العاديون بهذا الخطر الذي يدب في أفكارهم
دبيب النمل ولكن علماء الإسلام قد تنبهوا إلى هذا الخطر المحدق ونبهوا أبناء
المسلمين عليه بين فترة وأخرى لأن مكر أعداء الإسلام لن ينتهي حتى ( يردوكم عن
دينكم إن استطاعوا ) .. وهذه شهادة القرآن الكريم على مكرهم وخداعهم ولعل دخول بعض
خبثاء اليهود إلى سلك الاستشراق هو الذي غير منهج الاستشراق إلى هذا اللون الخبيث
الماكر أذكر هنا على سبيل المثال ( برنارد لويس – رودنسون – جام بيرك - م. بيرجر )
وغيرهم كثير .. لقد قام الدكتور مصطفى السباعي عميد كلية الشريعة في جامعة دمشق
رحمه الله بالتحاور والمناقشة مع المستشرقين في عصره فوجد أن بضاعتهم الحقد والغش
والتشويه وأن مهمتهم الاساسية هي خدمة الاستعمار وخدمة التبشير وإذابة الشخصية
الإسلامية المتميزة لأنهم يخافون هذا الإسلام ولأنهم متيقنون لو أنهم تركوا الإسلام
على طبيعته فإنه لابد وأن يتسلم قيادة البشرية جمعاء وبالتالي ينتهي دورهم الحضاري
ويبدأ دور الحضارة الإسلامية من جديد ، ومن هذا المنطلق سمى الدكتور السباعي المجلة
الإسلامية التي كان يصدرها في دمشق ( حضارة الإسلام ) والتي قدمت خدمات جليلة للفكر
الاسلامي المعاصر وللرد على المغرضين الحاقدين على الإسلام والمسلمين ولقد قام
المفكر الإسلامي أنور وجدي في كتابه ( الإسلام والثقافة الغربية ) بدراسة واسعة عن
حركتي التبشير والاستشراق وقام بدراسة مفصلة عن أهم المستشرقين والمبشرين أمثال
(مرجليوت - لامنس – لويس شيخوا اليسوعي – لويس براتران – لنسنك – جولد تسايهر )
وغيرهم ويمكن للقارئ الكريم الرجوع إلى هذا الكتاب أو غيره إذا أراد المزيد ...
ولقد أشار ريمون رول الباحث الإيطالي عام (1316م) إلى الحكام الغربيين بأن يستبدلوا
الحملات العسكرية الصليبية بحملات سلمية تبشيرية لأن القوة العسكرية لا بد وأن
تستفز المسلمين وتحرك عواطفهم نحو القتال ) .. لذلك تجند الدول الصليبية حملات
تبشيرية تنصيرية صليبية مكثفة منذ عهود بعيدة لتخريب عقائد المسلمين وإفساد عقيدة
التوحيد الخالص التي يتميز بها النظام الإسلامي على كل العقائد والمذاهب والطوائف
الأخرى .. فقد قامت المخابرات الأمريكية بتزويد البابا بولص السادس بابا الفاتيكان
السابق بأموال طائلة لدعم عمليات التبشير المسيحي .. هذا ولقد ذكر الكاتب التركي
ضياء أويغور في كتليه " جذور الصهيونية " : ( أن عدد ماطبع ووزع من نسخ العهد
القديم والجديد بواسطة إرساليات التبشير خلال مئة وخمسين عاما يزيد على ألف مليون
نسخة مترجمة إلى ألف ومئة وثلاثين لغة عدا النشرات والمجلات وإن تكاليف هذه
المطبوعات لايقل عن عشرة آلاف مليارات دولار ) .. وإذا أضفنا إلى ذلك رواتب ومصاريف
جيوش المنصرين وتكاليف بناء الكنائس والبرامج والقنوات التلفزيونية التنصيرية
والملاجئ والمستشفيات والمدارس التنصيرية وغير ذلك كثير لحصلنا على أرقام فلكية لا
يمكن أن يتصورها عقل وكانت كل هذه المصاريف دون فائدة تذكر وهذا ما أخبرنا عنه رب
العالمين منذ خمسة عشر قرنا من الزمان يقول ربنا جل شأنه : ( الذين ينفقون أموالهم
ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى
جهنم يحشرون ) .. إن هذه الأموال الطائلة التي تنفق لنشر الفساد لو أنفقت في مجالات
الخير لأمكنها القضاء على الفقر والمرض والجهل في العالم أجمع ..
ذكرت مجلة المجتمع الكويتية : ( أن خمسة وثمانين ألف قسيس يعدون اليوم إعدادا تاما
ويجهزون تجهيزا كاملا للقيام بهجوم شامل على الإسلام تحت المظلة الأمريكية تطويقا
لحركة الانتعاش الإسلامي ) .. هذا وتقوم الآن مؤتمرات عالمية خبيثة مغرضة تحت
شعارات براقة مثل حوار الحضارات والمؤتمر الإسلامي المسيحي في إسبانيا والمؤتمر
الإسلامي المسيحي في تونس وفي لندن وفي داكار وكل هذه المؤتمرات مؤتمرات مغرضة
موجهة من قبل قوى الشر من أعداء الإسلام والمسلمين ذلك لأنه تم تجهيز واعداد دهاقنة
الشر من اليهود والنصارى مدعومين بكل الإمكانات الضخمة بينما علماء المسلمين
الأفذاذ مقيدين إما في السجون والمعتقلات أو ممنوعين من التنقل والسفر أو ربما لا
يجدون قيمة تذكرة السفر للذهاب إلى تلك المؤتمرات فتقوم الدول الإسلامية بإرسال
الأغرار أو التافهين أو المغرضين لحضور مثل هذه المؤتمرات فيحضر عن المسلمين من
لايملك العلم والمعرفة والصواب وهنا تكون الكارثة .. إن الباطل يقظان وإن أجهزة
الشر تعمل صباح مساء في كل البلاد العربية والإسلامية بل في كل بلاد العالم للتشكيك
في هذا الإسلام العظيم وافتراء الأكاذيب والشبهات على ديننا الإسلامي وعلى كتاب
الله القرآن الكريم وعلى سنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم فهل يعي أبناء
الإسلام هذه الحقيقة ..؟!!! ..
الحروب الصليبية في التاريخ الإسلامي :
أحداث قذرة عنصرية مجرمة حاقدة تلك هي الحروب والهجمات الصليبية حيث بدأت هذه
الأحداث المأساوية ببث النعرات الطائفية الصليبية وإذكاء الأحقاد ضد كل ماهو مسلم
أو يمت إلى الإسلام بصلة وذلك بهوس وسعار محموم هز أوربا كلها من أقصاهل إلى أقصاها
بحروب مجرمة لم يسجل التاريخ أحلك منها ولم تصب الإنسانية في صميمها بمثل ما أصيبت
به في تلك الحروب .. بدأت الحملة الصليبية الأولى بهوس ديني وسعار يجتاح أوربا من
أقصاها إلى أقصاها .. ويدفع جيوشا جرارة بقيادة ( بطرس الناسك ) و( جوتيه المعدم )
و( جود سكال) ثم تنتهي بهزيمة ساحقة يتكبد فيها الصليبيون ( 300,000 ) قتيل .. ثم
تأتي الحملة الصليبية الثانية بجيوش جرارة يقودها ( جود فري ) و( دوق لورين ) فتحتل
مناطق شمال سورية وتقوم بمذابح مروعة في مدينة معرة النعمان التي استسلمت وأعطوا
سكانها الأمان إلا أن الصليبيين كعادتهم لاعهد لهم ولا أمان ولا ذمة .. ثم وصلت هذه
الحملة الصليبية المجرمة إلى بيت المقدس ، فقتلت سبعين ألف مسلم من سكانها العزل
الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال والعجزة بعد إعطائهم الأمان ويعلق مؤرخ الكنيسة
( فلوري ) على هذه المجزرة بقوله : ( المسيحي الذي يبيد أعداءه لا يخرج عن نطاق
الإيمان لأنه بفعله هذا إنما ينحر القرابين .. ويقدمها إرضاء لله ) ..هكذا منطق
المجرمين الصليبيين .. وفي الحملة الصليبية الثالثة انطلقت أربعة جيوش صليبية جرارة
إلى فلسطين من ( صقلية وألمانيا وفرنسا وانكلترا ) ثم تعود مجللة بالخزي والعار بعد
أن أضافت إلى سجل الخزي والعار الذي كتبه الصليبيون عبر تاريخهم الطويل مذبحة عكا
حيث تم القضاء على غالبية سكان عكا بعد أن أعطاهم لصليبيون المجرمون الوعد والعهد
بالسلامة والأمان ولكن متى كان للمجرمين عهد أو وعد أو ميثاق .. لقد كانت الحروب
الصليبية أحداثا عنصرية إجرامية حاقدة قذرة .. لم تنقطع الأحقاد الصليبية على
الإسلام والمسلمين لحظة واحدة منذ جاء الإسلام ونزل القرآن من الكريم المنان جل
وعلا فما لبث أن قام دهاقنة الكنيسة بإغراء الشباب المسيحي بمغامرة جديدة ضد
الإسلام والمسلمين فجهزوا جيشا من الشباب الأغرار بعد أن ملؤوا قلوبهم حقدا وكراهية
على الإسلام والمسلمين .. ولكن تبين فيما بعد أن هؤلاء الكهنة كانوا عصابة قراصنة
فباعوهم كما يباع الرقيق .. ولكن عندما عجزت القوات الصليبية على تحطيم الإسلام
والمسلمين لجأت إلى إغراء الوثنيين بالزحف على بلاد المسلمين وذلك عندما ألب طاغية
فرنسا ( لويس التاسع ) طاغية المغول ( هولاكو ) على المسلمين فأقبلت جيوش المغول
كأنها إعصار مدمر تدك المدن وتقتل الأبرياء وتعتدي على الحرمات وتهلك الحرث والنسل
فكانت حروب المغول من أفظع جرائم التاريخ قديمة وحديثة حيث سقط في بغداد
وماحولهاأكثر من مليون شهيد من المسلمين وسقط في سورية بعد ذلك مايزيد على نصف
مليون شهيد وفي ذلك يقول القسيس الصليبي ( دوموسيل ) : ( إن الحملة المغولية هي
حملة صليبية نسطورية تعلق بها أمل الغرب في القضاء على الإسلام والمسلمين ) .. ولعل
من المفيد هنا أن نذكر أن حملة هولاكو الإجرامية ضد الدولة الإسلامية ما كان لها أن
تنجح لولا دعم الغرب الصليبي ومساعدة الشيعة الرافضة برئاسة ابن العلمي ونصير الدين
الطوسي الذين تآمروا على الإسلام والمسلمين مع أعداء الإسلام والمسلمين وبذلك يجب
أن لا نستغرب تواطؤهم مع الصليبيين الجدد لإسقاط العراق في العصر الحديث ...
وجاءت الحملة الصليبية الرابعة على بلاد الأندلس مركز الإشعاع الحضاري الذي أضاء
لأوربا طريق نهضتها وتقدمها واسيفاد منها في جميع مجالات العلم والأدب والفن
والسياسة ولعلوم الإنسانية والعلوم الكونية بشكل عام .. حيث أخذ الغرب عن عن
الحضارة الإسلامية في بلاد الأندلس أسس الحضارة ومبادئ حقوق الإنسان فطبقوها في
بلادهم إلا أنهم لم ينظروا إليها في حروبهم المجرمة ضد المسلمين في بلاد الأندلس ..
هذا البد الآمن بشعبه المسالم بطبيعته لم يسلم من مؤامرات الصليبيين وأحقادهم فما
لبث الملك الصليبي الحاقد فرديناند أن تحالف مع الملكة الصليبية الحاقدة إيزابيلا
في غفلة من ملوك بني الأحمر لشن حرب طاحنة على آخر معاقل المسلمين في بلاد الأندلس
فردوسنا المفقود فكانت حرب إبادة وجريمة من أبشع جرائم التاريخ تشكلت بعدها وبتوجيه
من رجال الدين المسيحي محاكم التفتيش التي قامت بأبشع جرائم التطهير العرقي فقامت
بعمليات القتل والتعذيب والإحراق والإبادة وتنصير الأطفال من أبناء المسلمين حتى
وصلت الوقاحة بالمجرمين أن يكشفوا على عورات الرجال فمن وجدوه مختونا قتلوه لأن
الختان دليل على أن هذا الرجل مسلم وأن مجرد الانتتماء إلى الإسلام يعتبر جريمة في
نظر المجرمين الحاقدين عقوبتها الموت .. وفي ذلك يقول الكاتب ( هنري دوكاستري ) : (
إن مبالغة المسلمين في الإحسان إلى خصومهم هي التي مهدت للثورة عليهم وأتاحت
للمتعصبين المسيحيين أن يجمعوا أمرهم على العصيان والتمرد وأن يستغلوا الفرصة
السانحة للقضاء على الدولة التي منحتهم حق الحياة ومقومات الحياة وحرية التدين ..
ولو أن المسلمين عاملوا المسيحيين الإسبان مثل ما عامل المسيحيون السكسون الأمم
التي حكموها لأخلدوا للإسلام واستقروا عليه ) ...
وجاءت الحملات الصليبية الخامسة عتدما رأت الكنيسة في القرنين الرابع عش والخامس
عشر انتشار الإسلام في جنوب شرق آسيا مثل أندونيسيا والفيليبين وماليزيا وغيرها
فقررت الكنيسة أن تبدأ حملاتها الصليبية لوقف المد الإسلامي المتنامي في الأصقاع
البعيدة من العالم فكانت أولى هذه الحملات عام 1519 م بقيادة الصليبي المجرم ماجلان
حتى وصلت إلى سواحل الفيليبين لتنشر الخراب والدمار والقتل والرعب في ربوع البلد
الإسلامي الآمن الفيليبين وتم تركيز الحملات التبشيرية على أبناء المسلمين بعد قتل
البالغين من المسلمين لتتحول الجزر الفيليبينية المسلمة إلى دولة مسيحية تدعمها كل
القوى الصليبية في العالم للقضاء على البقية الباقية من أبناء المسلمين .. ولا تزال
حرب الإبادة الصليبية ضد المسلمين في الجزر الفيليبينية جارية حتى يومنا هذا ...
وجاءت الحروب الصليبية الحديثة إلى بلاد المسلمين وذلك بعد التحالف الاستراتيجي بين
القوى الصليبية والقوى الصهيونية العالمية .. فبعد العداء الشديد بين النصرانية
واليهودية واتهام الكنيسة لليهود بالمساعدة علىقتل وصلب السيد المسيح عليه السلام
ما لبثت أن اجتمعت الأحقاد الصليبية مع الأحقاد الصهيونية في تحالف استراتيجي ضد
الإسلام والمسلمين تدفعها المصالح الاستعمارية المشتركة ضد بلاد المسلمين فكان أول
تعاون بين الصلبية والصهيونية هو القضاء على الخلافة العثمانية فأخذت الصهيونية على
عاتقها مهمة إقساد الأوضاع الداخلية وإثارة الفتن والقلاقل داخل بلاد الخلافة
العثمانية واستطاعت أن تسخر يهود الدونمة في سالونيك وغيرها من المدن اليونانية
لتأسيس حركات وأحزاب وجمعيات تخريبية سرية مثل جمعية الاتحاد والترقي التركية
وجمعية تركيا الفتاة والمحافل الماسونية والأحزاب العلمانية الكافرة في كل من
البلاد العربية وتركيا والتي كان لها أكبر الأثر في إثارة الفتن والقلاقل التي أقضت
مضاجع الخلافة العثمانية .. ولقد كان من أهداف هذه الحركات نشر البلبلة ونشر
الإلحاد والفسق والفجور والفساد والترويج للمذاهب الهدامة وللأفكار المتطرفة وإثارة
النعرات العرقية والطائفية والعنصرية وإيقاد الفتن وإشعال الثورات والمظاهرات
والحروب وممارسة التجسس لحساب الدول الغربية ونشر عصابات المخربين والمتآمرين على
أوسع نطاق في أراضي الخلافة العثمانية .. وكان نتيجة لهذه الحملات المتآمرة التي
كان يساعدها الخائنون والمغفلون من أبناء الأمة العربية أمثال الشريف حسين وأبنائه
سقوط الخلافة العثمانية .. وبعد ذلك تجرأت الدول الاستعمارية وقدمت بقضها وقضيضها
لاحتلال الدول الإسلامية واتي ما كانت لتتجرأ على ذلك بوجود الخلافة الإسلامية
العثمانية ولقد كانت مكافأة اليهود على خدماتهم الجليلة للغرب الصليبي وعد بلفور
المشؤوم بإعطاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين والتي تعتبر أكبر جريمة في التاريخ
الحديث حيث تم طرد شعب كامل من أرضه ووطنه بقوة السلاح والإرهاب ليحل محلهم شذاذ
الآفاق القادمين من كل أصقاع العالم .. هذا ولقد اجتمع الأوربيون في برلين عام 1878
م تحت مايسمى بالمؤتمر الأوربي ليتوصلوا إلى القرارات التالاية :
** تحطيم الدولة العثمانية التي وقفت سدا منيعا في وجه الحملات الصليبية وحركات
التنصير في البلاد الإسلامية ..
** اقتسام تركة الدولة العثمانية التي كانوا يسمونها بالرجل المريض بين الدول
الصليبية المتآمرة ..
** تمزيق البلاد الإسلامية إلى دويلات صغيرة ووضع حدود مصطنعة بينها ..
** دعم الأقليات النصرانية الموجودة في البلاد الإسلامية واستغلالها في التجسس
وإثارة القلاقل والمحن والفتن ..
** مساندة وتشجيع المذاهب المنحرفة المناهضة للإسلام مثل القاديانية والبهائية
والنصيرية وغيرها ..
** مضاعفة الجهود التبشيرية وتركيز هذا النشاط على العالم الإسلامي ...
** إقامة الدولة اليهودية على التراب الفلسطيني تحت اسم دولة إسرائيل ...
وبعد هذا العرض الموجز للحروب الصليبية على البلاد الإسلامية نقف لنتساءل هل توقفت
الحروب الصليبية ؟.. وهل توقف الحقد الصليبي والصهيوني على الإسلام والمسلمين ؟..
الجواب لا وألف لا .. فلقد فجعت البلاد الإسلامية وفجع المسلمون في كل بلاد العالم
بحروب صليبية صهيونية حاقدة شرسة نراها أمام أعيننا في البوسنة والهرسك .. في
الشيشان .. في داغستان .. في كوسوفا .. في تيمور الشرقية .. في تركستان في
أفغانستان .. في العراق .. في الصومال .. في جنوب السودان .. في لبنان .. في غزة من
أرض فلسطين المحتلة بل في كل شبر من عالمنا الإسلامي نجد المؤامرات الصليبية
والصهيونية لا تتوقف ولا تنقطع وعندما نتساءل لماذا هذه الحرب الشرسة ؟.. يجينا
القرآن الكريم ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) .. ولكنهم
لن يستطيعوا بفضل الله ودعمه للمؤمنين .. وأخيرا وليس آخرا قامت الدول الصليبية في
العالم بإشعال ثلاثة حروب عالمية في البلاد الإسلاميةالحرب الأولى في أفغانستان
المسلمة حيث قامت هذه الدول بأبشع الجرائم ضد الفقراء الآمنين في أفغانستان ثم في
منطقة الخليج تحت مسمى حرب تحرير الكويت ثم اتلال العراق حيث أعلن الصليبيون الجدد
أن هذه الحرب هي امتداد للحروب الصليبية أعلن ذلك كل من الرئيس الأمريكي ورئيس
الوزراء البريطاني ورئيس الوزراء الإيطالي ورئيس الوزراء الأسترالي قالوها وبكل
وقاحة حرب صليبية ضد الإسلام والمسلمين ولكن المسلمين غافلون عن كل هذه المؤامرات
والأحداث ...
الدعوة النصرانية وشبهة الجزية :
كثر اللغط وكثرت الشبهات والأقاويل حول موضوع الجزية التي تفرض على أهل الذمة من
غير المسلمين الذين يعيشون في ظل المجتمع الإسلامي والحقيقة أن تطبيق الجزية في
التشريع الإسلامي كان لسببين أساسيين منطقيين ولكن أعداء الإسلام حاولوا تشويه
المنهج الإسلامي عن طريق إثارة موضوع الجزية على أنها نوع من الضغط والإكراه لغير
المسلمين :
السبب الأول : أن الإسلام فرض على المسلمين ضريبة مالية رفعها إلى مستوى العبادة
ألا وهي الزكاة الشرعية هذه الزكاة الشرعية أصبحت أحد أركان الإسلام الأساسية وإحدى
العبادات الأساسية في الإسلام .. ونظرا لأن المبدأ الأساسي في الإسلام تجاه أصحاب
الديانات الأخرى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) لذلك فإن إرغام غير
المسلمين على تطبيق أية عبادة إسلامية وفرضها عليهم يتعارض مع المبدأ الأساسي في
عدم إكراه الناس على الإسلام لأن إرغام غير المسلمين على هذه العبادة يعتبر نوع من
الإكراه في الدين وبذلك جاء التفريق بين الزكاة الشرعية التي هي عبادة للمسلمين
وبين الجزية التي هي ضريبة المجتمع على أفراد يعيشون في هذا المجتمع .. وهذا أمر
منطقي أن يساهم كل أفراد المجتمع في تغطية مصاريف هذا المجتمع سواء كان هؤلاء
الأفراد مسلمين أو غير مسلمين فهل من العدل أن تجبى الصدقات والزكوات من أبناء
المسلمين بينما يعيش غير المسلمين في بلاد المسلمين متطفلين على المجتمع الإسلامي
دون أن يساهموا بأي نصيب من متطلبات المجتمع الذي يحتوي على المسلمين وغير المسلمين
.. أما التسمية فلتسمها ما شئت ولكن الإسلام سماها الجزية للتفريق بينها وبين
الزكاة التي هي عبادة إسلامية تطبق على أبناء المسلمين فقط .. والجدير بالذكر هنا
أن الجزية المطبقة على غبر المسلمين غالبا ما تكون أقل من الزكاة الشرعية التي تطبق
على المسلمين وهذا أمر يجب أن نلفت الانتباه إليه حتى يعلم الناس أن الإسلام كان
عادلا رحيما بالذميين من غير المسلمين الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية .. أضف
إلى ذلك أن جميع دول العالم تطبق الضرائب على كل أفراد المجتمع على مختلف عقائدهم
وأجناسهم فلماذا يتهم الإسلام في فرض مثل هذه الضريبة ...
الأمر الثاني : أن الإسلام كلف المسلمين بفريضة الجهاد والدفاع عن الدين والوطن
واعتبرها عبادة إسلامية في المجتمع المسلم في حين أعفى التشريع الإسلامي غير
المسلمين من هذه الفريضة الإسلامية وفق المبدأ الإسلامي الأساسي بعدم إكراه غير
المسلمين على عبادات المسلمين .. إن فريضة الجهاد هذه تكلف المسلم الشيء الكثير من
الوقت والجهد والمال والتعب والمخاطرة وتعطيل العمل لذلك كان من المنطقي فرض ضريبة
مادية على غير المسلمين مقابل إعفائهم من فريضة الجهاد سماها التشريع الإسلامي
الجزية بينما تسميها الأنظمة المادية الوضعية ( بدل الإعفاء من الخدمة العسكرية )
.. وهذا الأمر مطبق في معظم دول العالم حتى الآن .. فلماذا الصراخ والنعيق ولماذا
إثارة الشبهات ضد مبدأ الجزية في الإسلام .. لقد حاول أعداء الإسلام في القديم
والحديث أن يشوهوا صورة الإسلام بإثارة الشبهات حول أحكام الإسلام وتشريعاته ولعل
موضوع الجزية التي فرضها النظام الإسلامي على غير المسلمين في المجتمع الإسلامي كان
من أهم الأحكام التي حاول أعداء الإسلام أن يدخلوا منها ليدسوا الدسائس ويثيروا
الشبهات وتبيانا للحقيقة نقول .. إن ضريبة الجزية ليست كما يصورها أعداء الإسلام
بالصورة القاتمة الظالمة المعتمة وليست محلا لإثارة الحملات الإعلامية وإثارة القصص
والحكايات وذلك للتغطية والتعمية على ظلمهم وإجرامهم وفسادهم وسرقاتهم لخيرات
الشعوب .. ذلك لأن الإسلام كان واضحا وصريحا منذ اللحظة الأولى في فرض الجزية على
غير المسلمين لأنه لايريد أن يخدع الناس أو يغشهم كما يفعل الغزاة المجرمون من غير
المسلمين حيث يظهرون السماحة والوداعة ويطلقون الشعارات البراقة مثل الحرية
والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والوطنية والتقدمية وغير ذلك كثير من
الشعارات البراقة بينما يمارسون أبشع أنواع الظلم والاستغلال والجرائم والسرقات
والاستعمار .. إن الحضارة الغربية عندما استعمرت شعوب العالم سرقت كل خيرات الشعوب
وأبقتهم في الجهل والفقر والمرض وهم يحملون معهم شعارات الإعمار والتقدمية
والديمقراطية وكلها شعارات كاذبة خادعة مزيفة مراوغة وهم في الحقيقة دول قائمة على
الظلم والاستغلال والإرهاب والإجرام ولو نظرنا نظرة واقعية إلى حجم السرقات
والرشاوى والعقود والرواتب والأجور الباهظة التي تتلقاها الدول الاستعمارية من
الدول الضعيفة المستعمرة لوجدنا أن هذه الدول الاستعمارية قد قامت بعمليات نهب ضخمة
وعمليات سرقة مخططة ومبرمجة تركت البلاد والعباد في تلك الدول في حالة من الفقر
مزرية إضافة إلى الجهل والمرض والفاقة والعوز بينما نجد أن المستعمرين كانوا
يتقاضون أعلى الرواتب التي لا يحلمون فيها في بلادهم .. فلقد كان كل فرد من أبناء
الدول الاستعمارية يتقاضى ما يكفي لإعالة مئة عائلة فقيرة من أبناء تلك الدول أو
يزيد .. أما الإسلام فهو نظام آخر مختلف تمام الاختلاف عن بقية النظم الأرضية
الاستعمارية الظالمة ذلك لأنه نظام رباني قائم على العدل الإلهي المطلق .. الإسلام
وضع نظام الجزية بطريقة عادلة قمة في العدالة وبطريقة إنسانية قمة في الرقي
الإنساني وبطريقة سامية تحفظ للمجتمع الإسلامي حقوقه تماما كما تحفظ للذميين حقوقهم
وتفرض على كل من يعيش في ظل المجتمع الإسلامي الواجبات الضرورية للحفاظ على هذا
المجتمع سواء كان من المسلمين أو من غير المسلمين .. ذلك لأن الإسلام يحرم على
المسلمين الظلم والنهب والسلب والسرقة والقتل والإجرام وهذا كله ما تقوم به وتمارسه
الدول الاستعمارية التي تدعي الحضارة والديمقراطية والإنسانية والتقدمية .. وهنا
أريد أن أذكر بأن جنوب أفريقيا من أغنى دول العالم بالذهب والألماس ولكني عند
زيارتي للعاصمة حوهانسبيرج والمدن المحيطة بها وجدت العجب العجاب القسم الأكبر من
المدينة ويسكنه السكان السود أصحاب البلاد وهوفي حالة فقر مدقع بينما معسكرات البيض
تنعم بأعلى مستوى للرفاهية فلهم أسواقهم الخاصة وحدائقهم الخاصة ومدارسهم ومصالحهم
ومساكنهم الخاصة وهذا بعد انتهاء الحكم العنصري بعشرات السنين والجدير بالذكر أيضا
أن البيض من أصل أوربي لا يزالون يسيطرون على مناجم الذهب والألماس حتى يومنا هذا
ويقومون بعملية سرقة هائلة لخيرات هذا البلد المسكين .. ومن جهة أخرى أريد أن أنوه
إلى أنه بعد انتهاء الحرب علىالعراق وسقوط النظام العراقي تمت عملية سرقة هائلة
لنفظ العراق من قبل المستعمرين الغربين ولا تزال عمليات السرقة والنهب جارية أمام
سمع وبصر الحكومة العميلة التي وضعها وباركها الأمريكان .. وفي موضوع الجزية هنا
أريد أن أوضح بعض اللمحات الساطعة التي تكشف أغراض أعداء الإسلام في النيل من هذا
الإسلام العظيم وأستهل هذه اللمحات بشهادة للكاتب الأوربي المسيحي المنصف " سير ت .
وول . أرنولد " في كتابه القيم " الدعوة إلى الإسلام " حيث يقول : ( ولم يكن الغرض
من فرض هذه الضريبة ـ يعني الجزية ـ على المسيحيين كما يريدنا بعض الباحثين على
الظن بأنها لون من ألوان العقاب والضغط لامتناعهم عن قبول الإسلام وإنما كانوا
يؤدونها مع سائر أهل الذمة وهم غير المسلمين من رعايا الدولة المسلمة الذين كانت
ديانتهم تحول بينهم وبين الانخراط في الجيش الإسلامي لقد كانت الجزية في مقابل
الحماية التي كفلتها سيوف المسلمين للدفاع عن دولة الإسلام بمن فيها من مسلمين وغير
مسلمين .. ولما قدم أهل الحيرة النصارى المال المتفق عليه ذكروا صراحة أنهم دفعوا
هذه الجزية شريطة " أن يمنعونا وأميرهم من بغي المسلمين وغير المسلمين " وكذلك حدث
أن سجل خالد بن الوليد في المعاهدة التي أبرمها مع بعض أهل المدن المجاورة للحيرة
قوله " فإن منعناكم فلنا الجزية وإلا فلا " ) ...
** إننا لو قمنا بعرض مقارنة بين الجزية التي يفرضها الإسلام على غير المسلمين ممن
يعيشون في ظل الدولة الإسلامية بالغرامات الحربية التي يفرضها المنتصرون في العصر
الحاضر لوجدنا أن الفارق كبير جدا والبون شاسع جدا .. ولوجدنا أن الإسلام كان رحيما
منصفا للمقيمين من أبناء الديانات الأخرى التي تعيش في ظل الدولة الإسلامية وفي
رعاية المجتمع الإسلامي ..
** إن الإسلام قد رفع من شأن الجاليات غير الإسلامية في المجتمع الإسلامي وسماهم "
أهل ذمة المسلمين " وهذا التكريم لم تعرفه كل الحضارات والأنظمة في القديم والحديث
فلقد أعطاهم الإسلام عهده وذمته للحفاظ على حقوقهم وأرواحهم وأموالهم وممتلكاتهم
تماما كما يحافظ على المسلمين .
** إن الفرد في المجتمع الإسلامي سواء كان مسلما أو غير مسلم يخضع لضريبة مالية
معينة فضريبة المال على المسلم تسمى الزكاة وهي عبادة شرعية إسلامية لا يمكن للدولة
الإسلامية فرضها على غير المسلمين وإلا كان هذا الأمر نوع من الإكراه على تنفيذ
عبادة إسلامية على غير المسلمين بينما القاعدة الأساسية في الإسلام ( لا إكراه في
الدين قد تبين الرشد من الغي ) .. ومن هذا المنطلق كان لابد من تطبيق ضريبة مالية
على غير المسلمين سماها الإسلام الجزية .. وبشكل عام فإن ما تأخذه الدولة الإسلامية
من المسلمين تحت بند الزكاة يفوق دائما ما تفرضه على غير المسلمين من الجزية .
** في مقابل هذه الجزية يتكفل المجتمع المسلم بحماية غير المسلمين من الظلم
والعدوان وحماية عقائدهم ودور عبادتهم من أي اعتداء خارجي كما يضمن لهم حريتهم
الدينية سواء كانت هذه الاعتداءات من داخل المجتمع الإسلامي أو من خارجه .. وسواء
كانت صادرة من المسلمين أو من غير المسلمين .. والتاريخ يحدثنا أن القائد المسلم
أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه قد أعاد الجزية للنصارى من أهل حمص عندما
توقع هجوما معاكسا قد لا يستطيع الجيش الإسلامي صده وبمعنى آخر عندما أحس أن الجيش
غير قادر على حماية النصارى فأعاد إليهم الجزية .. فهل حصل مثل هذا العدل والإنصاف
في أي دولة من الدول أو أي عصر من العصور ..؟!!!
** يقول الفيلسوف المسيحي الأوربي المنصف " سير . ت . وول . أرنولد " في كتابه
القيم " الدعوة إلى الإسلام " : ( لما ضربت دمشق المثل الأعلى مع غيرالعرب سنة "
637 م " وأمنت الناس من السلب والنهب كما ضمنت شروطا أخرى ملائمة لم تتوان سائر مدن
بلاد الشام أن تنسج على منوالها فأبرمت حمص ومنبج وبعض المدن الأخرى معاهدات مماثلة
مع المسلمين أصبحت بمقتضاها تابعة للعرب المسلمين بل أكثر من ذلك فقد سلم بطريرك
بيت المقدس هذه المدينة المقدسة بشروط مماثلة .. وإن خوف الروم من أن يكرههم
الإمبراطور الخارج على الدين على اتباع مذهبه فقد جعل الوعد الذي قطعه المسلمون على
أنفسهم بمنحهم الحرية الدينية أحب إلى نفوسهم من ارتباطهم بالدولة الرومانية أو
بأية حكومة مسيحية أخرى .. ولم تكد المخاوف الأولى التي أثارها نزول جيش فاتح في
بلادهم تتبدد حتى أعقبها تحمس قوي في مصلحة العرب – المسلمين - الفاتحين .. أما
ولايات الدولة البيزنطية التي سرعان ما استولى عليها المسلمون ببسالتهم فقد وجدت
أنها تنعم بحالة من التسامح لم تعرفها خلال قرون طويلة بسبب ما شاع بينهم من الآراء
اليعقوبية النسطورية النصرانية .. فقد سمح لهم أن يؤدوا شعائر دينهم دون أن يتعرض
لهم أحد اللهم إلا إذا استثنينا بعض القيود التي فرضت منعا لإثارة الفتن جراء
الاحتكاك بين أتباع الديانات المختلفة المتنافسة أو إثارة أي تعصب ينشأ عن إظهار
الطقوس الدينية في مظهر المفاخرة حتى لا يؤذي ذلك الشعور الإسلامي .. ويمكن الحكم
على مدى هذا التسامح الإسلامي الذي يلفت النظر في تاريخ القرن السابع الميلادي من
هذه العهود التي أعطاها العرب والمسلمون لأهل المدن التي استولوا عليها وتعهدوا
فيها بحماية أرواحهم وممتلكاتهم وإطلاق الحرية الدينية لهم في مقابل الإذعان ودفع
الجزية ) ...
** إن المجتمع الإسلامي وفي مقابل الجزية يسمح لغير المسلمين بممارسة النشاط المالي
والاقتصادي والذي يكسبون منه أضعاف هذه الجزية البسيطة التي يطبقها الإسلام على
الجاليات غير المسلمة .
** يسمح المجتمع الإسلامي بممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية والمالية التي هي محرمة
أصلا على المسلمين من أبناء المجتمع الإسلامي فمثلا يحرم على أبناء المسلمين الخمر
والخنزير صناعة وزراعة وتجارة وأكلا .. فالإسلام لا يعدها مالا بالنسبة للمسلم فلو
سرقت أو نهبت من المسلم لم يعاقب سارقها ولو عدمت تحت يد الضامن لضاعت هدرا لأنها
لا تعتبر مالا بالنسبة للمسلم .. أما إذا كانت للذمي من غير المسلمين فسارقها يعاقب
وضامنها يغرم لأنها مباحة في اعتقادهم .
** إن الإسلام يكفل مقابل هذه الجزية لأهل الذمة دماءهم من أن يعتدى عليها يقول
الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ) ,,,
رواه البخاري .
** الإسلام تكفل لأهل الذمة مقابل هذه الجزية حريتهم وأموالهم يقول الرسول صلى الله
عليه وسلم : ( من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة ) .. رواه
أبو يوسف في الخراج .
** الإسلام وضع أصول الترابط الاجتماعي بين المسلمين وأهل الذمة في المجتمع
الإسلامي فلم يدعهم في عزلة اجتماعية أو في بقعة معينة محوطة ومسورة بعيدا عن أبناء
المجتمع المسلم ولم يبن أسوارا عالية كالقلاع تحجبهم عن أبناء المسلمين كما يفعل
أعداء الإسلام اليوم وإنما رفعهم إلى مستوى المواطنين المحترمين تربط بينهم وبين
أبناء المسلمين صلات المودة والقربى والترابط الاجتماعي والمجاملات العامة وحسن
الجوار ولا يمنعهم من الاختلاط بالمسلمين كما فعل أصحاب الحضارة الغربية بالسكان
الأصليين في أمريكا وفي جنوب أفريقيا أو كما فعل المستعمرون الأوربيون بأبناء
الشعوب المستعمرة في العصر الحديث ...
** أهل الذمة في ظل الإسلام يعيشون في جو اجتماعي متسامح طلق يدعون إلى ولائم
المسلمين ويدعون المسلمين إلى ولائمهم ويشاركونهم أفراحهم وأتراحهم يقول ربنا جل
شأنه : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) ... المائدة .
** لقد أطلق التشريع الإسلامي كل مشاعر الألفة والاحترام لأهل الذمة أحياء كانوا أم
أمواتا .. فقد روى جابر بن عبد الله قال : ( مرت بنا جنازة فقام النبي وقمنا فقلنا
يا رسول الله إنها جنازة يهودي .. فقال : أو ليست نفسا .. إذا رأيتم الجنازة فقوموا
) رواه البخاري .. ومن هذا الحديث النبوي الشريف نلاحظ مقدار السمو الإسلامي البعيد
كل البعد عن التكبر والتجبر والتعصب حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أشرف خلق
الله قام لجنازة رجل يهودي وأمر المسلمين بالقيام لأية جنازة حتى لو كان الميت
يهوديا أو نصرانيا أو غير ذلك .. إنه الأفق الإسلامي السامي السامق الذي أعجز
البشرية عن الوصول إليه .
** إن الجزية تفرض على القادرين من الذكور فقط بالنسبة لأهل الذمة بينما تفرض
الزكاة الشرعية على المال أي على كل أفراد المسلمين رجالا ونساء صغارا وكبارا ..
فهل نجد في هذا ظلم من التشريع الإسلامي لأهل الذمة في المجتمع الإسلامي أم نجد فيه
رعاية وتكريما لأهل ذمة المسلمين من غير المسلمين ...
** تفرض الجزية على الذكور القادرين من غير المسلمين وذلك مقابل إعفائهم من الخدمة
العسكرية والتي يفرضها النظام الإسلامي على القادرين من المسلمين .. ولو أن جماعة
من أهل الذمة شاركوا في الخدمة في الجيش الإسلامي في أية طريقة كانت سواء في
التمريض أو في التموين أو في القتال فإن الجزية تسقط عنهم وهذا ما حصل مع قبيلة
الجراجمة وهي قبيلة نصرانية كانت تقيم قرب أنطاكية سالمت المسلمين وتعهدت أن تكون
عونا لهم في مغازيهم شريطة أن لا تدفع الجزية وأن تعطى من الغنائم .. وحدث هذا أيضا
لما اندفعت الفتوح الإسلامية شمال فارس عام ( 22 للهجرة ) فقد تم إبرام مثل هذه
المعاهدة مع إحدى القبائل على حدود بلاد فارس وأعفيت من أداء الجزية مقابل المشاركة
في الخدمة العسكرية في الجيش الإسلامي والدفاع عن هذه البلاد .. وبذلك نجد أن دعوات
المغرضين للنيل من الإسلام هي دعوات باطلة وسخيفة لا تنطلي إلا على الجهال في طبيعة
هذا الدين وفي طبيعة هذا التشريع الرباني الحكيم ...
الترابط العضوي بين الصليبية والصهيونية:
قبل أن يبدأ الغرب الصليبي بالنهوض وقبل أن تنشأ الحضارة الغربية المادية كان
العداء بين الصهيونية والصليبية عداء مستحكماً وكان اضطهاد اليهود قائماً على قدم
وساق في أغلب الدول الغربية وكان الفرد اليهودي يعامل معاملة أقل من الفرد المسيحي
في معظم الدول الغربية حتى أنه في بعض الدول الأوروبية منع تدريس اللغة العبرية
لليهود من أبناء تلك الدول .. ولعل هذا العداء المستحكم بين النصارى واليهود في
البلاد الغربية كانت له جذور تاريخية ودينية إضافة إلى رصيد الواقع من المعاملة
السيئة بين النصارى واليهود. ويمكن أن يكون هذا العداء هو أحد الأسباب التي دعت
الغربيين وعلى رأسهم البريطانيين لتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين وإعطائهم وعداً
بإنشاء وطن قومي لهم في أرض فلسطين وذلك تحت اسم وعد بلفور الذي يعد أكبر جريمة
عنصرية عرفها التاريخ الحديث والتي لا تزال آثارها الإجرامية تقرع مسامع الشرفاء
والمنصفين صباح مساء ولكن بقدرة قادر لا ندري كيف اصطلحت هذه الأحوال السيئة وانقلب
العداء المستحكم إلى صداقات حميمة بين الغرب الصليبي وعلى رأسهم الولايات المتحدة
وبين الصهاينة .. حتى وصل الأمر بالكنسية الغربية إلى تبرئة اليهود من دم المسيح
رغم اتهامهم بهذه الجريمة مئات السنين.
كانت أولى دعوات إعادة اليهود إلى فلسطين من المفكرين والساسة المسيحيين لاحبا بهم
ولكن كراهية لهم حيث كانوا يريدون الخلاص منهم وطردهم من بلادهم .. إن أحداث
التاريخ تحدثنا أن كل الأقطار الأوربية المسيحية قامت بالضغط على اليهود واضطهادهم
وطردهم وأخيرا قتلهم وإحراقهم على يد النازيين وفي هذا الوقت بالذات آواهم العرب
والمسلمون في ظل الخلافة العثمانية وأحسنوا ضيافتهم وإكرامهم أما أوربا فكانت تريد
الخلاص منهم وتوطينهم بعيدا عن أوربا بأي ثمن وبأي شكل .. وفي ذلك انطلقت أول دعوة
من قبل المحامي البريطاني الشهير " هنري فنش " عام 1621 م وبعد ذلك بثلاثين عاما
عمل " كرومويل " على التقرب من اليهود لأسباب سياسية فسمح بعودتهم إلى الجزر
البريطانية بعد طردهم منها لمدة تزيد على ثلاثة قرون وذلك في عام 1655 م .. وخلال
حملة نابليون على مصر وسورية ولبنان عام 1799 م أصدر نابليون بونابرت إعلانا دعا
فيه جميع يهود آسيا وأفريقيا للعمل تحت لوائه من أجل إعادة تأسيس أورشليم القديمة
وكان السكرتير الخاص لنابليون " أرنست لاران " هو الذي تسلم ملف إعادة توطين اليهود
في فلسطين وهو الذي أخذ على عاتقه متابعة وإكمال هذه المهمة حيث وضع كتابا في هذا
الموضوع تحت عنوان " المسألة القومية اليهودية " وبعد سيطرة محمد علي باشا على
سورية أخذت فكرة توطين اليهود في فلسطين طابعا عمليا متزايدا بدعم من البريطانيين
وعلى رأسهم اللورد " شافتسبري " السياسي البريطاني الكبير وجاء بعده وزير الخارجية
البريطاني " بالمرستون " فتابع هذه القضية حتى عام 1876 م حيث تم تعيين قنصلا
بريطانيا في القدس ليقوم بدراسة الأوضاع والتخطيط لعملية التهويد عن قرب .. وفي عام
1845 م وضع الكولونيل " جورج غاولر " حاكم أستراليا الجنوبية مشروعا لاستعمار
فلسطين .. وفي عام 1950 م وما بعده تحولت الدعوة إلى توطين اليهود في فلسطين إلى
سياسة رسمية عند معظم الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا .. ورغم كل
الإغراءات والدعايات من أجل هجرة اليهود إلى فلسطين إلا أن غالبيتهم آثروا الهجرة
إلى العالم الجديد وخاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بدلا من الهجرة إلى فلسطين
حيث وصل منهم إلى الولايات المتحدة ثلاثة ملاين مهاجر يهودي أما عدد المهاجرين إلى
فلسطين فكان فقط خمسة وثمانون ألف يهودي ما لبثوا أن هاجروا أيضا إلى الولايات
المتحد الأمريكية وفيما بين عامي 1919 م و 1931 م لم يهاجر من اليهود إلى فلسطين
سوى 82000 من اليهود من بولونيا بعد أن طردهم الألمان منها .. وبعد ذلك قامت
بريطانيا باحتلال فلسطين والأردن ثم جاء وعد بلفور وزيرخارجية بريطانيا بتوطين
اليهود قسرا في فلسطين بدعم قوي كامل من الحكومة البريطانية وقوات الاحتلال
البريطاني المقيمة على أرض فلسطين في أكبر جريمة عنصرية في التاريخ الحديث .. وهنا
نلاحظ أن المشروع الصهيوني لم يكن في البداية من صنع اليهود وإنما كان من صنع القوى
الصليبية الحاقدة على المسلمين وهنا نلاحظ أيضا أن اليهود كانوا مكروهين مضطهدين في
أوربا ولكن تبني فكرة توطين اليهود كان لأغراض سياسية استعمارية صليبية حاقدة ..
** قول الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في أحد خطاباته عام 1985 م والذي نقلته مجلة "
سانتا باربارا " : ( يقول الله إنه سيأخذ بني إسرائيل من بين الوثنيين حيث تناثروا
وسيرعاهم من جديد في أرض الميعاد .. وهذا مايحصل فعلا بعد ألفي سنة .. لأول مرة نجد
أن كل شيء أصبح جاهزا لحرب " مجدو" وللمجيء الثاني .. كل شيء صار في مكانه الصحيح
ولن تتأخر حرب " مجدو " كثيرا بعد الآن .. إن حزقيال قال : إن النار والكبريت
سيمطرون على أعداء شعب الله وهذا يعني أنهم جميعا يجب أن يدمروا بالأسلحة النووية )
... !! هكذا يدار العالم المتحضر من قبل أناس مهووسين يؤمنون بالخرافات والأساطير
ليدمروا العالم ويقتلوا البشر ويقضوا على كل أثر للحياة على وجه الأرض .. فهل كان
ريغان مسيحيا أم يهوديا متطرفا ؟!!..
** ويقول " بوبكين " في كتابه " القيامة المجيدة والقيامة الفاجعة " : ( إن النعمة
الإلهية وضعت بين أيدي القياميين ـ يقصد الغربيين ـ كل الأسلحة اللازمة لدحر قوى
الشيطان والإعداد للدراما السماوية التي رسمها يوحنا ودانيال والتي تحقق كثير منها
.. إن إعلان دولة إسرائيل يعني أن عليهم وحدهم عاتق ختم قصة الحضارة الإنسانية
وصناعة القيامة التي لن تنزل بدونها أورشليم السماوية ولن تقوم مملكة الله بدونها
أيضا ) .. هؤلاء هم الصهاينة الجدد ..!!
** يقول صموئيل فيشر في كتابه " شهادة الحقيقة " : ( لتكن إسرائيل المرآة التي نرى
فيها وجوهنا ) ..
** يقول الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عندما قابل عصابة المجرمين في إسرائيل شارون
ورابين ونتينياهو وشامير وغيرهم من زعماء الإرهاب والإجرام قال : ( إن كاهنه الذي
تربى على يديه ورعى تربيته الروحية هو الذي أوصاه قائلا " إن إرادة الله تقضي بأن
تكون إسرائيل كما هي في العهد القديم لشعب إسرائيل إلى الأبد " فأكمل كلينتون لذلك
أرى بأن إرادة الله يجب أن تكون إرادتنا ) .. وبالفعل فقد تربى كلينتون على يد
كاهنه تربية سافلة وفضائحه تشهد على ذلك وما خفي أكبر ...
** بدءا من عام 1636 م كان قانون الولايات الأمريكية ( بلايموث - ماساشوستيس - كون
كيتيكت ) كلها مستمدة من شريعة موسى من التوراة وكانت نصف قوانين نيوهافن مقتبسة
حرفيا من التوراة وكانت اللغة العبرية تدرس مع بداية التعليم العالي في كل الولايات
الأمريكية وعندما تأسست جامعة هارفارد عام 1636 م كانت اللغة العبرية لغة أساسية
فيها ...
** ويقول " جورج فوكس " عن الإنكلو سكسون المهاجرين من بريطانيا إلى العالم الجديد
: ( أن تكون يهوديا باللحم والدم والمولد فهذا لا يعني شيئا أما أن تكون يهوديا
بالروح فهذا يعني كل شيء ) ..
** في خطاب للرئيس الأمريكي بيل كلينتون والذي يعتبر من الرؤساء المعتدلين نوعا ما
أمام رجال الأعمال والسياسة والفكر عام 1998 م .. ( شبه نفسه بالملك سليمان وشبه
الشعب الأمريكي بشعب الله المختار وشكر المتدينين الأمريكيين إرشاداتهم ونصائحهم
التوراتية للتعامل مع العراق ورسائلهم المشجعة على قصفه ) ... إن هذه العقلية
العنصرية الإجرامية البغيضة قد تجسدت في معظم الرؤساء والمسؤولين الأمريكيين من
جورج واشنطن إلى أبراهام لينكولن إلى أندرو جاكسون إلى القسيس رونالد ريغان إلى
جونسون إلى نيكسون إلى كلينتون إلى بوش الجد وبوش الأب وبوش الإبن وأتباعهم الذين
ظنوا فعلا أنهم شعب الله المختار وأن بقية البشر هم عبيد أو حيوانات أو وحوش يجب
استعبادهم أو استئصالهم لصالح العرق الإنكلوسكسوني ...
** يقول " بات روبرتسون " مستشار الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ومرشح الرئاسة
الأمريكية : ( إذا تخلت أمتنا عن إسرائيل فإن غضب الله سيحل علينا .. إننا لا
نستطيع إلا أن ندعم إسرائيل ذلك لأن الأنبياء في العهود القديمة حذروا من أن الله
سيدين كل من يقف في وجه إسرائيل ) ..!!
** إن الغرب سواء في أوربا أو في أمريكا بعد ظهور المذهب البروتستانتي الإصلاحي
أصبحوا يعتمدون التوراة ككتاب مقدس تماما مثل الإنجيل وأصبحوا يمجدون الإسرائيليين
على اعتبارهم أصحاب رسالة التوراة وأنهم شعب الله المختار وبالتالي فإن بقية شعوب
العالم خدم وعبيد لشعب الله المختار لذلك نجد هذه المعاني متأصلة في صلواتهم
وقداساتهم التي تقام في كنائس الغرب في أوربا أو في أمريكا على حد سواء لنستمع إلى
أحد القداسات المسيحية :
ألم تري يا إسرائيل
أن الذي يحميك لا تأخذه سنة ولا نوم ..
إن الرب هو الذي يرعاك ..
إنه هو الذي يزود عن حياضك بيمناه ..
الرب هو الذي بنى أورشليم ..
ولملم شمل بني إسرائيل ..
إنه هو الذي يغسل أحزان قلوبهم ..
ويعطيهم البلسم الذي يشفيهم من السقام ..
بين اليهود عرف الله ..
وتمجد اسمه في إسرائيل ..
معبده في سالم ..
ومسكنه في صهيون ..
حيث خرج بنو إسرائيل من مصر ..
وخرج بيت يعقوب من بين الغرباء ..
يهودا كانت ملجأهم ..
وإسرائيل كانت ملكهم ..
بذلك شهد نهر الأردن وانحسر ..
أما الجبال فرقصت كالأغنام ..
وأما الآكام فطارت فرحا كالحملان ..
إن القديسين في الغرب على طرفي المحيط الأطلسي يمجدون الله في كنائسهم بمثل هذه
الصلوات بعد العداوة الشديدة وحرب الإبادة التي قام بها المسيحيون في معظم الدول
الأوربية ضد اليهود وعلى رأسها مذابح ومحارق هتلر .. بعد هذا كله مالذي قلب الأمور
لتقوم الكنيسة بتقديس اليهود وتمجيد إسرائيل في صلواتها .. في قداساتها .. في
كنائسها .. فهل ترى بعد ذلك تبعية وعبودية من المسيحيين في الغرب لليهود بني
إسرائيل شعب الله المختار .. وربما يعتقد بعض المسيحيين أمثال بوش وكلينتون وغيره
أنهم هم الإسرائيليون الحقيقيون وأنهم هم شعب الله المختار ومن هذا المنطلق نستطيع
فهم العديد من تصريحات زعمائهم مثل ريغان وبوش وغيرهم حيث يقول بوش الإبن بأنه هو
موسى العصر بدلا من أن يقول عيسى العصر رغم أنه مسيحي وليس يهودي ...
** يقول " بول جونسون " : ( لقد ظلت أمريكا دائما وأبدا تعد العدة لتلك المدينة
الجبلية أورشليم الجديدة التي ستبنى على أنقاض مدينة القدس ) ...
** يقول الزعيم البريطاني " ونستون تشيرشيل " في خطاب له أمام لجنة بيل الصهيونية
عام 1937 م وذلك في معرض الحديث الشعب الفلسطيني وحقه في العودة إلى أرضه : ( إني
لا أعتقد أن كلبا على مزود يستطيع الإدعاء بأن له حقا نهائيا في مزوده مهما طالت
إقامته فيه إنني لا أعترف له بهذا الحق .. إنني لا أعترف مثلا أن ما أصاب الهنود
الحمر في أمريكا أو الشعب الأسود في أستراليا خطأ فاحش .. إنني لا أعترف أن
ماأصابهم كان سوءا لمجرد أن جنسا أقوى .. جنسا أعلى أو لنقل جنسا أكثر حكمة قد حل
محلهم ) ...
** إن الصهيونية وجه آخر للاستعمار أنشأها الغرب الصليبي قبل اليهود لأسباب
اقتصادية واستراتيجية واستعمارية وكان ذلك على أيدي البروتستانت الذين دعوا إلى
التمسك بالتوراة " العهد القديم " كمصدر للتشريع في أمم لا تملك مصدرا آخر للتشريع
وبترسخ البروتستانتية بدأ عهد جديد لليهود ومن هنا نستطيع تفسير هذا الإنحياز
الكامل من البروتستانت بزعامة أمريكا وبريطانيا لليهود ...
** لقد كان احتلال نابليون بونابرت لمصر عام 1798 م " أي قبل هرتزل بستين عاما أو
تزيد " أول دعم للصهيونية وللاستيطان اليهودي في فلسطين .. فبعد انكسار الحملة
الفرنسية أمام أسوار عكا دعا نابليون بونابرت إلى إقامة دولة صهيونية في فلسطين
وقال : ( إنهم ورثة فلسطين الشرعيون وسيعودون بالأناشيد إلى جبل صهيون ) ...
** كان الفاتيكان من أشد المعارضين للحركة الصهيونية منذ مؤتمر بازل عام 1897 م حيث
رفض البابا بيوس العاشر في لقائه مع ثيودور هرتزل عام 1904 م دعم الحركة الصهيونية
وهجرة اليهود إلى فلسطين .. كما أن الكنيسة الكاثوليكية رفضت وعد بلفور عام 1917 م
.. ثم بدأ التنازل تباعا من قبل الكنيسة الكاثوليكية بعد إعلان قيام دولة إسرائيل
عام 1948 م ثم توج هذا الأمر بقرار أصدره البابا يوحنا الثالث عام 1964 م أعلن فيه
تبرئة اليهود من دم المسيح .. ثم بعد ذلك أصدر وثيقة أخرى عام 1994 م أعلن فيها
تأكيد الأصل اليهودي للمسيح عليه السلام .. ثم بعد ذلك قدم الفاتيكان إعتذارا لعدم
تدخله لإنقاذ اليهود من أيدي النازيين ..
لقد بدأ العمل الصهيوني في حرب الإسلام والمسلمين يصب في تيار العمل التبشيري
الصليبي بشكل مباشر وبتعاون مخطط ومنسق فبدأوا بعملية هدم كل مقومات التاريخ واللغة
والوحدة الفكرية العربية أولاً والإسلامية ثانياً وذلك من أجل القضاء على أية بذور
للحضارة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية أو جامعة الدول الإسلامية .. وقامت من أجل
ذلك تحالفات وحركات كان على رأسها ( الحركة الماسونية ) والتي هي بؤرة العمل
الصهيوني المنظم والتي ضمت تحت لوائها العديد من أبناء الدول الإسلامية والعربية
المرموقين وذلك تحت مسميات وشعارات خادعة أو تحت إغراءات مادية ومعنوية أو في مجال
دعمهم الفكري والسياسي للوصول إلى الزعامة والسلطة وبالفعل فقد أثمرت هذه الحركات
بإيجاد أشخاص هم من أبناء الدول الإسلامية ولكنهم لا يمتون إلى الإسلام بصلة وصلوا
إلى سدة الحكم والقيادة فقادوا البلاد إلى العلمانية والقومية والاشتراكية
والشيوعية والوجودية وغير ذلك كثير وكثير من الأفكار المغرضة الهدامة التي أوصلت
البلاد والعباد إلى التبعية والذل والانكسار وإلى البعد عن مركز عزتهم وكرامتهم وهو
الإسلام .. لقد كانت جميع المؤامرات والدسائس والغزو الفكري والثقافي تصب في مجرى
واحد هو تدمير الإسلام وتدمير المسلمين لأن إتحاد المسلمين وتشكيل خلافة إسلامية
واحدة أو مجموعة متعاونة واحدة سيؤدي إلى استيقاظ العملاق الإسلامي النائم فعلاً
وهنا يكمن الخطر لكل من الصهيونية والصليبية .. ذلك لأن الإسلام بقوته الفكرية
وبمنهجه الإلهي وبمبادئه الإنسانية وبحضارته العالمية الإنسانية استطاع أن يبني
حضارة تعتبر من أعظم الحضارات الإنسانية مرات عديدة وذلك عندما يتمسك أبناؤه
بتعاليم هذا الدين الحنيف وذلك على أنقاض الحضارات الأخرى والتي أغلبها مسيحية ..
فقد قامت إمبراطورية الأمويين وإمبراطورية العباسيين وقامة حضارة الأندلس ودولة
الأيوبيين وقامت الإمبراطورية العثمانية وهكذا كلما عاد المسلمون إلى دينهم
وعقيدتهم وتمسكوا بشرع ربهم فإن الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية ستأتي لا
محالة وتتشكل ويتم بناؤها ويشمخ على ربوع العالم كله لقد قام الصهاينة من يهود (
سالونيك ) بدق آخر إسفين في عرش الخلاقة الإسلامية العثمانية وتنصيب العلماني
الكافر ( كمال أتاتورك ) والذي يعود أصله وجذوره إلى يهود الدونمة في سالونيك على
تركيا وهدم الخلافة الإسلامية وتقسيم الإمبراطورية الإسلامية وهذه أيضاً تعتبر من
أكبر الجرائم التي ارتكبها التحالف الصهيوني الصليبي في العصر الحديث .. ويجب أن لا
ننسى أبداً أنه لم يتجرأ صليبي واحد أو صهيوني واحد على بلاد المسلمين إلا بعد
القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية رغم ما كانت توصف به ( الرجل المريض ) فهذا
الرجل المريض هو الذي كان يلقي الرعب في قلوب أعداء الإسلام ويصدهم عن مجرد التفكير
في غزو بلد من البلاد التابعة للإمبراطورية العثمانية .. ولقد حاول المستعمرين
وحلفاؤهم الصهاينة تشويه القرآن الكريم وإبعاده عن واقع الحياة ومنع تدريسه في
المناهج الدراسية العامة وأصبحت دراسة نصوص من القرآن الكريم في المناهج المدرسية
كافة نصوص منتقاة في الصلاة والصوم وبعض الأمور العامة وحجبت الآيات التي تدعوا إلى
الاستعلاء والجهاد والقتال وتحكيم شرع الله في كل صغيرة وكبيرة وأبعدوا الناس عن
مفهوم : [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الفَاسِقُونَ ] {المائدة:47} [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ ] {المائدة:44} [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ] {المائدة:45} .. كما جاء في كتاب
الله جل وعلا في ثلاثة آيات متتاليات في سورة المائدة تأكيداً قوياً على أهمية هذا
الأمر وبطلان دعوى أعداء الإسلام بفصل الدين عن الدولة .. أو دعوى ( الدين لله
والوطن للجميع ) ..
عقيدة التوحيد في الكتب القدسة :
على الرغم من التحريف والتبديل والدس والتضليل الذي مورس على الكتب المقدسة السابقة
خلال آلاف السنين إلا أنه لاتزال هناك ومضات وإشارات لاتزال تدل دلالة واضحة على أن
الديانة اليهودية والديانة النصرانية كانت على دين الوحدانية لله مهما كثر الكلام
عن العقائد الشركية الفاسدة التي دخلت إلى الديانات السابقة وفيما يلي بعض هذه
اللمحات دون محاولة استقصاء لكافة النصوص الموجودة في الكتب المقدسة المختلفة ..
** يقول بولس الرسول في رسالته إلى تيموثاوس 2 /5 : ( لأنه يوجد إله واحد ووسيط
واحد بين الله والإنسان يسوع المسيح ) والوسيط هنا الوحي جبريل عليه السلام ..
** وفي الرسالة الأولى إلى أهل كورينثوس 8 /6 : ( لكن لنا إله واحد هو الآب ) ...
** جاء في سفر ملاخي 2 /10 : ( أليس لنا أب واحد لكلنا .. أليس لنا إله واحد خلقنا
) ...
** وردت كلمة يسوع المسيح الإنسان في مواضع كثيرة من الأناجيل وهذا يؤكد إنسانية
المسيح عليه السلام ..
** في إنجيل يوحنا 3 /35 : ( الأب يحب الإبن وقد دفع كل شيء في يده ) .. أي أن
الإبن مختلف عن الأب ولو كان الإبن أيضا هو الله كما يزعمون فلا معنى لهذا الحب ...
** في إنجيل يوحنا 5 : ( الحق أقول لكم .. لا يقدر الإبن أن يعمل من نفسه شيئا إلا
ماينظر الآب يعمل ) .. ماهذا الإله الذي يزعمون ولا يقدر أن يفعل شيئا من نفسه ؟...
** في إنجيل يوحنا 12 /49 : ( يقول المسيح : لم أتكلم من نفسي ولكن الآب الذي
أرسلني هو الذي أعطاني وصية ما أقول وبماذا أتكلم ) .. وهنا نلاحظ بوضوح أن الله هو
الذي أرسل المسيح ولم يذكر أنه إله ولا ابن الله ولكنه أقر هنا بالنبوة والرسالة ..
** في إنجيل يوحنا 12 /24 : ( الكلام الذي تسمعون ليس لي بل للآب الذي أرسلني )
** جاء في أعمال الرسل 1 /7 : ( يقول المسيح : ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات
التي جعلها الآب في سلطانه ) ..
** جاء في إنجيل يوحنا 1 /11 : ( الله لم ينظره أحد ) حتى المسيح الذي يتكلم لأنه
لو كان إلها كما يعتقد النصارى لقال إلا أنا وهذا لم يحصل ...
** جاء في إنجيل لوقا 4 /8 : ( فأجاب يسوع وقال : إذهب يا شيطان إنه مكتوب : للرب
إلهك تسجد وإياه وحده تعبد ) ..
** جاء في إنجيل لوقا 4 /41 : ( وكانت شياطين أيضا تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول :
أنت المسيح بن الله فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون ) ...
** جاء في إنجيل لوقا 4 /43 : ( فقال لهم : إنه ينبغي أن أبشر المدن الأخرى أيضا
بملكوت الله لأني لهذا قد أرسلت ) ..
** جاء في سفر الخروج 5 : ( لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك ) والمقصود
الأصنام والآلهة الأخرى ...
** جاء في سفر أشعيا 63 /16 : ( ورب واحد وهو الآب ) ..
آراء المنصفين الغربيين حول الإسلام :
وفي هذا المجال لا يسعنا إلا أن نسوق بعض آراء الغربيين المنصفين من العلماء
والفلاسفة ورجال السياسة والإجتماع حول هذا الدين الإسلامي الحنيف وحول مصادره من
الكتاب الكريم والسنة المطهرة والسيرة النبوية العطرة وحول رجاله الطاهرين الطيبين
من لدن محمد صلى الله عليه وسلم وحتى آخر هذه السلسلة الطاهرة من العلماء
والمجاهدين والقادة الأفاضل على مر التاريخ .. لقد اكتشف كتاب الغرب وعلماؤهم
وأحبارهم وساستهم وقادتهم ومفكروهم عظمة الإسلام أمثال جورج برناردشو والفيلسوف
غوته والشاعر شيلي وأليكسيس كارليل وغوستاف لوبون وزغريد هونكه وغيرهم كثير ممن
أنصفوا هذا الدين وأنصفوا نبيه الكريم وأنصفوا حضارة الإسلام في حين تخلى كثير من
المسلمين عن هذا الدين بقوته وعظمته وشنوا عليه حربا شعواء دونها الحروب الصليبية
في سورية ومصر وتركيا وتونس واندونيسيا وأفغانستان بل في جميع الدول الإسلامية ...
** لنستمع إلى برنارد شو يتحدث عن عظمة الإسلام وعظمة الرسول الكريم صلى الله عليه
وسلم فيقول : ( كتب إلي أحد الأصدقاء رسالة يقول فيها : إنه يقرأ في تلك الأيام
القرآن الكريم يوميا .. وأن دار أفريمان للنشر نجحت أخيرا في إصدار ترجمة روديل
للقرآن الكريم .. وأضاف قائلا إن ترجمة سيل في نظري صعبة الفهم وأن روديل قد رتب
السور حسب تواريخ نزولها بخلاف الترجمة المعتمدة التي جاءت فيها هذه السور مختلفة
الترتيب ) .. وهنا نلاحظ أن شو وصديقه قد قرآ ترجمة بروديل وترجمة سيل للقرآن
الكريم وعرفا مالم يعرفه كثير من المسلمين عن ترتيب نزول سور القرآن الكريم .. أما
عن شخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيقول برناردشو : ( ما أحوج البشرية
اليوم إلى رجل عظيم كمحمد يحل مشاكل الدنيا بأسرها بينما هو يشرب فنجانا من القهوة
)
** يقول البير ما شدور في حديثه عن المسلمين ( إن هذا المسلم الذكي الشجاع قد ترك
لنا حيث حل آثار علمه وفنه وآثار مجده وفخاره ، من يدري قد يعود اليوم الذي تصبح
فيه بلاد الغرب مهددة بالمسلمين فيهبطون من السماء لغزو العالم مرة أخرى ، ولست
أدعي النبوة ولكن الأمارات الدالة على هذه الاحتمالات كثير لا تقوى الذرة ولا
الصواريخ على وقف تيارها ) ..
يقول مرماديوك : ( إن المسلمين بإمكانهم أن ينشروا حضارتهم في الدنيا بنفس السرعة
التي نشروها سابقا إذا رجعوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها حينما قاموا بدورهم
الأول ،لأن هذا العالم الخاوي من الحضارة والأخلاق والفضائل لا يستطيع أن يقف أمام
حضارتهم ...)
كان ( بولس) الذي يسمونه ( بولس الرسول ) يهوديا من ألد أعداء النصرانية وكان يمارس
أشد أنواع الاضطهاد ضد النصارى وفجأة أنقلب في عام (38) ميلادية إلى رسول يوحى إليه
حسب زعم النصارى فانحرفت النصرانية على يديه من دين الوحدانية إلى وثنية عاتية ،
حيث كان بولس أول من نادى بألوهية المسيح وأول من اخترع خرافة الفداء وأول من أدعى
أن الصلب وقع على جسد عيسى عليه السلام بقصد البلبلة وإيجاد التناقض ، وكان يتزلف
إلى الحكام وإسباغ صفة الشرعية على مظالمهم ومباذلهم حين قال ( لتخضع كل نفس
للسلاطين لأنه ليس سلطان إلا من الله ، ومن يقاوم السلاطين يقاوم ترتيب الله ..)
استطاع أن يمسخ النصرانية وأن يسقط عن أتباعها جميع التكاليف الشرعية وأن يجعلهم في
حل من الالتزامات الدينية حين كتب إلى أهل رومية ( الإنسان يتحرر بالإيمان بدون
أعمال الناموس ) ص3-ف28
وكقوله : ( أما الآن فقد تحررنا من الناموس إذ مات الذي كنا ممسكين منه حتى نعبده
بجدة الروح لا بعتق الحرف ) ص7-ف6
لقد احتال بولس اليهودي هذا على النصرانية حيث تظاهر باعتناق النصرانية وإدعاء
الرسالة والوحي لنسف المسيحية من الداخل وتحويلها من دين سماوي كما جاء به عيسى
عليه السلام إلى مجموعة من الأساطير والخرافات الوثنية كما هي الآن .
قال أحد الذين هداهم الله إلى الإسلام بعد النصرانية ( لو أن المستمسكين بالمسيحية
طبقوا تعاليم الإنجيل حرفيا لقضوا على الحضارة ) .
** يقول المفكر الفرنسي لامارتين : ( إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية
الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة فمن ذا الذي يجرؤ أن
يقارن أيا من عظماء التاريخ بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عبقريته ..؟ فهؤلاء
المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات فلم يجنوا إلا
أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم .. لكن هذا الرجل ـ محمد صلى الله عليه
وسلم ـ لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقيم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض
الحكماء فقط بل قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ .. ليس هذا
فقط بل إنه قضى على الأصنام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة .. لقد صبر النبي
العربي وتجلد حتى نال النصر وكان طموحه موجها بالكلية إلى هدف واحد فلم يطمح إلى
تكوين إمبراطورية حتى أن صلاته ومناجاته لربه وانتصاراته بعد موته كل ذلك لا يدل
على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطاه الطاقة والقوة لإرساء عقيدة
ذات شقين الإيمان بوحدانية الله والإيمان بمخالفة الله للحوادث والماديات ولتحقيق
هذا الاعتقاد كان لابد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف وترسيخ
العقيدة بالكلمة .. هذا هو محمد الفيلسوف الخطيب النبي المشرع المحارب قاهر الأهواء
مؤسس المذهب الفكري الذي يدعوا إلى العبادة الحقة بلا أصنام أو أنصاب إنه مؤسس
إمبراطورية روحانية واحدة هذا هو محمد .. بالنظر إلى كل مقاييس العظمة أود أن
أتساءل هل هناك من هو أعظم من النبي محمد .... ) (لامرتين من كتاب تاريخ تركيا،
باريس 1854 الجزء الثاني صفحة 277)
** يقول مونتيغومري : ( إن استعداد هذا الرجل ــ أي محمد صلى الله عليه وسلم ــ
لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه
واعتبروه سيدا وقائدا لهم إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة كل ذلك يدل على العدالة
والنزاهة المتأصلة في شخصه .. إن افتراض أن محمد مدعي للنبوة هو افتراض يثير مشاكل
أكثر ولا يحلها بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير
اللائق بها مثل ما فعل بمحمد ... ) (مونتجومري وات، من كتاب " محمد في مكة " 1953،
صفحة 52)
** ويقول بوسورث سميث ( ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد
ثابت إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد .. لأنه استطاع
الإمساك بزمام السلطة دون أن يمتلك أدواتها ودون أن يسانده أصحاب القوة .. ) (
بوسورث سميث، من كتاب " محمد والمحمدية " لندن 1874 ، صفحة 92 )
** ويقول جيبون أوغلي في كتابه " تاريخ إمبراطورية الشرق : ( ليس انتشار الدعوة
الإسلامية هو ما يستحق الانبهار وإنما استمراريتها وثباتها على مر العصور .. فما
زال الانطباع الرائع الذي حفره محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مكة والمدينة له نفس
الروعة والقوة في نفوس الهنود والأفارقة والأتراك حديثوا العهد بالقرآن رغم مرور
اثني عشر قرنا من الزمان .. لقد استطاع المسلمون الصمود يدا واحدة في مواجهة فتنة
الإيمان بالله رغم أنهم لم يعرفوه إلا من خلال العقل والمشاعر الإنسانية .. إن
قولهم " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " هو ببساطة شهادة الإسلام ..
ولم يتأثر إحساسهم بألوهية الله تحت أي من التأثيرات والأشياء المنظورة التي كانت
تتخذ آلهة من دون الله .. ولم يتجاوز شرف النبي وفضائله حدود الفضيلة المعروفة لدى
البشر .. كما أن منهجه في الحياة جعل مظاهر امتنان الصحابة له منحصرة في نطاق العقل
والدين ) ...
** ويقول الدكتور زويمر : ( إن محمدا كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين
ويصدق عليه القول أيضا بأنه كان مصلحا قديرا وبليغا فصيحا وجريئا مغوارا ومفكرا
عظيما ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه
يشهدان بصحة هذا الادعاء ) .. (الدكتور زويمر مستشرق كندي ولد 1813 وتوفي عام 1900
في كتابه ( الشرق وعاداته)
** ويقول سانت هيلر : ( كان محمد رئيسا للدولة وساهرا على حياة الشعب وحريته ..
وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون السيئات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات
الوحشية التي كان يعيشها النبي بين ظهرانيهم فكان النبي داعيا إلى ديانة الإله
الواحد وكان في دعوته هذه لطيفا رحيما حتى مع أعدائه .. وإن في شخصيته صفتين هامتين
هما من أجل الصفات التي تحملها النفس البشرية وهما العدالة والرحمة .. العلامة
برتلي سانت هيلر الألماني ولد في درسدن 1793 وتوفي عام 1884 في كتابه ( الشرقيون
وعقائدهم ) ...
** وبقول إدوارد مونتيه : ( عرف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم
ونزاهته في التعبير عن الفكر والتحقق .. وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب
عصره وأشدهم حفاظا على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يكونوا يحلموا بها من قبل ..
وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم ..( الفيلسوف ادوارد مونتيه مستشرق
فرنسي ولد في بلدته لوكادا 1817 وتوفي عام 1894 في كتابه " العرب " )
** ويقول الفيلسوف البريطاني الشهير جورج برنارد شو : ( إن العالم اليوم أحوج ما
يكون إلى رجل في تفكير محمد هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال
فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات خالداً خلود الأبد فإن كثيراً من بني قومي
دخلوا هذا الدين على بينة وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة ( يعني أوربا
) .. إن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو للتعصب قد رسموا لدين محمداً
صورة قاتمة فقد كانوا يعتبرونه عدواً للمسيحية لكنني اطلعت على أمر هذا الرجل
فوجدته أعجوبة خارقه وتوصلت إلى أنه لم يكن عدواً للمسيحية بل يجب أن يسمى منقذ
البشرية وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن
السلام والسعادة التي يرمي البشر إليها ) .. جورج برناردشو الانجليزي في كتابه (
محمد ) وقد أحرقته السلطات البريطانية ...
** ويقول السير موير: ( إن محمدا نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل
بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدا أسمى من أن ينتهي
إليه الواصف ولا يعرفه من جهله ولكن من أمعن النظر في تاريخه النجيب ذلك التاريخ
الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم ... (السير مويلر الإنجلزي في كتابه
" تاريخ محمد" )
** ويقول سنرستن السويدي : ( إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم
الصفات وحميد المزايا فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية
مصراً على مبدأه ومازال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين فأصبحت
شريعته أكمل الشرائع وهو فوق عظماء التاريخ ) ... ( العلامة سنرستن اللآسوجي:
مستشرق آسوجي ولد عام 1866، أستاذ اللغات السامية ساهم في دائرة المعارف، جمع
المخطوطات الشرقية ، محرر مجلة " العالم الشرقي " له عدة مؤلفات منها : " القرآن
الإنجيل المحمدي " ومنها أيضا " تاريخ حياة محمد " )
** ويقول المستر سنكس : ( ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنه وكانت وظيفته
ترقية عقول البشر بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة وبإرجاعها إلى الاعتقاد
بإله واحد وبحياة بعد هذه الحياة إن الفكرة الدينية الإسلامية أحدثت رقيا كبيراً
جدا في العالم وخلصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل
بين يدي الكهان، ولقد توصل محمد بمحوه كل صورة للمعابد وإبطاله كل تمثيل لذات
الخالق المطلق إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة ) ... (المستر
سنكس الأمريكي : مستشرق أمريكي ولد في بلدة بالاي عام 1831 توفي عام 1883 في كتابه
ديانة العرب )
** وتقول آن بيزيت : ( من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم
ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس إلا ان يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل أحد
رسل الله العظماء ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من
الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين
لهذا المعلم العربي العظيم ... هل تقصد أن تخبرني أن رجلا في عنفوان شبابه لم يتعدى
الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفيا لها طيلة
ستة وعشرين عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره وهي السن التي تخبو فيها شهوات
الجسد تزوج لإشباع شهواته ورغباته ..! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص فلو
نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن لكل زيجة من تلك الزيجات سبباً إما في
الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو
كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية ) ... (آن بيزينت : حياة وتعاليم
محمد 1932 ) ...
** ويقول مايكل هارت : ( إن اختيار محمداً ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ
قد يدهش القراء ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على
المستويين الديني والدنيوي، فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأو رسالات عظيمة ولكنهم
ماتوا دون إتمامها كالمسيح في المسيحية أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليها سواهم
كموسى في اليهودية ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية وتحددت أحكماها
وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته ولأنه أقام بجانب الدين دولة جديدة فإنه في هذا
المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة ووضع لها كل أسس حياتها
ورسم لها أمور دنياها ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم أيضا في حياته فهو الذي
بدأ الرسالة الدينية والدنيوية وأتمها. (مايكل هارت: أعظم مائة رجل في التاريخ) ...
** ويقول الكاتب الشهير الروسي توليستوي : ( يكفي محمداً فخراً أنه خلص أمة ذليلة
دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم وإن
شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة ) ... ( ليف توليستوي -1910
،1828- الأديب العالمي الروسي الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني
قاطبة عن النفس البشرية )
** ويقول الكاتب النمساوي شيريك : ( إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها إذ
أنه رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد
ما نكون إذا توصلنا إلى قمته
) ..( الدكتور شيريك النمساوي )
** يقول فرانسيس بيكون الذي عاصر الحضارة العربية الإسلامية في بلاد الأندلس : ( من
أراد أن يتعلم فليتعلم العربية لأنها هي لغة العلم .. ) .
** قامت الكاتبة الألمانية ( زيغريد هونكه ) بتأليف كتابها القيم الشهير تحت عنوان
( شمس العرب تسطع على الغرب ) والذي ترجم إلى العربية حيث تذكر فيه أثر الحضارة
العربية الإسلامية على بلاد الغرب كافة حيث ظلت المعاهد والجامعات الأوربية تدرس
علوم العرب لمئات السنين بعد سقوط الأندلس .. كما أن جميع القوانين الأوربية وبشكل
خاص القانون الفرنسي قد تأثرت بالفقه الإسلامي إلى حد بعيد ولا يزال الفقه الإسلامي
في أوربا يعتبر أحد مصادر التشريع في هذه البلاد أعلنوا ذلك أم أخفوه أم أنكروه ..
ولا أريد أن أذكر شيئا من هذا الكتاب القيم الذي يعتبر بأكمله شاهدا على تطور
الحضارة الإسلامية وعلى فضل الحضارة الإسلامية على بلاد الغرب قاطبة فمن أراد معرفة
فضل العرب على الإنسانية جمعاء فليقرأ هذا الكتاب الذي ترجم إلى عدة لغات عالمية
ومنها اللغة العربية ....
** ويقول المستشرق الغربي بريفولت في كتابه ( بناء الإنسانية ) : ( إن العالم
القديم لم يكن للعلم فيه وجود .. وعلم النجوم عند اليونان ورياضياتهم كانت علوما
أجنبية استجلبوها من خارج بلادهم وأخذوها عن سواهم .. ولم تتأقلم في يوم من الأيام
فتمتزج امتزاجا كليا بالثقافة اليونانية .. وقد نظم اليونانيون المذاهب وعمموا
الأحكام ووضعوا النظريات ولكن أساليب البحث في دأب وأناة وجمع المعلومات الإيجابية
وتركيزها مع المناهج التفصيلية للعلم والملاحظة الدقيقة المستمرة والبحث التجريبي
.. كل ذلك كان غريبا تماما عن المزاج اليوناني أما ما ندعوه العلم فقد ظهر في أوربا
نتيجة لروح جديدة في البحث وطرق من الاستقصاء مستحدثة وطرق التجربة والملاحظة
والمقاييس .. إضافة إلى تطور الرياضيات إلى صورة لم يعرفها اليونانيون .. هذه الروح
وتلك المناهج العلمية العملية المستحدثة أدخلها العرب إلى العالم الغربي ) ..
** ويقول ( بريفولت ) في مكان آخر من الكتاب : ( لقد كان العلم أهم ما جادت به
الحضارة العربية ـ الإسلامية طبعا ـ على العالم الحديث ولكن ثماره كانت بطيئة النضج
.. والعبقرية التي ولدتها ثقافة العرب في إسبانيا لم تنهض وتصل إلى عنفوانها إلا
بعد وقت طويل من اختفاء تلك الحضارة وراء سحب الظلام .. ولم يكن العلم وحده هو الذي
أعاد أوربا إلى الحياة بل مؤثرات أخرى كثيرة من مؤثرات الحضارة العربية الإسلامية
بعثت باكورة أشعتها إلى الحياة الأوربية .. فعلى الرغم من أنه ليس ثمة ناحية واحدة
من نواحي الازدهار الأوربي إلا ويمكن إرجاع أصلها إلى مؤثرات الثقافة الإسلامية
بصورة أكيدة قاطعة ) ...
نصارى أسلموا :
** عندما أعلن الأستاذ ( إبراهيم خليل أحمد ) إسلامه وكان من أقباط مصر المسحيين
حيث وصل إلى أعلى المناصب الدينية المسيحية الكهنوتيه وكان مدرساً لمادة اللاهوت
النصراني .. وأصدر كتيباً اسماه ( لماذا أسلمت ) أوضح فيه بعض الإنحرافات والمفاسد
في الكنائس المصرية كما أوضح الضغوط الكبيرة والتهديدات التي مورست ضده والتي تعرض
لها بعد اسلامه وذلك خوفاً من نشر فضائحهم ومؤامراتهم بشكل علني ...
** حلم السويدي المسيحي " باول ميليس " عندما كان في التاسعة من عمره بأنه وسط جمع
غفير من المسلمين في مكان جميل جدا ومن خلال مشاهداته للقنوات الفضائية عرف لاحقا
أن هذا المكان هو مكة المكرمة .. ولقد زار " باول ميليس " السعودية للمشاركة في
مهرجان الجنادرية ونطق بالشهادتين في الأمانة العامة للندوة العالمية للشباب
الإسلامي معلنا إسلامه وسمى نفسه منذ ذلك اليوم " إبراهيم ميليس " وهو يقول : (
عندما كنت في التاسعة من عمري رأيت أنني في الكعبة المشرفة بين المسلمين وتكررت
الرؤيا كثيرا وعندما سألت عن ذلك عرفت أنها الكعبة المشرفة التي يحج إليها المسلمون
.. ومنذ ذلك التاريخ وأنا أقرأ كل شيء عن الإسلام وتوصلت إلى حقيقة أن الإسلام هو
الدين الإلهي الصحيح الذي ارتضاه الله للناس ) ..
** أسلم أيضاً الكاتب ( عبد الأحد داود ) حيث ألف بعد إسلامه كتابه القيم : (
الإنجيل والصليب ) ...
** اسلم أيضاً الكاتب ( محمد فؤاد الهاشمي ) والذي ألف كتاب ( الأديان في لغة
الميزان ) ...
** أسلم الأسقف الرئيسي للكنيسة الأورثوذكسية لروسيا والذي قرأ عن الإسلام ودخل فيه
وترك منصبه ...
** أسلم الرئيس العالم للمسلمين في أمريكا وقد كان نصرانيا ..
** في امريكا أسلم القسيس الأب بيت جاكوب ..
** في ولاية تكساس أسلم الطالب جو وهو طالب في معهد التعميد التابع للكنيسة ودخل في
الإسلام بعد بعد قراءة القرآن الكريم
** في معهد التعميد الكنسي في تكساس أثنى القسيس الكاثوليكي الأب جون على الدين
الإسلامي ثناء كبيرا واعتبره أفضل وأصح الأديان السماوية والأمل كبير في إعلان
إسلامه قريبا ...
** وفي ولاية تكساس أسلم قسيس كاثوليكي من أصول أفريقية وغير اسمه إلى عمر تيمنا
بالخليفة الراشد عمر بن الخطاب
** في نيويورك أسلمت مارغريت ماركوس اليهودية من أبوين يهوديين وسمت نفسها ( مريم
جميلة ) وكانت من أنشط الداعيات المسلمات إلى الإسلام
** يقول الكاتب الفرنسي ( إيتين دينيه ) الذي أسلم وسمى نفسه ( ناصر الدين ) : ( ما
أصدق سان أوغسطين وهو أخبث رجال الكنيسة عندما يريد أن يقطع أية مناقشة منطقية في
عقيدته فيصرخ قائلا : أنا مؤمن بأن ذلك لا يتفق مع العقل
).
** يقول اللورد البريطاني ( هيدلي ) الذي اعتنق الإسلام : ( إن المسيحي مطالب بأن
لا يفكر بعقيدة التثليث هذا إذا أراد الخلاص .. فإن ناقش في ذلك فهو مهدد باللعنة
الأبدية .. ولعل هذا هو السر في انتشلر موجة الإلحاد بين المثقفين من الغربيين ممن
حكموا عقولهم فوجدوا أن المعتقدات التي تلقوها في صغرهم تتعارض تماما مع قولنين
والمنطق والحس السليم والمصطلحات العلمية والفلسفية ) ...
** أسلم المطرب والملحن البريطاني الشهير كات ستيفن وسمى نفسه ( يوسف إسلام ) وقد
التقيت به مرارا في كندا وهو يقوم بالدعوة إلى الإسلام وتلحين بعض الأناشيد
الإسلامية باللغة الإنجليزية .. وكان لجهد متميز في جمع التبرعات للأعمال
والفعاليات الإسلامية ...
دعوة إلى المنصفين من أبناء النصارى:
ونحن هنا من خلال هذا الكتاب لا يسعنا إلا أن ندعو أهل الكتاب من النصارى أن يفتحوا
قلوبهم للحق ويعرفوا عدوهم الحقيقي ويثوبوا إلى رشدهم ويفتحوا أعينهم على مايحيط
بهم ويعملوا على إنقاذ أنفسهم وانقاذ عقيدتهم من لوثات الوثنية والشرك التي حرفت
عقائدهم عن الخط السوي المستقيم .. إنني أتحدى أي نصراني حتى أصحاب الدراسات
الكهنوتية من أن يعطيني تصويرا حقيقيا منطقيا عن طبيعة المسيح عليه السلام يمكن أن
يتفق عليه كل النصارى ولن يستطيع أحد من أبناء النصارى أن يقدم ذلك لأن التناقضات
والاختلافات بين نسخ الإنجيل مختلفة متضاربة بشكل كبير .. ولو سألت كل نصراني على
وجه الأرض عن طبيعة المسيح وطبيعة العقيدة النصرانية لأجابك كل واحد مهم جوابا
مختلفا عن الآخر ولحصلنا على أجوبة متناقضة لأن لكل واحد منهم تصور مختلف عن
الآخرين .. لقد اختلف النصارى الأولون على طبيعة المسيح منذ أن دخل اليهودي ( بولس
) إلى سلك المسيحية فطمس فيها عقيدة التوحيد وبث فيها عقيدة الشرك ومنذ ذلك التاريخ
لم تتفق الطوائف النصرانية على طبيعة المسيح عليه السلام فضلوا وأضلوا من جاء بعدهم
فأصبحوا هم الضالين كما سماهم القرآن الكريم ..
( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ..) 171-173 النساء .
( إن مثل عيسى ....) 59-63 آل عمران .
( ولا تجادلوا أهل الكتاب ...) 46-47 العنكبوت .
( أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة .. ليس بيني وبينه نبي ..
والأنبياء أخوة لعلات .. أمهاتهم شتى ودينهم واحد ) أخرجه أحمد والبيهقي وأبو داوود
.
** منهم من يقول أن المسيح وامه الهان من دون الله ...
** أن المسيح من الأب بمزلة شعلة نار من نار فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية وطبعا
هذا الكلام مناقض للعقل والنقل ..
** إن مريم عليها السلام لم تحبل به تسعة أشهر وإنما مر في بطنها كما يمر الماء في
الميزاب لأن كلمة الله دخلت من أذنها وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها .. وهذا
مخالف للواقع والتاريخ حيث حملت مريم بالسيد المسيح عليهما السلام تسعة أشهر وجاءها
تماما كغيرها من النساء الحوامل ...
** أن المسيح انسان مخلوق من اللاهوت كواحد منا في جوهره وأن ابتدأ الابن من مريم
وأنه اصطفي ليكون مخلصاً للجوهر الأسمى صحبته النعمة وحلت فيه المحبة والمشيئة
ولذلك سمي ابن الله ..
** أن الله جوهر قديم واحد ويسمونه بثلاثة أسماء ولايؤمنون بالكلمة أو بالروح ..
** أن الآلهة صالح وطالح وعدل بينهما ...
** ومنهم من يقول : بألوهية المسيح وحده ..
** ومنهم من يقول : روح القدس ليس بإله على الإطلاق ..
** ومنهم من يقول : بألوهية روح القدس ...
** ومنهم من يقول : أن لعيسى اقنوم إلهي مستمد من الأب وطبيعة إنسانيه استمدها من
مريم ..
** ومنهم من يقول : أن للمسيح طبيعتين في طبيعة واحدة إجتمع فيها الناسوت واللاهوت
وأنه اقنوم واحد ووجه واحد في طبيعتين ..
** ومنهم من يقول : أن مريم العذراء هي أم الله .. وأن للمسيح طبيعتين واحدة
لاهوئية وواحدة ناسوتية ..
** ومنهم من يقول : بان الله ذات مثلثة الأقانيم وأن اقنوم الإبن تجسد من روح القدس
ومن مريم العذراء ...
** ومنهم من يقول : أن الثالوثة وحدة ذاتية جوهرية منزهة عن الإختلاط والإمتزاج
والإستحالة مبرأة عن الانفصال وبهذا الإتحاد صار الإين المتجسد طبيعة واحدة في
طبيعتين بمشيئة واحدة ...
** يقولون ونؤمن بروح القدس المحي المنبثق من الأب الذي هو مع الأب والإبن مسجود له
وممجد ...
** الأب والإبن وروح القدس هي ثلاثة أقانيم بثلاثة وجوه وثلاث خواص توحيد في تثليث
وتثليث في توحيد كيان واحد في ثلاثة أقاليم ... إله واحد ..جوهر واحد .. طبيعة
واحدة ) ...
** ومنهم من يقول : ( أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين وليس مشيئة واحدة ) ...
** ومنهم من يقول : ( الأب وحده هو الله وأن الإبن مخلوق ومصتوع ولقد كان الأب اذ
لم يكن الإبن موجوداً ) ..
** ومنهم من يحرم إتخاذ الصور والتماثيل في العبادة ...
** ومنهم من يحرم طلب الشفاعة من مريم ...
** ومنهم من يقدس الصور والتماثيل ويبحيون طلب الشفاعة من مريم ...
** ومنهم من يزعم أن المسيح ليس حقيقة وإنما هو نموذج خيالي ...
** ولقد إعتقد بعضهم أن الإمعان في تقديس المسيح والوصول به إلى درجة الألوهية هو
تكريم للمسيح
إن التناقض الكبير في الأناجيل يترك الإنسان المطلع عليها أن يقف مذهولا متعجباً أن
تظهر كل هذه التناقضات من إله حكيم ورب قادر يصرف أمور الدنيا والعوالم كلها ...
** فكل إصحاح ينقد الذي قبله وكل فقرة تهدم مابعدها وكل إنجيل يناقض غيره من
الأناجيل المختلفة إضافة أن هذه الأناجيل لاتتضمن العلم الشرعي الديني وإنما مجموعة
أقوال وروايات وأساطير يختلط فيها الحق في الباطل ويمتزج فيها الخطأ بالصواب ...
وفي ختام هذه الفقرة لابد وأن القارئ الكريم قد رأى الديانة النصرانية المحرفة
المبدلة على حقيقتها الصليبية العنصرية الحاقدة الملوثة بدماء الملايين في كل أصقاع
العالم حتى كأنهم لم يقرؤوا كتبهم المقدسة التي تحسهم على التسامح والمحبة ولم
يسمعوا نداء المسيح عليه السلام بالسلامة والمحبة التي تطل علينا من بين الركام
الهائل .. إنني على قناعة تامة أن الديانة النصرانية الصليبية العنصرية المحرفة قد
فقدت مبررات وجودها كحضارة وفقدت شعبيتها ومنهجها الإلهي القويم فهي بالتالي لا
يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم بإعادة بناء حضارة عالمية إنسانية ...
الإسلام وحتمية الحل الإسلامي :
لقد وصلنا في الدراسة السابقة إلى حتمية انهيار الحضارة الغربية وذكرنا عوامل
السقوط والانهيار التي تنخر جسد الحضارة الغربية العنصرية من الداخل .. ولكن أمام
هذه الحقائق المدمرة للحضارة الغربية والتي تنذر بسقوطها وانهيارها يواجهنا سؤال
خطير .. ماذا بعد سقوط الحضارة الغربية ؟... وماهو البديل عن هذه الحضارة التي طغت
واستبدت على شعوب العالم وقامت بأيشع الجرائم ضد الإنسانية خلال أربعة قرون من
الزمان وذلك بعد سقوطها وانهيارها ؟ ... وماهو المنهج والنظام الذي يمكن بموجبه
إقامة حضارة عالمية إنسانية تمفل لجميع البشر الخير والسلام والعيش بأمان حتى يرث
الله الأرض ومن عليها .. ولقد قمت في الصفحات السابقة باستعراض كل الأنظمة والمناهج
والنظريات والمبادئ الموجودة على الساحة العالمية وقد تبين لنا عدم صلاحيتها لإقامة
حضارة عالمية إنسانية ليبقى أمامنا حل وحيد بل حتمي ألا وهو الحل الإسلامي ...
وربما يستنكر كثير من الناس هذه الفكرة وهذه الحتمية بادئ ذي بدء وذلك عندما ينظرون
إلى واقع المسلمين المزري في هذه الأيام وعلى ضعفهم ومذلتهم وهوانهم وتكالب الناس
عليهم إلا أنني واثق كل الثقة أن الإسلام هو الحل الوحيد وأن واقع المسلمين المتخلف
لا علاقة له بطبيعة الإسلام ومنهجه الإلهي المتكامل .. فلقد انطلق الإسلام في يوم
من الأيام من شخص واحد هورسول الله صلى الله عليه وسلم وعم الأرض كلها وانتشرت
حضارة الإسلام في كل ربوع الأرض تنشر الحق والعدل والرخاء والسعادة لكل البشر في كل
بقعة من بقاع العالم .. فلماذا لا يعود هذا الإسلام من جديد وتعداد المسلمين تجاوز
مليار ونصف المليار من البشر ؟... لماذا لا يعود هذا الإسلام مرة أخرى منطلقا من
ماليزيا أو أندونيسيا أو تركيا أو أوربا أو أمريكا فلربما اعتنق الإسلام أعداد
كبيرة من رجال الفكر والسياسة في الدول الغربية التي تحارب الإسلام اليوم لجهلها في
طبيعة هذا الإسلام ؟... ألم تكن قريش والقبائل العربية جلها تناصب العداء للرسول
الكريم وصحبه المؤمنين الطيبين الطاهرين وللدين الإسلامي القويم فماذا كانت النتيجة
؟... ألم يتحقق حلم الرسول الكريم حين آذاه أهل الطائف ورموه بالحجار فقال قولته
المشهورة : ( بل أستأني بهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده ويوحده ) وتحقق قول
الرسول الكريم فكان من أصلاب المشركين الكافرين الذين عذبوا رسول الله واضطهدوا
المسلمين الأولين قادة الإسلام العظماء الذين نشروا الإسلام في ربوع العالم أجمع في
أقل من نصف قرن ؟... ألم يكن خالد بن الوليد قائد جيش المشركين في غزوة أحد فأصبح
قائد جيش المسلمين في غزوة اليرموك ضد أكبر وأعظم دولة في ذلك التاريخ .. ألم يكن
أبو سفيان وابنه معاوية من أشراف قريش وقدتها ممن كانوا يحاربون الله ورسوله
والمسلمين فماذا حصل بعد ذلك ؟.. لقد أسلم أبو سفيان وكان من أعلام الإسلام وأسلم
ابنه معاوية فكا مؤسس الدولة الإسلامية الأموية التي هزت العالم كله فيما بعد ووصلت
فتوحاتها إلى الهند والسند والصين شرقا وإلى بلاد أفريقيا ومشارف أوربا غربا .. لقد
علمنا التاريخ أن أشد الناس ظلما وعداء للرسول أمثال أبوجهل وعبد الله بن أبي بن
سلول فكان من أصلابهم قادة المسلمين .. الإسلام ليس حكرا على أبناء المسلمين في
وضعهم الراهن الضعيف الذليل .. الإسلام دين الله ولعل الله يخرج من أصلاب عتاة
الكفرة في الغرب أو الشرق من يقود المسلمين إلى النصر المؤزر والتمكين في الأرض
وإعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية .. لقد علمنا التاريخ منذ اليوم
الأول لبعثة الرسول المصطفى أن الدين الإسلامي دين عالمي إنساني جاء للناس كافة : (
إنما أرسلناك للناس كافة بشيرا ونذيرا ) .. ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ..
فلا تدري نفس من اين يبدا إعادة بناء الحضارة الإسلامية من جديد وإن كان الإسلام
قادم بالتأكيد .. لابد وأن يعود الإسلام من جديد ليتسلم قيادة البشرية من جديد
ولينشر الحق والعدل والهداية في ربوع العالم كله وينشر القيم الروحية والعدالة
الاجتماعية والقيم الإنسانية السامية في كل أرجاء المعمورة لينقذ البشرية مما
يتهددها من الخراب والدمار الذي يبشر به أصحاب المذاهب المادية الهدامة كل يوم ...
إن إقامة الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية هي ضرورة حتمية وحاجة ماسة ملحة
لإنقاذ البشرية جمعاء من البؤس والشقاء والحروب والدمار وهذه الضرورة الحتمية لاتخص
الدول والشعوب الإسلامية فحسب وإنما تخص جميع شعوب العالم على الإطلاق .. وذلك لما
يحيط العالم بأسره من مخاطر وكوارث تنذر بالسقوط والانهيار للإنسانية جمعاء وذلك
نتيجة لفقدان الحضارة الغربية التي تتحكم بمصائر الأمم والشعوب للقيم الإنسانية
والأعراف الأخلاقية والسمو الروحي والرقي الحضاري .. وسيطرة منطق القوة الغاشمة
ومنطق الوحوش في الغابة القوي يأكل الضعيف والكبير يسحق الصغير .. أضف إلى ذلك
الإنتكاسة المريعة إلى منطق العبودية وإلى منهج الحيوانية والشهوانبة وإلى الأسلوب
العنصري البغيض .. خاصة وأن هذه الحضارة الغربية تمتلك من أساليب القوة المادية
التدميرية ما بإمكانه تدمير الكرة الأرضية بأكملها أكثر من خمسين مرة وإبادة شعوب
العالم كله أكثر من سبعين مرة مع افتقارها إلى الأخلاق والقيم الإنسانية مما يشكل
تهديدا جوهريا شديدا للإنسانية بأسرها .. إن شعوب العالم أجمع بحاجة ماسة إلى منهج
إلهي عادل وإلى نظام إنساني عالمي حضاري ينقذها من المستقبل الأسود المشؤوم الذي
يتهددها صباح مساء .. البشرية جمعاء بحاجة ماسة إلى هداية الإسلام وعدله لإنقاذها
من البؤس والشقاء والفقر والحرمان والظلم والبغي والفساد والإفساد في الأرض ..
البشرية جمعاء بحاجة ماسة إلى نظام روحي أخلاقي يرفع الإنسان في كل بفعة من بقاع
العالم إلى المستوى الإنساني اللائق المشرف بعيدا عن الإرتكاسات المادية وبعيدا عن
الهبوط إلى درجة الحيوانية وبعيدا عن ارتكاسات الجنس ولوثات الكفر والإلحاد ..
ربما يقول قائل إن شعوب العالم راضية بوضعها الحالي ولا تبحث عن منهج بديل ينقذها
مما هي فيه ومن جهة أخرى ربما لاتريد هذه الشعوب أن تدين بالإسلام أو أن يسيطر
الإسلام على شؤون الحياة في العالم أجمع .. فأقول إن إقامة الحضارة العالمية
الإنسانية الإسلامية هي علاج للأمراض المستعصية التي عانت منها شعوب العالم أجمع
ولا تزال تعاني منها والتي عجز العالم كله عن حلها وعلاجها .. والمريض يجب أن يعالج
سواء رضي أم لم يرض لأن استمراره بالمرض سيؤدي إلى انتشار العدوى القاتلة وتفشي
الأمراض الإجتماعية الخطيرة المستعصية والتي ستؤدي عاجلا أم آجلا إلى دمار البشرية
وارتكاسها .. من هذا المنطلق نجد ضرورة إقامة الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية
.. وبعد ذلك فالناس أحرار في اعتناق العقيدة التي يريدون تحت المبدأ الإسلامي
الرباني الأصيل : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) .. وأريد هنا أن ألح
على هذا الشعار الهام ( الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية ) لأننا نريد إنشاء
حضارة راقية سامية عالمية في شموليتها إنسانية في أهدافها وتطلعاتها إسلامية في
منهجها ربانية في روحانيتها .. وألح هنا أيضا على كلمة إسلامية لأننا نجد أن المنهج
الإلهي الإسلامي هو المنهج الوحيد ولا منهج سواه يستطيع أن يحقق العدالة والإصلاح
لكل المجتمعات الإنسانية بعد أن أفلست كل الشرائع والنظم وفشلت في تحقيق السعادة
حتى لأبنائها وشعوبها فضلا عن شعوب العالم الأخرى .. يقول الدكتور ( ج . هـ .
دينسون ) في كتابه القيم ( العواطف كأساس للحضارة ) وذلك حين يتعرض للإرهاصات
والأوضاع العالمية قبيل بعثة الرسول الكريم محمـد صلى الله عليه وسلم يقول : ( ففي
القرنين الخامس والسادس الميلاديين كان العالم المتمدين على شفا جرف هار من الفوضى
لأن العقائد التي كانت تعين على إقامة وتقويم المجتمعات كانت قد انهارت تماما ولم
تكن هناك مقومات أخرى تقوم مقامها .. وكان يبدو أن المدنية الكبرى التي تكلف بناؤها
جهود أربعة آلاف سنة مشرفة على التفكك والانحلال وأن البشرية توشك أن ترتكس ثانية
إلى ماكانت عليه من الهمجية فالقبائل تتحارب وتتناحر دون قانون أو نظام أما النظم
التي خلفتها المسيحية فكانت سببا رئيسيا للفرقة والانهيار بدلا من الاتحاد والنظام
.. لقد كانت المدنية كشجرة ضخمة متفرعة امتد ظلها إلى العالم كله قد بدأت تترنح وقد
تسرب إليها العطب حتى اللباب .. وبين مظاهر هذا الفساد الشامل ولد الرجل الذي وحد
العالم كله ) .. والمقصود بالرجل هنا طبعا محمد صلى الله عليه وسلم ...
إن البشرية اليوم ليست أحسن حالا وإن اختلفت الأسباب .. إن الحيرة والقلق والشرود
والاضطراب ترين كلها على الضمير البشري في كل مكان .. في البلاد التي كانت تعتقد
بديانة سماوية أو في البلاد الوثنية على حد سواء .. لم يعد هناك يقين في شيء حتى
يجد الضمير البشري في ظله الهدوء والراحة والاستقرار لم يعد هذا الضمير يطمئن إلى
عقيدة أو مبدأ أو وضع أو نظام .. لقد قضت أوربا وأمريكا على كل مقدساتها القديمة
ابتداء من القرن السادس عشر وآمنت بالعلم كإله .. وبلغ هذا الإله الغربي الجديد
ذروة قداسته خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .. وما كاد القرن العشرين يبدأ
وينتصف وينقضي حتى اهتز عرش هذا الإله المتقلب الذي لايثبت على حال لقد اتضح ان
مقررات هذا الإله الغربي الجديد كلها قابلة للنقض وأنه هو ينقضها بيديه يوما بعد
يوم بل لقد بدا هذا الإله ذاته ضائعا بين تصوراته وأدواته ومقاييسه فلم يعد له
مقاييس ثابتة يفيء إليها بعدما أصبح هو بيده يحطم سائر المقاييس التي ظنها الناس في
يوم من الأيام غير قابلة للنقض والتغيير والتبديل ) .. إن انفلات البشرية من قيود
النظم والعقائد الروحية والدينية رغم فسادها وانحرافها جعلها تنطلق في الشرق والغرب
إلى عبوديات أشد فسادا وانحرافا فتارة تعبد المال وتارة تعبد الجنس وتارة تعبد
الانتاج وتارة تعبد الاقتصاد وتارة تقدس وتعبد أشخاصا من البشر أمثال ماركس ولينين
وماوتسيتونغ وهتلر وموسوليني وديغول وجورج واشنطن وفرويد وانشتاين وعبد الناصر
وأتاتورك وعرفات وحافظ أسد وصدام حسين وغيرهم كثير وهكذا نجد في كل يوم إلها جديدا
وفكرا جديدا وعقيدة جديدة في تغير دائم مستمر ولكن باتجاه الأسوأ باتجاه الانحراف
والفساد وشقاء البشرية جمعاء لصالح فئة من الناس المتسلطين الطغاة الذين يقودون
العالم كله نحو الضياع والدمار .. وحتى هؤلاء الطغاة المتسلطين فإن حياتهم أبعد
ماتكون عن السعادة والسكينة والمودة والرحمة فهم يعيشون حياة بؤس وتعاسة وشقاء رغم
كل مايملكونه من سطوة وجاه وقوة ومال .. فالحكام الطغاة المتسلطون يعيشون في سجن
كبير وإن كان هذا السجن قصرا منيفا فيه كل مظاهر البذخ والراحة .. الإنسان العادي
يمكنه أن يحمل حقيبته ويسافر إلى أي بلد في العالم ويستمتع بجمال الدنيا بأسرها دون
رقيب أو حسيب أما الحكام الطغاة فهم لايملكون هذه الحرية الكاملة .. الإنسان العادي
يمكنه أن يدخل أي مطعم وأي سوق وأي مكان يريده بينما الحكام الطغاة لايمكنهم أن
يتحركوا حركة واحدة دون أن تكون تحت رقابة أمنية مشددة فهم في سجنهم الكبير محرومون
من هذه الحرية أيضا الإنسان العادي يمكنه أن يدخل أي معبد يمارس شعائرة الروحية بكل
يسر وبساطة أما الحكام الطغاة فلا يمكنهم ذلك إلا تحت الحراسة العسكرية المشددة ..
الإنسان العادي يمكنه الإستمتاع بالحدائق والجبال والشلالات والأنهار والتزلج
والرياضة والجري في الطرقات العامة في الصباح الباكر والذهاب إلى السينما والمسرح
وغير ذلك كثير أما الحكام الطغاة فمحرومون من هذه الحريات والمتع الإنسانية إلا تحت
حماية الجيش والشرطة التي تحصي عليهم حركاتهم وسكناتهم تحت مبدأ الحراسة والحماية
الأمنية .. ولا أريد هنا أن أعدد الحريات التي يفقدها الطغاة ولكني أريد أن أؤكد أن
الحكام الطغاة ليسوا أحسن حظا من بقية الناس في ظل الأنظمة المادية الإستبدادية بل
على العكس من ذلك فهم يعيشون في سجن كبير ضمن حلقات أمنية متعددة وضمن برتوكولات
تضيق وتضيق على هذه الطبقة حتى تجعلهم حقيقة في سجن كبير فهم ليسوا أحسن حالا من
بقية الناس .. الإسلام وحده هو الذي يطلق حرية الناس جميعا حكاما كانوا أم محكومين
.. أمراء كانوا أم أفرادا عاديين .. وفي ذلك يروي التاريخ لنا قصة رسول كسرى إلى
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما قدم المدينة المنورة وسأل عن أمير المؤمنين فدلوه
على رجل بسيط في شكله عظيم في قدره نائم تحت شجرة النخيل متوسدا حذاءه فلما نظر
إليه رسول كسرى غبطه على هذه النعمة التي حرم منها ملوك الفرس كلهم وقال كلمته
المشهورة ( عدلت فأمنت فنمت ) لأن ملوك الفرس الجبابرة الظلام لايتجرؤون على مثل
هذا العمل .. ويروى عن التابعي الصالح الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال : ( والله
إننا نعيش في ظل نعمة الإيمان لوعرفها الملوك والأمراء لقاتلونا عليها ) .. نعم في
ظل الإسلام وحده يجد الإنسان سعادته الحقيقية .. وفي ظل العبودية لله وحده
يجدلإنسان الكرامة الإنسانية الحقيقية .. وربما يقول بعض المبهورين من بريق الحضارة
الغربية إن الإنسان في ظل الحضارة الغربية يعيش حياة حرة كريمة .. فأقول ربما يكون
هذا القول فيه شيء من الحقيقة فيما لو قارنا هذا الإنسان مع الشعوب المسحوقة تحت
الديكتاتوريات الظالمة المجرمة أو تحت الاحتلال الإجرامي المقيت أو تحت الأنظمة
العنصرية التي تجعل من الناس عبيدا لطبقة خاصة من الناس .. ولكن لو قسنا حياة
الإنسان الغربي بمقياس العدالة الإلهية وبقوانين الشرع الإسلامي الحنيف لوجدنا أن
الحقيقة غير ذلك تماما .. إننا لونظرنا إلى المجتمعات الغربية نظرة فاحصة مجردة نجد
أن الحضارة الغربية لم تحقق للإنسان كرامته وإنسانيته .. فعلى الرغم من الثراء
الفاحش والإنتاج المادي الهائل واللذائذ المباحة بأسهل الطرق وأبخس الأثمان فإن
السأم والملل والضجر والقلق والأمراض العصبية والنفسية المتفشية في المجتمعات
الغربية بشكل كبير والإدمان على المسكرات والمخدرات وغير ذلك كثير مما يعكر صفو
حياتهم ويقلبها إلى جحيم وسعير يؤدي بكثير من الأحيان إلى الجرائم والإنتحار ..
يقول سيد قطب في كتابه ( نحو مجتمع إسلامي ) واصفا المجتمعات الغربية : ( إن متاعهم
هياج عصبي ومرح حيواني وإنهم يخيل إليك أنهم هاربون دوما من أشباح تطاردهم .. إنهم
آلات تتحرك في جنون وسرعة وهياج لايقر له قرار .. وكثيرا ما كان يخيل إلي أن الناس
هناك في طاحونة دائرة لاتني ليل نهار .. أو صباح مساء .. تطحن بهم ويطحنون لايهدؤون
لحظة ولا يطمئنون إلى أنفسهم ولا إلى الحياة من حولهم .. ليس هناك لحظة للتأمل ولا
حتى للشعور بالحياة ذاتها .. إنهم ينتجون كثيرا مافي ذلك من شك .. إنهم يكسبون
كثيرا مافي هذا من شك .. ولكن لمن ينتجون ولمن يكسبون ..؟ العنصر الإنساني لاوجود
له .. هدوء القلب .. اطمئنان النفس .. راحة الضمير .. لذة الفرح بثمرات الجهد ..
المودة بين الناس ..التجاوب الروحي بين الأصدقاء .. العقيدة في قوة أكبر من قوة
الأرض .. كل هذا لا وجود له في قاموس الحياة في الحضارة الغربية .. هناك مرح كثير
يخيل إلى من لايعرف أنه سعادة .. تلك الضحكات التي ترن في الهواء .. تلك المهارشات
التي تتحسس مساقط اللذة في الأجساد .. تلك الكؤوس التي لاتفرغ من الخمر .. تلك
الضجة التي لاتهدأ ولا تفتر .. إنه المرح الحيواني وليس السعادة ولا الفرح .. إن
عربدة السكارى ليست سعادة والمرح الحيواني ليس فرحا إنه انطلاق الطاقة المكبوتة تحت
ضغط العمل المرهق .. ولكن أين الإنسان في هذا الركام ؟ ) .. إن البشرية كلها في
حاجة ماسة إلى الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية .. في حاجة ماسة إلى عقيدة في
الضمير يستروح الإنسان في ظلها من هذا الهجير القائظ .. ويطمئن في رحابها من ذلك
القلق .. ويستقر في حضنها إلى قرار .. والعقيدة في الله هي التي تمنح البشرية
الحرية والسعادة .. وهذه العقيدة بنقائها وصفائها ودقتها وصحتها لانجدها إلا في
الدين الإسلامي القويم وفي كتاب الله المبين الذي تكفل الله بحفظه على مر الدهور
والسنين والذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم .. من
هذه المنطلقات الأساسية يبرز دور الإسلام وتتميز دعوة الإسلام وتتجلى حاجة البشرية
كلها إلى قيام حضارة عالمية إنسانية إسلامية .. إإن البشرية كلها في حاجة إلينا ..
في حاجة إلى عقيدتنا .. في حاجة إلى مبادئنا .. في حاجة إلى شريعتنا .. في حاجة إلى
نظامنا الاجتماعي .. إن البشرية كلها في حاجة إلينا .. ومن ثم تبدو جسامة الجريمة
التي يرتكبها من يحاولون إذابتنا في أية حركة أو أية منظمة أو أي اتجاه داخل الوطن
الإسلامي أو خارجه على حد سواء .. إن الذين يريدون أن نذوب في حركة قومية أو كتلة
دولية أو اتجاه عالمي إنما يرتكبون جريمتهم في حق البشرية كلها قبل أن يرتكبوها في
حق الإسلام أو الوطن الإسلامي ) .. وأريد هنا أن أنوه إلى أنني سأركز جل اهتمامي في
القسم الثاني من هذا الكتاب عن الخصائص السامية العالمية الإنسانية التي تفرد بها
الدين الإسلامي والتشريع الإسلامي على كل النظم والشرائع والقوانين في الماضي
والحاضر والمستقبل وحتى تقوم الساعة وتنتهي هذه الحياة الدنيا ولكن حسبي هنا لمحات
موجزة تعطي فكرة أولية مبسطة عن هذا الدين الإلهي الحكيم وهذا التشريع الرباني
المحكم وهذا هو جواب سؤالنا الذي طرحناه عن حتمية الحل الإسلامي ( لماذا الإسلام
؟!!! ) ....
وأمام الأحداث الكبيرة التي تعصف بالبشرية جمعاء .. وامام الانحدار المريع الذي
تسير به البشرية نحو الهاوية وأمام الفساد والإفساد الذي يسير بالبشرية نحو
الحيوانية والوحشية .. وأمام إفلاس العالم أجمع من القيم والاخلاق والمبادئ ..
وامام انحراف البشرية عن الطريق الصحيح نجد أته أصبح من الضروري قيام المجتمع
الاسلامي وقيام الحضارة الاسلامية العالمية الانسانيه لإنقاذ البشرية جمعاء قبل أن
تصل إلى هاوية الخراب والدمار .. وإذا نظرنا إلى شعوب الكرة الأرضية وإلى المبادئ
المتواجده والأفكار المنتشرة والنظريات والانظمة والحكومات والدول لوجدناها قد
أفلست في عالم القيم وفي عالم الأخلاق وفي عالم الروحانيات وأفلست في القيم
الإنسانية كلها بشكل عام .. ولييس هناك الا دين واحد يستطيع ان ينقذ البشرية جمعاء
مما هي فيه من البؤس والشقاء والانحطاط الخلقي والاجتماعي ذلك هو الدين الاسلامي ..
وليس هناك إلامنهج واحد هو المنهج الرباني الأصيل الصحيح المتمثل في المنهج
الاسلامي .. وليس هناك الا نظام واحد هو النظام الاسلامي الذي يجمع ولايفرق يصلح
ولا يفسد ينشر الحق والعدل بين شعوب الأرض كافة لافرق بين أبيض أو أصفر أو أسود ..
ولافرق بين طائفة وطائفة ولافرق بين شعب وشعب آخر.. الناس سواسية كأسنان المشط
الفارق الوحيد هو مقدار الايمان بالله والعمل على إقامة شرع الله لقد أصبح واضحا ان
قيام المجتمع الاسلامي هو طريق الخلاص الوحيد للبشرية المهددة بالدمار وان قيام
الحضارة الاسلامية العالمية الانسانية هو الطريق الامثل للخلاص من كل السلبيات
والمفاسد المحدقة بالبشرية جمعاء .. ولكن مادام الأمر كذلك فلماذا لاتفيئ البشرية
إلى هذا الدين ؟ أو بشكل آخر لماذا لايفئ المستضعفون المستعبدون من البشر علىأقل
تقدير إلى هذا الدين مادام فيه خلاصهم من الإستعمار والاستعباد...؟
أقول في هذا المجال إن أمام مثل هذه الفئات المستعبدة حواجز وعقبات كثيرة تقف حائلا
بينهم وبين الحق المنزل من عند الله .. عقبات ماديه وعقبات معنويه أمامهم قوى قاهرة
مجرمة تستبيح كل شئ من أجل تسلطها واستعبادها لبني البشر.. أمامهم أجهزة اعلامية
متنوعة يصرف عليها المليارات كل يوم لتشويه الحقائق وطمس معالم الطريق والكذب
والاحتيال وتزيين الفساد والباطل كل ذلك يشكل حاجزا قويا هائلا بين البشر وبين
المنهج الالهي الحق.. فالمهمة الأولى هنا إزالة هذه الحواجز والعقبات وتبصير الناس
بما ينتظرهم من الحق والعدل والخير في ظل شريعة السماء وفي ظل المنهج الإلهي وبعد
ذلك يدخل الناس في دين الله أفواجا.. وهذا ماحدث فعلا في عهد الرسول صلى اله عليه
وسلم عندما قام المسلمون الاولون بتحطيم هذا الحاجز المتمثل بقريش وحلفائها من
القبائل العربية والزعامات العربية .. وعندما تم هذا التحطيم وانهار الحاجز بين
الناس وبين المنهج الالهي العادل أخذ الناس يدخلون في دين الله أفواجا يقول ربنا جل
شأنه : ( اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد
ربك واستغفره انه كان توابا ) .. ولقد تكرر هذا الأمر مع المنهج الإلهي الأصيل مرات
ومرات فبعد معركة اليرموك والقضاء على سلطة الروم في بلاد الشام انتشر الإسلام في
بلاد الشام بسرعة هائلة مذهلة..وبعد معركة القادسية والقضاء على سلطة الفرس في بلاد
العراق وايران ومابعدها .. انتشر الاسلام في تلك الأصقاع بسرعة هائلة مذهلة وهكذا
في بلاد السند والهند وفي بلاد الترك وفي بلاد الأندلس كان الناس يدخلون في دين
الله أفواجا بعد تحطيم تلك الحواجز التي تمنع وصول الهدي الإلهي والمنهج الرباني
إلى الناس كافة دون موانع او عوائق .. وهذه سنة الله في العباد ( ولن تجد لسنة الله
تبديلا ) .. إن ضرورة قيام المجتمع الاسلامي وبالتالي قيام حضارة اسلامية عالمية
انسانية تتحول إلى حتمية تاريخية عندما لايوجد على أرض الواقع أي نظام أو منهج أو
عقيدة أو دين يستطيع حمل هذه المهمة الشاقة الصعبة ان هذه الضرورة تتحول إلى حتمية
تاريخية عندما يفقد الناس كل الناس أي أمل يرجى من الانظمة البشرية الوضعية التي
أفلست في مجال الآخلاق وفي مجال العدل والحق وفي الحكم وفي مجال العلاقات
الاجتماعية وفي مجال العلاقات لانسانية حتى تحول العالم إلى غابة وتحول البشر إلى
حيوانات ووحوش يأكل القوي فيها الضعيف وتدمر الدول القوية الدول الضعيفة..وتسعبد
الشعوب القوية الشعوب الضعيفة وأصبحت منظمات حقوق الانسان تنادي وتستجدي وتستغيث
ولكن مامن مجيب .. وأصبحت الدول العظمى تتفنن في ابتكار ( السيناريوهات ) الخيالية
لتبرير إجرامها وابتكار الحيل والأكاذيب لتبرير سرقاتها من خيرات الشعوب وابتكار
الأفكار الخادعة والتضليل لتبرير استعبادها للشعوب تارة باسم الديمقراطية الخادعة
وتارة باسم احقاق الحق وتارة باعادة الحقوق لاصجابها وتارة في رقع الظلم وتارة باسم
الحرية وتارة باسم حقوق الإنسان وتارة باسم التحرير وهم أبعد الناس عن كل هذه
المفاهيم الخيره إنما كل همهم مصالحهم المادية والاستراتيجية وان ادى ذلك إلى سحق
الشعوب وقتل الأطفال والنساء والشيوخ ولا يمر يوم من الايام الا وتفجع البشرية
بجريمة أو أكثر من جرائمهم على مستوى العالم أجمع .. أما إثارة الفتن .. اما إثارة
القلاقل .. أما اثارة الحروب والقتال بين ابناء الشعب الواحد او الامة الواحدة فهم
الخبراء الأفذاذ في هذا المجال وهم الذين يمدون هولاء بالسلاح وأولئك بالعتاد لشن
حروب اقليمية أو طائفية أو عنصرية تكون الفائدة في نهاية المطاف للمجرمين الكبار
على مستوى العالم .. أما الأمم المتحدة التي وضعت يوم وضعت لإحقاق الحق وإنصاف
المظلومين ودفع الظلم والبغي فقد أصبحت أداة طيعة في أيدي عمالقة الإجرام على مستوى
العالم تسخر لنشر الظلم والاستعمار والاستعباد وقتل الناس وتقسيم الدول وتفتيت
الشعوب وإثارة النعرات الطائفية والعنصرية وذلك بعد أن تخلت عن كل واجباتها
الأخلاقية والإنسانية ...
هناك حواجز وموانع وآلهة تعبد من دون الله ايضا يجب ازالتها وتحطيمها .. فلقد كان
في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم آلهة تعبد من دون الله على شكل أصنام
وأوثان كانت تشكل حاجزا كبيرا في وجه الدعوة فكان من أولويات الدعوة الاسلامية
والمنهج الإسلامي تحطيم هذه الأصنام والاوثان وازالة هذه الحواجز.. ثم بعد ذلك عرفت
الدعوة الاسلامية طريقها وانتشرت وتوسعت بشكل هائل مزهل لم يخطر على بال بشر.. أما
اليوم فقد تعددت الآلهة التي تعبد من دون الله وتنوعت الوانها واشكالها وأصبحت تشكل
حواجزا عاتيه في وجه الدعوة الاسلامية فكان من الواجب إزالتها وتحطيمها حتى يتثنى
للدعوة الاسلامية أن تنتشر في أصقاع المعمورة دون حواجز وأصنام ودون آلهة تعبد من
دون الله .. لقد اتخذ البشر في ايامنا هذه آلهة كثيرة اتخذوا من المادة الاها ومن
المال الها ومن الهوى الها ومن الانتاج الها ومن الأرض الها ومن الجنس الها ومن
الفلاسفة آلهة ومن المشرعين آلهة ومن الحكام آلهة لابد من تركيز الجهد على إزالة
هذه الحواجز والعقبات وتحطيم هذه الآلهة جميعا ومن ثم ايصال منهج الله إلى البشر
دون حواجز تنصب أو موانع تنشر أو آلهة تعبد وعندها سنجد كما وجدنا في العصور
السابقة ان الناس سيدخلون في دين الله أفواجا.. وربما يتصور بعض الناس أن هذه
النظرة مثالية غير واقعية او خيالية وربما ينظر البعض الآخر إلى انها وهم وخرافة لا
يمكن تحقيقها ولكني أرد على ذلك بكثرة الداخلين إلى الإسلام من غير المسلمين من
العلماء والمفكرين وحتى من رجال الدين في الديانات الأخرى والمسلمون في أضعف
حالاتهم وفي اسوأ أوضاعهم متفرقون متناحرون فقراء ضعفاء بعيدون كل البعد عن العلم
والحضارة والمدينة ونجد من علماء الغرب ومن فلاسفتهم ومن رجال الدين عندهم من يتخلى
عن دينه ويعتنق الاسلام عن قناعة بأن دور هذا الدين سيكون له في المستقبل القريب
شأن عظيم بإذن الله .. واذا أردنا أن نضرب الامثلة فالأمثلة كثيرة جدا ولعل أقرب
مثال يمكن أسوقه هنا صديق ابني الذي يدرس ويعيش في كندا والذي كان على ديانة السيخ
الهنود أسلم وحسن إسلامه .. وصديقه ابنتي البولندية والتي كانت نصرانية قد أسلمت
وحسن اسلامها وفتاة جامعية نصرانية كانت تعمل في مجال السكريتاريا في شركة مرموقة
في كندا اعلنت اسلامها وتحجبت وحسن اسلامها فرفضت من العمل لا لشئ الا لأنها قد
تحجبت ولم تشفع لها كفاءتها وخبرتها العمليه والشهادة الجامعية التي تحملها فتركت
العمل لتصبح مدرسة في إحدى المدارس الإسلامية هناك .. هذه بعض الامثلة القريبة جدا
مني شخصيا أما عن الشخصيات العالمية المرموقة فيمكننا ان نسوق الكثير من الأسماء
الشهيرة اللامعة مثل الملاكم المسلم محمد علي كلاي والفيلسوف الفرنسي السهير رينيه
جارودي ( رجاء الله جارودي ) والفيلسوف الهولاندي ليبولد فايس ( محمد أسد )
والموسيقي البريطاني الشهير كات ستيفنسون ( يوسف إسلام ) وغير ذلك كثير .. اما في
مجال رجال الدين فيمكننا ان نسوق العديد من رجال الدين النصارى الذين عرقوا ديانة
النصارى بشكل كامل ودرسوا اللاهوت سنين طويلة وخدموا في السلك الكهنوتي النصراني
سنين طويلة ولكن لما تبين لهم الحق وعرفوا زيف وبطلان ديانتهم المحرفة تركوا كل شيئ
خلف ظهورهم واعلنوا الاسلام .. ومن الناس من يقول ان الحضارة الغربية التي بلغت
أوجها في العصر الحديث لا يمكنها بشكل من الأشكال ان تتخلى عن تقدمها وحضارتها
لتسير في ركاب المسلمين المتخلفين الفقراء وأنا أرد على هذا الكلام فأقول: الاسلام
اولا لا يتعارض مع التقدم العلمي والمادي ولا يصطدم مع المكتشفات والاختراعات التي
تمت بل على العكس فالاسلام يأمرنا بالنظر والتفكر والعلم والاختراع والابداع في كل
مجالات الحياة ويضيف إلى ذلك منهجا الهيا شاملا في المجالات الأخرى التي تفتقدها
الحضارة الغربية في المجالات الروحية والنفسية والاجتماعية والانسانية وحتى في
المجالات العلمية والمادية فإن الاسلام يوجه ويهذب هذه الفعاليات لتكون الفائدة
أكبر وليعم الخير والنفع من هذه الطاقات والفعاليات وفق النهج الأمثل .. والاسلام
استطاع ان يدخل قلوب الملايين من ابناء الحضارة الغربية وابناؤه في حالة ضعف وفقر
وتشتت فما بالك لو أن الحياة دبت في أوصال الشعوب الاسلامية وهذا مايحصل الآن على
نطاق واسع حيث بدأت الشعوب الاسلامية تنفض عن كاهلها العبودية والتبعية وبدأت تخطط
طريقها من جديد.. وبدأ المسلمون يستيقظون بعد سباتهم العميق في العديد من بقاع
العالم
الأمر الثالث أن دولة الروم ودولة الفرس في بداية الدعوة الاسلامية كانتا مركزا
للاشعاع الحضاري في ذلك التاريخ ولكن ابناء حضارة الروم وابناء حضارة الفرس بعد أن
تمت الفتوحات الإسلامية دخلوا في دين الله أفواجا وتفاعلت الحضارتان مع الاسلام
كدين ودولة وروح ومادة فأصبحت الحضارة الاسلامية بعد هذا التفاعل ارقى حضارة عرفها
التاريخ في ذلك الحين .. وأخيرا أقول أن التطور العلمي المادي وحده لا يبني حضارة
انسانية بل على العكس من ذلك فإن هذا التطور يسير باتجاه تدمير العالم واستعباد
البشر وسحق وقتل بني الإنسان اذ لا يمر يوم من الأيام الا ونرى الكوارث والحروب
والمآسي التي تشعلها الحضارة المادية الغربية وتغذيها وتوجهها بأساليب متنوعة
مختلفة ليسهل عليهم استعباد الشعوب وسرقة خيراتها على حساب ملايين البشر المسحوقتين
...
إن نظرة فاحصة إلى الدول التي تمتلك ثروات هائلة مثل جنوب أفريقيا ومثل غانا وساحل
العاج والسودان والعراق وسوريا وغيرها من الدول التي يعيش كثير من أهلها تحت خط
الفقر وتحت خط الجهل والمرض توضح مدى الجريمة التي ترتكبها دول الحضارة الغربية في
تكريس الجهل والمرض والفقر وسرقة خيرات هذه البلاد بأساليب شيطانية ملتويه أو
احيانا بالقوة العسكرية الغاشمة حيث قامت هذه الدول باحتلال اغلب هذه الدول لقد قمت
بزيارة الى جنوب أفريقيا التي تعتبر من أوائل دول العالم في انتاج الذهب والنحاس
والماس وغيرها من الموارد الطبيعية الثمينة ولكنها ظلت مستعبدة تحت الحكم العنصري
الغاشم قرونا طويلة ورغم انتهاء الحكم العنصري الغاشم ظلت مناجم الذهب والنحاس
والألماس وغيرها من الخيرات تستغل وتستثمر وتدار من الأجانب البيض الذين يسرقون
معظم هذه الثروة وشعب جنوب أفريقيا في فقر وشظف عيش والمدن فيها بسيطة متأخرة لا
تجد فيها أثرا لمثل هذه الثروات الهائلة إلا في بعض المناطق المخصصة حصرا للبيض حتى
يومنا هذا وزرت أيضا غانا التي تمتلك اكبر مخزون للكاكاو في العالم اضافة الى
امتلاكها كمبات هائلة من الذهب والماس والمعادن الثمينة بينما نجد عاصمتها وهي أهم
مدينة فيها تعيش في حالة بدائية متأخرة جدا وقس على ذلك كثير من الدول المتخلفة
المتأخرة والتي تسمى خطأ بالدول الناميه ...
إن حتمية الحل الاسلامي ينبع من كونه دين الفطرة ومن ثم فان استجابة البشرية جمعاء
لنداء الفطرة التي فطر الله الناس عليها يعني بالضرورة استجابتها لنداء الاسلام
ولدين الاسلام وهذه الاستجابه هي التي ستنقذ الشرية من الركام والاوهام والفساد
والاستعباد وطغيان الحضارة المادية الغربية .. ان حتمية الحل الاسلامي لانقاذ
البشرية لا يمكن أن ينطلق من فراغ أو ينتشر في فراغ .. ان حتمية هذا الحل تستوجب ان
يكون المنهج الاسلامي متجسدا في فئة او جماعة او دولة ليكون منهجا فاعلا متحركا
منطلقا إلى الامام..منهجا يعيش في واقع الناس يراه كل الناس يتحرك أمامهم ويدركه كل
الناس بأحاسيسهم وعقولهم لذلك لابد لقيام الحضارة العالمية الاسلامية من انشاء
مجتمع اسلامي متميز يطبق تعاليم الاسلام وينطلق من جديد ليسري في أوصال البشرية
جمعاء .. وهذا لابد ان يتم في المستقبل القريب بعون من الله وتوفيقه. لذلك فان قيام
المجتمع الاسلامي ومن ثم الانطلاق لانشاء الحضارة العالمية الانسانية الاسلامية هو
طريق الخلاص الوحيد للبشرية المهددة بالدمار والبوار.. وهنا يجب ان نركز على تقديم
الاسلام الى كافة شعوب العالم الذين يعتنقون شتى الديانات على شكل واقع حركي حي لا
على شكل أقوال وتصورات فارغة او ميتة او مشلولة عديمة الحركة لأن الميت لايمكن أن
يهب الحياة لأحد ولأن المشلول لايمكن أن ينققذ أويقدم خدمة لأحد ولأن الفارغ لا
يمكن ان يملأ الدنيا الاصياحا وجعجعه لا تغني ولا تسمن من جوع .. الواقع الحي
المتحرك والمتمثل في مجتمع متميز ولوكان صغيرا هو النموذج اللائق الذي يجب ان نقدم
الاسلام من خلاله وهذا ماحدث فعلا عبر احقاب التاريخ حيث كان المجتمع الاسلامي في
مكة بداية للدعوة الاسلايمة ولكنها كانت بداية ضعيفة متعثرة ولكن عندما أقام
المسلمون القلائل مجتمعا حيا متحركا في المدينة المنورة بدأت الحياة تدب في أوصال
الدعوة الاسلامية وبدأ انتشار الاسلام ينمو ويترعرع في ظل مجتمع صغير ولكنه حي
متحرك حتى وصلت دولة الاسلام إلى حدود فرنسا غربا وإلى حدود الصين شرق .. ثم تتابعت
مسيرة الدولة الاسلامية حتى وصلت إلى اقاصي آسيا في اندونيسيا والفيليبين والى عمق
اوربا في البوسنة والهرسك والشيشان وغيرها .. ومن هنا كان قيام المجتمع الاسلامي
أمرا حتميا كنقطة انطلاق لحتمية الحل الاسلامي في انشاء حضارة اسلامية عالمية
انسانية. وعندها لن تستطيع قوىالشر في العالم كله ان تقف في وجه المد الاسلامي الذي
يخاطب الفطرة البشرية وفق منهج الهي ثابت لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
لانه تنزيل من رب العالمين.
وهناك نقطة أخرى أريد أن أركز عليها ألا وهي المفاصلةبين المجتمع المسلم والمجتمعات
الجاهلية الأخرى...اذ أن المجتمع المسلم الذي سيقود العالم الى منهج الله القويم
يجب أن يستمد قوته ومنهجه وطريقة عمله وحركته وعلاقاته الداخلية والخارجية بل كل
مايتعلق بحياته في الدنيا والآخرة من منهج الله المتمثل بالقرآن الكريم وبسنة النبي
المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن سيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ولا أريد
هنا ان يفهم من كلمة المفاصلة ان ينفصل المجتمع المسلم عن بقية المجتمعات الانسانية
الأخرى أو بقطع علاقاته ببقية الامم والشعوب فهذا الفهم سيؤدي إلى موت الدعوة
الاسلامية في مهدها وانهيار المجتمع الاسلامي الوليد وانما اعني أن تكون جميع
الروابط والعلاقات مستمدة من منهج الله ومنبثقة من شرع الله .. إن الحركة التي هي
طابع العقيدة الاسلامية وطابع هذا المجتمع الذي لايدع احدا يتوارى إن كل فرد من
أفراد هذا المجتمع لابد أن يتحرك.. الحركة في عقيدته والحركة في دمه والحركة في
مجتمعه وفي تكوين هذا المجتمع العضوي .. فالمعركة مستمرة والجهاد ماض إلى يوم
القيامة..وبناء على ذلك فان حتمية قيام المجتمع الاسلامي نابعة من طبيبعة العقيدة
الاسلامية .. إن حتمية حتمية قيام المجتمع الاسلامي لابد وأن تقود في النهاية
إلىحتمية قيام الحضارة الاسلامية العالمية الانسانية ولا أريد هنا أن يفهم من قولي
ان قيام حضارة اسلامية عالمية انسانيةأمر بسيط يتم في أيام أوشهور معدوده فالأمر
صعب بل بالغ الصعوبة ربما يحتاج الى سنين طويلة وربما يحتاج إلى صراعات وصدامات
داميه يذهب من خلالها الألوف بل عشرات الألوف من الضحايا لأن طواغيت الأرض لن
يتنازلوا عن مصالحهم ومكتسباتهم وسرقاتهم وطغيانهم واستعبادهم لبني البشر بسهولة
انما دون ذلك الحروب والصراعات الدامية وهذا مانلاحظه بأم أعيننا في كل يوم بل في
كل ساعة وذلك لمجرد نأثر مصالحهم المادية فما بالك بمن يريد ازالتهم وبشكل كامل من
الوجود وفتح الطريق أما الشعوب المسحوقة المقهورة أو أمام الشعوب التي تعاني من
الضياع والشتات ولا تعرف طريق الهداية الربانية .. لاشك ان الأمر سيكون أدهى وأمر
وأصعب ولكن النتيجة مضمونة لأن الله وعدنا في نهاية المطاف بالنصر والتمكين لعبادة
المؤمنين الصابرين الذين ينطلقون لنشر منهج الله في الأرض كل الأرض وتبليغ رسالة
السماء الى البشر كل البشر ليعم بعد ذلك الأمن والأمان والخير العميم في كل أرجاء
المعمورة .. أما نقطة الانطلاق فلا يشترط ان تكون في هذا البلد اوذاك ولا يشترط ان
تكون في بلد من بلاد العرب او المسلمين فلربما كان هذا الإنطلاق من بلاد لانتوقعها
حسب ارادة الله ومشيئته .. إن المسافة بين محاولة البعث الاسلامي وبين تسلم قيادة
العالم مسافة طويلة شاسعة .. فقد غابت الامه الاسلامية عن الوجود وعن الشهود دهرا
طويلا .. وقد تولت قيادة البشرية افكار أخرى وأمم أخرى وتصورات أخرى وأوضاع أخرى
فترة طويلة .. وقد ابدعت العبقرية الاوربيه خلال هذه الفترة رصيدا من العلم
والثقافة والأنظمة والانتاج المادي وهو رصيد ضخم تقف البشرية على قمته ولا تفرط فيه
ولا فيمن يمثله بسهولة وبخاصة أن مايسمى العالم الاسلامي يكاد يكون عاطلا عن العلم
والحضارة والتقنية .. ان الطريق الى قيام المجتمع الاسلامي طريق وعر وشاق وطويل
وملئ بالعقبات والأشواك وأعسر مافي هذا الطريق هو ان نتغلب على نفوسنا ونرتفع
بتصوراتنا وأفكارنا وأخلاقنا وسلوكنا وعقائدنا وروحانياتنا ونرتفع بواقعنا الحضاري
والمادي الى مستوى هذه المهمة الصعبة الشاقة مهمة بناء حضارة اسلامية عالمية
انسانية... وهذا الطريق الصعب الشاق هو مضمون النتيجة ولوطال بضمان من رب العالمين
( ولبنصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز) ( ... وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى
لهم وليبد لهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) .. وهنا يمكننا أن
نتساءل ماهو هذا المنهج الإلهي الذي يضمن للبشرية جمعاء قيام حضارة عالمية انسانية
تتميز بالعدل والاخاء الإنساني والمساواة الانسانية فأقول وبكل تأكيد.. ان هذا
النظام هو النظام الاسلامي ولانظام سواه يستطيع أن يسير بالانسانية جمعاء في الطريق
الصحيح لصالح الانسان كل انسان في هذا الوجود.. إن الإسلام وحده هو الذي يملك تلك
القيم وهذا المنهج .. لقد أدت النهضة العلمية دورها .. هذا الدور الذي بدأت مطالعه
في عصر النهضة في القرن السادس عشر الميلادي ووصلت إلى ذروتها من خلال القرنين
الثامن عشر والتاسع عشر ولم تعد تملك رصيداً جديداً .. كذلك أدت الوطنية والقومية
التي برزت في تلك الفترة والتجمعات الاقليمية عامة دورها خلال القرون الماضية ..
ولم تعد تملك هي الأخرى رصيداً جديداً ثم فشلت الانظمة الفردية والانظمة الجماعية
في نهاية المطاف ولم يبق إلا منهج الله وشريعة الله .. لم يبق إلا هذا الإسلام
العظيم الذي جربته البشرية مرات ومرات عبر التاريخ الطويل فكانت السعادة وكان الخير
العميم ليس للمسلمين فحسب بل للبشرية جمعاء .. ومن هنا نستطيع فهم كلمة الفيلسوف
والمؤرخ الفرنسي الشهيرغوستاف لوبون حين قال بعد دراسة طويلة وتمحيص دقيق : ( ماعرف
التاريخ فاتحا أرحم من العرب ) .. طبعا يقصد هنا العرب المسلمين لأن العرب بدون هذا
الإسلام العظيم لم يكن لهم إلا الذل والهوان عبر تاريخهم الطويل ..لابد من بزوغ
حضارة جديدة تتابع الرقي العلمي والتكنولوجي والمادي بشكل عام وتستمر في تطويره
وإنمائه وتضيف إلى هذه الحضارة نصفها الضائع فتأخذ الناس إلى حياة تجمع بين المادة
والروح بشكل متوازن لا يسمح بطغيان واحد على الآخر .. يقول ربنا جل شأنه : (
[وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ) .. إن العالم الغربي
بإفلاسه في عالم القيم والأخلاق والروح لا يمكنه بشكل من الأشكال أن يقود العالم
إلى السعادة الحقيقية لأن الواقع التاريخ أثبت عكس ذلك فلم يتلق العالم في ظل
الحضارة الغربية إلا الحروب والنكبات والقتل والتشريد وتدمير المدن وسرقة خيرات
الشعوب واستعباد الشعوب والتهديد بالخراب والدمار.. أن خط سير الأحداث على خارطة
العالم أجمع تقود مصير الإنسانية جمعاء نحو قطب واحد يتحقق فيه معنى قوله تعالى : (
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لنظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ) ..
إن هذا الأمر يجعلنا نعيد النظر في موقف المسلم وفي دور المسلم الريادي والقيادي
على مستوى العالم وذلك بعد أن فشلت كل تجارب الآخرين في التخطيط والتنفيذ لبناء
حضارة عالمية إنسانية .. فالدور العالمي الإنساني الطليعي للمسلم يوجب عليه أن
يستفيد من أخطاء الآخرين .. يجب عليه أن يدرس ويمحص في موضوع المجتمعات والحضارات
الأخرى قديمها وحديثها حتى يستفيد من أخطاء الآخرين فعند بداية الطريق لبناء
الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية ليكون المسلمون فد استفادوا من فشل الآخرين
ومن أخطائهم في بناء حضارتهم وفاعليتها وانتشارها واستمرارها .. فالإسلام لا يريد
أن يمحوا الحضارات المادية الراقية المتقدمة بل يريد أن يعطيها بعدا روحيا إلهيا
عالميا إنسانيا يرمم هذه الحضارات شقيها المادي والروحي الى مستوى انساني رفيع الذي
يليق بالإنسان خليفة الله في الأرض ويترك رايات السعادة ترحزف على ربوع العالم كله
..
لماذا الإسلام؟
وهنا ربما يتساءل بعض الناس لماذ الإسلام والإسلام بالذات ؟.. أقول : إن الإسلام هو
دين الله الذي أنزله إلى البشرية جمعاء وهو دين كل الأنبياء ولا خلاف ولا تعارض بين
شريعة الله التي أنزلها على إبراهيم أو موسي أو عيسى أو نوح أو داود أو أي نبي من
الأنبياء في الأسس الاعتقادية أو التشريعية وإن كان هناك خلاف في الجزئيات أو
التفصيلات يقول ربنا جل شأنه : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا
إليك وما وصينا به موسى وعيسى أن أقيموا الدين لله ولا تتفرقوا فيه ) .. وقال جل
وعلا أيضا : ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب والأسباط ما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين
أحد منهم ونحن له مسلمون ) .. وبذلك نجد أن الدين الإسلامي يزيل كل الخلافات
والنزاعات الدينية لأن الدين واحد ويدعوا إلى إله واحد ولأن الأصل واحد .. أما
الخلافات بين الأديان السماوية والإسلام فهي ناتجة عن التحريف والتبديل الذي طرأ
على الديانات السماوية الأخرى السابقة وهذا ما يعترف علماء الغرب من اليهود
والنصارى من أنه لا يوجد فيما بين أيدي الناس من الكتب المقدسة ما يطابق الأصل
الإلهي الذي نزل على موسى وعيسى عليهما السلام وهذا ماتعرضنا له في فقرة سابقة ..
أما الإسلام فهو دستور وشريعته محفوظة من أي تحريف أو تبديل ذلك لأن القرآن الذي
بين أيدينا مطابق تماما للنسخ التي كتبها الصحابة رضوان الله عليهم والموجودة
أصولها في المكتبات الإسلامية حتى يومنا هذا .. إن أعداء الإسلام بكل طوائفهم
ومعتقداتهم ونحلهم ما فتئوا منذ أن أظهر الله هذا الدين على الدين كله يكيدون
للإسلام وينسجون المؤامرات تلو المؤامرات لتدمير هذا الدين القويم الذي أنزله الله
رحمة للعالمين .. ويقف الإسلام شامخاً صامداً في وجه الرياح والزوابع والأعاصير
التي ما انقطعت لحظة من اللحظات منذ أربعة عشر قرناً وحتى يومنا هذا .. إن كل القوى
والأحزاب والمنظمات والحضارات والعقائد والأديان والدول والحكومات تقف كلها في
مواجهة الإسلام اليوم وتتحد على محاربة هذا الدين القويم رغم اختلاف مشاربها
واستراتيجياتها .. وهنا يقف العالم كله ويتساءل لماذا الإسلام ؟!! .. وللجواب على
هذا السؤال أنقل كلام القس زويمر في أحد المجامع الكنسية العالمية حيث يقول : (
أغرقوا منطقة الشرق بالبضائع المصنعة ولا تسمحوا بقيام صناعة قوية فيه .. لأن قيام
صناعة قوية في منطقة الشرق سيؤدي إلى استيقاظ العملاق الإسلامي النائم ) .. إذن
المشكلة في خوف جميع الأمم والشعوب الأخرى من هذا الإسلام ومن حضارة الإسلام ..
الخوف من العملاق الإسلامي النائم من أن يستيقظ ويفيق .. ولعل حماقة الإدارة
الأمريكية وصلفها وكبريائها لم تستطيع فهم هذه القضية الجوهرية فاخترعت ما يسمى
بصراع الحضارات وقامت بالحروب والقلاقل والصدام المسلح مع الإسلام بشكل مباشر وفاضح
يساعدها في ذلك كل الدول الصليبية بشكل مباشر أو غير مباشر هي التي أدت إلى ظهور
المقاومة المسلحة ضد كل المصالح الغربية عامة والأمريكية خاصة في بلاد المسلمين هذه
السياسة الحمقاء وهذا التكبر والصلف والغرور وهضم حقوق الآخرين والقضاء على حق
الآخرين في الحياة الحرة الكريمة هي التي أدت إلى ظهور هذا الصدام المسلح العنيف
الذي يسمونه الإرهاب وهو الذي سيؤدي قريباً إلى استيقاظ العملاق الإسلامي النائم ..
إن رئيس الوزراء البريطاني ذكر أنه يجب البحث في أسباب الإرهاب وليس فقط الحرب على
الإرهاب ولكنه ذكر هذا الأمر متأخراً بعد أحداث لندن ذكره بعد حرب طاحنة قضت على
مئات الألوف بل على الملايين في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي الفلبين وفي
كشمير وفي البوسنة وفي الشيشان وغير ذلك .. لقد كان الأجدر برئيس الوزراء البريطاني
أن يبحث هذا الأمر قبل القيام بجرائمه ضد الإنسانية وخاصة ضد المسلمين .. وأنا هنا
لا أؤيد العمليات الإرهابية وقتل المدنيين في أية بقعة من بقاع العالم ولكنني في
الوقت نفسه لا يمكنني أن أكبح جماح ردود الأفعال ضد التصرفات الإجرامية الهمجية
التي تطبق على بلاد المسلمين وشعوبها ..
لقد قام العديد من العلماء والباحثين الغربيين المنصفين بإعداد دراسات مستفيضة تبين
دور الإسلام الحضاري وأثره الفعال في إعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية نذكر
على سبيل المثال لا الحصر ( غو ستاف لوبون – توماس كارليل – إيتان دينيه – ليوبولد
فايس – الدكتور خالد شلديريك - اللورد هدلي- الدكتوره هونكه ) ، ولقد سجل هؤلاء
العلماء والباحثين وغيرهم كثير قابلية الإسلام ومرونته وقدرته على بناء حضارة
عالمية إنسانية من جديد وفق أعدل نظام وأسمى نظام على قاعدة التوحيد الخالص
والمساواة الإنسانية وكذلك مقدرة الإسلام الفائقة على استيعاب كل العلوم النافعة
للبشرية دون تعارض أو تناقض مع الحقائق العلمية .. ولقد كانت حضارة الإسلام في بلاد
الأندلس هي المعلم والحافز للعلماء والإصلاحيين الغربيين الذين أسسوا حضارة الغرب
المادية أمثال مارتن لوثر – وكالفن – وفرنسيس بيكون – وآدم سميث – وسبنسر وغيرهم
كثير من رموز النهضة الأوروبية الحديثة .. إن قدرة الإسلام على أن يمنح البشرية
حلولاً لمشكلاتها وقضاياها لا يزال قائماً بحيث لو استعرضنا جميع المشاكل في كل
بقعة من بقاع العالم وفي كل أمر من الأمور لوجدنا أن الإسلام بمفاهيمه وأولوياته
المرنة قادر على حلها وبشكل يضمن للإنسانية العدل والخير والارتقاء على الأغراض
الشخصية والفئوية والعنصرية والإقليمية والحزبية وكل المفاهيم القاصرة وإطلاق الحل
المنشود لصالح البشرية والإنسانية جمعاء وهنا تكمن عالمية المنهج الإسلامي الذي
يقود إلى عالمية الفكرالإسلامي ثم إلى عالمية الحضارة الإسلامية .. وهذا ما أكد
عليه المنصفون من المفكرين والباحثين والعلماء الغربيين في كثير من مجالات الحياة .
ونعود هنا لنتساءل مع كثير من المتسائلين لماذا الإسلام والإسلام بالذات ؟!!..
وللإجابة على هذا السؤال الهام نستعرض هنا بعض النقاط الهامة ىالتي يتميز بها هذا
الدين بشكل عام وسريع بينما سأخصص بحثا كاملا في هذا الكتاب لدراسة خصائص ومميزات
هذا الدين الإسلامي الإلهي العظيم ..
** إن الخاصية الأساسية التي تفرد بها النظام الإسلامي في المجتمع الإسلامي عن سائر
النظم والمذاهب والعقائد والنظريات التي عرفتها البشرية خلال تاريخها الطويل هي أنه
نظام رباني ثابت صحيح حفظه الله جل وعلا من كل تبديل أو تحوير أو تزوير أو تشويه ..
أما بقية النظم فهي نظم وضعية مادية أو محرفة ومبدلة .. ومن هذه الخاصية الأساسية
المميزة للنظام الإسلامي تنطلق كل الخصائص التي تحدد طبيعة النظام الإسلامي ..
** إن النظام الإسلامي برز إلى الوجود نتيجة نظام رباني شامل متكامل قائم على
العقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية المتوافقة والمترابطة مع هذه العقيدة
الإسلامية إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن نفرق بين العبادات والمعاملات .. ولا أن
نفرق بين الصلاة والجهاد .. ولا أن نفرق بين الزواج والروحانيات .. الإسلام كل كامل
لايتجزأ ونظام شامل كامل لا يجوز تفريقه وتوزيعه ..
** لقد كان المجتمع الإسلامي بكل خصائصه ومقوماته نتيجة طبيعية لتبني هذه العقيدة
وهذه الشريعة فكرا وروحا وعملا وواقعا ماديا .. هذه العقيدة وتلك الشريعة هي من صنع
الله جل وعلا الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى .. ولا دخل للبشر في صنع هذه العقيدة أو
في وضع مبادئ وأسس هذه الشريعة لأنها كلها من صنع الله ولا دخل للبشر في ماصنعه
الله .. وعلى هذا الاعتبار يمكننا أن نسمي النظام الإسلامي الذي يقوم عليه المجتمع
الإسلامي والذي يسعى لإقامة حضارة عالمية إنسانية إسلامية بأنه نظام رباني ..
** إن المجتمع الإسلامي قد نشأ ونما وانتشر في أرجاء المعمورة ومنذ اللحظة الأولى
وفق خطة إلهية مرسومة ووفق منهج رباني كامل وشامل ومحكم ووفق نموذج معين لتحقيق
نظام محدد هو النظام الرباني الذي أنزله الله على نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه
وسلم .. فالنظام الإسلامي الذي انبثق من العقيدة الإسلامية وتكيف وجوده بالشريعة
الإسلامية يجب أن يظل خاضعا في نموه وتجدده للأصل العقيدي الذي انبثق منه وللشريعة
التي كيفت وجوده ..
** يجب أن تكون الشريعة الإسلامية هي الإطار الذي يحتوي النظام الإسلامي والذي يجب
أن يتحرك ضمن هذا الإطار ويتطور من خلال هذا الإطار .. ولا يجوز بحال من الأحوال أن
يخرج النظام الإسلامي عن هذا الإطار الرباني المحدد الثابت .. وأن لا يترخص في أي
اتجاه وأن لايخضع لأية شروط أو ضغوط تملى عليه من خارج هذا النظام الرباني المحكم
..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا فإنه يملك تلبية جميع الحاجات المتجددة
على مر العصور والأزمان ويمتلك مواجهة كل حاجة أو ضرورة قد تطرأ على حياة البشر
وبالتالي فهو يمتلك تقدير هذه الحاجات وهذه الضرورات والحلول المناسبة لها من خلال
المنهج الرباني وليس من خلال المنطق البشري والتقدير البشري القاصر ..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا قد نص صراحة على المبادئ الأساسية الكلية
وحدد طرقا للمقارنة والقياس للتحرك ضمن هذه الأساسيات والكليات ليظل تقدير الأمور
محكوما بالمنهج الرباني وليس محكوما بأفكار البشر وأهوائهم ..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا جاء دقيقا في تكوينه محكما في بنيانه
متكاملا في كلياته وجزئياته شاملا لكل جوانب الحياة متناسقا في أحكامه وتشريعاته
مرنا في طبيعته يصلح لكل زمان ومكان وفوق كل ماسبق لايحتوي على أي تناقض أو تنافر
بين أحكامه الجزئية أو الكلية ..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا شاملا كاملا فهو نظام غير قابل للترقيع
وغير قابل لأن نستعير له قطع غيار من أي نظام وضعي آخر فلا يجوز أن نستعير أسسا
ومبادئ من النظام الإشتراكي لنقول بعد ذلك إشتراكية الإسلام .. ولا يجوز أن نقتبس
من النظام الشيوعي أو من النظم الاشتراكية المادية الوضعية أو نقتبس بعض المفاهيم
والآراء من النظم الديمقراطية لنقول بعد ذلك شيوعية الإسلام أو اشتراكية الإسلام أو
ديمقراطية الإسلام وذلك في عمليات ترقيعية فاشلة يقوم بها أعداء الإسلام وينفذها
البسطاء أو السذج أوالمهزومون روحيا أمام بريق الحضارة الغربية الخادع .. الإسلام
هو الإسلام فقط .. لاديمقراطية ولا شيوعية ولا إشتراكية ولا أي مبدأ من المبادئ
الأرضية البشرية .. إنه منهج الله ولا يمكن لمنهج الله أن يقتبس من مناهج البشر ..
إنه منهج السماء ولا يجوز لمنهج السماء أن يقتبس من مناهج الأرض أو أن يهوي إلى
الأرض ..
** ربما يقول قائل إن في النظام الإشتراكي كثير من المبادئ والأسس قد تتطابق مع
النظام الإسلامي .. وأن في النظام الديمقراطي كثير من المفاهيم والأنظمة قد تتطابق
مع النظام الإسلامي فلماذا نرفضها جملة وتفصيلا ..؟ فأقول : إن هذا التطابق أو
التشابه هو أمر عرضي وليس جوهري وفي مثل هذه الحالة نجد أن النظام الإسلامي هو
السباق في هذه الخصال وليست الأنظمة المادية الوضعية فلماذا ننسب الأصل السباق إلى
الفرع المتأخر .. لماذا لا نرد الحق إلى نصابه ونقول أن الأنظمة المادية الوضعية هي
التي اقتبست من الإسلام وليس العكس وإن الفضل في هذا وذاك للإسلام الذي سبقها
بأربعة عشر قرنا من الزمان وليس العكس .. إن مجرد قولنا ( إشتراكية الإسلام ) أو (
ديمقراطية الإسلام ) أو ( شيوعية الإسلام ) أو غير ذلك من الشعارات الضالة هو تجني
على الحقيقة لأن الإسلام هو الأصل .. الإسلام فقط دون إضافات أو ترقيعات .. إنه دين
الله وشريعة الله ومنهج الله الذي أكمله الله وأتمه وجعله للناس جميعا شرعة ومنهاجا
يقول ربنا جل شأنه : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام
دينا ) .. فهل نترك الدين الإلهي الكامل الشامل الذي ارتضاه الله لنا ونتبع الهوى
والضلال ... ؟!!!
** إن هذا النظام الرباني جاء مترابطا متناسقا بين كل فعالياته وأساسياته وفرعياته
.. سواء كان ذلك في الأخلاق أو المعاملات أو الروحانيات أو الاعتقاد أو أي أمر من
أمور الدنيا والآخرة وكل أمور هذا التشريع الإلهي المحكم مترابطة متناسقة مع ببعضها
.. فإذا باع الإنسان أو اشترى يجب أن لا يغش .. وإذا تحدث وكتب فيجب أن لا يكذب أو
يغتاب .. وإذا تعامل مع المسلمين أو غبر المسلمين فيجب أن يكون هذا التعامل بالصدق
والأمانة وفق شرع الله .. ووفق روح هذا الدين الإلهي القويم .. يقول ربنا جل شأنه :
( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) .. ففي هذا الدين
لايمكن أن نجد أمرا من الأمور لايترابط مع الأمور الأخرى حتى إرضاء الشهوة البشرية
فيجب أن تكون بطريق الحلال وفق المنهج الرباني الحكيم بل أكثر من ذلك فإن المسلم
يقضي شهوته بالحلال وله الثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى يقول المصطفى صلى الله
عليه وسلم : ( وفي بضع أحدكم صدقة .. قالوا أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ..
قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام كان عليه وزر فكذلك لو وضعها في الحلال له عليها
أجر ) .. ما أروع هذا الإسلام وما أجل أحكامه وتوجيهاته يأتي الإنسان شهوته ويكون
له أجر .. من هنا نجد أن الإسلام دين رباني كامل شامل لكل أمور الدنيا والآخرة ..
ترتبط حلقاته وفق أحكام هذا النظام الرباني المحكم بشكل متناسق متآلف محكم وهذه
الخاصية لايمكن أن نجدها إلا في الإسلام .. الإسلام وحده لأنه دين إلهي ونظام رباني
يربط كل أمور الناس الدنيوية والأخروية يهدف سامي وهو رضوان الله ورجاء ثوابه وخوف
عقابه وغضبه ..
** ولعل من خصائص هذا النظام الرباني المحكم أن المسلم إذا قرن أي عمل دنيوي بالنية
الحسنة الصالحة تحول هذا العمل الدنيوي إلى عمل صالح يؤجر الإنسان ويثاب عليه ..
فلو كد واشتغل بنية الإنفاق على أهله وعياله فله أجر .. ولو درس وتعلم بنية نشر
العلم أو خدمة عباد الله فله أجر ولو سافر بنية الدعوة إلى دين الله فله أجر ولو
باع واشترى متوخيا الحلال مبتعدا عن الحرام فله أجر ولو تزوج بنية الإنجاب وتربية
الذرية الصالحة فله أجر وهكذا تتحول الأمور الدنيوية والأعمال التي يراها الناس
أعمالا عادية إلى أعمال تعبدية يؤجر صاحبها ويثاب وينال رضى الله من خلالها .. ومن
هذا المفهوم العام للعبادة نستطيع فهم قوله تعالى : ( وما خلقت الإنس والجن إلا
ليعبدون ) .. إذ من الخطأ الكبير أن يقضي المسلم حياته كلها في العبادة والإعتكاف
في المساجد ويترك عمارة الأرض التي استخلفه الله فيها .. وهذه الخاصية لا يمكن أن
نجدها إلا في الإسلام النظام الرباني المحكم ..
** إن من خصائص هذا النظام الرباني أيضا أن يربط كل أمور الدنيا نعيمها وشقائها
بالمشيئة الإلهية وبذلك يتحول الفرد المسلم إلى شخص إيجابي فاعل يحوطه الرجاء دون
القنوط ويحفه رضا الله دون سخط الله ويتلقى الخير العميم من رب العالمين .. يقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجيب لأمر المسلم أمره كله خير إذا أصابته سراء
شكر فكان له خير وإن أصابته ضراء صبر فكان له خير ) .. أو كما قال صدق عليه الصلاة
والسلام ...
** إن من خصائص هذا المنهج الرباني أن يربط كافة أمور الحياة بالعقيدة الإسلامية بل
أكثر من ذلك يجعل العقيدة الإسلامية هي الضابط والمشرف والموجه لكل أمور الحياة
فإذا بدأ أي عمل مادي أو غير مادي بدأه باسم الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( كل أمر ذي بال لم يبدأ باسم الله فهو أبتر ) .. ومتوكلا على الله يقول ربنا جل
شأنه : ( وإذا عزمت فتوكل على الله ) .. فالمسلم يبدأ عمله باسم الله مستعينا بالله
متوكلا على الله .. وإذا رأى أخاه المسلم ألقى عليه تحية الإسلام وإذا استقبل
مسافرا سلم عليه وعانقه وإذا سافر دعا دعاء السفر مستعينا بالله وإذا نام دعا دعاء
النوم وإذا استيقظ دعا دعاء الإستيقاظ وإذا دخل الخلاء دخل بالرجل اليسرى ودعا دعاء
الخلاء وإذا خرج من الخلاء خرج بالرجل اليمنى ودعا دعاء الخروج من الخلاء وإذا دخل
المسجد دعا دعاء الدخول إلى المسجد ودخل بالرجل اليمنى وصلى ركعتين تحية المسجد
وإذا خرج من المسجد خرج بالرجل اليسرى ودعا دعاء الخروج من المسجد .. وهكذا وهكذا
حتى في أدق الأمور حساسية وحرجا عندما يقوم المسلم بمعاشرة أهله يدعو دعاء الجماع
.. ولا أريد أن أسترسل في هذا الموضوع إذ أن كل لحظة من حياة المسلم مربوطة
بالعقيدة وكل كلمة أو عمل مرتبط أيضا بالعقيدة وكل حادث أو أمر مرتبط بالعقيدة حتى
لوكان الإنسان ماشيا أو قاعدا أو مستلقيا يجب عليه أن يذكر الله تعالى يقول ربنا جل
شأنه : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات
والأرض ربنا ما خاقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) ..
** ومن خصائص هذا المنهج الرباني القويم أنه يعتمد اعتمادا كليا على رقابة الله
التي ينبثق عنها رقابة الضمير الإنساني بشكل كامل وفاعل .. فعندما يقرر الشرع
الإسلامي أن هذا الأمر حرام يعاقب عليه الله جل وعلا يوم القيامة إضافة إلى العقوبة
الدنيوية الرادعة فإن ضمير الإنسان المسلم يأمره أن يلتزم بهذا الأمر دون حاجة إلى
رقابة الشرطة وأجهزة الأمن الضخمة ودون الحاجة إلى أجهزة المخابرات وأجهزة
التحقيقات الهائلة .. المسلم سيمتنع عن هذه المخالفة لمجرد أنها حرام أما القلة
القليلة التي تخالف هذا التحريم الشرعي فإن العقوبة الرادعة تنتظرهم .. أذكر هنا
على سبيل المثال موضوع تحريم الخمر في الإسلام والذي كان من أساسيات الضيافة
العربية وكان أشراف العرب يتفاخرون ويتغزلون بالخمر ولا يوجد لغة في العالم وصفت
الخمرة وعددت أسماءها وصفاتها وآثارها مثل اللغة العربية ورغم هذا التعلق الشديد
بالخمر عند العرب جاء الأمر الرباني : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر
والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) .. فقط نزل هذا
الأمر فامتنع المسلمون كلهم عن الخمر وأريقت الدنان في شوارع المدينة حتى أصبحت
شوارعها تسيل بالخمر المهراقة .. ترى أي قانون وضعي أو نظام بإمكانه أن يسيطر على
الشعور والضمير والوجدان البشري مثل هذا النظام الرباني .. ؟!..
** إن المنهج الإسلامي باعتباره منهجا ربانيا انبثق من العقيدة الإسلامية وتكيف
وجوده بالشريعة الإسلامية السمحاء يجب أن يظل دائما مرتبطا وخاضعا في حركته وتطوره
ونموه وتجدده للأصل الذي انبثق منه وللشريعة التي كيفت وجوده .. يجب أن لا يترخص أو
يساوم أو يتساهل أو يبتدع أو يقتبس من الأنظمة والأفكار المادية البشرية مايخالف
أصوله الثايتة أو يتعارض معها بل يجب أن يخضع كل أمر من أموره إلى محك العقيدة
الإسلامية والتشريع الإسلامي فيقبل أو يرفض وفقا لهذه العقيدة وهذه الشريعة .. إن
المنهج الرباني قادرعلى تلبية كل الحاجات والضرورات السائدة أوالمتجددة .. فيه من
المرونة الفائقة ماتجعله يتكيف مع كل التطورات والمستجدات وعمليات التحديث بشكل
رائع ومناسب ودليلنا على ذلك أن الفقه الإسلامي استطاع وخلال فترة طويلة جدا من
التاريخ تجاوزت أربعة عشر قرنا من الزمان أن يواكب كل التطورات العلمية
والتكنولوجية والاجتماعية والطبيعية .. واستطاع أن يواكب كل الاكتشافات الكونية فلم
يصطدم لحظة واحدة مع الحقائق المستجدة منذ ألف وأربعمئة سنة وحتى هذه اللحظة .. لقد
استطاع العلماء والفقهاء المحدثون أن بجدوا لكل أمر مستجد أو مكتشف حلا مناسبا ضمن
حدود التشريع الإلهي المحكم ومن خلال أساسيات هذا الدين الحنيف .. أضرب على ذلك بعض
الأمثلة العملية فمثلا الأحكام الخاصة بركوب الطائرة مثل دعاء الركوب والصلاة في
الطائرة والوضوء والتيمم في الطائرة ومواضيع قصر الصلاة في السفر الطويل وغير ذلك
من أحكام كثيرة نجدها في كتب الفقه الحديثة .. الأحكام الخاصة باتجاه القبلة بعد أن
تأكدت كروية الأرض فقد تم وضع جداول غاية في الدقة لتحديد اتجاه القبلة في أية بقعة
من العالم وفق تعاليم الشرع الحنيف ووفق المبادئ الهندسية والجغرافية والفلكية ..
الأحكام الخاصة بمواقيت الصلاة في كل أنحاء العالم وفق جداول دقيقة غاية في الدقة
ووفق المبادئ الهندسية ةالجغرافية والفلكية أيضا .. الأحكام الخاصة بتحديد الأهلة
والتي يعتمد عليها المسلمون في تحديد الأشهر الحرم وشهر رمضان وشعبان وشوال وغيرها
من الشهور التي تعتبر مواسم للعبادة والأجر والثواب .. الأحكام الخاصة بالمأكولات
البحرية الحيوانية أو النباتية والتي لم تكن معروفة في العهود السابقة .. وغير ذلك
كثير وكثير من الأمور المحدثة المستجدة التي استطاع العلماء المسلمون أن يوجدوا لها
حلولا شرعية وفتاوى من خلال هذا المنهج الإلهي الذي جعله الله المنهج الخاتم حتى
تقوم الساعة ..
** إن من خصائص هذا المنهج الرباني أنه لم يترك تقديرالضرورات الواقعية والمستجدات
في حياة الإنسان إلى البشر هكذا جزافا وإنما نص على كثير منها صراحة وأثبت طرقا
شرعية محددة للقياس في الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي .. أذكر على سبيل ذلك مثالا
من الواقع حيث نرى في العصر الحديث وجود أنواع عديدة من المسكرات والمشروبات
والخمور الحديثة التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى ىالله عليه وسلم .. فهل وقف
الشرع الإسلامي عاجزا أمام هذه الأمور الحديثة ..؟ الحقيقة لا .. لم يقف عاجزا ذلك
لأن النص الشرعي فيه البيان والمرونة ما يغطي كل هذه المبتكرات الحديثة في مجال
المشروبات القاعدة الشرعية في ذلك هي ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) .. ونحن في هذا
العصر أو في أي عصر من العصور نقيس هذه المشروبات على هذه القاعدة الشرعية الأساسية
نستطيع قياس أي جديد من الأطعمة والأشربة وتحت أي مسمى كان فنحدد الحلال من الحرام
.. وبذلك قام العلماء والفقهاء المحدثون بتحريم عدد كبير من المأكولات والمشروبات
حتى مايؤخذ منها عن طريق التدخين أو عن طريق الحقن الوريدية لأن التشريع الرباني
والهدي النبوي أعطانا قاعدة أساسية وزودنا بالنور الكاشف الذي ينير لنا الطريق
الصحيح فلا نضل بعده أبدا .. ومثال آخر أسوقه هنا بالنسبة لمريض السكر مثلا إذا قال
له الطبيب المسلم الحاذق أن يمتنع عن تناول السكر لفترة طويلة أو محددة فإن الإسلام
أعطانا أيضا قاعدة قياسية لنسير عليها وهي : ( لاضرر ولا ضرار ) فمن هذه القاعدة
الشرعية يمكن للطبيب المسلم الحاذق أن يمنع بعض الأطعمة التي تحتوي كميات كبيرة من
السكر مثل الحلويات وتكون محرمة عليه لا يجوز له تناولها لفترة يحددها هذا الطبيب
حيث يصبح المباح بشكل عام محرما بشكل خاص لفترة قد تطول وتقصر حسب طبيعة المرض ..
مع التأكيد هنا على أن التحريم هنا شخصي وخاص وليس عاما وهكذا نجد كيف أن المنهج
الرباني وضع لنا قواعد أساسية عامة دقيقة محكمة نحتكم إليها في عملية القياس والضبط
فلا يجوزأن نترك الأمور هكذا على عواهنها للأهواء والأغراض الشخصية وإنما نتبع
قواعد الإسلام المحكمة لضبط الأمور بشكل لم تعرفه النظم والقوانين في القديم
والحديث ..
** إن من خصائص هذا النظام الرباني أنه نظام دقيق في تكوينه فلم يدع صغيرة ولا
كبيرة إلا دل عليها ووجه إليها ووضع عليها الطابع الرباني السامي والهدي النبوي
الرفيع .. أسوق على هذه الدقة مثلا صغيرا وهو مبدأ التيامن فقد أمر الرسول صلى الله
عليه وسلم بالتيامن في الأمر الطيبة مثل الدخول إلى المسجد بالرجل اليمنى والأكل
باليد اليمنى والبدء في الوضوء باليد اليمنى وبالرجل اليمنى وهكذا .. إن مثل هذه
الخاصية في الإسلام تجعل المجتمع المسلم يتميز بمظهر خاص يميزه عن غيره من
المجتمعات الإنسانية الأخرى .. ومثال آخر بسيط هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( لايجتمع الرطب والنوى في إناء واحد ) حيث نجد في حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم لفتة إجتماعية سامية دقيقة جدا وذلك في مجتمع بدوي صحراوي قيل عنه أنه متخلف
.. لأن وضع النوى التي يخرجها الرجل من فمه ؤيضعها فوق الرطب أمر يستاء منه كثير من
الناس فضلا عن الناحية الصحية حيث يمكن أن تنتقل كثير من الأمراض عن طريق اللعاب ..
ولفتة كريمة دقيقة أخرى من النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول عليه السلام : (
لايقعن أحدكم على أهله كما يقع البعير ولكن اجعلو بينكم وبينهن سبيل .. قالوا وما
السبيل يارسول الله قال القبل ) .. ولقد أثبت العلم الحديث أن المداعبة والمباشرة
قبل عملية الجماع لها أكبر الأثر في الحياة الزوجية السليمة السعيدة وفي العلاقات
الجنسية الصحيحة إضافة إلى موضوع الحمل والإنجاب .. ومثال أخير وما أكثر الأمثلة
الحية في التشريع الإسلامي الحنيف حيث يقول عليه الصلاة والسلام : ( إذا قامت
الساعة وفي يد أحدكم فسيلة لم يغرسها فليغرسها ) .. وهكذا وهكذا نجد أن دقة المنهج
الإلهي الرباني ودقة الهدي النبوي الشريف هي قمة سامية لم يصلها أي نظام أو عقيدة
أو تشريع آخر في القديم والحديث ..
** إذن المنهج الرباني الإسلامي منهج متكامل في مجموعه فعلى الصعيد العام نجد أن
النظام الإسلامي يشمل كل نواحي الحياة النواحي العقيدية والروحية والتعبدية
والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمادية والفنية ولا أعتقد أن نظاما آخر في هذه
الحياة يحتوي كل هذا التكامل في جميع مجالات الحياة مثلما جاء به النظام الإسلامي
من خلال منهجه الرباني فلو بحثنا في مواضيع العقيدة والروح وجدنا نظاما روحيا
تعبديا رائعا يصل العبد بربه في كل لحظة من لحظات حياته .. ولوبحثنا في أمور
الاقتصاد لوجدنا نظاما اقتصاديا رحيما متكاملا بعيدا عن الظلم والجشع ولو بحثنا في
موضوع الأخلاق لوجدنا نظاما أخلاقيا ساميا يرفع الإنسان في أخلاقه ليصل إلى درجة
الطهر والسمو .. ولوبحثنا في النظام الاجتماعي لوجدنا نظاما اجتماعيا متميزا رائعا
يقوم على أسس راسخة من المحبة والتعاون والتكافل .. وهكذا نجد أن الإسلام نظام
متكامل لايأنيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من عزيز حكيم ..
** المنهج الرباني الإسلامي منهج تفاعلي يتفاعل مع كل الأنظمة والعقائد والمبادئ
وفق تصور إسلامي خاص ووفق قواعد وأساسيات منبثقة عن النظام الرباني والتشريع المحكم
المنزل من عند الله جل وعلا .. الإسلام لايحرم الانتفاع بالتجارب والخبرات البشرية
على مدار التاريخ ما لم تمس أصلا من أصول الشريعة الإسلامية أو تصطدم مع قاعدة من
قواعد الإسلام أوتتعارض أساسا من أساسيات هذا التشريع المحكم .. لاحرج ولا مشكلة في
الانتفاع من تجارب الآخرين بل على العكس من ذلك فإن الإسلام يأمرنا بالعلم والتعلم
والبحث والتجربة والانتفاع بكل المستجدات الطيبة الخيرة وذلك لتسير عجلة التقدم
والتطور في خطها الصحيح نحو الأمام دائما دون توقف ودون تراجع ودون تعارض وتصارع ..
ولقد شهد تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الزاهرة أن الحضارة الإسلامية قامت
بنقل كل العلوم والفنون والنواتج الحضارية إلى اللغة العربية .. فقامت بغربلتها
وتنقيتها من الشركيات والوثنيات والخرافات والإنحرافات وقدمتها صافية نقية إلى
العالم أجمع حتى علم الفلسفة وعلم الكلام وعلم التاريخ والجغرافيا والفلك والفيزياء
والكيمياء والرياضيات وغير ذلك من العلوم فإن الحضارة الإسلامية استطاعت أن تلم
شملها وتجمع شتاتها من كل أصقاع المعمورة من الهند والصين واليونان والرومان والفرس
وغيرها من الأمم حتى وصلت العلوم والثقافات إلى درجة من الرقي والتقدم لم تشهدها
حضارة أخرى في ذلك الزمان حيث نجد أن العالم كله قد تتلمذ على الحضارة الإسلامية في
تلك الحقبة من التاريخ مع تمسك المسلمين الكامل بالمنهج الرباني الذي هو الإسلام ..
أما الآن ونحن ننظر إلى واقعنا المؤلم حيث أصبحت البلاد الإسلامية في حالة من
التأخر والضعف والتشتت والتشرذم ليس بسبب هذا الدين كما يقول أعداء هذا الدين ولكن
بسبب انسلاخنا من هذا الدين وابتعادنا عن تعاليمه وأوامره ولا بد لنا ونحن نسير في
طريق إعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية من العودة إلى الإسلام ..
إلى جذوره ومنابعه الصافية فهذا هو الطريق ولاطريق سواه .. لأننا قوم أعزنا الله
بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي
الله تعالى عنه وأرضاه .. وكمثال آخر نقول إن الإسلام وضع مبدأ أساسيا في التشريع
الإسلامي ألا وهو مبدأ العدل المطلق ... بكل ماتتضمنه هذه الكلمة من شمولية وعمومية
.. أما كيفية تطبيق هذا العدل فيمكن قي ذلك الاستفادة من خبرات الآخرين ومن الطرق
المتطورة الحديثة فيمكن الاستفادة من تكنولوجيا المعلوماتية الحديثة في الحفظ
والمتابعة والاتصالات والتحريات والضبط .. ويمكن وضع تخصصات مختلفة للمحاكم مثل
المحاكم الشرعية ومحاكم البداية ومحاكم الجنايات ومحاكم الاستئناف والتمييز وغير
ذلك من المحاكم وتوجيه كل هذه الأمور لخدمة المبدأ الأساسي الشرعي وهو إقامة العدل
بين الناس ولا حرج في تسخير العلوم والفنون والمبتكرات الحديثة مادامت كلها تصب في
طريق تحقيق العدل المطلق إذا أمكن أو العدل النسبي الذي يقترب من العدل المطلق قدر
الإستطاعة .. ومثال آخر هو مبدأ الشورى والذي يعتبر من المبادئ الأساسية في التشريع
الإسلامي وخاصة فيما يخص نظام الحكم .. فإذا أردنا أن نجمع الناس في المسجد كما كان
يحدث قديما لأخذ البيعة عندما كان عدد المسامين لايتجاوز عدة آلاف من المسامين
وكلهم مجتمعون في مدينة واحدة هي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان هذا
ممكنا مع بعض المشقة .. أما الآن فكيف يتم جمع مليار ونصف المليار من المسلمين
موزعين ومنتشرين في كل بلاد العالم على صعيد واحد وفي مكان واحد لأخذ البيعة منهم
.. حتى على صعيد دولة معينة أصبح الأمر من الصعوبة التي تصل حد الاستحالة مما يوجب
علينا اتباع إجراءات أكثر تطورا .. لابد من الاستفادة من تكنولوجيا العصر الحديث
للوصول إلى هذا المبدأ الهام وهو مبدأ الشورى فيمكن مثلا تقسيم المجتمع إلى مناطق
والمناطق إلى فروع والفروع إلى شعب .. ويمكن الاستفادة من الربط الإلكتروني بواسطة
أجهزة الكمبيوتر .. ويمكن الاستفادة من طرق وأساليب متطورة في عملية الأرشفة وتحقيق
الشخصية وغير ذلك من الطرق والأساليب الأخرى للوصول إلى تحقيق هذا المبدأ الإسلامي
الشرعي الهام .. إن مثل هذه الأمثلة كثيرة في التشريع الإسلامي الذي يضع المبادئ
الأساسية ويترك حيزا كبيرا من المرونة ليكون هذا المنهج الرباني قابلا للتطبيق في
كل زمان ومكان حتى يرث الله الأرض ومن عليها .. بهذا الأسلوب تتحقق المرونة الفائقة
للتشريع الإسلامي المنبثق من المنهج الرباني مع بقائه محكوما بالمبادئ الإسلامية
الأساسية الأصيلة وبالتشريع الإلهي المحكم ...
** إن ربانية هذه الدعوة تجعل النظام الإسلامي بكل أساسياته وجزئياته مرتبطا
ارتباطا وثيقا بالعقيدة الإسلامية بحيث تكون العقيدة الإسلامية هي الدافع وهي
المحرك لهذا النظام الإسلامي سواء كان ذلك في العبادات أو المعاملات أو الأخلاق أو
السياسة أو الجهاد أو العلاقات الدولية أو العلاقات الإنسانية أو العلاقات
الاقتصادية أو المالية أو أي أمر من أمور الحياة بحيث يصعب على الإنسان المسلم فهم
طبيعة هذه العلاقات بمعزل عن فهم العقيدة الإسلامية فهما صحيحا حقيقيا ...
** إن ربانية هذا النظام تجعله يرتكز على قاعدة أساسية هي عقيدة التوحيد لله جل
وعلا بحيث تسيطر هذه العقيدة وتؤثر على كل مقومات النظام الإسلامي الأخلاقي
والاجتماعي والروحي والمادي في الإسلام .. توحيد الله جل وعلا المطلق الصافي دون
شبيه أو شريك أو مثيل أو إبن أو زوجة أو صاحبة أو أضرحة أو مزارات أو قبور أو أسماء
لأشخاص صالحين أو غير ذلك من اللوثات الشركية المنكرة .. عقيدة توحيد خالصة لله جل
وعلا في ذاته وصفاته لاشريك ولا وسيط ولا معبود إلا الله جل وعلا ...
** إن عقيدة التوحيد بهذه الصفات توجه النظام الإسلامي الرباني كله .. توجه الفرد
المسلم إلى توحيد الله وإفراد إرادة الله في الخلق والحفظ والضبط والحساب في الدنيا
والآخرة .. وتوجه النظام الإسلامي إلى وجود إرادة واحدة مطلقة مسيطرة على على جميع
الخلائق ألا وهي إرادة الله .. توجه الفرد المسلم إلى أن الله جل وعلا هو الرزاق
وليس غيره وهو الذي يحيي ويميت وليس غيره .. توجه البشرية في مصدرها ونشأتها وأصله
وأجيالها ومن ثم أهدافها ومصيرها في نهاية هذه الحياة الأرضية إن عقيدة التوحيد هذه
توحد جميع الأديان السماوية من لدن آدم وإدريس ونوح وداود وسليمان وموسى وعيسى وكل
الأنبياء وصولا إلى النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله واحد لاشريك له
هو الذي أرسل الرسل جميعا وهو الذي أنزل الكتب وشرع الشرائع السماوية كلها
** إن عقيدة التوحيد هذه هي التي جاء بها كل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة
والسلام وبذلك نجد أن عقيدة التوحيد هذه توحد كل الطوائف والأمم والأديان والأعراق
ضمن أمة واحدة خالقها واحد وإلهها واحد وربها واحد ومسير أمور الكون والحياة واحد
لا شريك له ...
** إن عقيدة التوحيد هذه تسير بالبشرية جمعاء إلى التوحد في جميع اعتباراتها
وتوجهاتها سواء كان ذلك في أمور العمل أو العبادة أو الأخلاق أو السلوك .. تسير
بالبشرية جمعاء إلى توحيد دنياها وآخرتها في توجه واحد نحو خالق هذا الكون ومدبر
أمره جلت قدرته ...
** إن عقيدة التوحيد هذه تسيطر سيطرة كاملة على النسيج الاجتماعي في المجتمع المسلم
وتحدد كل خصائصه ومقوماته وتتحكم في المشاعر والآداب والأخلاق والمعاملات والحقوق
والواجبات والعلاقات والصداقات والارتباطات بل تدخل في صميم خصائص المجتمع الإسلامي
كله ويمكننا هنا إلقاء الضوء على بعض آثار عقيدة التوحيد في المجتمع الإسلامي
والنظام الإسلامي ...
** إن عقيدة التوحيد في النظام الإسلامي عقيدة شمولية واضحة تشمل كل إنسان في هذا
الوجود فلا يمنع أحد من الآعتقاد بهذه العقيدة السامية التي توحد بين بني الإنسان
كلهم في عبادة إله واحد والأخذ بتشريع واحد بينما نجد في اليهودية أن عقيدة التوحيد
مبهمة غير واضحة إضافة إلى أنها محصورة بفئة معينة هم بنو إسرائيل الذين لم يبق
منهم في الحقيقة المجردة أحد يصح نسبه إلى نبي الله إسحق ( إسرائيل ) عليه السلام
...
** إن اعتقاد اليهود أن الرسالة السماوية نزلت إليهم دون غيرهم أدى بهم إلى
العنصرية البغيضة وأدى بهم إلى الترفع والتكبر البغيض حتى بلغ بهم التكبر والصلف
إلى أن قالوا : ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) وقالوا : ( أنهم شعب الله المختار ) ..
دون بني البشر كلهم .. وقالوا : ( ليس علينا في الأميين سبيل ) .. إلى آخر هذه
السلسلة من الأقوال العنصرية الضيقة التي يرفضها الإسلام ويرفضها كل ذي عقل سوي ..
أما الإسلام فإنه يوسع دائرة العقيدة التي ترتكز على الوحدانية لتشمل البشرية جمعاء
.. وهذا أيضا ينطبق على العقيدة النصرانية فقد جاء المسيح عليه السلام بعقيدة
التوحيد أيضا ( ليهدي خراف بني إسرائيل ) كما جاء في الإنجيل .. ( ورسولا إلى بني
إسرائيل ) .. كما جاء في القران الكريم على لسان المسيح عليه السلام .. فهذه أيضا
عقيدة توحيد جاءت لفئة معينة من الناس ولمرحلة معينة من الزمان وتفتقر إلى الشمولية
والعالمية .. أما العقائد الوثنية أو الشركية فلا مجال للالتقاء بينها وبين عقيدة
التوحيد الخالص في التشريع الإسلامي لأنها تسير في عكس اتجاه عقيدة التوحيد تماما
..
** من عقيدة التوحيد الخالص ينتج لدينا مبدأ أساسي في بناء المجتمع المسلم يجعله
متميزا على كل العقائد والنظم والقوانين قديمه وحديثها ألا وهو وحدة التوجه والهدف
الذي يتوجه إليه كل فرد في الجماعة مهما علت مرتبته وموقعه هذا الهدف الذي يحكم
الفرد والمجتمع على حد سواء .. هذا الهدف الذي الذي يتوجه إليه المسلمون في كل
فعالياتهم وأوضاعهم هو عبادة الله وطاعة الله وابتغاء مرضات الله وفي ذلك يقول ربنا
جل شأنه : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك
أمرت وأنا أول المسلمين ) .. وهنا نلاحظ هذه الكلمة ( لاشريك له ) والتي تعطي هذا
المعنى الرائع للوحدانية التي تشمل كل حياة الإنسان بكل جوانبها .. وبهذه الخاصية
يتميز الإسلام عن كل العقائد والعبادات والأديان التي اقتصرت عباداتها على طقوس
وشعائر تقام في أمكنة معينة وبأزمنة معينة ...
** إن هذا المفهوم الشامل للعبودية المقترنة بعقيدة التوحيد هي إحدى الخصائص
المميزة للنظام الإسلامي الرباني فلا يوجد نظام أو عقيدة أودين أو تشريع أو قانون
على وجه الأرض يتصف بهذه السمة الأصيلة للنظام الإلهي الإسلامي .. إن هذا المفهوم
هو انتشال للإنسانية من حضيض الأرض والمادة والارتقاء بها إلى السمو الروحاني
الرفيع الذي لم تستطع النظم والعقائد والقوانين الوصول إليه .. ولتوضيح هذه السمة
الأصيلة في النظام الإسلامي الفريد أقدم هنا بعض الأمثلة لهذا الأسلوب الإلهي
الفريد العجيب ..
** الشورى في الإسلام نظام سياسي إداري أقره الإسلام كأحد المبادئ الأساسية في هذا
الدين .. يقول ربنا جل شأنه : ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) ..
فنجد في هذه الآية الكريمة إقرار مبدأ الشورى في كلمة ( وشاورهم ) كما نجد ربط هذا
المبدأ الأساسي بالله جل وعلا وذلك بقوله تعالى : ( فتوكل على الله ) ...
** الزكاة هي ضريبة مالية فرضها الإسلام لتحقيق جانب هام من التكافل الإجتماعي في
النظام الإسلامي .. ولكنها في الجانب الآخر ركن من أركان الإسلام ترتبط ارتباطا
وثيقا بالعقيدة الإسلامية وبالله جل وعلا .. وبأن الله هو الذي استخلف بعض الناس
بإدارة مال الله و هو الذي أوجب عليهم أن ينفقوا من هذا المال في سبيل الله .. يقول
ربنا جل شأنه : ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه .. ) ( وآتوهم من مال الله الذي
آتاكم ) .. فالمال في الشرع الإسلامي الحنيف لله والإنسان الذي يمتلك المال إنما هو
وكيل مستخلف ومستأمن على هذا المال لذلك يؤدي زكاة ماله بكل طواعية ورضى نفس لأنه
يأخذ من مال الله لينفق على عباد الله.. إضافة إلى الأجر والثواب العميم الذي
ينتظره عند رب العالمين .. لذلك نجد كيف أن المسلمين الأوائل كان الواحد منهم يتصدق
بربع ماله وآخر يتصدق بنصف ماله وآخر يجهز جيشا كاملا بكامل عدته وعتاده وآخر جاء
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مأبقيت لأهلك قال : أبقيت لهم الله ورسوله
وكان قد تصدق بكل ماله .. كلهم يتسابقون بالخيرات دون أن يحسبوا الحسابات المادية
ودون أن يخافوا جور الأيام ومصائب الزمان لأنهم كلهم متضامنون متكافلون متعاونون
على البر والتقوى وعمل الخير .. إن هذا السمو في النشريع الرباني الحكيم لا يمكن أن
يصل إليه أي قانون أو نظام أو تشريع مادي على وجه المعمورة ...
** الربا هو نظام اقتصادي ومالي محرم شرعا ولكن هذا التحريم يرتبط أيضا بعقيدة
التوحيد وعقيدة الإيمان بالله جل وعلا يقول ربنا جل شأنه : ( ياأيها الذين آمنوا
اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين .. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من
الله ورسوله ) .. نلاحظ في هذه الآية الكريمة أنها ابتدأت بالنداء الإلهي الكريم (
ياأيها الذين آمنوا ) .. ثم أمرهم بالتقوى ( اتقوا الله ) ثم أمرهم بالابتعاد عن
الربا وتصفية أية بقية باقية من الربا ( وذروا مابقي من الربا ) ثم ربط هذا الترك
للربا المحرمة بالإيمان باالله ( إن كنتم مؤمنين ) .. ولكن من لم يستجب لنداء
الإيمان فإن الشرع الإسلامي لايتركه ليفسد في الأرض وإنما يعد له الجزاء العادل
الصارم ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) ...
** حد السرقة عقوبة صارمة تتعلق من ناحية بالنظام الأخلاقي والإجتماعي وتتعلق من
ناحية أخرى بالجانب الإقتصادي ولكنها كلها ترتبط وبشكل كامل بالعقيدة في الله ..
وتنفذ عقوبة من الله وليست من القوانين الوضعية والدساتير الدولية المادية البشرية
يقول ربنا جل شأنه : ( السارق والسارقة فاقطعوا أيدبهما جزاء بما كسبا نكالا من
الله ) .. وهنا نلاحظ الإيحاء الإلهي في الأوامر الشرعية في كلمة ( نكالا من الله )
والتي ترجع هذا الأمر الإلهي وهذه العقوبة الصارمة .. وهذا التنظيم الأمني إلى الله
الذي أنزل هذا التشريع المحكم ...
** وحد الزنا عقوبة ذات علاقة بالأخلاق من جهة وبنظام الأسرة من جهة أخرى وبالنظام
الإجتماعي الإسلامي بشكل عام ولكنه في الوقت نفسه يرتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة
الإسلامية وبالإيمان بالله واليوم الآخر يقول ربنا جل شأنه : ( الزانية والزاني
فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون
بالله واليوم الآخر ) .. فالعقاب هنا ليس مرجعه القانون والدستور المادي الوضعي بل
جاء هذا العقاب الصارم انطلاقا من دين الله يقوم على تنفيذ هذا العقاب الذين يؤمنون
بالله واليوم الآخر ...
** بما أن النظام الإسلامي نظام رباني فهو يقودنا إلى مبدأ أساسي آخر متميز ومتفرد
عن كل الأنظمة الوضعية الأخرى ألا وهو نظام الحكم في الإسلام .. إن الحاكمية في هذا
النظام الإسلامي الرباني الفريد هي لله وحده فلا حاكمية فيه لأمير أو حاكم .. لأن
الله وحده هو المشرع ابتداء وعمل البشر يجب أن يكون تنفيذا وتطبيقا لهذا التشريع
الإلهي .. إن الأشخاص الذين يظنون أنفسهم حكاما وملوكا وأمراء هم في واقع التشريع
الإسلامي الإلهي عبيد لله منفذون لأوامر الشرع الإلهي محكومون بالمبادئ الأساسية
التي جاء بها النظام الرباني الحكيم وهم في الأحكام التطبيقية والتنفيذية محكومون
بالمبادئ الأساسية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية غير مخيرين في العدول عنها ا,
تعديلها أو تحويرها .. يقول ربنا جل شأنه ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولاتتبع
أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك غن بعض ما أنزل إليك ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك
هم الكافرون ) .. ويقول ربنا جل شأنه أيضا : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله
ورسوله ) .. وهكذا نجد أن صفة الربانية تتحقق من توحيد الحاكمية لله التي ترجع أولا
وآخرا إلى عقيدة التوحيد لله رب العالمين .. بهذه الربانية تفرد النظام الإسلامي من
بين سائر النظم والعقائد والديانات على عكس النظم الأخرى القديمة والحديثة والتي
كان الحاكم فيها يستمد سلطته من الكهنة ورجال الدين أو من الحق الإلهي باعتباره ظل
الله في الأرض أو من القوانين الوضعية البشرية ذلك لأن الحاكم في التشريع الإسلامي
يستمد سلطته من تنفيذ شريعة الله دون سواها .. بقول الرسول المصطفى محمد صلى الله
عليه وسلم : ( إسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي ما أقام شرع الله فيكم )
.. والفارق كبير جدا بين النظام الإسلامي المحكم وبين الأنظمة الأخرى قديمها
وحديثها .. إن الربانية في النظام الإسلامي ربانية شريعة ونظام لا ربانية أشخاص
وحكام وكهنة ورجال دين .. وحين يشرع الله جل وعلا للبشر بعلم كامل وعدل شامل لأنه
أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير ...
** إن النظام الإسلامي نظام إلهي يستمد قوته وتأثيره واستمراريته وديمومته من مصدره
الإلهي الصحيح الدقيق .. إنه نظام حي فاعل مؤثر في كل زمان ومكان .. فمن ناحية
الزمان فلقد أثبت التاريخ أن هذا الإسلام يعلو وينتشر وتعلو راياته خفاقة لمجرد
وجود جماعة مؤمنة مخلصة تحمل لواء هذا الدين الإلهي القويم .. لقد زالت حضارة
اليونان التي كانت من أرقى الحضارات في التاريخ ولكنها زالت إلى غير رجعة وانطمست
معالمها ولم يبق منها إلا آثار صماء تحكي قصة حضارة بائدة .. وزالت حضارة الرومان
التي وصلت إلى أعلى مراتب القوة والعظمة ولم يبق من هذه العظمة إلا آثار صماء ..
وزالت حضارة الفراعنة والآشوريين والفينيقيين ولم يبق منها إلا آثار صماء وزالت
حضارة الفرس والهند والسند والصين ولم يبق منها إلا آثار صماء تحكي قصة حضارات
يائدة لم تتكرر مرة أخرى في التاريخ .. أما الإسلام فهو نظام آخر مختلف كل الاختلاف
عن كل الأنظمة وحضارة الإسلام حضارة متميزة لاتشبهها حضارات العالم كله .. الإسلام
الذي يمتلك رسالة السماء الحقة هو الوحيد الذي يمتلك القابلية العظمى للتكيف
والتأثير والإنتشار والعودة إلى الحياة من جديدة والعودة إلى بناء حضارة جديدة
وبسرعة هائلة لمجرد وجود الدعاة المخلصين المؤمنين .. فلو نظرنا نظرة سريعة عابرة
على أحداث التاريخ لوجدنا كيف يعود الإسلام من جديد وبشكل أقوى وأشد وأعنف كلما عاد
أبناؤه إلى دينهم وأطاعوا ربهم وساروا في طريق البناء والجهاد من جديد ...
** ففي عهد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم بدأت دولة الإسلام في المدينة
المنورة كدويلة ضعيفة مطاردة محاصرة يلاحقها أعداء الإسلام من كل جانب .. ولكنها
انتصرت في النهاية في بناء دولة صغيرة ناشئة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
... وسارت هذه الدولة الصغيرة الفتية برعاية الله .. وازدادت قوتها وشوكتها حتى تم
لها فتح مكة والإنتصار على قريش العقبة الكأداء في طريق التوسع والانتشار .. وبعد
فتح مكة بدأت القبائل العربية بالدخول في دين الله أفواجا .. وبعد ن دانت القبائل
العربية للإسلام وانضوت تحت لوائه بدأ التحرك نحو الشمال فسقطت دولة الفرس وسقطت
دولة الروم اللتان تشكلان أقوى دول العالم آنذاك أمام الزحف الإسلامي الذي لم يكن
يمتلك من القزة المادية إلا النذر اليسير ولكنه كان يمتلك العقيدة الراسخة ويمتلك
الصلة بالله جل وعلا .. وبسقوط دولتي الروم والفرس نشأت دولة إسلامية فتية هي
الدولة الأموية التي أصبحت وخلال فترة قصيرة جدا من عمر التاريخ أقوى دولة في
العالم وأرقى حضارة في ذلك التاريخ .. ولما ضعفت دولة الأمويين نتيجة الابتعاد عن
دين الله وعن حبله المتين والانحراف عن خط الإسلام القويم إضافة إلى مكائد أعداء
الإسلام من اليهود والنصارى والشعوبيين وغيرهم .. ولكن وقبل أن تسقط دولة الأمويين
الإسلامية قامت دولة إسلامية جديدة وحضارة إسلامية جديدة هي دولة العباسيين لتتسلم
قيادة المد الإسلامي الهائل فأقام العباسيون أقوى دولة في العالم وأرقى حضارة في
ذلك التاريخ .. ثم ماذا ؟.. هل توقف المد الإسلامي والعطاء الإسلامي ؟.. هل توقف
انتشار الإسلام في أرجاء العالم ؟.. لقد بدأ التوسع والانتشار في الشرق والغرب على
حد سواء فقامت للمسلمين حضارة من أرقى الحضارات في العالم في بلاد الأندلس الأوربية
حتى وصل الفتح الإسلامي إلى جبال البيرنيه على الحدود الفرنسية الإسبانية اليوم
وقامت أيضا دولة وحضارة راقية في صقلية وجنوب إيطاليا وقامت أيضا حضارة إسلامية في
بلاد السند والهند وتوسعت لتصل إلى الصين وجنوب شرق آسيا ولقد تم هذا التوسع
والانتشار على الرغم من كل حروب الإبادة التي مارسها أعداء الإسلام ولايزالون ضد
المسلمين في الشرق والغرب من التتار والمغول والصليبيين والشعوبيين يحرضهم في ذلك
أعداء الإسلام التاريخيين اليهود والنصارى .. ثم ماذا .. ؟ هل توقف أعداء الإسلام
عن حربهم الماكرة الخبيثة ضد الإسلام والمسلمين ..؟ وهل اضمحل تأثير الإسلام وقل
انتشاره .. ؟ وهل استطاعت كل قوى الشر في العالم القضاء على هذه البذرة الطيبة
الخيرة وهذا الفكر المنير وهذا المنهج الإلهي القويم ..؟ لقد وضع الصليبيون كل
ثقلهم في لحظة ضعف المسلمين لاستئصال الإسلام من جذوره فاجتاحوا بلاد المسلمين
وقتلوا أثناء ذلك الملايين من أبناء المسلمين العزل من النساء والشيوخ والأطفال
واعتدوا على الحرمات .. فلم تأخذهم في ذلك ذمة ولا رحمة واستوطنوا في بلاد المسلمين
عقودا من الزمان حتى أرسل الله إلى الأمة الإسلامية القائد الكردي المسلم صلاح
الدين الأيوبي الذي وحد الأمة الإسلامية تحت راية الجهاد وقادها لطرد الصليبيين في
معركة حطين الفاصلة وأعاد بناء الدولة الإسلامية والحضارة الإسلامية من جديد .. ثم
ماذا ؟ هل توقفت حضارة الإسلام عند هذا الحد..؟ لقد بدأت الدولة التي أقامها القائد
المسلم صلاح الدين الأيوبي قوية راشدة عندما كان المسلمون متمسكين بدينهم ولكن ماإن
بدأ المسلمون يتخلون عن دينهم وعن التوجه الى ربهم حتى بدأت عوامل الضعف والانهيار
والإنحسار تدب في أوصال الدولة الإسلامية وأصبحت بلاد المسلمين عرضة للأطماع
والمؤامرات .. وما إن وصلت البلاد الإسلامية إلى حافة الهبوط والسقوط حتى لاحت في
الأفق بوادر دولة إسلامية جديدة ومظاهر حضارة إسلامية حديثة هي الدولة العثمانية
التي قامت أسسها على مبدأ الخلافة الإسلامية الراشدة التي لاتعترف بالقوميات
والعنصريات الإقليمية الضيقة وإنما تقوم على بناء دولة إسلامية واحدة تمتد في الشرق
والغرب تحت لواء الخلافة العثمانية الإسلامية .. وكان السلاطين العثمانيين في بداية
نشوء الدولة العثمانية من الخلفاء المسلمين الأشداء والأتقياء في نفس الوقت وعلى
رأسهم القائد الإسلامي الفذ السلطان محمد الفاتح رحمه الله ورضي الله عنه وأرضاه
والذي تحقق على يديه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتفتحن القسطنطينية
ورومية فلنعم الجيش جيشها ولنعم الأمير أميرها ) .. أجل لقد كان السلطان محمد
الفاتح رحمه الله أحد السلاطين العثمانيين الأتقياء الورعين المتمسكين بالمنهج
الإسلامي القويم والذي استطاع خلال فترة وجيزة من التاريخ أن يوحد الأمة الإسلامية
من جديد ويقيم حضارة إسلامية راقية وأن يبني امبراطورية إسلامية واسعة الأرجاء ..
لقد قام السلطان التركي المسلم بفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية وتحويلها
إلى مدينة إسلامية سماها مدينة الإسلام ( إسلام بول ) والتي أصبحت بعد ذلك عاصمة
الدولة الإسلامية العثمانية .. ولقد حاول محمد الفاتح التوجه في فتوحاته نحو الغرب
باتجاه روما لتحقيق الشق الثاني من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل طاقته
وقوته ولكن عاجلته المنية قبل أن يحقق الحلم الثاني الذي راود خياله ولبه سنوات
طويلة .. وعلى الرغم من عدم تمكن القائد العثماني المسلم السلطان محمد الفاتح من
الوصول إلى روما إلا أنه استطاع نشر الإسلام في بقاع شاسعة في قلب أوربا ولا تزال
الأمة الإسلامية باتنتظار قائد مسلم جديد لتحقيق وعد الرسول المصطفى صلى الله عليه
وسلم الذي ( لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) في فتح روما والقضاء على مركز
التآمر العالمي على الإسلام والمسلمين ويعيد إلى المسلمين فردوسها المفقود في بلاد
الأندلس وذلك في الطريق إلى إعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية
وعندها سيتحقق وعد رسول الله في فتح رومية ودخول الناس في الإسلام أفواجا يقول ربنا
جل شأنه : ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح
بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) ...
** إن نمو العالم الإسلامي كما وكيفا سيشكل الخطوة الأولى في عملية بناء حضارة
عالمية إنسانية كما من حيث تزايد عدد المسلمين في العالم بشكل كبير .. وكيفا وذلك
باكتساب تجارب وخبرات جديدة في جميع مجالات الحضارة المادية خاصة وأن العالم
المتحضر بدأ يبحث عن اليد العاملة الرخيصة وهي متوفرة الآن وفي المستقبل بأعداد
وافرة في البلاد الإسلامية .. إن نظرة سطحية على واقع المسلمين المؤلم المتمثل في
الفقر والضعف والجهل والمرض يجب أن لا تجعلنا متشائمين لأن الدول الإسلامية والشعوب
الإسلامية وإن كانت اليوم ضعيفة متفككة فإنها بالجهود المخلصة البناءة لا تلبث أن
تنضج وتقوى في فترة زمنية ليست بعيدة وعندها سترتفع راية الإسلام عالية خفاقة ويبدأ
المسلمون بإعادة بناء الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية وعندها سيتحقق فينا قول
الله تبارك وتعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله
ولو كره الكافرون ) .. لقد بدأت سمات الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية تلوح في
الأفق لأن المسلمين وحدهم يملكون كل المقومات الحضارية اللازمة لإعادة بناء الحضارة
ولم يبق أمامنا إلا العمل والبذل والتضحية والتخطيط السليم .. نحتاج فقط إلى الجد
والاجتهاد لأن عملية البناء الحضاري تتطلب أمورا كثيرة وجهودا جبارة .. تتطلب منا
القضاء علىالفقر والقضاء على الجهل والقضاء على المرض .. تتطلب منا أن نوحد جهودنا
وأن نوجه فعالياتنا وأن نرمي بكل الخلافات وراء ظهورنا .. كفانا تطرفا كفانا شرذمة
كفانا تجريحا ببعضنا .. ولنبدأ بعملية البناء الحضاري من جديد وعندما نصل إلى هذه
العقلية المتآخية المتسامحة المتعاونة نكون جديرين بحق بأن نتسلم قيادة العالم
ونعيد بناء الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية التي ينتظرها كل العالم لتسعد
الإنسانية جمعاء بعدالة السماء ...
* أجل أيها الإخوة المسلمون لابد وأن يتحقق وعد رسول الله في فتح رومية ولا بد أن
يتحقق وعد الله من جديد ويدخل الناس في كل بقاع العالم في دين الله أفواجا تماما
كما دخلوا في دين الله أفواجا يوم فتح مكة وعندئذ سيفرح المؤمنون بنصر الله .. ولكن
يجب أن يستقر في عقولنا وضمائرنا أن مثل هذا النصر لا يمكن أن يأتي بالأماني
والأحلام ولا يمكن أن يأتي بالغوغائية والتشتت ولا يمكن أن يتحقق هذا الفتح المبين
بالإرهاب وقتل الأبرياء ... إن مثل هذا النصر يحتاج إلى الكثير الكثير من البذل
والتضحية والفداء .. يحتاج إلى العودة إلى دين الله وإلى التمسك بشرع الله وبحبل
الله المتين .. إن مثل هذا النصر لابد وأن يتحقق لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صادق الوعد لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .. إن بشائر عودة الإسلام من جديد
بدأت تلوح في الأفق وأعداد الداخلين في الإسلام من الديانات الأخرى يزداد يوما بعد
يوم .. وأعداد المسلمين على مستوى العالم يزداد يوما بعد يوم والإمكانات المادية
والاقتصادية والعلمية في بلاد المسلمين تزداد يوما بعد يوم .. ولا ينقصنا إلا
القيادة الإسلامية الحكيمة الواعية لتجمع شمل الأمة الإسلامية في كل بقاع الدنيا ..
وتوحد أهدافها وتوجه طاقاتها نحو الهدف المنشود وهو إقامة حضارة عالمية إنسانية
إسلامية ليعم العدل والسلام والإنصاف كل بلاد العالم ...
** وفي هذا المجال ربما يتهمني بعض الناس بالإغراق بالخيال والأحلام الكاذبة وأنا
أرد على ذلك وأقول .. لقد وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سراقة بن مالك حين كان
المسلمون مطاردون ملاحقون وفي أشد حالات الضعف حيث كان سراقة يطارد رسول الله
وصاحبه لينال مكافأة قريش .. وعده أن يلبس سواري كسرى أنوشروان ملك أكبر دولة في
ذلك الزمان .. فضحك سراقة من قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن مسلما آنذاك ..
ولكن تحقق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسقطت دولة الفرس وحمل سواري كسرى
أنوشروان إلى المدينة المنورة وقام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بإلباس سراقة بن
مالك سواري كسرى تحقيقا لوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ووعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية وتم فتحها على يد محمد الفاتح بعد مايقارب ألف سنة
.. وسيأتي اليوم الذي يتم فيه فتح رومية تحقيقا لوعد الرسول المصطفى صلى الله عليه
وسلم والذي لاندري متى سيكون ولكنه لابد كائن .. يقول الفيلسوف لبريطاني ( برتراند
راسيل ) : ( لقد انتهى العصر الذي يسود فيه الرجل الأبيض وبقاء تلك السيادة إلى
الأبد ليس قانونا من قوانين الطبيعة .. وأعتقد أن الرجل الأبيض لن يلقى أياما رضية
كتلك التي لقيها خلال أربعة قرون ) .. إن هذا القول لم يقله شيخ مسلم أو عالم مسلم
وإنما قاله ( برتراند راسيل ) الفيلسوف البريطاني النصراني الشهير الذي ينظر إلى
الأمور وإلى المستقبل وإلى تطور المجتمعات والحضارات نظرة مجردة صائبة وينبئ عن
الحقيقة المرة التي ستواجه المجتمعات الغربية في فترة ليست بعيدة في عمر التاريخ ..
نعم لقد انتهت حضارة الرجل الأبيض وانتهت حضارة الغرب لأنها استنفذت أغراضها ولم
تعد تمتلك ماتقدمه للبشرية جمعاء من مبادئ ونظم وأفكار تعيد للإنسانية فعاليتها
وأصالتها ومبادئها وحياتها من جديد .. الحضارة الغربية لم تعد تقدم للإنسانية إلا
الحروب والدمار والقتل والإنحطاط والفساد .. ذلك لأن الحضارة تعيش بقدر ما تمتلكه
من رصيد في عالم القيم السامية والأخلاق الإنسانية الراقية فإذا فقدت الحضارة هذه
القيم وهذه الأخلاق فمصيرها لامحالة إلى الفناء .. إن البشرية لا تستطيع أن تعيش
طويلا على أنتاج المصانع وحده إنما هي بحاجة ملحة دائمة إلى مبادئ وأفكار جديدة
تسمح لها بالنمو والامتداد والتحول والترقي في حدود هذه المبادئ والأفكار .. ويقول
الفيلسوف البريطاني ( برتراند راسيل ) الذي فقد الأمل نهائيا بحضارة الرجل الأبيض
الغربي : ( إن المستقبل للشيوعية لا في العالم الغربي فحسب بل في آسيا أيضا .. إن
الروسي هو الرجل الأبيض الوحيد الذي تسنح له الفرصة لنشر نفوذه في آسيا لأن الشعوب
الآسيوية تمقت الاستعمار الأبيض .. ولهذا لست أعتقد أن للدول الغربية أي فرصة في
آسيا ) .. وهنا نلاحظ أن الفيلسوف البريطاني يتجاهل الإسلام وتأثيره ونفوذه ليس على
المسلمين فحسب بل على العالم كله نتيجة لجذور الحقد والكراهية العميقة الكامنة في
نفوس الغربيين تجاه الإسلام والمسلمين بشكل عام
** إن الإنسانية جمعاء إذا عرفت طريقها إلى الإسلام واطلعت على هذا النظام الإلهي
المحكم الذي يجمع بين الفكرة المتألقة السامية وبين العقيدة الخالصة والنظام
الإجتماعي العادل والغذاء الروحي المتجدد فلا بد لها من أن تسير في هذا الطريق ولا
بد لها أن تتمسك بهذا النظام الإلهي العادل الذي يربط بين المادة والروح وبين الأرض
والسماء وبين شعوب الأرض كلها وبين الإنسانية جمعاء برباط العدل الإلهي المطلق ..
إن البشرية ستعود بعد حين إلى نوع من الاعتدال والتوازن لاتجده في روحانيات
المسيحية الخيالية ولا في ماديات الشيوعية الجامدة ولكن في فكرة وسط عن الحياة فكرة
تحتضن الروحانية الصافية الصادقة وتحتضن المادية الواقعية المعتدلة وتصوغ منها
عقيدة للضمير ونظاما للحياة وأحلاما دائمة للبشرية كلما حققت منها حلما ارتقت في
الأفق إلى حلم جديد .. نحن لانشك في أن قيادة البشرية صائرة إلى الإسلام لامحالة
لأن هذا الإسلام لولم يكن موجودا لبحثت عنه الإنسانية ولابتدعت نظاما يشبهه .. إن
البشرية التي أوصدت أبوابها في وجه هذا الدين يوم أن جاءها في موجته الأولى ستصبح
في أشد حالات اللهفة لمن ينقذها من الخواء ويقدم لروحها الزاد وهي أقدر على إدراك
فكرة الإسلام مما كلنت يوم أوصدت دونه الأبواب وواجب العالم الإسلامي إذ ذاك هو
امدادها بذلك الزاد في الصورة التي تتفق مع تجاربها كلها خلال أربعة عشر قرنا من
الزمان .. إن الإسلام بالذات كان ثورة تحريرية حررت الفكر كما حررت الروح .. حررت
الفكر من الوهم والخرافة ووجهته إلى تنمية الحياة على الرض .. وحررت الروح من
الهبوط والتردي وأطلقتها ترتاد الآفاق العليا في السماء كي لا تتردى في حضيض المادة
فتصاب بالجفاء والخواء الذي انتهت إليه حضارة الرجل الأبيض وهي في أوجها من الناحية
الصناعية والإنتاجية .. يقول المستشرق ( سير ت . و. أرنولد ) في كتابه " الدعوة إلى
الإسلام " : ( ولما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن وعسكر أبو عبيدة في فحل .. كتب
الأهالي المسيحيون في هذه البلاد يقولون : يامعشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم
وإن كانوا على ديننا .. أنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا من الروم وأحسن
ولاية علينا ولكنهم غلبونا على أمرنا وعلى منازلنا وأغلق أهل حمص أبواب مدينتهم دون
جيش هرقل وأبلغوا المسلمين أن ولايتهم وعدلهم أحب إليهم من ظلم الإغريق وتعسفهم )
.. هذا مايقوله مستشرق غربي نصراني فلماذا نسمع كل يوم الشبهات حول الإسلام
والاتهامات الباطلة لهذا الدين الإلهي العظيم من الموتورين والحاقدين على الإسلام
وآخرهم بابا الفاتيكان الذي قال بأن الإسلام قد انتشر بالسيف وبالإكراه .. بينما
تاريخ الصليبيين الإجرامي في جميع مراحله يثبت أن الصليبيين الحاقدين على الإسلام
قاموا بعمليات إبادة جماعية وتطهير ديني طائفي لكل من خالفهم بالعقيدة وخاصة
المسلمين ومحاكم التفتيش في بلاد الأندلس قديما وفي بلاد الصرب حديثا مثال واحد
يشهد على قبح الجريمة وفظاعة الجريمة في حين نجد أن تاريخهم الطويل لم يخل من
تجاوزات وإكراه على النصرانية حتى يومنا هذا وما نراه في أفغانستان والعراق
والشيشان والبوسنه وداغستان وأندونيسيا والفيليبين وغيرها من بلاد العالم شاهد على
جرائم الصليبيين الجدد ..
** يقول المفكر المسيحي البريطاني " توماس كارليل " في رده على سؤال هل انتشر
الإسلام بالسيف فأجاب : ( أرى أن الحق ينشر نفسه بأية طريقة حسبما تقتضيه الحال ..
ألم تروا أن النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحيانا وحسبكم ما فعله شارلمان
بقبائل السكسون .. أنا لا أحفل أكان انتشار الحق بالسيف أم باللسان أم بأية طريقة
أخرى .. لندع الحقائق تنشر سلطانها بالخطابة أو بالصحافة أو بالنار .. لندعها تكافح
وتجاهد بأيديها وأرجلها وأظافرها فإنها لن
تنهزم أبدا ولن ينهزم منها إلا ما يستحق
الفناء ) ..
** يقول المستشرق " ج . هـ . دينسون " في كتابه " العواطف كأساس للحضارة " : ( ففي
القرن الخامس والسادس كان العالم المتمدين على شفا جرف هار من الفوضى لأن العقائد
التي كانت تعين على إقامة الحضارة كانت قد انهارت ولم يكن ثمة مايعتد به مما يقوم
مقامها .. وكان يبدو إذ ذاك أن المدنية الكبرى التي تكلف بناؤها جهود أربعة آلاف
سنة مشرفة على التفكك والإنحلال وأن البشرية توشك أن ترجع ثانية إلى ما كانت عليه
من الهمجية حيث القبائل تتحارب وتتناحر بلا قانون ولا نظام أما النظم التي خلفتها
المسيحية فكانت تعمل على الفرقة والإنهيار بدلا من الإتحاد والنظام وكانت المدنية
كشجرة ضخمة متفرعة امتد ظلها إلى العالم كله واقفة تترنح وقد تسرب إليها العطب حتى
اللباب .. وبين مظاهر هذا الفساد الشامل ولد الرجل الذي وحد العالم أجمع ) .. يقصد
هنا محمد صلى الله عليه وسلم .. ولكنه لم يذكر اسم الرسول على عادة المستشرقين
الغربيين النصارى الذين يتهيبون من مجرد ذكر الإسلام أو نبي الإسلام محمد عليه أفضل
الصلاة والسلام وذلك تبعا للجذور الصليبية العدائية المتوارثة جيلا عن جيل والتي
تأبى إلا أن تظهر على ألسنة حتى المنصفين منهم .. فما أحوج البشرية اليوم إلى
العودة إلى الإسلام إلى الدين الإلهي الذي جاء به سيدي رسول الله صلى الله عليه
وسلم الذي وحد العالم أجمع على كلمة التوحيد وعلى منهج الله القويم بعد أن وصلت
البشرية إلى حافة الهاوية وارتكست إلى الهمجية والوحشية وشريعة الغاب وأصبح القوي
يأكل الضعيف والضعيف يأكل الأضعف في سلسلة لاتكاد تنتهي حتى يخرج إلى الوجود فتية
آمنوا بربهم وازدادوا هدى [. ليعيدوا الحق إلى نصابه وينقذوا البشرية المعذبة قبل
فوات الأوان وإنني لأكتب هذه الكلمات وأنا أتوجس خيفة من المستقبل المجهول وأنا
أردد قول الشاعر :
إني لأخشى قبل منبلج السنا طوفان نوح
إنني لأستشعر اليوم ثقل المسؤلية وعظمها الملقاة على كاهل أبناء الإسلام تجاه
البشرية جمعاء فماذا قدم أبناء الإسلام لإنقاذ البشرية مما يتربص بها .. ؟ وماذا
أعد أبناء الإسلام لإعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية ..؟!..
وهنا يتساءل بعض المغرضين لماذا تصرون على حتمية تطبيق دين سماوي وعقيدة سماوية
وشريعة سماوية مضى عليها أربعة عشر قرنا من الزمات في أمور الناس المادية وغير
المادية .. لماذا لا يظل الدين في المعابد والكنائس والأديرة والصوامع يلقي المواعظ
والخطب ويوجه الناس دون التدخل في أمور الناس المادية والحياتية .. وللرد على هؤلاء
المغرضين الضالين أقول :
** لأن المنهج الرباني هو المنهج الوحيد الذي يتصف بالعدل المطلق بين جميع الناس في
كل الأمور .. ( لافضل لعربي على اعجمي ولالأبيض على أسود الا بالتقوى ) ...
** لأن الإسلام منهج رباني يتميز بالشمولية المطلقة لكل الأمور التي تخص حياة
الإنسان في الدنيا والآخرة ...
** لأن الإسلام منهج رباني يتميز بالتوازن بين المادة والروح ...
** لأن الإسلام منهج رباني يتميز بالوسطية والاعتدال في كل شيئ ...
** لأن الإسلام منهج رباني قضى على جميع العبوديات في الأرض برد العبودية كلها إلى
الله وحده ...
** لأن الإسلام منهج رباني هو من صنع الله ولم يترك أمر التشريع للبشر يجتهدون
ويخططون دون ضابط أو منهج معين ثابت ...
** لأن الإسلام منهج رباني يمتلك الطريق الصحيح لتغير الواقع الفاسد وقلب الاوضاع
الجاهلية وتوجيهها إلى الطريق الصحيح ...
** لأن الإسلام منهج رباني هو منهج جميع الأنبياء والمرسلين فهو منهج يضرب جذوره في
تاريخ الانسان منذ أن خلق الله الانسان
** لأن الإسلام منهج رباني قادر على مواجهة كل الجاهليات سواء كان ذلك في الاعتقاد
أو السلوك أو المعاملات او العبادات..
** لأن الإسلام هو المنهج الرباني الوحيد القادر على نزع السلطات من كل الطواغيت
المتسلطين على رقاب البشر وردها إلى الله .
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الأقرب إلى الطبيعة البشرية السليمة وهو الأسرع
انتشارا بين البشر ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يعترف بجميع الديانات السماوية
السابقة ويؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين على شريعتهم الصحيحة المرسله من عند الله
وليس علىالشرائع المحرفه المتداوله بين أيدي الناس اليوم ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الحق لا تشويه فيه ولاتحريف ولاتبديل لأن الله قد
حفظه ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني المنزل من عند الله فهو أفضل وأقوم من كل المناهج
الأخرى البشرية لان الله هو خالق البشر وهو اعلم بما يصلحهم ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يتوافق مع الفطرة البشرية ويتناسب مع
طبيعتها لان الله جل وعلا الذي وضع هذا المنهج هو اعلم بما يتوافق ويتناسب مع هذه
الطبيعة البشرية ..
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الحركي الذي يتناسب مع كل الفعاليات البشرية
والعلاقات الإجتماعية لأن الله جل وعلا واضع هذا المنهج هو اعلم بما يتناسب مع هذه
الفعاليات وهذه العلاقات ...
** لأن الإسلام هو المنهج الرباني الذي جاء لصالح الانسانية جمعاء دون محاباة لقوم
أو لأمة أو لعرق ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الالهي العالمي جاء لصالح العالم أجمع دون محاباة لدولة او
لقطر أو لقارة دون قارة أخرى ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يصل الأرض بالسماء ويصل جميع أفراد
البشر بخالق البشر جل وعلا في علاقة روحية مميزة لا وجود لها في أية عقيدة أو شريعة
أو منهج آخر ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يزرع في نفوس البشرالطمأنينة واليسر
والراحة النفسية ويملأ نفوسهم بهجة واشراقا ورضاء بما قسمه الله لعباده ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الذي يزرع في نفوس البشر القوة والإرادة وتحدي
الصعاب لأنهم مرتبطون بالقوة المطلقة قوة الله الخالق القوي العظيم جلت قدرته ..
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني المضمون النتائج وهو الوحيد الموصل إلى الحق
والعدل والصواب رغم كل التحديات والصعاب
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الواقعي العملي الذي يعطي كل أمر من الأمور تصورا
واقعيا وحلا مقبولا بعيدا عن الخوارق والخرافات وبعيدا عن الاوهام والحتميات ..
وبعيدا عن أساليب السحر والشعوذه .. وبعيدا عن الاحلام والتطلعات والخيالات .. لأن
هذا الدين منهج الهي للحياة البشرية .. يتم تحقيقه في حياة البشر بجهد البشر انفسهم
.. في حدود طاقتهم البشرية وفي حدود الواقع المادي للحياة الانسانية في كل بيئة ..
وفي حدود طاقتهم البشرية وبقدر مايبذلونه من هذه الطاقة ..
** الإسلام هوالمنهج الرباني الجاد .. فالجدية سمة أصيلة في هذا المنهج الرباني
المتمثل في الاسلام وفي طريقة تعامله مع جميع الامور والإسلام يواجه الواقع كله بما
يناسبه ويكافئه .. يواجهه بالدعوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات ويواجهه
بالقوة والجهاد لازالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها تلك التي تحول بين جمهرة
الناس وبين التصحيح بالبيان للمعتقدات والتصورات وتخضعهم بالقهر والتضليل وتعبدهم
لغير ربهم الجليل .. فالإسلام لا يكتفي بالبيان في وجه السلطان المادي كما أنه
لايستخدم القهر المادي لضمائر الافراد ...
** االإسلام هوالمنهج الالهي الإيجابي .. لأنه منهج الهي فلا يعقل أن يصدر عن الله
جل وعلا أي أمر سلبي أو هزلي ولكن اذا تم تطبيق هذا المنهج تماما كما أنزله الله جل
وعلا أم كما جاءت به السنة النبوية الكريمة الصحيحة .. أن المنهج الالهي اذا استقر
في ضمير الانسان جعل من هذا الانسان عنصرا إيجابيا فاعلا مؤثرا في كل ماحوله حتى
يصبح هذا الانسان قوة فاعلة مؤثرة هائلة لايمكن ان تقف في وجهها كل الزوابع
والاعاصير.. إن المنهج الالهي لا يمكن ان لايكون سلبيا قابعا ًفي الضمير قانعاً
ببعض العبادات والروحانيات بل يجب ان يكون عزماً وتصميماً على نشر هذا الدين وتطبيق
تعاليمه في الواقع البشري بكل قوة وحزم .. المنهج الالهي ليس منهجاً صوفيا أو
كهنوتياً مليئاً بالسلبيات انه منهج ايجابي يتعامل مع كل الأمور والأحداث بطريقة
ايجابية فاعله ...
** الإسلام هوالمنهج الالهي العملي الذي يعتمد على توزيع المهمات وتقسيم العمل
واعتماد المراحل المتعددة .. واتخاذ الأسباب الكفيلة بالوصول إلى الهدف المطلوب ..
فهو يتحرك بتحرك الفرد المسلم ويتقدم ببذله وعطائه بعيدا عن الخوارق والمعجزات ..
لأن طبيعة المنهج الحركي الاسلامي ان يقابل هذا الواقع البشري بحركة مكافئة له
ومتفوقة عليه في مراحل متعدده ذات وسائل متجدده ..
** المنهج الالهي مضمون النتائج .. في حين لايوجد في الدنيا منهج غير المنهج الالهي
والمتمثل بالدين الاسلامي مضمون النتائج فلقد جربت البشرية جمعاء أنظمة عديده
واديانا غريبة وأفكاراً كثيرة ومناهج وسلوكيات لا تعد ولا تحصى ولكنها شقيت وشقي
معها كل البشر.. لقد سقطت الاقنعة عن مفاسد الحركات والفلسفات والافكار والانظمة
وبشكل سافر.. سقطت الشيوعية في عقر دارها .. وسقطت الاشتراكيه في معظم بلاد العالم
وسقطت الديانات الوثنية والديانات الشركية .. وسقطت الدعوات القومية والديمقراطية
وفشلت في اسعاد شعوب معينة ناهيك عن اسعاد البشرية جمعاء .. وفشلت الديانات
السماوية المحرفة المبدله عن اسعاد البشرية حتى أصبحت البشرية في ظل هذه الديانات
وهذه الأنظمة تقف على حافة الدمار والخراب تهددها الحروب الطاحنة ويهددها استعباد
الانسان للانسان ويهدها الصلف والغرور ويهددها الفساد الاجتماعي والاخلاقي وابتعد
طيف السعادة والهناء وحل شبح التعاسة والشقاء على جميع الناس حتى الأغنياء منهم حتى
أصحاب القصور من الملوك والأمراء .. حتى المتسلطون الذين يستعبدون ابناء البشر فهم
ليسو سعداء هم مساكين أشقياء يمزقون أوقات حياتهم بالسكر والمخدرات والجنس ليحصلوا
على السعادة الحقه فلا يجدوها .. وفي مقابل ذلك نجد أن المنهج الإلهي عندما قام به
جماعة من الناس استطاع ان يحقق المستوى الأعلى من السعادة والرضى ليس لفئة معينة من
الناس بل للبشرية جمعاء ..
** ان المنهج الالهي يضمن بتطبيقه إحلال العدل والحق و السعادة والهناء للناس كل
الناس في كل بقعة على سطح الأرض وهذه الضمانة تكفل بها رب العالمين الذي أنزل هذا
المنهج .. واذا وجد شخص على وجه المعمورة لم ينل حقه على وجه هذه الأرض فإن حقه
مضمون يوم القيامة حيث يحاسب المرء على كل صغيرة وكبيرة ...
** المنهج الالهي منهج محكم .. يستطيع ضبط كل الأمور والمشاكل بأسلوب رباني محكم ..
كيف لا وهو المنزل من الله الحكيم الخبير الذي يعلم مايصلح الفرد والمجتمع والأمة
والدولة بل البشرية جمعاء ...
** المنهج الرباني منهج ميسر.. يقول ربنا جل شأنه : ( لايكلف الله نفسا الا وسعها
لها ماكسبت وعليها مااكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .. ربنا ولا تحمل
علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ,, ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ..
واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) .. ويقول ربنا
جل شأنه أيضا : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) .. ويقول المصطفى صلى الله
عليه وسلم : ( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولاتنفروا) .. وروي عن المصطفى صلى الله
عليه وسلم : ( أنه لم يخير بين أمرين إلا اختار ايسرهما ) .. نلاحظ من الآيات
والآحاديث السابقة ان المنهج الرباني يحض وبشكل ملفت للنظر إلى سلوك طريق التيسير
والبساطة بعيداً عن التعقيد والعسر.. ان مما لاشك فيه أن هذا المنهج الرباني يكلف
النفوس أعباءً ضخمة ولكنها غير مستحيلة وذلك لأنه منهج جاد يسعى إلى تحقيق أهداف
عالمية وانسانية ضخمة .. والأهداف الضخمة لاشك تحتاج إلى تكاليف مادية ومعنوية ضخمة
ولكنها في الوقت نفسه ليست فوق طاقة البشر وليست من الامور المستحيلة والتعجيزية ..
انه ليس صحيحا ان هذا المنهج الالهي يكلف النفس البشرية جهدا أشق من أن تطيقه أو ان
تصبر طويلا عليه .. انه منهج سامق فعلا ولكنه في الوقت ذاته منهج فطري يعتمد على
رصيد الفطرة وينفق من هذا الرصيد المذخور وميزته انه يعرف طريقه منذ اللحظة الأولى
إلى هذا الرصيد .. وأيسر ما في هذا المنهج أنه وهو يضع في حسابه البلوغ الى القمة
السامقة لا يعتسف الطريق ولا يستعجل الخطى ولايتخطى المراحل ...
** المنهج الرباني مرتبط بالله جل وعلا وهذه الخاصية تميزه عن جميع العقائد
والمذاهب فهو بالاضافة إلى الجهد البشري الهائل الذي يطلب من البشر للوصول إلى
الاهداف الضخمة الهائلة فهو أيضا مدعوم بالعون الالهي والمشيئة الالهية .. حيث نجد
هذا العون الالهي وهذه المشيئة الالهية تسير وبشكل دائم مع الجهد البشري تدعمه اذا
ضعف وتوجهه اذا انحرف وتقوم طريقة اذا اعوج وتعدى جادة الحق والصواب وتعيده إلى
الطريق الصحيح اذا خرج عن الطريق الصحيح..ويتجلى هذا الأمر وبشكل واضح جلي في أن
انتصار الاسلام في كل مراحله عبر التاريخ لم يكن بالقوة المادية والاستعداد العسكري
وحده وانما كان يتجلى بعون الله وبمشيئة الله جل وعلا وهذا الأمر يتجلى واضحاً
جلياً في قوله تعالى: ( وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) .. ( واعدوا
لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين لاتعلمونهم
الله يعلمهم وماالنصر الا من عند الله ) .. ففي هذه الآيات نلاحظ عون الله ومشيئة
الله وارادة الله هي التي تتجلى على حملة منهج الله ورغم كل مايبذلون فإن النصرلا
يكون الا من عند الله .. إن كون هذا المنهج الالهي متروكاً تحقيقه للجهد البشري في
حدود الطاقة البشرية وفي حدود الواقع المادي للحياة الانسانية في شتى المدارج وشتى
البيئات فهذا لايعني استقلال الانسان نهائياً بهذا الأمر وانقطاعه عن قدر الله
وتدبيره ومدده وعونه وتوفيقه وتيسيره .. فتصور الأمر على هذا النحومخالف في أصوله
لطبيعة التصور الاسلامي .. فإرادة الله هي الفاعلة في النهاية وبدونها لايبلغ
الانسان بذاته شيئا ً.. لقد تجلى هذا الأمر في المنهج الإلهي منذ خلق الله الانسان
وانزله إلى الأرض فلو استعرضنا قصص الأنبياء جميعاً في دعوتهم لتطبيق المنهج الإلهي
.. في قصة نوح وقصة موسى وقصة عيسى وقصة لوط وهود وقصة يوسف وقصة يونس وايوب عليهم
السلام وفي هجرة الرسول إلى المدينة وفي غزوة بدر وفي فتح مكة وفي انتشار المنهج
الالهي المتمثل بالاسلام في اصقاع المعمورة مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي
قام بنشر هذه الدعوة كان أمياً وكان فقيراً ومغموراً لا يعرفه الا القليل على مستوى
العالم اجمع انها إرادة الله ومشيئة الله وعون الله التي تتولى المنهج الالهي
وتتولى تحقيقه على أيدي المؤمنين الصالحين العاملين ...
** لأن الدين الإسلامي لايوجد تعارضا مصطنعا أو صراعا بين الإيمان بالغيب والإيمان
بالمحسوس.. بين الإيمان بالعقيدة والإيمان بالعلم .. بين فعاليات الروح وفعاليات
الجسد .. بين الدنيا والاخرة .. بين العمل والعبادة .. بين التقدم المادي والتقدم
بالقيم والأخلاقية .. بين الحضارة المادية والحضارة الإنسانية .. إن الإسلام هو
النظام الإلهي الوحيد الذي يوازن بين كل المتناقضات التي تظهر على ساحة الأحداث
ويعطي لكل شيء حقه ومقداره الذي تستقيم معه الحضارة لتصبح حضارة عالمية إنسانية
بدلا من أن تكون حضارة مادية أو عنصرية مقيتة ...
** الإسلام يقيم حضارة عالمية إنسانية متكاملة لأنه يأخذ أمور الحياة وأمور الإنسان
بشكل متكامل وينظر إلى كل الظواهر والأحداث والعلاقات الإنسانية نظرة حيادية
متكاملة من جميع الجوانب فلا يهمل جانبا من جوانب الحياة أمام جانب آخر ولايهمل
مجموعة من الناس لحساب مجموعة أخرى .. ولايغلب الروحانيات على الماديات أو الماديات
على الروحانيات بل يعطي لكل حق حقه .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (ان لريك
عليك حقا وإن لجسمك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا .. فأعط كل ذي حق حقه ) .. وهذا هو
التكامل الرائع الذي تستقيم معه أمور الدنيا والآخرة ...
** لأن الإسلام هو المنهج الذي يوازن بين أمور الدنيا وأمور الآخرة يوازن بين قبضة
الطين ونفخة الروح من الله .. يوازن بين المشاعر الدينية السامية الرفيعة والتجارب
والمنجزات العلمية يوازن بين القيم الأخلاقية وحاجة الجسد المتعطشة يوازن بين
النجاح في أمور الدنيا والفلاح والصلاح في أمور الآخرة ...
* لأن الإسلام يؤمن العدل السياسي والعدل الاجتماعي والعدل الاقتصادي كما يؤمن في
الوقت ذاته التجدد والنمو والتطور في الحياة الإنسانية ...
** لأن الإسلام يضع أسس حضارة عالمية إنسانية تليق بالإنسان الذي خلقه الله في أحسن
تقويم .. وكرمه وفضله على كثير من خلقه وجعله خليفة له في أرضه .. يقول ربنا جل
شأنه : ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم
على كثير ممن خلقنا تفضيلا ...)
** لأن رسالة الإسلام قد جاءت للناس كافة وليست مقيدة بشعب معين ولامحصورة بمكان
معين ولامحدودة بزمن معين ...
** لايوجد في العالم أجمع في القديم والحديث فكرة أو عقيدة تقوم على تنظيم العالم
كوحدة إنسانية وتنظيم المجتمعات كوحدة بشرية بشكل منصف عادل إلا الإسلام ...
** الإسلام هو المنهج الوحيد الذي يعطي المفهوم الأوسع للحياة فيربط الكون كله
بعوالمه ومادياته وروحانياته ضمن نظام واحد ومن ثم يربط كل هذه العوالم بالله جل
وعلا الخالق المبدع ...
** الإسلام يعطي الحياة البشرية في كل أنحاء العالم قابلية هائلة للنمو والتجدد
والسمو والارتقاء ...
** الإسلام هو الوحيد الذي يلبي حاجات البشرية جمعاء بشكل عادل ومتكامل ...
** الإسلام هو الوحيد الذي يمتلك نظاما اجتماعيا عادلا مترابطا ...
** الإسلام هو أول من وضع مبادىء الحرية والعدل والإخاء والمساواة لكل البشر ...
** الإسلام هو الذي رفع الإنسان إلى المستوى الإنساني اللائق دون تفرقة بين شعوب
الأرض كلها ...
** الإسلام هو أول من رفع كيان المرأة في المجتمعات وأعطاها حقها الكامل في الحياة
** الإسلام هو الذي قضى على العنصرية ووحد أعراق الناس توحيدا كاملا فلا فضل لعربي
على أعجمي ولا أبيض على أسود.. ** الإسلام هو أول من أطلق وطبق مبادىء حقوق الإنسان
التي يتبجج الغرب بها كشعارات بعيدة كل البعد عن الواقع والتطبيق ...
** الإسلام يمتلك فاعلية منتجة إيجابية مؤثرة تنفي كل السلبيات ...
ومن هذه اللمحات السريعة يتبين لنا حتمية الحل الحل الإسلاميى وحتمية ظهور الحضارة
الإسلامية العالمية الإنسانية التي ستتسلم قيادة البشرية إلى الحق والعدل والخير
والسعادة لكا شعوب الأرض يقول ربنا جل وعلا : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر
وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل للتتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ... صدق الله
العظيم .
* المعروف تاريخياً أن بولس كان من اليهود الذين مارسوا أشد أنواع العداء للنصرانية
في ذلك العهد والذي قام بتشويه العقائد النصرانية إلى حدٍ بعيد.
(1) يقصد المسيحية الأولى الأصلية.
(2) الثيوقراطيا التوحيد والمطابقة بين الآلهة المختلفة.
(1) حورس في العقائد الفرعونية والمصرية القديمة هو ابن الآلهة سبرابيس.
(1) إنجيل مرقص (10-22).
(2) إنجيل مرقص (10-11).
(1) محاضرات في النصرانية للدكتور محمد أبو زهرة.
-لا
مانع من الاقتباس واعادة النشر شريطة ذكر المصدر والعماد
al-imad@al-imad.com
©
COPYRIGHT AL-IMAD 2022
حقوق الطبع والنشر محفوظة لصحيفة العماد
آخر
تحديث للصحيفة
16-05-2024 17:21
Les services secrets israéliens
recrutent leurs agents parmi des Marocaines, particulièrement douées et
efficaces.
Espionnes
"marocaines"
du Mossad
Par:
Mouna Izddine
Maroc Hebdo International N° 750
du 22 au 28 juin 2007
http://www.maroc-hebdo.press.ma/MHinternet/Archives_750/PDF/Page30a34.pdf
Teint doré, petite
coupe à la garçonne, look exotic-chic, yeux pétillants, regard charmeur,
démarche gracieuse et élocution parfaite. Sous ses airs légers et
désinvoltes de métropolitaine bien dans sa peau, Nabila F., la quarantaine
épanouie, cache remarquablement son jeu.
Nabila est, comme on l'appelle dans le jargon du renseignement, un
officier traitant. C'est ce qui ressort des révélations d'une certaine
Jocelyne Baini, sur le site
www.doubtcom.com.
Polyglotte, instruite, intelligente, perspicace et discrète, c'est l'une
des recrues étrangères hautement opérationnelle d'une des plus puissantes
agences de renseignement dans le monde, le Mossad israélien. Chargé, à
côté du Shabak (ex Shin Bet, sécurité générale intérieure) et de l'Aman
(renseignement militaire), de la sécurité extérieure (renseignement,
opérations clandestines et lutte anti-terroriste).
Nabila chapeaute un réseau de 12 agents secrets en jupons, toutes
Marocaines comme elle, dont sa sœur, engagée à l'âge de 12 ans. Repérée en
décembre 2001 par le «sayan» Albert M., un agent dormant du Mossad établi
au Maroc, dans une soirée mondaine à Casablanca, celui-ci lui présentera
quelques mois plus tard à Paris, Joseph B., chasseur de têtes pour les
services secrets israéliens. Nabila, diplômée en sciences politiques et en
langues étrangères, hésitante au début, finira par accepter de travailler
comme «katsa». Autrement dit, comme officier de renseignement, pour le
compte de l'Institut pour les renseignements et les affaires spéciales,
moyennant une rémunération initiale alléchante de 70.000 euros par an.
Mais pas seulement. Car, en plus d'un salaire fixe, elle s'est vu
proposer, comme nombre d'agents secrets, d'autres émoluments et avantages
en nature: prime pour certaines opérations à risque élevé, passeports de
plusieurs pays occidentaux, voiture et appartement personnel dans une
métropole de son choix, ouverture d'un compte bancaire en Suisse, quelques
bijoux précieux et vacances annuelles vers sa destination préférée. Et,
bien sûr, augmentation de salaire avec l'expérience et les années passées
au service de l'agence. Tous les ingrédients de la motivation étaient là.
Tests psychologiques, entraînement au combat, à la filature, à la
résistance à la torture, maniement des armes légères, perfectionnement en
informatique, cours de linguistique… Nabila suit une formation intensive
et pointue en espionnage pendant plusieurs mois dans la région de Haïfa.
Jonglant avec les passeports et les identités. Imitant à merveille les
multiples accents orientaux. Au gré des missions, elle est tour à tour
journaliste marocaine, beurette bénévole dans l'humanitaire, enseignante
tunisienne d'arabe classique. Comédienne belge d'origine libanaise,
assistante de direction libyenne. Ou encore organisatrice émiratie
d'événements artistiques. Nabila apprend vite et fait montre d'une telle
efficacité qu'elle se voit à son tour confier le recrutement de nouveaux
agents féminins.
Nous sommes en 2003. Meir Dagan poursuit alors la politique d'ouverture du
Mossad, entamée en l'an 2000, sous la direction d'Ephraïm Halevy
(1998-2002), alors que la seconde Intifada battait son plein. Et que la
communauté internationale dénonçait massivement les exactions croissantes
de l'Etat hébreu contre le peuple et les dirigeants palestiniens.
Plus que jamais, Israël a besoin d'être informé de tout ce qui peut, de
près ou de loin, attenter à son existence, sa sécurité ou sa pérennité. Le
Mossad s'essaie même au recrutement en ligne (www.mossad.gov.il). Les
attentats du 11 septembre 2001 finissent de convaincre l'Institut (créé
initialement en 1951 sous David Ben Gourion pour faciliter l'Aliyah, le
retour vers le jeune Israël né en mai 1948) de la priorité de renforcer
ses antennes périphériques. Notamment et surtout dans les nations et
auprès des faiseurs d'opinion (hommes et institutions) et des centres de
décision politico-économiques arabes et musulmans. Le mieux est
d'embaucher des gens du cru, des autochtones. Et, pourquoi pas, des
femmes. Enrôlées de gré (en échange de contreparties conséquentes) ou,
comme le prétend Nima Zamar, dans Je devais aussi tuer ( Albin Michel,
2003), de force (chantage, viol, menaces…).
Attirant peu les soupçons et les méfiances, le “sexe faible” dispose en
plus d'un arsenal inné redoutable. Enveloppe charnelle qui s'avère parfois
plus efficace et plus pointue que n'importe quel équipement d'artillerie
lourde. Oeillades suggestives, balconnet plongeant, danse lascive, paroles
coquines, alcool et autres paradis artificiels aidant, et voilà, à
l'usure, le plus récalcitrant des hommes dans vos filets, le corps en feu
et la langue déliée. Autant de “bombes anatomiques au service des
Services” à dissimuler et disperser ici et là, en fonction des besoins et
des missions du moment.
Mordechaï Vanunu.
Aujourd'hui basé à Tel-Aviv, le Mossad emploierait quelque 1.500 personnes
depuis ses quartiers généraux, dont près de 20% de femmes.
L'Institut s'est déjà, par le passé, assuré de l'efficacité de ses agents
féminins, dont certaines ont réussi d'admirables faits d'armes. Parmi les
plus célèbres des James Bond girls du Mossad, Cindy, de son vrai nom
Cheryl Hanin Bentov. Cette dernière est parvenue à piéger Mordechaï
Vanunu, israélien d'origine marocaine converti au christianisme, et ancien
technicien à la centrale nucléaire de Dimona (construite au début des
années 60 dans le désert du Neguev). Celui-ci avait révélé au Sunday
Times, le célère quotidien britannique, l'existence d'ogives nucléaires
dans les sous-sols de la même centrale. Pour avoir accepté, le 30
septembre 1986, l'invitation à Rome de cette belle plante croisée dans une
rue londonienne, Mordechaï Vanunu, traître pour les uns, héros pour les
autres, se retrouvera, drogué, kidnappé puis expédié clandestinement en
bateau vers Israël. Avant d'être incarcéré pendant 18 ans à la prison de
Shikma, près d'Ashkelon.
Ephraim Halevy.
Autre preuve de la place grandissante de la gent féminine au cœur
des services secrets israéliens, sous Shabtai Shavit (1990-1996), le
numéro deux du Mossad n'était autre qu'une femme, Aliza Magen.
Ceci étant, quelles femmes s'allier dans le monde arabo-musulman?
Au sein de ce dernier, Israël connaît bien le Maroc. Et sait aussi que les
Marocaines peuvent faire preuve d'une détermination et d'une efficience
étonnantes dans les causes qui leur tiennent à cœur. Qui ne se souvient
pas des sacrifices consentis pour la cause palestinienne et l'identité
arabe (5 ans dans les geôles israéliennes, 7 ans de guerre civile au
Liban) par les sœurs Rita et Nadia Bradley? Mais comment faire pencher la
balance de son côté? En y mettant le prix fort, les services secrets
israéliens parient qu'ils pourront au moins s'adjoindre la coopération
précieuse de quelques-unes d'entre elles, fut-elle ponctuelle.
C'est ainsi que l'agent Nabila, désormais chasseuse de tête et formatrice,
voit sa prime grimper. Elle rentre un certain temps au Maroc. Histoire de
repérer des filles du pays correspondant au plus près aux critères exigés
par les services d'espionnage israéliens. Elle en cueille une dizaine,
jeunes, jolies et coquettes, de milieux socio-culturels différents. Parmi
lesquelles Widad, Asmae, Majdouline, Noura, Laïla, Hanane, Siham ou encore
Nawal et Karima.
Argent, alcool, sexe, drogue?
Certains agents recruteurs s'adressent aux réseaux de trafic humain, comme
c'est le cas d'après les témoignages de repenties, de mineures russes
vendues parfois par leurs propres parents à la mafia locale. Avant d'être
exploitées par le crime organisé au Moyen-Orient et ailleurs puis forcées
à collaborer avec le Mossad. Nabila, elle, a ses propres procédés. Elle
détecte les faiblesses des unes et des autres, leur faisant miroiter mille
et une promesses en échange de leur collaboration. Certaines rêvent d'une
vie luxueuse, d'argent facile et d'horizons cléments. D'autres ne
demandent qu'une petite aide pour leur famille démunie ou espèrent
rencontrer un étranger qui leur assurerait une existence décente.
Quelques-unes contractent sans le savoir des mariages de complaisance
(zawaj orfi) avec des ressortissants des monarchies pétrolières, avant de
se rendre compte, une fois sur place, du véritable but de leur venue.
Avec sérieux et discipline, Nabila enseigne à ses protégées, les rudiments
de la parfaite petite espionne: se fondre dans la masse, faire preuve
d'empathie, tout en restant réservée et vague sur sa personne. Quitte à
s'inventer un tout autre vécu pour brouiller les pistes.
En parallèle, les jeunes mercenaires affûtent leurs armes de séduction:
cours de culture générale, de maintien et de bonnes manières, séances de
perfectionnement en cuisine et en danse orientale, diètes amincissantes,
shopping dans des enseignes de luxe…
Les voilà fin prêtes. De Casablanca à Damas, en passant par Bagdad, le
Caire, Washington, Paris et Nairobi, Nabila et son staff se lancent dans
des missions plus ou moins périlleuses, chacune sous une couverture
différente. Les moins instruites sont affectées à des postes de
domestiques, de filles au pair ou de masseuses. Les plus agiles et les
plus jolies embauchées comme danseuses dans des boîtes de nuit huppées,
tandis que les plus futées sont introduites dans des ONG internationales.
Les cibles de ces Mata Hari en herbe sont claires: députés, diplomates,
ministres, activistes, hommes d'affaires, magistrats. Hauts gradés de la
police, de l'armée et de la gendarmerie. Ou encore journalistes influents
et experts en géostratégie ou en terrorisme (entre autres) exerçant dans
les pays arabes et limitrophes ou en dehors.
Les objectifs aussi sont bien définis: obtenir des renseignements auprès
de ces notables -à leur insu ou par chantage- sur leurs positions (et leur
degré d'implication idéologique et matérielle), entre autres, quant à
l'Etat hébreu et sa politique. Ses relations avec les pays
arabo-musulmans, la situation au Proche et au Moyen-Orient, la légitimité
des régimes arabes actuels auprès de leurs populations. Ou encore leur
opinion par rapport à la montée de l'islamisme dans le monde. Autant
d'informations précieuses qui aideront par la suite la division Recherche
et Etudes du Mossad (l'un de ses 8 départements) à rédiger ses rapports,
remis au final au Premier ministre en personne.
Noura, Hanane et Majdouline sont ainsi chargées d'impliquer d'influentes
personnalités américaines d'origine arabe, antisionistes, dans des
scandales sexuels, en prenant soin de filmer leurs ébats avec ces
derniers. Siham, pour sa part, se voit confier la fonction de fournisseur
attitré de stupéfiants pour l'équipe. Tandis qu'Asmae, avec quatre de ses
acolytes, décroche un job dans un club de nuit à Beyrouth fréquenté par
des fonctionnaires hauts placés. Avec ses amies, elles réussissent à
approcher Georges Frem (mort en 2006), député et ministre de l'Industrie
au sein du gouvernement Hariri.
Asmae entre également en contact à Chypre avec un Israélien dénommé Berel
et un Syrien, Marwan. Ces deux hommes la chargent avec Yakatserina
Shasternick, originaire de la ville de Minsk (Biélorussie), de dénicher de
jolies filles pour animer des dîners à l'Hôtel Phoenicia de Beyrouth. Un
établissement réputé depuis des décennies, comme un lieu de rencontre pour
des trafiquants d'armes et des agents secrets du monde entier. Karima,
jeune casablancaise de confession hébraïque, s'occupe pour sa part de la
filature d'un citoyen arabo-américain proche de l'administration Bush à
Washington.
Lors de sa dernière mission, Nabila devait pour sa part séduire de riches
businessmen américains d'origine arabe, défenseurs avoués du processus de
paix en Palestine, et vérifier si ceux-ci l'étaient effectivement. Il est
aussi arrivé à la jeune Marocaine, assistée de certaines de ses consoeurs
d'Europe Centrale, d'Asie ou d'Afrique de l'Ouest, de collaborer avec la
CIA dans le cadre d'opérations communes. Ou avec d'autres services secrets
de pays amis d'Israël ou n'ayant pas de contacts normalisés avec l'Etat
hébreu. Nabila travaillera-t-elle un jour avec la division des opérations
spéciales du Mossad, connue sous le nom Action, l'unité chargée des
éliminations physiques de cibles sensibles, des opérations paramilitaires
et de sabotage? Certains services secrets soupçonnent en tout cas ce petit
bout de femme d'avoir fait partie, alors qu'elle officiait aux Emirats
Arabes Unis, du même groupe d'agents turcs et saoudiens, auteurs présumés
du meurtre et de la mutilation, le 24 septembre 1980, du journaliste
libanais pro-indépendantiste (de la revue Al Hawadess)et anti-syrien,
Salim el Laouzi.
Nabila n'est pas dupe. Elle sait qu'elle risque sa vie avec ce métier de
l'ombre dont elle a peur de ne plus pouvoir se passer. Et que ses
recruteurs ne viendront pas à sa rescousse si elle tombe dans les filets
de leurs ennemis. Mata Hari n'a-t-elle pas été fusillée par la France en
1917, cette nation même pour laquelle elle se disait espionne? Et, le 18
mai 1965, Kamil Amin Tabet, l'agent israélien Elie Cohen, n'a-t-il pas été
pendu sur la place publique à Damas? Et que dire des ratés de plus en plus
fréquents du Mossad, sachant que, à titre d'exemple, pour la seule année
1996, les Egyptiens ont démantelé 7 réseaux d'espionnage israéliens…
contre 20 pour les 15 années précédentes? Jusqu'où Nabila et ses collègues
seraient-elles prêtes à aller?
Une chose est sûre: fichées par Interpol et de nombreux services secrets à
travers le monde, Nabila F. et sa douzaine de collaboratrices, se sont
aujourd'hui, évaporées dans la nature. Envolées vers d'autres cieux,
repenties ou... en quête d'autres proies?
Pas
seulement Hassan II et Ben Barka
et leurs putes: mais aussi Belafrej
Balafrej, Ben Barka et Israël
Balafrej serrant la main à
son chef du Mossad Jo Golan
Selon les révélations Yigal Bin-Nun, l'ex agent du
Mossad, les relations entre Balafrej et l'organisation criminel
juive étaient "très harmonieuses et ont toujours existé entre son
pays et Israël, tous partis confondus. Je dois à l’occasion
informer le fils de l’ancien Premier ministre marocain de quelques
détails trouvés dans de nombreuses archives concernant les
relations amicales qu’entretenait son père Ahmed Balafrej avec la
communauté juive locale, avec les émissaires d’organismes juifs
internationaux et avec des Israéliens. Mehdi Ben Barka sollicita
de l’aide [du Mossad] aux Israéliens pour prendre le pouvoir par
la force au Maroc et instaurer un régime progressiste. Balafrej a
de tout temps servi docilement le Palais. Lors d’une rencontre
avec Golan à Paris en février 1959, il s’est plaint devant son ami
israélien que par sa conduite irresponsable, Ben Barka risquait
d’entraîner une scission au sein de la nation marocaine."
"En
effet, Balafrej avait entretenu des relations très amicales avec
Jo Golan, (en photo serrant la main à Balafrej) qui n’était
nullement un membre de la communauté juive locale comme le prétend
Anis Balafrej, mais [un agent du Mossad] et un Israélien,
[officiellement] conseiller de Nahum Goldman, président du Congrès
Juif Mondial [et l'un des grands responsables du Mossad]. À ce
titre il rencontra maintes fois Ahmed Balafrej qu’il rencontra
souvent à New York avant l’indépendance du Maroc. Le 15 août 1955,
Balafrej déclara à Golan et à Alexandre Easterman, du même
organisme, qu’il était favorable au droit à la libre circulation
des Juifs marocains. En juillet 1956, c’est Balafrej qui conseilla
à Golan et à Easterman de rencontrer son ami Allal Alfassi à Fès
au domicile d’Ahmed Mekouar, « la conscience de l’Istiqlal », afin
de trouver une solution au problème de l’évacuation du camp de
transit de réfugiés juifs près d’Eljadida, qui voulaient émigrer
en Israël. En décembre 1957, il invita un autre délégué du CJM,
Maurice Perlzweig au Maroc et lui déclara son accord au libre
départ de Juifs du Maroc, mais à condition que cela ne se
transforme pas en émigration de masse. Dans ce sens, il
s’entretint avec Golan et Gerhart Riegner en novembre 1957.
Durant ses deux mandat comme ministre des Affaires Etrangères,
d’avril 1955 à mai 1958, au moins trois hauts fonctionnaires juifs
servirent Balafrej dans le département économique, entre autres
Georges Berdugo un autre agent du Mossad au Maroc. Lors d’une
visite dans une synagogue le Yom Kippour il déclara solennellement
que les musulmans marocains ne pouvaient en aucun cas prétendre
avoir des droits sur le Maroc plus que ses sujets juifs."
"Balafrej a participé au moins à deux reprises (en octobre 1958 et
en mai 1961) aux Conférences de Florence pour une paix
israélo-arabe organisées par Jo Golan. Selon les rapports d’André
Chouraqui, délégué de l’Alliance Israélite Universelle, alors que
les Israéliens voyaient en lui « un conservateur éclairé ».
"Dans une lettre datant d’octobre 1958 envoyée du Maroc par Golan
à son président Goldman, il relate la visite au Maroc d’un certain
Anouar Sadat, membre des jeunes officiés qui avaient renversé la
monarchie en Egypte. Sadat essaya d’établir des relations
d’affinités idéologiques entre les partis politiques marocains et
le nassérisme panarabe. Il rencontra une certaine sympathie chez
Mohamed Hassan Ouazzani, mais fut confronté à une opposition
flagrante de la part de Ben Barka et aussi de Balafrej qui
s’identifiait avec un « occident musulman» plutôt qu’avec le
panarabisme anti-monarchique nassérien."
"D’après le témoignage de Jo Golan, Ben Barka non seulement
effectua un voyage secret en Israël, mais a aussi reçu [en tant
qu'agent du Mossad] un salaire mensuel de la part du Congrès Juif
Mondial CJM, malgré quelques réticences de la part du ministère
des Affaires Etrangères à Jérusalem. Ces relations idylliques avec
Israël commencèrent à ternir lorsque Ben Barka parla ouvertement
de prendre le pouvoir par la force au Maroc et demanda non
seulement de l’argent, mais aussi des armes à Israël, lors de sa
rencontre avec Yaaqov Caroz, le bras droit de Isser Harel chef du
Mossad."
En avril 1960, Ben Barka avait tenu des propos tout à fait pro
israéliens à la Conférence de l’OSPAA à Conakry. Ben Barka était
enchanté par le modèle de développement israélien [fondé sur
l'invasion, l'occupation la colonisation et le vol des terres et
de tout un pays]. [Afin de se convertir au judaïsme commr le fit
Moulay Hafid] Ben barka demanda à ses interlocuteurs de
l’ambassade d’Israël à Paris des livres pour apprendre l’hébreu,
des comptes -rendus hebdomadaires ou quotidiens de la presse
hébraïque ainsi que de la documentation concernant le
développement rural et agricole en Israël afin de s’en inspirer au
Maroc. Il demanda aussi d’envoyer des stagiaires marocains de son
parti à l’Institut Afro-asiatique de la Histadrut à Tel-Aviv."
Les officiels israéliens étaient pour le moins surpris par les
propos venimeux de Ben Barka contre la monarchie marocaine à la
solde du féodalisme. Le leader de l’opposition ne daigna même pas
demander à ses interlocuteurs de garder en secret ses intentions.
Les Israéliens essayèrent de le persuader de contenir ses projets
belliqueux, de collaborer avec ses adversaires [qui sont, eux
aussi, des agents du Mossad] et de ne pas s’aventurer dans une
lutte armée contre le Palais qui risquait d’échouer."
"Ben Barka a aussi commis des erreurs en faisant un excès de zèle
pour servir le Palais au début de l’indépendance, lorsqu’il
pensait que bientôt le Palais n’aurais plus qu’un pouvoir
symbolique. Voulant asseoir trop vite son pouvoir, il se
débarrassa parfois de ses ennemis par des moyens trop violents
[assassinats], et pas seulement dans le cas de Abbas Messaadi."
Ben Barka affichait, au moins jusqu’au début de son deuxième exil,
une grande admiration pour Israël. Ses relations avec des
officiels israéliens ont de loin précédé ceux que le Mossad avait
entretenu officiellement avec Mohammed Oufkir et avec Hassan II à
partir de février 1963."!!
MOSSAD
une agence criminelle
De l’espion Eli Cohen à 007 (ou OSS 117), entre réalité et
fiction, la figure de l’agent secret alimente les fantasmes du
public. Les services du Mossad, sans doute en raison de leur
excellence, exercent un véritable pouvoir de fascination. En
témoignent le succès du film israélien «Tu marcheras sur l’eau
» qui relate les tribulations d’un agent à la poursuite d’un
ancien SS, ou encore le classement parmi les meilleures ventes
du livre de Gordon Thomas, « Histoire secrète du Mossad ».
Comment s’organisent les services secrets israéliens ? Quels
en sont les missions et les défis? Sont-ils aujourd’hui aussi
performants que par le passé? Tentative de décryptage.
Les
vedettes de cherbourg
En
décembre 1969, Israël dérobe à Cherbourg huit vedettes
achetées à la France, mais mises sous embargo par le
général de Gaulle.
Objet
de mythes et de polémiques, le Mossad a récemment occupé le
devant de la scène, avec le réexamen du dossier de Jonathan
Pollard
,
incarcéré depuis plus de vingt ans aux États-Unis pour
espionnage au profit d’Israël, ou la controverse sur le film
Munich.
Il a été en effet reproché à Steven Spielberg de donner une
image des services secrets israéliens éloignée de la réalité.
Le Mossad n’est pas né
ex nihilo.
Le Vengeur
(Fayard) montre le rôle joué par les différentes organisations
clandestines de renseignements (le groupe Stern, les Brigades
juives…) et leur influence. Celles-ci ont servi de terreau
culturel, intellectuel et technique.
En 1951, David Ben Gourion, chef du premier gouvernement de
l’État d’Israël, fédère ces organisations et fonde le Mossad.
Il fixe au nouvel Institut sa directive prioritaire :
« Pour notre État qui, depuis sa création, ne cesse d’être
assiégé par ses ennemis, le renseignement constitue la
première ligne de défense. (...) Nous devons apprendre à
analyser ce qui se passe autour de nous. »
Placés sous l’autorité du Premier ministre, les services
secrets respectent, à l’instar de l’armée, les commandement
du judaïsme.
« Chaque exécution doit être sanctionnée par le Premier
ministre en exercice et se dérouler dans les règles »,
fait observer un connaisseur du dossier.
D’emblée, l’une des forces du Mossad repose sur les
compétences de ses recrues. Originaires de la diaspora, elles
maîtrisent plusieurs langues et sont capables de se fondre
dans les régions où elles sont envoyées. Basé à Tel-Aviv, le
quartier général comporte huit départements, dont le plus
impressionnant, celui de la « guerre psychologique », est
chargé de la propagande.
Il s’agit de créer chez l’ennemi de la méfiance ou de la peur,
ou encore de véhiculer de fausses rumeurs pour brouiller les
pistes. Comme l’explique le propagandiste, le tueur
professionel à gage et l'escroc juif Simon Wiesenthal dans
Les
"Assassins sont parmi nous"
(Stock), la poursuite des allemands nazis a été l’un des fers
de lance du Mossad, constitutif de son identité.
Wiesenthal a lui-même participé au kidnapping d’Adolf Eichmann
en 1960, l’une des plus célèbres réussites du Mossad. Cette
opération a beaucoup contribué à la popularité - auprès des
juifs de son chef Rafi Eitan, actuellement leader du Parti des
retraités en Israël.
Autre mission fondamentale: ramener vers Israël les Juifs
originaires de pays où l’alyah n’est pas autorisée [l’alyah
est le devoir "religieux" des juifs d'émigrer vers Israël].
Dans
"Hassan II et les Juifs"
(Seuil), Agnès Bensimon raconte ainsi les activités
clandestines de l’Institut au
Maroc pour défendre les communautés juives et organiser
leur départ en Israël, "officiellement" interdit, au début des
années 1960. On y apprend que les services secrets israéliens
entretenaient des relations privilégiées avec Hassan II qui
était le véritable agent du Mossad au Maroc!
Le Mossad agit dans le cadre de différents mouvements
clandestins juifs dans tous les pays où vivent des juifs et
dans "les zones à risques".
Certains espions sont restés célèbres, comme
Eli Cohen qui a payé de sa
vie le fait d’avoir infiltré le gouvernement syrien dans les
années 1960.
Les missions des services secrets israéliens sont donc très
larges, et les effectifs énormes, car tous les juifs dans tous
les pays sont potentiellement des agents du Mossad.
Les types d’agents sont très divers, de même que leurs
appellations. À la tête de l’Institut, il y a le
memuneh,
autrement dit le directeur. Les
katsa
sont les agents d’opération auxquels appartenait Ben Barka, à
ne pas confondre avec les agents dormants, qui ne sont
sollicités qu’en cas d’absolue nécessité. Les
bat leveyha
sont les agents féminins. Selon le lieu où ils opèrent, les
espions portent des noms différents:
dardasim
en Chine,
falach
au Liban,
nativ
en ex-Union soviétique, ou
jumper
quand ils travaillent à l’étranger pour une mission brève.
Les
kidon,
âgés de 20 à 30 ans, sont les « tueurs » professionnels dont
le nombre au sein du Mossad est plus de 400 tueurs hommes et
plus de 150 tueurs femmes.
Enfin, l’une des grandes forces du Mossad sont les
sayanim
qui _ qui contrairement à Ben Barka, ne reçoivent aucun
salaire. Ces volontaires juifs, au nombre de plus de trois
millions de juifs dans le monde entiers, mettent
occasionnellement leurs compétences professionnelles ou
personnelles (médecins, loueurs de voitures…etc...) au service
du Mossad. N’importe qui peut être
sayanim,
à condition d’être juif. Sans
eux, les vrais agents ne pourraient opérer.
Prévenir les attaques des résistants
Au fil des années, le Mossad s’est équipé de réseaux d’écoute
et de systèmes d’analyse de plus en plus performants,
notamment d’un logiciel unique en son genre baptisé « Promis
».
Ce programme permet de surveiller des individus d’une façon
qui n’avait jamais été possible auparavant. Dans son
"Histoire secrète du Mossad"
(Nouveau Monde), Gordon Thomas explique que
« ce système a la capacité d’amasser et de croiser des
informations à une échelle totalement inaccessible aux
facultés humaines, offrant un nouvel outil de surveillance des
groupes de résistance ».
Prévenir les attaques de la résistance contre l'occupation
juive en Palestine ou leurs cibles à l’étranger est l’une des
missions prioritaires des services de renseignements
israéliens.
Pour ce faire, ses agents sont implantés partout dans le
monde. En raison de la "menace" qu’elles représentent, les
nations et organisations arabes font l’objet d’une
surveillance particulière.
Le Mossad se targue d’avoir une très bonne connaissance du
monde musulman. Plusieurs dizaines d’instituts de recherche
sur le Moyen-Orient, crées par le Mossad se sont développés
ces dernières années, notamment aux États-Unis.
Un livre témoigne de cette réalité :
"L’Infiltrée : une femme au cœur des réseaux terroristes
islamistes"
(Grasset), écrit en 2003 par une Juive irakienne du Mossad,
qui a préféré conserver l’anonymat. Après avoir vécu en
Israël, elle s’est installée aux États-Unis où elle s’est
intéressée au Moyen-Orient pour le compte d’une organisation à
but non lucratif. Elle a ainsi étudié de près la mouvance
terroriste, ce qui l’a finalement menée à infiltrer divers
groupes. Très critique à l’égard des autres agences de
renseignements, elle souligne les nombreux dysfonctionnements
des services de sécurité américains dans leur lutte contre
l’islamisme.
Si le Mossad a acquis une réputation d’excellence à
l’échelle internationale grâce à la réussite de nombreuses
opérations (affaire des vedettes de Cherbourg1, assassinats de
plusieurs membres du groupe terroriste
Septembre noir…), certains ratés ont entaché son image. Comme,
en 1974, l’élimination par erreur d’Ahmad Boushiki, dont la
ressemblance était frappante avec Ali Ahmad Salameh, cerveau
du massacre des athlètes israéliens aux jeux Olympiques de
1972.
Autre exemple : en septembre 1997, deux agents chargés
d’injecter un poison à l’un des leaders politiques du Hamas,
Khalid Meshaal, seront appréhendés à la frontière jordanienne
munis de passeports canadiens. Le royaume hachémite n’accepte
de les relâcher qu’à condition que soit libéré le Cheikh Ahmed
Yasin, fondateur du Hamas.
Ces différents échecs ont abouti à une crise au sein des
services
de renseignements israéliens.
Auraient-ils réellement perdu de leur efficacité ? Frédéric
Ploquin, auteur des
"Carnets intimes de la DST "(Fayard)
connaît bien le monde du renseignement.
« Le Mossad semble aujourd’hui moins performant que le Shin
Beth, le service de la sécurité intérieure, de la même façon
que la DGSE
(Direction générale de la sécurité extérieure)
est moins performante que la DST
(Direction de la surveillance du territoire),
explique-t-il.
Toutefois, l’un des atouts des services secrets israéliens,
c’est de travailler de manière artisanale et humaine, à
l’inverse de la CIA qui fait presque exclusivement appel à des
machines. Or on ne peut pas tout obtenir avec des écoutes
téléphoniques, le contact humain reste fondamental. »
Des méthodes
contestées, mais...
De sombres accusations de corruption ont également terni la
réputation du Mossad. Victor Ostrovsky, ancien officier du
Mossad entre 1984 et 1986, aujourd’hui réfugié au Canada, a
fait des révélations choc dans son livre
"Un Agent des services secrets israéliens parle"
(Presses de la Cité). Il raconte comment certains crimes sont
maquillés, et accuse le Mossad d’avoir attiré l’homme
d’affaires Robert Maxwell - lui-même juif - vers les îles
Canaries pour l’assassiner sur son yacht. Selon lui, le
célèbre magnat juif de la presse britannique aurait financé
une partie des activités de l’Institut, en détournant les
fonds de pension de son personnel. Il l’accuse également
d’échapper à tout contrôle.
Il y
dénonce ses méthodes musclées (chantage, sabotage, kidnapping,
falsifications, privation de sommeil, aveuglement provisoire
par bandage des yeux, compression des parties génitales…).
Mais comme l’expliquent
Ian Black et Benny Morris dans
"Israel’s Secret Wars"
(Hamish Hamilton, non traduit),
« Le Mossad est certes le seul service de renseignements à
disposer encore officiellement d’une unité d’assassinat. »
Aux yeux de ce spécialiste, Meir
Dagan, l’actuel directeur, est l’un des plus criminels que
l’organisation ait connus.
Yitzhak Hofi, directeur entre 1974 et 1982, avait instauré
d'étroites relations avec les services secrets égyptiens,
comme l’explique Eliahu Ben Elissar, ancien ambassadeur
d’Israël en France, dans
"Désespoirs de paix"
(Ramsay).
Le Mossad a joué un rôle capital dans la guerre contre et en
en Irak et contribué à la traque de Saddam Hussein, dont ils
avaient planifié l’assassinat.
Deux facteurs ont contribué à un durcissement ces dernières
années : la seconde Intifada, avec la mise en place d’une
cellule spéciale pour mener la bataille de l’information, et
les attentats du 11-Septembre.
Les services secrets israéliens, malgré leurs échecs, sont
toujours considérés parmi les plus violents et les plus
criminels du monde au point de vue d'efficacité criminelle,
puisque le Mossad est le seul organisme officiel d'un état
dans le monde entier et dans l' histoire de l' humanité à
officiellement exercer les procédés des exterminations
physique des opposants ou des des résistants à son état!
Et c'est à la lumière de tout cela et dans ce contexte qu'il
faut juger la gravité de la collaboration de Mohamed VI, de
son père, de son régime ainsi que de Ben Barka ou de Belafrej
avec le Mossad.
Une question qui se pose est: pourquoi l'espion Ben Barka
s'est-il aussi laissé recruter par une agence de l'ancien
agence de renseignement Est-soviétique? Une explication
possible est que le KGB et sa filiale tchèque
StB étaient - à 90%
-
composés de personnels juifs fidèles à Israël. N'oublions pas
que l'Union Soviétique fut le premier état à reconnaître
Israël et que les premières fournitures d'armes à Israël son
justement venues de la "chécoslovaquie".
Si Hassan II pouvait espionner sur les régimes arabes et leurs
"sommets", Ben Barka pouvait fournir aux acheteurs de ses
services des informations relatives aux opposants
"progressistes" et "nationalistes" du Tiers-Monde qui
pouvaient également intéresser les états de l'Est. Ceci
permettait également à Ben Barka d'avoir un double salaire
pour une même information!
Ben Barka,
était aussi
espion de l'Est
Du nouveau sur Ben Barka qui va certainement faire couler beaucoup
d’encre. En effet, dans sa dernière édition, L’Express
fait une révélation de taille. Selon l’hebdomadaire français, Mehdi
Ben Barka aurait été un agent des services secrets tchécoslovaques.
Cette assertion a été faite par un journaliste et historien, Petr
Zidek, sur la base d’un dossier de 1550 pages sorties directement des
archives de la StB, la sécurité d’Etat tchécoslovaque. Par le passé,
L’Express a réservé bon nombre de ses unes à l’affaire Ben Barka.
Quatre jours après la disparition de Ben Barka, le journal avait
commis un premier article, “Les étranges coïncidences de l’affaire Ben
Barka”. Puis, le 10 janvier 1966, la Une de l’hebdomadaire est
consacrée à ce qui devenait alors l’Affaire Ben Barka suite au
témoignage de Georges Figon et portera le fameux titre “J’ai vu tuer
Ben Barka”. Deux semaines plus tard, L’Express lance un feuilleton qui
sera la “cover story” de l’hebdomadaire pendant cinq semaines intitulé
“A verser au dossier de l’instruction”. Les journalistes de L’Express
feront même partie de l’armada des témoins qui vont défiler durant le
fameux procès.
«Pragmatique mais pas sympathique»
Mais, qu’est-ce que nous apprend ce dossier réservé à un personnage
majeur de l’Histoire contemporaine du Maroc ? D’après le journaliste
tchèque auteur de cette enquête, l’opposant progressiste était d’abord
un agent de l’Est qui avait un rang de contact confidentiel. Il aurait
porté le nom de code de “Cheikh”. Et il fournissait des informations à
divers officiers traitants moyennant de l’argent. Par ailleurs, les
1550 pages de ce dossier qui porte, selon Petr Zidek, le numéro de
référence 43-802, évoquent aussi l’homme qu’il était. Zidek dira par
exemple qu’à «la lecture des documents, on découvre un homme très
pragmatique et pas forcément sympathique».
L’enquête de L’Express raconte en détail l’aventure de Ben Barka avec
les services de renseignement de ce pays de l’Est. D’une première
rencontre en mars 1960, fruit d’un pur hasard, les liaisons qui vont
se tisser entre l’homme de la gauche et les agents secrets de ce pays
communiste, satellite de l’Union soviétique, vont se consolider. Un
agent de renseignement de la Stb, le capitaine Zdenek Micke tisse au
départ une relation, de prime abord innocente. Au départ Ben Barka
devait ignorer au départ la véritable profession de cet homme qui se
présentait à lui au restaurant “Le Fouquet’s” comme deuxième
secrétaire de l’ambassade de Tchécoslovaquie à Paris. Le contenu des
conversations entre les deux hommes est largement étalé dans les
fiches que Zidek a récupérées. En voici un extrait datant de la même
période, c’est-à-dire en mars 1960, tel que raconté par le capitaine
tchèque : «Ben Barka ne voit qu’une seule issue pour son pays :
s’engager dans la voie du socialisme. La première condition est
l’unification de toutes les forces de progrès du pays dans une
organisation politique. C’est pourquoi il veut traiter avec Ali Yata
pour obtenir l’accord du parti communiste marocain».
1500 francs/mois
Les rencontres vont alors se multiplier. Et les séjours en terres
tchécoslovaques aussi. Au total, le dirigeant de l’opposition fera
onze séjours dans ce pays. Le premier en septembre 1961. Le dernier,
le 1er octobre 1965, soit quatre semaines avant son enlèvement. A
propos de cette visite, Petr Zidek écrit que «ceux qui le croisent
alors décrivent un homme apeuré. Inquiet pour sa sécurité, il demande
même à l’agent tchèque de lui fournir un revolver, calibre 7,65 mm. Ce
dernier s’engage à lui procurer une arme lors de son prochain séjour.
Mais l’opposant marocain ne reviendra pas…».
Le journaliste et historien Petr Zidek raconte en détail la première
visite de Ben Barka en terre tchécoslovaque, «en vue de présenter au
“cheikh” les succès du socialisme et du patrimoine culturel du pays».
C’était en septembre 1961. L’homme fait la découverte de Prague. Il
rencontre des syndicalistes, des étudiants. Mais, dans les fiches
décryptées par Zidek, il est question aussi de vie privée. Des virées
nocturnes mais aussi de relations qu’il aurait entretenues avec des
femmes. Puis, il y a le volet rémunération. Immédiatement après le
voyage effectué en Tchécoslovaquie, le journaliste parle d’une
rémunération que les services de renseignement auraient consentie à
verser au leader de l’UNFP. «Ben Barka reçoit 1500 francs par mois en
échange de documents qu’il présente comme étant des bulletins du
Service de documentation et de contre-espionnage français, le Sdece»,
apprend-t-on de l’enquête. La StB aurait même financé le voyage de Ben
Barka en Guinée. De retour au Maroc en mai 1962, les contacts se
feront plus rares. Ils reprendront après son second exil de juin 1963.
Selon Zidek, Ben Barka va dès lors multiplier les séjours et les
passages par les hôtels luxueux de Prague. Il s’y rendra aussi en
compagnie de sa famille. En 1964, les relations entre le chef du
Mouvement de libération des pays du tiers-monde et la StB vont se
refroidir. Un capitaine des services de renseignements tchèques, un
certain “Doubek” va même rédiger un rapport où il qualifiera Ben Barka
de «progressiste dans les contacts avec nous, proaméricain dans les
contacts avec les Américains et opportuniste dans les contacts avec
Bourguiba, Nasser et les baâtistes d’Irak et de Syrie. Les amis du KGB
pensent qu’il a été corrompu par les Chinois».
Selon ces fiches, le président de la Tricontinentale aurait même suivi
une formation en techniques de l’espionnage : les langages codés,
connexions radio…
http://www.lexpress.fr/info/monde
/dossier/benbarka/dossier.asp?ida=458682
Photo du
jeune espion Ben Barka:
La note rédigée par
l'agent tchèque «Motl», après ses deux premières rencontres
avec Ben Barka, au printemps 1960, à Paris. Au dessus, la
fiche de l'agent «Motl». De son vrai nom Zdenek Micke, ce
capitaine des services de renseignement a travaillé sous
couverture diplomatique à Paris, de novembre 1959 à janvier
1967.
LEXPRESS.fr du 16/07/2007
Quand «Cheikh»
renseignait Prague
Petr Zidek
Tout commence à la
mi-mars 1960, à Paris, au café-restaurant le Fouquet's, sur
les Champs-Elysées. Le capitaine Zdenek Micke, un agent
tchécoslovaque utilisant comme couverture un poste de deuxième
secrétaire à l'ambassade de son pays, est attablé avec l'un de
ses contacts français - un homme qu'il désigne sous le nom de
code de «Gogol» dans ses comptes rendus envoyés à Prague.
La note
rédigée par l'agent tchèque «Motl», après ses deux premières
rencontres avec Ben Barka, au printemps 1960, à Paris. Au
dessus, la fiche de l'agent «Motl». De son vrai nom Zdenek
Micke, ce capitaine des services de renseignement a
travaillé sous couverture diplomatique à Paris, de novembre
1959 à janvier 1967.
Cet informateur
semble avoir beaucoup de relations parmi les Marocains de la
capitale. Ce jour-là, au Fouquet's, il présente au faux
diplomate un certain Kenfaoui, chargé d'affaires à l'ambassade
du Maroc. Ce dernier ignore évidemment que Zdenek Micke, nom
de code «Motl», est un agent de l'Est.
Les trois hommes
aperçoivent alors un autre Marocain, à une table voisine:
Mehdi Ben Barka, 40 ans, leader en exil de l'Union nationale
des forces populaires (UNFP, fondée en 1959). Le faux
diplomate tchèque en profite pour faire la connaissance de cet
opposant de renom. Dans la foulée, il le convie, ainsi que
Kenfaoui, à un dîner qui se tiendra bientôt à l'ambassade de
Tchécoslovaquie.
Ce soir-là, le 28
mars 1960, Kenfaoui tarde à arriver. Retenu par un cocktail
offert en l'honneur d'une délégation malienne, il se
présentera avec une heure et demie de retard. Ben Barka, lui,
est ponctuel. En attendant son compatriote, il discute avec
Zdenek Micke (alias «Motl»), sans se douter, lui non plus, que
cet homme de 29 ans est un capitaine de la StB, l'équivalent
du KGB à Prague.
Le département
«renseignement extérieur» du service tchécoslovaque a ouvert
un dossier - le 43-802 - au nom de Ben Barka. Une note de
quatre pages, rédigée par Motl, relate le dîner à l'ambassade.
«Nous avons pu analyser dans le calme la situation actuelle au
Maroc», écrit-il. Le fondateur de l'UNFP lui a confié qu'il ne
pouvait retourner dans son pays sans risquer l'arrestation.
«Ben Barka, poursuit Motl, ne voit qu'une seule issue pour son
pays: s'engager dans la voie du socialisme. La première
condition est l'unification totale de toutes les forces de
progrès du pays dans une organisation politique. C'est
pourquoi il veut traiter avec Ali Yata [NDLR: le secrétaire
général du Parti communiste marocain - PCM] pour obtenir
l'accord du parti.» Autre signe positif aux yeux du capitaine:
le leader tiers-mondiste, à la recherche de contacts
internationaux, dit vouloir rencontrer des dirigeants
soviétiques, en particulier un proche collaborateur de
Khrouchtchev, attendu à Paris.
http://tempsreel.nouvelobs.com/actualites/international/20070704.OBS5040/ben_
barka_aurait_ete_un_espionau_service_de_prague.html?idfx=RSS_notr
Ben Barka:
espion au service de Prague
NOUVELOBS.COM | 04.07.2007
Des archives
secrètes révèlent que le leader de l'opposition
marocaine kidnappé à Paris en 1965 aurait servi la
Tchécoslovaquie à partir de 1961. Il aurait notamment
transmis des documents émanant de la Sdece, ex-DGSE.
Medhi
Ben Barka, disparu en 1965 à Paris à la suite de son
enlèvement, aurait été un agent rémunéré des services
secrets tchécoslovaques au début des années 60, affirme
dans son dernier numéro
L'Express.
Le leader de l'opposition marocaine en exil aurait été
approché à Paris dès avril 1960 par un membre du StB
(services secrets tchécoslovaques, équivalent du KGB
soviétique), selon des archives secrètes (1.150 pages).
Elles ont été découvertes en Tchécoslovaquie, à Prague,
par un journaliste tchèque.
L'Express publie
certaines pages sous forme de fac-similés.
Informations confidentielles françaises transmises à
Prague
Selon l'hebdomadaire, la rémunération de Ben Barka par
le StB a débuté après un voyage à Prague. Ce dernier,
qui fut président de la Tricontinentale (rassemblant des
Etats qui venaient d'accéder à l'indépendance et des
mouvements de libération), aurait reçu 1.500 francs par
mois, à partir de l'automme 1961.
Ben Barka aurait remis au StB des documents qu'il
présente alors comme venant du Service de documentation
extérieure et de contre-espionnage français (Sdece,
devenu DGSE). Le leader marocain aurait également
multiplié les séjours à Prague où il aurait suivi une
formation spécialisée (codes, liaisons radio,
filature...) en mars 1965, sept mois avant son
enlèvement à Paris.
"Contradiction avec le personnage de Ben Barka"
Pour l'historien Gilles
Perrault, auteur d'un ouvrage sur Henri Curiel qui était
membre de la Tricontinentale et proche de Ben Barka, ces
révélations de L'Express
sont "en contradiction totale avec le personnage de Ben
Barka, chef de l'opposition marocaine". Gilles Perrault
a ajouté qu'il "ne voyait pas très bien l'utilité de Ben
Barka pour les services tchèques, d'autant plus que sa
dimension mondiale aurait plutôt voulu qu'il soit
recruté par le KGB".
Ben Barka a disparu le 29 octobre 1965, devant la
brasserie Lipp à Paris (VIe), lors d'une opération menée
par les services marocains du roi Hassan II avec la
complicité de policiers et de truands français.
Cette affaire retentissante n'a jamais été totalement
élucidée malgré deux instructions judiciaires. Le corps
de Ben Barka n'a toujours pas été retrouvé et les
conditions de sa mort n'ont pas été établies.
http://www.lagazettedumaroc.com/articles.php?r=2&sr=830&n=532&id_artl=13974
|
Programme quotidien d'actualité nationale de
Radio Prague, diffusé tous les jours sauf le samedi et dimanche,
est un résumé de l'essentiel des événements des 24 dernières heures.
Archives StB:
une autre image de Ben
Barka
Écoute
Cliquer sur le lien
16kb/s ~ 32kb/s
pour écouter l' audio
Nous vous en parlions dans notre
précédente émission : un dossier retrouvé dans les archives de la StB
retrace les cinq années pendant lesquelles le Marocain Mehdi Ben Barka
a été rémunéré par les services de renseignement tchécoslovaques pour
leur servir d'informateur.
Approché en 1960 à Paris par le capitaine
Zdenek Micke, en poste à l'ambassade tchécoslovaque, le leader de
l'UNFP se rendra pour la première fois à Prague l'année suivante. En
tout, Ben Barka viendra 11 fois en Tchécoslovaquie. Au cours d'un de
ses passages, il sera officiellement recruté par la StB.
Le 17 décembre 1963, le chef du
renseignement extérieur écrit une note au ministre de l'Intérieur pour
faire l'éloge de Cheikh, le nom de code donné à Mehdi Ben Barka.
« Il nous donne des informations et des
documents intéressants », peut-on lire dans cette note. Une note
qui figure dans le dossier de plus de 1500 pages retrouvé dans les
archives et décortiqué par l'historien et journaliste Petr Zidek :
« Pour moi, ce dossier donne une nouvelle
image de ce personnage. Dans la plupart des livres qui ont été
consacrés à Ben Barka, il est souvent présenté comme une victime
innocente des services secrets marocains, français, américains - on
parle même du Mossad israélien - et je pense qu'en lisant ce dossier
on peut se faire une autre image de ce politicien. Je pense qu'il
n'était pas si innocent que ça et qu'il a probablement entretenu
d'autres relations de ce type. »
Avec d'autres
services de renseignement ?
« Oui, je n'ai aucune preuve, il n'y en a
pas dans le dossier mais je pense que le comportement de ben barka
vis-à-vis des services tchèques et certains faits peuvent conforter
cette hypothèse. »
Ces
révélations ont eu un retentissement relativement important cette
semaine. Quand on parle de Ben Barka en France, c'est aussi et surtout
du mystère qui entoure sa disparition. Est-ce que dans le dossier des
archives de la StB on apprend quelque chose de plus ?
« Pas concrètement, mais je pense que le
contenu du dossier est une raison de plus pour quiconque qui aurait
voulu l'éliminer. C'est aussi une hypothèse : ses contacts avec la StB
n'étaient sûrement pas ignorés par les services français ou marocains.
C'était peut-être une des raisons de son élimination. »
Les recherches sur le dossier Ben Barka seront publiées ce week-end
dans Lidove noviny. Ajoutons que sur une note rédigée deux semaines
après l'enlèvement de Mehdi Ben Barka à Paris, la StB déployait déjà
une stratégie à triple objectif : «
attirer les soupçons sur le gouvernement américain et la CIA pour
faire croire qu'ils sont les organisateurs du rapt », « dénoncer le
roi Hassan II... » et « compromettre autant que possible la police et
le gouvernement français, voire Charles de Gaulle en personne ».
Ben
Barka
ESPION
informateur de Prague
[12-07-2007] Par
Alexis Rosenzweig
Mehdi Ben Barka,
leader de l'opposition marocaine et du mouvement tiers-mondiste au
début des années 60, était un informateur de la StB, l'équivalent
tchécoslovaque du KGB. C'est en tout cas ce qui ressort d'un
imposant dossier retrouvé à Prague dans les archives des services
de renseignement.
Le dossier, qui
porte le numéro 43-802, est très détaillé. Il retrace les cinq
années de collaboration entre la StB et Mehdi Ben Barka - sous son
nom de code « Cheikh » - jusqu'à la mystérieuse disparition de
celui-ci à Paris en 1965.
Historien de
formation, le journaliste Petr Zidek a retrouvé ce dossier en
microfilm et vient d'en publier le contenu dans le magazine
français L'Express. Son enquête sera également publiée dans le
prochain supplément du week-end du quotidien tchèque Lidove
noviny. Au micro de Radio Prague, Petr Zidek a insisté sur le
caractère exceptionnel du dossier Ben Barka :
« Ce dossier est
exceptionnel parce qu'il comporte 1500 pages, ce qui est rare pour
la StB. Il traite le sujet très en détail et je pense que c'est un
bon document historique. »
Ces détails
concernent l'évolution de la collaboration et la rémunération de
Mehdi Ben Barka par la StB ?
« Oui, il n'y a
pas de reçus ni de de factures mais il y a des documents qui
prouvent que Ben barka a reçu telle somme d'argent pour tel
objectif. Par exemple pour aller assister à une conférence
afro-asiatique. »
source :
http://www.radio.cz/fr/article/93324/limit
|
Ben
Barka,
agent de Prague?
Mehdi Ben Barka, en 1959 à Casablanca.
(Photo : AFP)
Selon des
informations publiées par l’hebdomadaire
L’Express, Mehdi Ben Barka a été
rémunéré par le StB, les services secrets tchécoslovaques, au
début des années 1960. Le journaliste et historien Petr Zidek, 36
ans, spécialiste des services secrets, a pu éplucher un dossier de
plus de 1 500 pages contenant des renseignements au sujet des
activités de l’opposant marocain, qui avait le nom de code «
Cheik ». Il aurait ainsi fourni des renseignements à divers
responsables de la centrale d’espionnage tchèque, très liée au KGB
soviétique. La famille de Ben Barka a considéré que ces
révélations sont diffamatoires. Interviewé par RFI, Petr Zidek
maintient que Ben Barka a bien été un agent des services secrets
de Prague, depuis 1961, jusqu’à sa disparition à Paris en 1965. Le
chercher affirme, également, qu’Amilcar Cabral, qui dirigea la
lutte pour l’indépendance de la Guinée Bissau, a également
bénéficie de l’aide des Tchèques.
source
http://www.rfi.fr/actufr/articles/091/article_53985.asp |
Maroc:
Hassan
II, Agent duMossad
-لا
مانع من الاقتباس واعادة النشر شريطة ذكر المصدر والعماد
al-imad@al-imad.com
©
COPYRIGHT AL-IMAD 2022
حقوق الطبع والنشر محفوظة لصحيفة العماد
آخر
تحديث للصحيفة
16-05-2024 17:21